البورتريه الذاتي من منظور Sarah Almehairi

من بيننا لم تلفُت انتباهه يوماً لوحات Frida Kahlo الذاتيّة؟ فتساءلنا فيما نتأمّلها ماذا أرادت الفنّانة المكسيكيّة أن تخبرنا عن نفسها من خلالها، ولماذا دعتنا إلى عالمها الخاص؟ عندما نتعمّق بفهم هذه البورتريهات نراها تعكس مشاعرها المتخبّطة وألمها الجسديّ والنفسيّ، حيث تتحوّل إلى مرآة لروحها وهويّتها، في ظلّ احتوائها أيضاً على رموز تحاكي ثقافة بلدها. أصبح رسم البورتريه مألوفاً في عصر النهضة وسطع مع عصر الباروك. وابتداءً من القرن التاسع عشر، بات يعكس المشاعر الإنسانيّة. أمّا في القرن الماضي، فبدأ بالتطرّق لقضايا اجتماعيّة متعدّدة. وفي عصرنا هذا، أصبح هذا الرسم يتداخل مع وسائط فنيّة أخرى حديثة. رسم الصورة الذاتية تجربة فنيّة مبتكرة في التعبير عن الذات يستخدم فيها الفنّان نفسه كنموذج. يمكن أن تكون وسيلة للتأمّل الذاتي والعثور على الحقيقة أو توثيق مراحل الحياة أو حتّى تعبير عن قضيّة أكبر متعلّقة بمجتمع أو شعب. حيث تكون هذه الرسومات انعكاساً للتجربة الإنسانيّة بعينها وليس فقط للجسد. ويمكن لهذه اللوحات كذلك أن توثّق التغيّرات المجتمعيّة والثقافيّة والسياسيّة عبر العصورة. فنّانون وفنّانات كُثر عبر التاريخ لجأوا إلى هذا الرسم الشخصي، من الأشهر نذكر Vincent Van Gogh Pablo Picasso و. فإذا كان الأوّل رسم عشرات البورتريهات التي تبرز ملامحه الواضحة وتعكس مشاعره المضطربة فدعانا لفهم الصراع الذي يعيشه، تميّز الثاني أيضاً بالعديد من اللوحات الذاتية التي جسّدت صور عديدة ومتغيّرة عن حاله وبيّنت خبرته مع مدارس فنيّة عديدة. حيث بدأ بيكاسو ببورتريهات تأمليّة واقعيّة، ثمّ أصبحت تفكيكيّة وختم هذه السلسلة بلوحات أكثر تجريديّة بأسلوب يتّسم بالحريّة. في هذا التحقيق نتطرّق إلى رسم البورتريه في منطقتنا وعصرنا الحاليّ مع الفنّانة الموهوبة Sarah Almehairi. 

Sarah Almehairi: " باستخدام التصوير الذاتي، يقدّم الفنّان للجمهور دعوة ليكونوا جزءاً من ذلك السرد الشخصيّ أيضاً"

تتجذّر أعمال سارة المهيري الفنّية بعمق في الأشكال الهندسية والمادية واللغة، من خلال نهج حدسي وشاعري. حيث يتمّ تفكيك عناصر العمل وإعادة تجميعها مراراً وتكراراً خلال العمليّة الفنّية لتكوين لغة بنيوية. فيما تتداخل ممارستها الفنّية مع تجربتها في الكتابة، سارة المهيري شغوفة جداً بالمبادرات المجتمعية، فقد شاركت مع زميلتها الشاعرة الإماراتية شما البستكي في تأسيس مجموعة "جارة" وهو مشروع نشر تجريبي مقرّه في الإمارات العربية المتحدة.

وتهدف "جارة" إلى إعادة تخيّل وربما استيعاب ما يمكن أن تبدو عليه الأعمال الشعرية المعاصرة متعدّدة اللغات في الخليج، حيث يكون التعاون والمجتمع محور صناعة الأدب ومشاركته، وحيث تكون اللغة مصدر إلهام لللّغة ويتمّ تشجيع الكتّاب. انضمّي إلينا لنكتشف المزيد عنها في ما يلي.

من الأعمال المفضّلة التي تفتخر بها سارة المهيري، عملها التركيبي الصوتي النحتي الذي يحمل عنوان Shared Motion أو "حركة مشتركة" والذي عُرض في معرض "فن الحين "2024 في متحف اللوفر أبوظبي في سبتمبر من العام الماضي كجزء من جائزة Richard Mille للفنون. تشرح الفنّانة: " عن طريق الترجمة يقدّم عمل "حركة مشتركة" كلمة "ريح" ضمن أربع لغات هي العربية، والفارسية، والهندية، والأردية. يتأمّل العمل في المشهد اللغوي للمنطقة المحيطة ببحر العرب، وكيف أصبحت الكلمات متشابهة في تشكيلها، فيصبح العمل رمزاً لتحوّل المنطقة. فاللغات، مثل الريح، تسافر عبر مسافات شاسعة لتشكّل مسارات ومناظر طبيعية، وتجسّد التغيير بشكل دقيق في تحرّكاتها، مشكّلةً حاضرنا اليوم."

ارتباط قويٌّ وعاطفيٌّ

ما هي برأيها الأفكار التي تراود الفنّان عادةً عندما يقرّر دعوتنا إلى عالمه الداخلي من خلال رسم نفسه؟ تجيبنا قائلة: "في ممارستي، الأمر مختلف قليلاً لأنني لست عادةً موضوع عملي؛ لكنّني أظنّ أنها عملية حسّاسة، فأودّ أن أعتقد أن أعمالي هي امتداد لأفكاري التي تُترجم جسدياً، ومن المهمّ بالنسبة إليّ أن أحافظ على التوازن في قول ما يكفي فقط. إنّها تجارب مرحة وفي تطوّر مستمرّ، وهذا ما يجعل عملي الفنّي مشوّقاً كل يوم". ما الذي يمكن أن تخبرنا به صورة ذاتيّة عن الفنّان وقد لا نجده في أعماله الفنّية الأخرى؟ تؤكّد لنا المهيري: "عندما أصادف صوراً ذاتية، أشعر أنّ الفنّان أراد الكشف عن معلومات أكثر قليلاً من المعتاد هذه المرّة. فيكون ارتباط الفنّان بأعماله قوياً وعاطفياً بالفعل، وباستخدام التصوير الذاتي، فهو يقدّم للجمهور دعوة ليكونوا جزءاً من ذلك السرد الشخصيّ أيضاً". وتخبرنا بأنّها لم تفكّر في ابتكار تصوير ذاتي لأنّها لم تشعر قط بأنّها تنجذب إلى مثل هذا النوع من التعبير في ممارستها الفنّية. تحبّ سارة المهيري أن تعتقد أنّ فكرة الصور الذاتية قد تطوّرت إلى ما هو أبعد من مجرّد الشكل الإنساني، وترى أنّه من المثير للاهتمام رؤية هذا التحوّل عبر التاريخ وحتى من خلال الأعمال الموجودة اليوم. تعمل الفنّانة حالياً على مجموعة جديدة من الأعمال الفنّية وهو أمر مثير للاهتمام دائماً، كما أنّها ستعرض بعض أعمالها في Art Dubai 2025 مع معرض Carbon12.

إقرئي أيضاً: رمزية الافاعي في الاعمال الفنية

 

العلامات: فنون

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث