الاستدامة تدخل عالم الموضة من بابه الواسع

كثيرة هي المشاكل التي تهدّد البيئة، من ارتفاع معدّلات التلوّث البيئيّ وفرط استخدام المواد السامّة والمواد الكيميائيّة وسوء تطبيق المفهوم الثلاثيّ، الذي يرتكز على الحدّ من النفايات وإعادة إستخدامها وإعادة تدويرها وغيرها الكثير. لكن فضلاً عن أنّها تلحق أضراراً جسيمة بالبيئة، تؤذي عالم الموضة أيضاً. لذلك، لا بدّ من تسليط الضوء على تأثّر هذا المجال بعوامل تضّر النظام البيئيّ، إضافة إلى تأثّره بعوامل إجتماعيّة وثقافيّة وسياسيّة.

وفي هذا السياق، نذكر حركات نشأت أحياناً للدفاع عن حقوق الحيوانات ونشر التوعية حول التأثير السلبي لعالم الموضة في الآخرين. غير أنّ العام 2017 يشهد حالات عدّة تبرهن أنّ هذا الميدان يتّجه اتجاهاً يكون فيه صديقاً للبيئة.

أمّا المقالات الحديثة اليوم، فتُخبّئ بين سطورها خبراً مهمّاً. ففي حين أدرك المستهلكون أهميّة حقوق الحيوانات والوحشية التي تُمارس بحقّها، رفضت دار Gucci استخدام فرو الحيوان في مجموعاته المقبلة، وتكون بذلك قد مشت على خُطى مصمّمين رائدين يدعمون هذه الحركة على غرار Armani
وStella Mccartney وVivienne Westwood.

وقد يبدو الانتقال إلى تدبير معقّد كهذا صعباً، لأنّ الأقمشة والتقنيّات جميعها التي استُخدمت منذ عقود من الزمن في عالم الموضة أضّرت بطريقة أو بأخرى بالبيئة. لذا نتساءل اليوم: كيف بات هذا التغيير واقعاً، بل مكوّناً رئيساً في عالم الموضة؟ سنحاول الإجابة على هذا السؤال عبر عرض بعض التقنيّات التي اعتمدتها شركات مختلفة للحدّ من أثر التلوّث البيئي ولإعادة تدوير النفايات وبالتالي لإعادة استخدام المواد التي استُثمرت في عمليات عدّة.

بدأت استثمارات ضخمة لتطبيق التكنولوجيات والإبتكارات الأحدث تدخل حيّز التنفيذ. لذلك، تؤخذ مبادرات لتسويق تقنيّات تساعد على جعل العالم مكاناً أفضل. والمشروع الأضخم الذي يؤيّد هذه المسألة ويدعمها هو Fashion Tech Lab، الذي بدأت بتنفيذهMiroslava Duma ، مؤسّسة المجلة الإلكترونيّة Buro 24/7. فاستثمرت ملايين الدولارات في عدد كبير من الشركات الصديقة للطبيعة، ونذكر منها: Orange Fiber وBolt Threat وBionic Yarn وVitroLabs وDiamond Foundry.

أقمشة حريريّة من عصير الليمون

لجأ Salvatore Ferragamo في أوائل هذا العام  إلى Orange Fiber، وهي مبادرة أطلقها كلّ من Adriana Santanocito، المتخصّصة في تصميم الأقمشة المبتكرة، وEnrica Arena، المتخصّصة في علم التسويق والاتّصالات، ورجلا الأعمال Francesco Virlinzi وAntonio Perdichizzi والمحامي Corrado Blandini لإنتاج قماش خفيف جدّاً وناعم وحريريّ من عصير الليمون، أي قصّة منسوجة من السيليلوز، بهدف إطلاق مجموعته الكبسولة لموسم ربيع وصيف 2017.

أنسجة مصنوعة من البروتين

لم يكن Ferragamo المصمّم الأوّل الذي أطلق مجموعة أزياء تحبّ الطبيعة. ونذكر أيضاً الشراكة الحديثة التي جمعت Stella McCartney بـBolt Thread، وهو مشروع يقوده علماء ومهندسون، ويحوّل المواد التي يمكن العثور عليها في الطبيعة إلى صيحات موضة تُلهم محبّيها. فباتت Stella McCartney تستخدم الأنسجة المصنوعة من البروتين والمستوحاة من خيوط العنكبوت.

أقمشة مصمّمة من الزجاجات البلاستيكيّة

تعاونت شركة H&M للأزياء مع الممارسات المستدامة، فأصبحت تعمل مع Bionic Yarn، شركة لإنتاج الأقمشة تستخدم الزجاجات البلاستيكيّة التي تعثر عليها على حواف الشواطئ وتستوحي من التكنولوجيّات الحديثة لصناعة قماش سريع الجفاف يُوّظف في تصميم الدنيم وحقائب الظهر وحقائب اليد.

هل الإنسان يساهم في صناعة الجلد الطبيعيّ؟

إضافة إلى الأذى الذي يُلحقه تصميم الجلد بالحيوانات، ينتج عنه ارتفاعاً في معدلّات التلوّث، والتغيّر المناخيّ وتلوّث المياه. لذا بات ملحّاً أنّ تستخدم شركة Vitrolabs لهندسة الأنسجة خلايا البقر والتماسيح وحيوانات أخرى للحدّ من الممارسات التي تهدّد المحيط الحيويّ.

ألماس نادر من دون كربون

اعتمدت Diamond Foundry، شركة صديقة للطبيعة يدعمها Fashion Tech Lab، على الطاقة الشمسيّة لإحداث ذرّات من الألماس تتمتّع بمواصفات الألماس الطبيعيّ نفسها. ولا يُخفى أنّه ثمة ابتكارات جديدة تضع معايير موضة عالية الجودة وتحدّ بذلك الممارسات التي تقضي على الطبيعة ومواردها.

وفي حين أنّ العلامات التجاريّة والشركات تضع مفاهيم جديدة لتصميم الأزياء، يبدو أنّ مشروع الاستدامة أصبح مصدرها الأوّل من خلال التوفيق بين التكنولوجيّات الأحدث والتقنيّات الصديقة للطبيعة. سؤالٌ يطرح في النهاية: هل ستؤثّر الموارد الطبيعيّة الحديثة الاستخدام في مفهوم الأزياء الراقية؟

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث