العالمُ ما قبل فيروس كورونا وما بعده

الصورة بعدسة Lucas Sandor من Unsplash

"لا يُمكن للكون أن يتغيّر من دون أن نغيّر طريقة تفكيرنا"

لا شكَّ في صحّة هذا القول إلّا أنّ ما يحصل اليوم هو العكس، فقد استيقظنا لنرى العالم تغيّر بغتةً ممّا جعلنا نراجع طريقة تفكيرنا. ونتوقّع أن يتبدّل أكثر بعد بضعة أشهر، فلا يمكننا الإنكار أنّ تفشّي فيروس كورونا أثّر بشدّة في نمط حياتنا. فهل تتذكّرين ما كان آخر حديث أجريته ما قبل كورونا؟ عمّا كنّا نتحدّث حينذاك وماذا كانت انشغالاتنا؟ فعلى غرار واتساب مثلاً، هل تتذكّرين كيف كانت حياتك وطريقة تواصلك مع الناس ما قبل هذا التطبيق الثوريّ أو إنستجرام أو فيسبوك؟ كلّا، لا تتذكّرين، تماماً مثلما لا تتذكّرين الحياة بوضوح ما قبل فيروس كورونا. ففي ما يلي، سنعرض الرؤى التي يتوقّعها معظم العلماء لمستقبلنا على مختلف الأصعدة.

 

البستنة والزراعة في قلب المدينة

هذه الجملة تذكّرنا بكتاب شهير اسمه Rootbound: Rewilding a Life للكاتبة Alice Vincent يرينا كيف أنّ الطبيعة دائماً ما تكون الملجأ بعد مواجهة الإنسان لتحديات وصعوبات في حياته. ففي ظلّ تفشّي فيروس كورونا، رأت الطبيعة والأرض النورَ من جديد. في حين صبّ التباعد الاجتماعيّ والحجر المنزليّ في مصلحتها. فبعد زوال هذه الأزمة، من المرجّح أن يكرّس الناس مساحات أو أوقات أكثر في سبيل الزراعة والبستنة وذلك في قلب المدن وليس في القرى فحسب. فأثبتت دراسات عدّة مراراً وتكراراً مدى تأثير النباتات في مزاجنا وصحّتنا النفسيّة والذهنيّة، لذا ستصبح ضرورةً "علاجيّة" للتصدي لتداعيات فيروس كورونا لا سيّما لسلك توجّه أكثر استدامةً يرضي كوكبنا الأرض لمنع تفشّي المزيد من الفيروسات والأوبئة. والأهمّ أنّ الجيل القادم سيكون له المكسب الأكبر في هذه المسألة، فإذا تربّى بمثل هذه البيئة وتعلّم على حبّ الطبيعة أكثر ممّا فعل جيلنا والأجيال السابقة، سيساهم في ازدهار مستقبل أكثر استدامةً وأكثر مراعاةً للبيئة، ولا شكّ في أنّ هذه الأخيرة ستردّ له الجميل.

 

الهندسة وأماكن التجمّع بملامح أخرى

لا ريبَ في أنّه للهندسة جانباً نفسيّاً غير ملموس. ونرى أنّه في المستقبل القريب سندخل إلى الأماكن التي اعتدناها بصورة مختلفة، فسيتمّ إعادة النظر في طريقة تصميم مواقع معيّنة غالباً ما تغصّ بالناس، ومن جملتها صالات السينما والنوادي الرياضيّة. فربّما سيتّم حصر عدد الأشخاص الذين يمكنهم الولوج إلى صالة معيّنة لأوقات محدّدة لتجنّب الاكتظاظ، فضلاً عن المطاعم وصالات الحفلات، في حين سيتوجّب على المهندسين والمالكين أن يفكّروا بحلول هندسيّة ابتكاريّة في هذا الصدد.

 

تبدّل عصر العولمة

الثقة ثمّ الثقة.... هذه هي حجر الأساس لأيّ علاقات دوليّة أو تبادلات تجاريّة. فمن بعد تفشّي فيروس كورونا، هل ستفتقر الدول لا سيّما شعوبها إلى الثقة في ما بينها؟ إذ نرى اليوم اثنتين من الدول العظمى، الصين والولايات المتّحدة الأمريكيّة، تعالج كلّ منهما "على حدة" هذا الوباء وليس بتعاون ما. فضلاً عن ذلك، أوّل حلّ أو تدبير وقائيّ لجأت إليه معظم الدول قضى بإغلاق المطارات، فماذا يعني ذلك؟ هنا، يتبادر إلى ذهننا تعابير مثل "الحركة القوميّة" و"رهاب الأجانب" وغيرها من المصطلحات التي تشجّع على استقلاليّة البلاد واكتفائها الذاتيّ وعدم اعتماد نهج يستلزم التواصل الكبير مع الخارج. فمن هذا المنطلق، لا يمكننا سوى أن نتوقّع تغييراً جذريّاً في الاقتصاد العالميّ الذي اعتدنا رؤيته على مدار القرن الحادي عشر.  

التكنولوجيا سيف ذو "حدّ واحد"

في السنوات الأخيرة الفائتة، رأينا الكثير من المقالات والدراسات التي تسلّط الضوء على الآثار السلبيّة للتقنيّات التكنولوجيّة، لا سيّما في الأجيال الصغيرة والشابّة، وتعرّضت الكثير من الشركات التي تغزو وادي السيليكون النابض بأحدث الابتكارات، أمثال غوغل وآبل وفيسبوك وغيرها، للكثير من الانتقادات. لكن اليوم، ما هو أوّل حلّ لجأت إليه المؤسّسات والشركات والمدارس والمستشفيات؟ التكنولوجيا، ففجأةً رأيناها بمثابة سلاح ذهبيّ يخلّصنا من الورطة التي وقعنا فيها. فها إنّ التكنولوجيا ستعود أقوى من أيّ وقت مضى وبوتيرة سريعة وبتحديثات أكثر.

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث