Mohammed Ahmed Ibrahim: الفنّ هو لعب في قمّة الجدّ وهنا يكمن الاستمتاع بالعمل

التصوير: Maximilian Gower
الإدارة الفنيّة: Sarah Rasheed

تتجلّى علاقة الفنّان الإماراتي محمد أحمد إبراهيم بطبيعة خورفكان وأرضها بإبداع في أعماله الفنيّة. حيث كان لنشأته في هذه المنطقة وتعلّقه بطبيعتها تأثير كبير على خياراته المهنيّة وتكوين هويّة خاصّة لفنّه. فانتقل من الرسم إلى التجريب بالمواد والشكل ليعبّر عن وجهة نظرته. هو معروف بكونه من أبرز الفنّانين التجريبيّين في الإمارات، وقد عرضت أعماله في معارض عدّة حول العالم. في ما يلي يخبرنا هذا الفنّان الذي أتقن فنّ الأرض عن نظرته للفنّ عموماً وعن فنّه الخاصّ وكيفيّة ارتباطه بالمشاهد. فانضمّي إلينا للتعرّف أكثر إلى مبدع من خورفكان!

"الفنّ هو نموذج حياة، حيث يصبح سمة من سمات الإنسان وجزء من شخصيّة الفنّان. فيفكّر بطريقة فنّيّة ويتعامل مع الناس بطريقة فنيّة ويمارس حياته كلّها بطريقة فنيّة"، هكذا يصف الفنّان الإماراتي محمد أحمد إبراهيم الفنّ وتأثيره على حياة الفنّان وممارساته. ويشرح قائلاً: "يجب أن يصل الفنّان إلى مرحلة يستحوذ الفنّ عليه. وهذا الإستحواذ هو خلق لعلاقة صادقة بين الفنّان وما ينتجه. وتتكوّن هذه العلاقة الوديعة عندما يكون هناك صلح بين الفنّان ونفسه من خلال الفنّ".

أمّا عن نظرته لفنّه الخاصّ، فيؤكّد إبراهيم: "الفنّ بالنسبة لي هو لعب دمى. فكما كنت في صغري أصنع دماي الخاصّة، الآن كبرت ولا زلت أصنعها". ويتابع: "الفنّ هو لعب، إنّما لعب في قمّة الجدّ وهنا يمكن الاستمتاع بالعمل".

مسيرته من اللوحة إلى التجريب في المواد

بعد معرضه الشخصي الأوّل عام 1991 اكتشف إبراهيم أنّ اللوحة ما عادت تملك القوّة للتعبير عن وجهة نظره فاتّجه للبحث عن مواد أخرى. وهذا ما يسمّيه بمرحلة الإكتفاء الشخصي من اللوحة. فانتقل من الرسم إلى النحت والمنتجات اليدوية والممارسات الفنيّة القائمة على الشكل. ويؤكّد: "بعد هذا المعرض، اتّجهت للتجريب بمادّة الطين". ويشرح لنا هذه الخطوة باستذكار ذكريات طفولته التي كان لها دور كبير في خياره هذا. ويقول: "منذ صغره يتكوّن عند الإنسان مخزون معلومات في الذاكرة، تظهر عندما يكون بحاجة إليها أو عندما يفكّر فيها بشكل عميق. وهذه المنطقة في الذاكرة أرجعتني إلى مراحل ما بعد الطفولة فيما كنت أبلغ تقريباً 14 عاماً. وهي مرحلة التعامل مع الجبل أي عندما بدأت معرفتي تتكوّن بالطبيعة وتتوطّد علاقتي بها وتعاملي مع موادها في منطقة خورفكان". ويخبرنا إبراهيم أنّه في حينها كان يختلي بذاته في الجبل ليوم كامل ويتعامل مع الموجودات فيه من نباتات وأحجار ومواد خام ومخلوقات. ويتابع: "هناك اكتشفت علاقتي مع المواد الخام، الأمر الذي جعلني أتّجه للتجريب على صعيد المادّة والشكل". وعن خياره لمادّة الطين، يقول: "اكتشفت أنّ لهذه المادّة علاقة بي وبمجتمعي. هي مادّة صادقة تعبّر عنّي وعن مجتمعي، فشعرت بعلاقة وثيقة معها وبالسيولة والدّفاق في هذه العلاقة."

المشاهد حرّ بالتعامل مع عملي

انطلاقاً من حبّه للرموز والأشكال، بدأ الفنّان الإماراتي يجرّب أشكال خاصّة به ويبتعد عن التقليديّة منها أو المباشرة. ومن هنا أصبح لا يحبّ حصر المشاهد بشكل أو فكر معيّن. ويؤكّد: "أحبّ أن أعطي مساحة رحبة لمخيّلة المشاهد حتّى يتمتّع بالعمل على طريقته الخاصّة بحسب ما يراه ويخلق علاقة معه". حيث يعتبر الفنّان الإماراتي أنّ المشاهد حرّ بالتعامل مع عمله بحيث لا يجب أن يفرض عليه أشكالاً أو أفكاراً معيّنة. فتتكوّن بالتالي علاقته مع المشاهد من خلال العمل، فيصبح المشاهد شريك معه في الفكرة. ويؤكّد: "يمكن أن تكون فكرته مختلفة عن فكرتي، إلّا أنّها تعنيني وتهمّني ودائماً ما نكون كلانا على صواب".

وعن العلاقة التي تُبنى بين أعماله الفنيّة والمشاهد يقول: "المشاهد هو المحور الرئيس في العمل الفنّي فالخطاب بالأساس موجّه إليه، وهنا يعنيني المشاهد الذي يقصد الحضور إلى صالة العرض ويتمتعّ بالعمل الفنّي و يخلق حواره الخاصّ بدون طرح أسئلة." و يتابع: "أحاول دائما في عملي الفنّي الوصول للحدّ الأدنى سواء من ناحية الفكرة المطروحة أو المادّة المستخدمة في صنع العمل الفني أيّ الابتعاد قدر الإمكان عن التّشدق". حيث يعتبر إبراهيم أنّ أهميّة العمل الفنّي تكمن في خلق حوار في ذهنيّة المشاهد للتواصل مع خطاب الفنّان، وفي قدرته على حمل المنتج الثقافي.

أهميّة الفنّ في التواصل

وعن تطوّر الفنّ على الساحة المحليّة يقول إبراهيم: "تطوّر الفنّ لدينا بشكل ملحوظ وهو في صدد بناء منظومته المتكاملة". ويشرح لنا أنّ ذلك يتمّ بفضل الدعم العام والخاصّ على حدّ سواء والفعاليّات التي تغني المشهد الفنّي". وفي ظلّ الأزمات التي يعيشها العالم حاليّاً ومع الوضع المستجدّ المتأتّي عن تداعيات تفشّي جائحة كورونا، يمكن للفنّ أن يكون علاجاً لواقع الإنسان ومحفّزاً لتواصل البشر. فيعلّق الفنّان الإماراتي بالقول: "الوضع الحالي غيّر سلوكيّات عدّة إنّما أعطى الكثيرين أيضاً فرصة الرجوع إلى ذواتهم. وهو على الصعيد الشخصي مثلاً تأثّر بهذا الوضع من خلال افتقاده لرؤية أصدقائه ومشاهدة العمل الفنّي "بشحمه ولحمه" ولمسه بصريّاً. ويختم إبراهيم بتأكيد مدى أهميّة الفنّ كالأدوات الثقافيّة الأخرى في التواصل والحوار محليّاً وخارجيّاً مع الثقافات الأخرى.

اقرئي أيضاً: Aljoud Lootah: كوني شغوفة بما تفعلينه للحفاظ على حافزك وإنشاء مسار واضح

العلامات: Mohammed Ahmed Ibrahim

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث