Fashion’s Race to Space: With Courrèges, Rabanne, Cardin and Cassia!


Lebanese model Mona Ross, Beirut Airport, 1972
Image by Fouad Haddad


الإعداد: Joe Challita

 
في حقبة الستينات كانت الموضة تعكس روح مجتمع يسعى إلى الوصول إلى النجوم وتحقيق الإنجازات الكبيرة. وبينما كان سباق الفضاء يأسر خيال العالم، كذلك بدأ عالم الموضة في رحلته الكونية الخاصة. فقد شهدت هذه الفترة ظهور موضة عصر الفضاء، حيث كان روّاد الموضة الغربيّون مثل André Courrèges
وPierre Cardin وPaco
Rabanne في الطليعة، وحذا حذوهم مصمّمو الشرق مثل Jacques Cassia. في ذاك العصر الديناميكي، أصبحت الموضة انعكاساً لثقافة الشباب وبحثها عن المجهول، حيث مزجت التصاميم ذات الطابع المستقبليّ مع الرغبة في التمرّد على القيود وأسلوب الخمسينات وطابعها.
 
كما يقول المثل القديم، الموضة هي مرآة المجتمع، وقد تجلّى ذلك بوضوح خلال الفترة التحوليّة الممتدّة بين الستينات وأوائل السبعينات. وبينما ودّع العالم الحرب العالمية الثانية، كان هناك صراع آخر يلوح في الأفق: الحرب الباردة التي تواجهت فيها قوّتان عظميان عالميّتان هما الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي؛ فظهرت ساحة قتال جديدة، ألا وهي الفضاء. مع التقدّم التكنولوجي السريع والابتكارات في تكنولوجيا الصواريخ بشكل خاص في الستينات، أصبح الفضاء ساحة جديدة لاستعراض قوّة كلّ دولة حيث تنافست للوصول إلى النجوم، وهكذا كانت بداية سباق الفضاء. على خلفية ذلك، ظهرت موجة جديدة في الموضة تعكس روح العصر آنذاك.
في العام 1959، أطلق الاتّحاد السوفياتي Luna 2، الذي كان أول مسبار فضائي يصل إلى سطح القمر، ثمّ في العام 1969، كانت لحظة محورية مع بعثة Apollo 11 الأميركية وهي المهمة المأهولة الأولى التي تهبط على سطح القمر، حيث أصبح رائدا الفضاء الأميركيانNeil Armstrong وBuzz Aldrin أول شخصين يطآن سطح القمر. وأدّى هذا السباق الفضائي والحدث التاريخي إلى إشعال الحماس لاستكشاف الفضاء بشكل أكبر، ممّا أثّر على الثقافة الاجتماعيّة والموضة، وشكّل الاتّجاهات وألهم الإبداع وأفلام هوليوود ذات الرموز الفضائيّة والتصاميم المستقبليّة. وقد تردّد صدى سباق الفضاء الغربي إلى ما وراء الحدود فوصل أيضاً إلى الشرق، وبشكل خاصّ إلى العاصمة اللبنانيّة، بيروت أثناء ذروة نفوذها الاقتصادي والثقافي. ففي جامعة Haigazian، شكّلت مجموعة من الطلاب "النادي اللبناني للصواريخ"، وكانت محطّة مهمّة في تاريخ المنطقة. فقد حقّقوا إنجازاً بارزاً بإطلاق الصواريخ الأولى في العالم العربي بين عامَي 1960 و1967، ممّا أظهر طموح لبنان ومساهمته في السعي العالمي لاستكشاف الفضاء.


Pierre Cardin's suit in white wool gabardine, single-breasted with an officer collar and a front panel of semi-circular cutouts. Worn with welder's helmet in white felt. 1966
ALAMY

ومع التقدّم التكنولوجي الهائل، وبخاصة بعد الحرب العالميّة الثانية، ظهرت موجة من الأقمشة الجديدة من صنع الإنسان التي تقدّم بدائل فعّالة للألياف الطبيعية من حيث التكلفة. فبرزت مواد مثل البلاستيك والفينيل والألياف والاسباندكس واللاتكس، حيث أسرت المصمّمين الشباب الذين كانوا يتطلّعون للتعبير عن إبداعهم من خلال تصاميم مبتكرة مستوحاة من الفضاء. فأصبحت موضة عصر الفضاء الاتّجاه السائد مع المصمّمين الرائدين مثل المصمّم الإسباني Paco Rabanne والمصمّمَين الفرنسيَّين Pierre Cardin وAndré Courrèges، بالإضافة إلى Jacques Cassia من بيروت.


Two Fashion Models Wearing Sleek Interpretations of André Courrèges’ Suspender Outfits Featuring Barrel Skirts with Button-Attached Suspenders and Leather Cowl-Neck Blouses, Presented by Samuel Robert, New York City, 1965

ALAMY

في البداية، درس المصمم الفرنسي André Courrèges، المولود في مدينة Pau في جنوب فرنسا الهندسة المدنية قبل الشروع في رحلته في عالم الموضة في باريس. طوّر مهاراته في العمل مع Cristobal Balenciaga طوال عشر سنوات. وفي العام 1961، أطلق علامته التجارية الخاصّة التي تحمل اسمه، وسرعان ما اشتهر بريادته في صيحة التنانير القصيرة والفساتين البيضاء القصيرة الأيقونيّة. واعتبر البعض تصاميمه القصيرة جداً طفوليّة في البداية، ولكن مع مرور الوقت، أحبّت النساء هذا الاتّجاه المستوحى من عصر الفضاء، واعتبرنه فريداً ومعاصراً. في العام 1964، دخل Courrèges تاريخ الموضة من خلال تقديم المزيج الثوري من التنانير القصيرة مع الجزمات طويلة الساق ذات الكعب المسطح، فكانت لحظة حاسمة تردّد صداها في جميع أنحاء عالم الموضة وأصبحت اتجاهاً فريداً. وبفضل هذه المجموعة أصبح معروفاً كمصمّم رائد في موضة عصر الفضاء، وتميّز باستخدامه المبتكر للمواد غير التقليديّة مثل الفينيل والبلاستيك والليكرا، المستوحاة من عصر استكشاف الفضاء. ووصفته الصحافة بالعبقري صاحب الرؤية، كما يُنسب إليه الفضل في إعادة تشكيل مسار الموضة وتمهيد الطريق نحو عصر جديد وجريء من التصميم حيث بدأ المصمّمون يحذون حذوه في ما بعد.


ALAMY
Fashion designer Paco Rabanne on the film set of Casino Royale, 1966

وُلد Paco Rabanne في إسبانيا عام 1934، وسافر إلى باريس لمتابعة دراساته في الهندسة المعمارية في École des Beaux-Arts، وقد شكّل هذا القرار رحلته الإبداعية. تزايد شغفه بالبلاستيك والمعادن والجماليات الحديثة خلال فترة وجوده في المدينة النابضة بالحياة. وبعد تخرّجه، أسّس عمله الخاصّ حيث كان يصنع المجوهرات لأهمّ دور الأزياء الراقية في باريس. وفي العام 1966، عندما كان عمره 33 عاماً، أطلق مجموعته الأولى بعنوان "Manifesto: 12 Unwearable Dresses in Contemporary Material" وكانت بمثابة محطّة محورية في تاريخ الموضة. وأحدث عرضه صدمة في عالم الموضة من خلال استخدامه الجريء لمواد غير تقليدية مثل المعدن والورق والبلاستيك، والتي شكلت أساس تصاميم Rabanne المبهرجة. وقد كُلّف لاحقاً بتصميم أزياء الممثّلة Jane Fonda لفيلم الخيال العلمي الشهيرBarbarella عام 1968. وقبل ذلك بعام أيضاً ظهرت تصاميمه في سلسلة أفلام James Bond - Casino Royale. ومن أشهر فساتين Rabanne التصميم الذي ابتكره للمغنية الفرنسية
Françoise Hardy، وهو يزن 20 رطلاً وصُنع من صفائح ذهب عيار 9 قراريط مرصّعة بالألماس بوزن 300 قيراط. يُعتبر
Rabanne مصمّماً ثورياً وشخصيّة بارزة في الأسلوب المستقبلي.
ولد Pierre Cardin في إيطاليا ونشأ في فرنسا منذ طفولته، ثمّ انتقل إلى باريس عام 1945 لمتابعة دراسته في الهندسة المعماريّة بينما كان يستكشف عالم الموضة. وفي العام 1950، أسّس دار الأزياء التي تحمل اسمه، وسرعان ما احتلّت مكانة بارزة في أوساط الموضة الباريسيّة. وقد اختلفت رؤيته الفنّيّة المتأثّرة بالأحجام والأشكال الهندسيّة، عن نماذج الموضة التقليديّة. كما كان يشدّد دائماً في مقابلاته على أنّ ابتكاراته ليست مجرّد ملابس للمرأة، بل هي أعمال فنية نحتية مصممة لتعانق المرأة. ومن وحي الفضاء والمستقبل، جذبت تصاميمه الرائدة العالم، ممّا جعله من روّاد الصناعة إلى جانب Rabanne وCourrèges. وفي العام 1970، أدى اهتمام Cardin باستكشاف الفضاء إلى زيارته وكالة NASA، حيث درس بدقّة بدلات روّاد الفضاء. وقد تُوّجت هذه التجربة بتكليف من NASA بتصميم بدلات فضائيّة، وهي شهادة على نهجه المبتكر في الموضة. ويمتدّ إرثه إلى ما هو أبعد من مجال الفضاء؛ فقد أحدث ثورة في عالم الموضة من خلال تقديمه مفهوم مجموعات الملابس الجاهزة، ممّا أتاح للعلامات التجارية الفاخرة الوصول إلى السوق الشاملة. بالإضافة إلى ذلك، تحدّى الحدود التقليديّة بين الجنسين وقدّم الأزياء المناسبة للنساء والرجال معاً، ممّا يلخّص جوهر عصر حدّدته حركات الشباب من أجل التغيير المجتمعي والحرية الشخصيّة.

Jacques Cassia fashion show, Monte Carlo، 1972
خلال ستينات القرن الماضي، شكّلت بيروت مركزاً بارزاً للموضة في العالم العربي، حيث تميّزت بمصمّمين مشهورين مثل Madame Salha وJoseph Harouni وPierre Katra وWilliam Khoury في طليعة هذه الصناعة. لكن كان هناك اسم أثار ضجّة في بيروت بتصاميمه الرائدة والمستقبلية التي تميّزت باستخدامه المبتكر لمواد غير تقليدية مثل البلاستيك. إنّه Jacques Cassia المعروف بشغفه بمزج المعادن والجيرسيه في إبداعاته، وقد أضاف الكثير من الحماسة والتجديد إلى مشهد الموضة، فوضع معايير جديدة للإبداع ودفع حدود التصميم التقليدي في بيروت.
بدأت رحلة Cassia في عالم الموضة عندما غادر بيروت لدراسة تصميم الأزياء في باريس في École de la Chambre
Syndicale de la Couture Parisienne. وبعد تخرّجه عام 1951، عاد إلى بيروت لافتتاح مشغله ومتجره في العام 1957، في شارع فينيسيا الفخم، المشهور بالمقاهي والفنادق العالميّة، وبخاصّة Les Cave du Roy الذي كان ملتقى المشاهير العالميّين مثل Brigitte Bardot وThea Porter
وMarlon Brando وFrank Sinatra وغيرهم. أقام Cassia الكثير من العروض في بيروت وعمل جنباً إلى جنب مع أفضل عارضات الأزياء اللبنانيّات العالميّات في تلك الفترة مثل Andrée Acouri و Mona Yammine Ross.


Lebanese model Andrée Acouri
Image by Silvio Tabet


اشتهر Cassia بنهجه الرائد في تصميم الأزياء، حيث قام بدمج مواد غير تقليدية مثل البلاستيك والمعادن، بما في ذلك العزقات والمسامير المعدنية التي ظهرت بشكل بارز في تصاميمه. من القلائد والسلاسل إلى الصدريات والمشدّات المعدنية، فقد تجاوز المصمّم الحدود أيضاً مع ابتكاره ملابس سباحة معدنية. كان يركّز على منطقة الصدر مع فتحة معدنية هندسية فيما يترك الجيرسي أو الشيفون يتساقط بلطف من الأعلى إلى الأسفل. وفي السبعينات، مع انتهاء الحرب الأهلية في لبنان، انتقل إلى مونتي كارلو لمواصلة عمله الناجح، حيث صمّم الأزياء للكثير من الشخصيّات الفرنسيّة مثلStéphanie أميرة موناكو، بالإضافة إلى ملابس الراقصات في عروض Charles Aznavour المسرحية. وما زالت تصاميمه ذات الطابع المستقبليّ والرائد تلقى الاستحسان في عالم الموضة اليوم. وفي عام 2010 بشكل خاص، ارتدت Lady Gaga قطعاً كلاسيكيّة بتوقيع Cassia، بما فيها أحد تصاميمه الأيقونيّة وهي الصدرية المعدنية، ممّا يبرز تأثير إبداعاته الفريدة الذي يستمرّ عبر الزمن.
لقد شهدت الموضة في الستينات وأوائل السبعينات اندماجاً تحويلياً بين الابتكار والتغيير المجتمعي، وتجلّى ذلك مع مصمّمين أمثال
Courrèges وRabanne و Cardin وCassia. فمن وحي سباق الفضاء والتقدّم التكنولوجي، قادوا ثورة في مجال الموضة مع أزياء عصر الفضاء واستخدام المواد غير التقليدية وابتكار التصاميم ذات الطابع المستقبلي. ويستمر إرثهم في التأثير على الموضة الحديثة، ممّا يلهم المصمّمين لمزج أسلوب الماضي مع الابتكار المعاصر، وتوجيه مسار الصناعة نحو المستقبل. 

اقرئي ايضًا :  Echoes of Bedouin Love : From the Heart of Wadi Al Qura
 

 

 

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث