Cédrine Scheidig: لون الأرض نعمة لا نقمة

الإعداد: Galia Loupan

تنتمي Cédrine Scheidig إلى جيل شابّ تفضّل وسائل الإعلام تسميته بجيل ما بعد الألفية الذي يتميّز بزيادة الوعي والتحرّر من التصنيف الفئوي والهوس بالتحليل. إنّه الشباب الذي يسعى جاهداً إلى ابتكار أشياء تمثّله، جيل ينادي بالمساواة ويرفض المعياريّة. وتعبّر Scheidig من خلال نظرتها الحسّاسة والدقيقة عن شاعريّة ما تسمّيه شباب "الجالية"، وحنينه ونضالاته وآماله أثناء رحلته في تحديد تاريخه ومكانه.

اقرئي أيضاً: Carole Ghoson: معاً نتخطّى الصعاب

Durag and Fruit, 2021
"تتمحور لوحاتي الجامدة غالباً حول مشط: إنهّ غرض يشغل اهتمامي نوعاً ما وأودّ استكشافه دوماً". 

هلّا أخبرتنا عن طريقة عملك؟
أحبّذ اعتماد التجزئة في عملي، فأجعل من كلّ لقطة صورة مستقلّة ثمّ أجمع اللقطات كلّها لاحقاً. وتتمحور كلّ صورة فوتوغرافيّة حول إيماءة، أو شيء غير متوقّع له معنى، أو استكتشاف ما أو اكتشاف للذات من خلال علاقتي مع الطبيعة أو عبر الترسّخ والتجذّر. وأنطلق دائماً من تجربتي الخاصّة وهويّتي إلى صورة أوسع نطاقاً وكأنّني أبحث عن ملاذ، وإن لم أجده أبتكر ملاذات عدّة، إذ إنّني دائماً ما أعتمد الحلّ الوسط. وأجد مشكلة في المقاربة التي تعتمد على التصوير الوثائقي لأنّه هناك سلسلة كبيرة من الصور النمطيّة التي تسبق صوري، وهذا لا يناسبني إطلاقاً لأنّني أريد أن أُحدث ثورة بما يعرضه الإعلام. وفي الوقت نفسه، يستند عملي على منهج الإستخلاص من الواقع، وهنا حيث أجدُ نفسي حقاً بين الحقيقة والخيال، فعملي يتمحور حول هوية الجالية ليتضمن أجساداً مختلفة، من خلال فكرة الانتماء المزدوج والانفتاح على هويّات مختلفة.

ما هو تعريفك لهذه الهوية؟
إنّه الانتماء إلى جالية ما، ما أطلق عليه W.E.B. Du Bois تسمية "الوعي المزدوج". وتدور في رأسنا مصطلحات كثيرة الآن، مثل الجالية والمنحدرين من أصول أفريقيّة والأوروبييّن المنحدرين من أصول إفريقيّة (Afropean: مصطلح جديد أطلقه Johnny Pitts). ويروق لي هذا المصطلح لأنّه يطمس الحدود ويجمع أشخاصاً متحدّرين من أماكن مختلفة يتقاسمون تجربةً مشتركة قد عاشوها. لقد ترعرعتُ في ضاحية مُدنية متعدّدة الثقافات من ضواحي باريس تُدعى Seine-Saint-Denis وأعتقد أنّ حسّي الفنّي نما في هذه البيئة حيث ألتقط معظم صوري، ولكن لا يمكنكم معرفة ذلك لأنّني أضفي الطابع الإقليمي على عملي بالرغم من أنّه متجذّر تماماً في هذه البيئة. وتنتشر بكثافة صورة الضاحية الفرنسيّة المتنوّعة عرقيّاً التي تضمّ الطبقة العاملة وتكثر فيها بالجرائم، وينتهي بنا المطاف دائماً استعمال الصور عينها من هذه الأماكن. وما أحاول فعله هو إنتاج صور لم أصوّرها عليها يوماً وأودّ تصويرها، وهي صور أشخاص يشبهونني وأماكن تثير اهتمامي. 

Pixy Liao
مصوّر فوتوغرافي صيني وعضو في اللجنة

"تفوّق عمل Cédrine Scheidig على جميع الأعمال المقدّمة فور رؤيتي له. إنّ قدرتها المذهلة في تصوير موضوعها برقيّ مستخدمةً الألوان الترابيّة المتناسقة والخافتة تثبت لي أنّ لديها موهبة نادرة في التصوير الفوتوغرافي".

Selfportrait, 2021
"حملت هذه الصورة الذاتية عنوان Mangrove Woman. المانغروف هي هي مجموعة من الشجر التي تنمو جذورها في المستنقعات الاستوائية. تمثّل فكرة التجذّر من خلال الضفائر التي تمتدّ إلى الأرض مجسّدة العالم المزدوج".

CARL, 2021
 يتمحور هذا الجزء من الجسد حول العلاقة الوطيدة مع الأرض، حيث تظهر القدم والأرض والعشب... وثمّة لمسة أنثويّة جدّاً في اللون ورقّة الصورة بشكل عام. 

هلّا أخبرتنا عن طريقة عملك؟
أحبّذ اعتماد التجزئة في عملي، فأجعل من كلّ لقطة صورة مستقلّة ثمّ أجمع اللقطات كلّها لاحقاً. وتتمحور كلّ صورة فوتوغرافيّة حول إيماءة، أو شيء غير متوقّع له معنى، أو استكتشاف ما أو اكتشاف للذات من خلال علاقتي مع الطبيعة أو عبر الترسّخ والتجذّر. وأنطلق دائماً من تجربتي الخاصّة وهويّتي إلى صورة أوسع نطاقاً وكأنّني أبحث عن ملاذ، وإن لم أجده أبتكر ملاذات عدّة، إذ إنّني دائماً ما أعتمد الحلّ الوسط. وأجد مشكلة في المقاربة التي تعتمد على التصوير الوثائقي لأنّه هناك سلسلة كبيرة من الصور النمطيّة التي تسبق صوري، وهذا لا يناسبني إطلاقاً لأنّني أريد أن أُحدث ثورة بما يعرضه الإعلام. وفي الوقت نفسه، يستند عملي على منهج الإستخلاص من الواقع، وهنا حيث أجدُ نفسي حقاً بين الحقيقة والخيال، فعملي يتمحور حول هوية الجالية ليتضمن أجساداً مختلفة، من خلال فكرة الانتماء المزدوج والانفتاح على هويّات مختلفة.

ما هو تعريفك لهذه الهوية؟
إنّه الانتماء إلى جالية ما، ما أطلق عليه W.E.B. Du Bois تسمية "الوعي المزدوج". وتدور في رأسنا مصطلحات كثيرة الآن، مثل الجالية والمنحدرين من أصول أفريقيّة والأوروبييّن المنحدرين من أصول إفريقيّة (Afropean: مصطلح جديد أطلقه Johnny Pitts). ويروق لي هذا المصطلح لأنّه يطمس الحدود ويجمع أشخاصاً متحدّرين من أماكن مختلفة يتقاسمون تجربةً مشتركة قد عاشوها. لقد ترعرعتُ في ضاحية مُدنية متعدّدة الثقافات من ضواحي باريس تُدعى
Seine-Saint-Denis وأعتقد أنّ حسّي الفنّي نما في هذه البيئة حيث ألتقط معظم صوري، ولكن لا يمكنكم معرفة ذلك لأنّني أضفي الطابع الإقليمي على عملي بالرغم من أنّه متجذّر تماماً في هذه البيئة. وتنتشر بكثافة صورة الضاحية الفرنسيّة المتنوّعة عرقيّاً التي تضمّ الطبقة العاملة وتكثر فيها بالجرائم، وينتهي بنا المطاف دائماً استعمال الصور عينها من هذه الأماكن. وما أحاول فعله هو إنتاج صور لم أصوّرها عليها يوماً وأودّ تصويرها، وهي صور أشخاص يشبهونني وأماكن تثير اهتمامي. 

ما هي أهمّ الأعمال التي تأثرتِ بها؟
شكّل اكتشاف المشهد التصويري في جنوب أفريقيا المتجلّي في مجموعة Arthur Walther لحظة حاسمة بالنسبة إليّ، فقد تضمن مصوّرين مثل Zanele Muholi وMimi Cherono Ng'ok وSantu Mofokeng وغيرهم... بالإضافة إلى مصوّرين أميركيّين مثل Dawoud Bey وجميع هؤلاء الفنّانين من أصول أفريقيّة مثّلوا مجتمعهم بمبادرة منهم ولصالحهم. إلّا أنّني أعشق أيضاً تاريخ التصوير الفوتوغرافي، فعلى سبيل المثال أحبّ مدرسة Dusseldorf.كما أنّني أطالع كثيراً، فقد قرأت جميع مؤلفات Édouard Glissant، وكتاب Stuart Hall حول الأجساد ذات الأصول الأفريقيّة في عالم التصوير المرئي. وهو صاحب النظريّة الفلسفيّة "نهاية مفهوم التبعيّة الماهوية لأصحاب البشرة الداكنة"، وهو مفهوم يبحث في تعدّد احتمالات تصوير الأجساد داكنة اللون بمجرد تحرّرهم من الماهوية. وفي الواقع يقابلها ما أسماه Edward Said بـ"الاستشراق"، وهو يتعلّق بكافّة تلك التصوّرات عن الأجسام داكنة اللون في التاريخ الاستعماري. وتتحقّق النظريّة هذه عندما يتحرّر هذا التابع وينفتح على عدد لا متناهٍ من التصوّرات الممكنة والصور النمطيّة. وفي عملي، أنظر إلى هذه الأجساد من خلال علاقة عميقة ومتينة بالأرض والبيئة والطبيعة والمحيط. ولكنّني تأثّرت أيضاً بما يحدث الآن، فهناك الكثير من الفنّانين والمصوّرين الناشئين الشباب من هذه الجالية يُفسحون المجال أمام الكلمة والصورة، وهم غير راضين عمّا مُنحوا، بل يطالبون بمساحتهم وكأنّهم يقولون: سنتولّى زمام الأمور في هذه المساحة وسنستمرّ في شغلها ونأمل أن يأتي آخرون ويشغلوها معنا.

تتحدّثين بأسلوب مسيّس جدّاً في حين تتّسم صورك بالشاعرية والرّقة، ألا يشكّل هذا تناقضًا؟ 
صحيح أن عملي يتّسم بالرقة والعواطف. أصوّر غالباً أجساد الرجال، ويبدو بعضهم وكأنّهم ينالون قسطاً من الراحة، وكأنّها دعوة إلى الهدوء. ولكن أعتقد أنّه من المسيّس قول ذلك عن أجساد تعمل وتقاتل وتكافح دائماً. الجسد الأنثوي الوحيد في هذه المجموعة هو جسدي، في صورة ذاتيّة. وكإمرأة تعجبني أيضاً فكرة استكشاف صورة جسد الرجل وتصويره بطريقة رقيقة وكأنّه شيء عضوي راسخ في الأرض.

عملك في تصوير الجماد لافت جدًا...
إنّه نوع كلاسيكي جدّاً في مجال التصوير الفوتوغرافي، وأردتُ استكشافه. أحاولُ دائماً أن أحدث تغييرات صغيرة في صوري، وذلك عبر إضافة شيء يحدّد طريقة معيّنة في القراءة، شيء يعبّر عن هويّة هذه الجالية كالأسمنت والأمشاط الأفريقية وأغطية الرأس... أشياء صغيرة تدلّ على كلمة مألوفة أو مكان عرفته ولم أجد ذلك في تصوير الجماد الكلاسيكيّ. 

ما شعورك لرؤية صورك معروضة على هذا المسرح الكبير؟
يحدث ذلك لأول مرة وبشكل غير متوقع بتاتًا. إنني سعيدة، لأنني أنتمي إلى مشهد جديد قيد التطوّر وأنتجُ صورًا جديدة باستمرار. كانت معظم الصور التي وصلتنا قد فُرِضَت علينا، وإحدى المساعي التي أهدف إلى تعزيزها من خلال عملي هي إطلاق العنان للمخيلات. ولتحقيق هذا الهدف أحتاجُ إلى إيصال صوَري إلى أكبر عدد ممكن من الناس وبالتالي أحتاجُ إلى الدعم من مؤسسات كبيرة. أعلمُ بأن بعض الفنّانين يرفضون ذلك ولكن هذا ما يبقيهم على الهامش. أمّا أنا فكان يهمني جذب الاهتمام لأثبت أن هذا ممكن لأشخاص مثلي وأنّ بإمكاننا أن نصبح مصوّرين وفنّانين وننتج صوراً، فهذا ليس حكراً على نوع معيّن من الأشخاص. وينطبق الأمرُ عينه على المتاحف، فكلّما تواجدنا أكثر في مثل هذه المؤسسات سيتقبّلون أكثر مختلف الأحاسيس الفنّية التي تستحق مزيداً من التقدير.

Simon Baker
مدير مركز La Maison Europeénne de la Photographie

"إنّ عمل Cédrine Scheidig الحائز على جائزة Prix Dior هو مجموعة صور مؤثّرة وناعمة وراقية تتناول موضوع الشباب والهوية بالتركيز على تسريحات الشعر والإكسسوارات المستخدمة عند الشباب ذوي البشرة الداكنة. وتظهر في عملها مراعاة كبيرة لكّل من مسألتي العرق والرجولة المعاصرة في مزيج خلّاق جدّاً يجمع بين تراكيب تصويريّة جريئة وإحساس مرهف إلى حدّ الحنين".
Comb 2 .1
"ترمز هذه الأحجار الإسمنتية إلى المساحة الحضرية في الضاحية، ثمّ ترون هذا المشط الإفريقي، الذي يشكّل مجرّد إيماءة بسيطة تدمج كامل تاريخ هوية الجالية في صورة جامدة".

Forest, 2021 .2
"يثير الشَعر والضفائر اهتمامي عادةً. ففي هذه الأيّام، عندما نتكلّم عن الأوروبيّين الأفارقة، غالباً ما يتمّ التعبير عن تعريف الذات والانتماء إلى المجتمع من خلال الشَعرالذي يحمل معانيَ مسيّسة كثيرة الآن".

اقرئي أيضاً: العلم في خدمة خصوبة المرأة

العلامات: Cédrine Scheidig

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث