Marwa Saeed Al Mamari : " قدّمت لهذه الدولة كلّ ما أستطيع من أجل تقدّمها ورفع شأنها"

أنا فخورة ببلادي وبلادي فخورة بي!

من العلوم والتكنولوجيا إلى الفنون مروراً بالسياسة والدبلوماسيّة والرياضة... لطالما أبهرتنا نساء الإمارات بتألّقهنّ في مجالات عدّة. فكنّ ركناً أساسيّاً للتطوّر الذي شهدته بلادهنّ حيث شاركنَ في نموّ مجتمعتهّنّ ولم يتردّدنَ بأخذ الخطوة الأولى في مجالات جديدة ليفتحنَ الباب لتميّز وريادة أخريات. هكذا هنّ نساء الإمارات رائدات يتّسمن بالشجاعة ولا يفوّتنَ جهداً لتمكين أخواتهنّ في الوطن فيرسمنَ مستقبله سويّاً. ومع إطلاق رؤية "نحن الإمارات 2031" التي تهدف الى تشكيل رؤية جديدة وخطّة عمل وطنيّة للسنوات القادمة وتعتبر بمثابة برنامج تنمويّ متكامل من الجانب الاجتماعي مروراً بذلك الاقتصادي والاستثماري وصولاً إلى التنميّة العامّة، سيبرز أكثر وأكثر دور المرأة في تنمية مجتمعها واقتصاد بلادها. وفيما نحتفل باليوم الوطني الإماراتي، لنتعرّف إلى رائدات إماراتيّات من مجالات مختلفة صقلنَ بجهودهنّ وعملهنّ وإبداعهنّ تطوّر هذه المجالات، فنحتفي معهنّ بماضي هذه الدولة التي أبهرتنا بإنجازاتها وحاضرها ومستقبلها! وفي ما يلي مقابلتنا مع المهندسة مروة سعيد المعمري.

Marwa Saeed Al Mamari : "أنا إماراتيّة فخورة جدّاً بأصولي، وقد قدّمت لهذه الدولة كلّ ما أستطيع من أجل تقدّمها ورفع شأنها"

التصوير: Chinedu Okafor المعروف بـ Chiny Diny

منذ نشأتها، دأبت عائلة مروة سعيد المعمري على إشعارها بأنّها طبيبة قلب، وهذا كان خطاب العائلة معها منذ البداية، إلى أن أتى يوم من الأيامّ خلال دراستها الثانوية حيث استقبلت فيه مدرستها إحدى السيدات اللتي تعمل كابتن طائرة تجارية في إحدى الشركات، حيث تحدّثت للطالبات عن شغفها ورحلتها في عالم الطيران. كانت تلك الزيارة بمثابة الشرارة التي أشعلت شغف مروة للدخول في هذا العالم والتعرف عليه وفهم أسراره العلميّة، وعندها تحوّل مسار مروة إلى تلك العلوم بشقيها النظري الفيزيائي والتطبيقي الهندسي. وعندما أخبرت والديها عن توجّهها الجديد أصابهما نوع من خيبة الأمل أوّلاً لأنّهما كان يريان فيها طبيبة متوفقة وثانيا أنّ قناعاتهما كانت أن هندسة الطيران والفضاء مجال محتكر على الرجال، ولهذا جوبهت برفضٍ قاطع! وتلبية لرغبة أهلها، التحقت مروة بكليّة الطب فعلاً لكن ذلك لم يكن يسبّب لها أي نوع من الشغف أو التحدي للاستمتاع في الدراسة، وهذا ما دفعها إلى اتّخاذ قرار بمواجهة أهلها حيث قرّرت السعي وراء شغفها لسبر أعماق هذا العالم الذي يتّسم بنوع من الغموض والمغامرة، وعليه تقدّمت بطلب للالتحاق بكلية هندسة الطيران، وكان الدكتور أحمد آل علي، رئيس جامعة الإمارات للطيران أهمّ الداعمين لها، وتمّ قبولها كالمرأة الإماراتية الأولى التي تدرس هذا التخصّص لتصبح أوّل مهندسة طيران إماراتية. ومنذ ساعتها لا زال "الغموض والسلوك غير المتوقّع في الفضاء!"، يثير دهشة المعمري وخصوصاً أنّها دائمة الاطلاع على علوم الفضاء وآخر مستجدّاته!

سمات أساسيّة لتحقيق التوازن في هذه الصناعة

تعمل مروة اليوم في الهيئة العامة للطيران المدنيّ وتحديداً في قطاع التحقيقات في الحوادث الجوية في وحدة الوقاية من الحوادث ومتابعة توصيات السلامة، حيث توضح رسالتها: "في الهيئة العامة للطيران المدنيّ، نحن نعمل تحت قيادة رشيدة، تؤمن بالإبداع والإبتكار، حيث الرؤية واضحة، والرسالة جلية في جعل المجال الجويّ أكثر أماناً للجميع"، وتضيف مروة: "في قطاع تحقيقات الحوادث الجوية، أعتبر رئيسي في العمل، الكابتن عائشة محمد الهاملي، وهي أوّل كابتن طيار من العنصر النسائي في الإمارات، مصدر إلهام لي شخصياً وللكثير ممن يحيط بها من النساء. يتّسم عملي بطابع تقنيّ جداً، وهو جزء منّي ومن شخصيتي" وتضيف كذلك: "في وحدة الوقاية من الحوادث ومتابعة توصيات السلامة، أقوم بمهام تتعلق بإدارة تطبيق توصيات السلامة الصادرة عن التحقيقات التي يجريها القطاع أو تلك التي نتلقاها من جهات التحقيق الأجنبية؛ كما أقوم بتحليل بيانات السلامة لإدارة المخاطر وبرامج التعليم الخاصة بالسلامة والتحقيق في الحوادث بهدف تطوير منظومة سلامة الطيران في الدولة وعلى مستوى العالم".

وعند سؤالها عن ماهية الحاجة إلى مزيد من العناصر النسائية في هذا المجال، أجابت مهندسة الطيران الإماراتيّة الأولى: "أمّا المرأة فهي مرنة بطبيعتها وشديدة التركيز ومنضبطة، وتتمتّع في الوقت نفسه بالتعاطف والرحمة، وهذه سمات أساسيّة برأيي لتحقيق التوازن في هذه الصناعة."

الصناعة تنمو أكثر فأكثر مع وجود المرأة

وماذا عن التحديّات التي واجهتها أو التي ما زلت تواجهها في عملها؟ تخبرنا: "التحدّي الأول كان طبعاً قبول والديّ فكرة التحاقي بكليّة هندسة الطيران، فهو فهم ثقافيّ بأنّ هذه الوظائف غير مناسبة للشابّات ولم يساعدني في ذلك الوقت واقع أنّ الصفّ كان مليئاً بالشبّان أيضاً! وقد رُفض طلبي فعلاً في أحد معاهد الطيران لهذا السبب نفسه!" وتتابع: "أمّا اليوم فلم يعد هذا التحدي موجوداً، إذ هناك الكثير من الشابّات الخرّيجات من كليّة هندسة الطيران والطيران بشكل عام، وتسعدني كثيراً فعلاً رؤية الصناعة تنمو أكثر فأكثر مع وجود المرأة وتأثيرها". أمّا عن القيمة الأساسيّة التي اعتمدتها منذ أن بدأت مسيرتها تؤكّد أنّها النزاهة، موضحةً:" فإذا كنت فعلاً تتحلّين بهذه القيمة وتؤمنين وتلتزمين بها، ستمتلكين أهم ما تحتاجينه للتقدّم في مسيرتك المهنية. فإذا كنت تتمتّعين بالنزاهة، أنت موثوقة وملتزمة وثابتة وجديرة بالثقة".

وعن تعريفها للقيادة وكيفيّة عكسها ذلك على النساء الأخريات من حولها تقول: "القيادة هي عندما تتقدّمين وترفعين من حولك معك، عندما تحفّزين الآخرين على تحقيق شيء جديد ومختلف وأفضل. القادة هم أصحاب الرؤى المستقبليّة، وهم من يسعون إلى الابتكار دائماً دون النظر إلى الوظيفة على أنها أمرٌ واجب، بل يتصوّرون النمو المستقبليّ لفريقهم ويعملون على تحقيق ذلك". وتتابع: "أنا شخصياً أشجّع النساء من حولي دائماً لمتابعة دراستهنّ حتى التعليم العالي والعلم ثمّ العلم، بغض النظر عن العمر، فالتعلّم لا يتوقّف! إنّه يفتح آفاقاً جديدة، ويمنح رؤى واتجاهات واضحة للمستقبل. وأستمتع دائماً بالتحدّث إلى الطلّاب الشباب وبخاصّة الفتيات، فأكلّمهنّ وأشاركهنّ تجربتي والتحديات التي واجهتها، والنظرة في عيونهنّ لا تقدّر بثمن. كلّ ما يهمّ هو أن نلمس حياة الأشخاص لجعل هذا العالم أفضل وأكثر أماناً."

تتجدّد الروح الوطنيّة

تختم المهندسة مروة بالرسالة التالية بمناسبة اليوم الوطنيّ: "أحبّ بلادي كثيراً، وأتمنّى لها المزيد من التقدّم والازدهار في السنوات القادمة بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وإخوانه حكّام الإمارات. في اليوم الوطني تتجدّد الروح الوطنيّة، وهذه مناسبة للتفكير في الإنجازات التي تحققت في عهد المؤسس الوالد الشيخ زايد وخليفتة الشيخ خليفة رحمهما الله. وفي اليوم الوطنيّ تتجسد معاني العدل والسلام والتسامح والقوة والاعتدال، حيث يتنعّم جميع الإماراتيّين والمقيمين والضيوف بحياة كريمة وبأمن واستقرار قل نظيرها في العالم، وهذا إرث عظيم من الشيخ زايد وأخوانه المؤسسين. أنا إماراتية فخورة جداً بأصولي، وقد قدّمت لي هذه الدولة كلّ ما أحتاج إليه للتقدّم والتطوّر، أمّا رسالتي للمرأة الإماراتية اليوم فهي أن تسعى وراء أحلامها وشغفها مهما بدا لها الأمر صعباً أو مستحيلاً! فلا يوجد شيء مستحيل على هذه الأرض الطيبة المباركة التي اسمها الإمارات العربية المتّحدة".

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث