World Art Dubai معرض يحتفي بالفنّ بجميع أشكاله!

فيما تُعاود النشاطات الإجتماعيّة والثقافيّة والفنيّة انتعاشها بعد انقطاع قسريّ سبّبه تفشّي فيروس كورونا، يعود معرض World Art Dubai بنسخته السادسة التي ستقام في مركز دبي التجاري العالمي في الفترة الممتدة بين 8 و10 أكتوبر 2020، لينطلق معه موسم دبي الفنّي رسميّاً بأبهى حلّة! ومع فنّانين محليّين وإقليميّين وعالميّين من أكثر من20 دولة، يستعدّ هذا المعرض الفنّي الذي يتيح الأعمال الفنيّة بأكثر الأسعار المعقولة في المنطقة، لتوحيد الفنون الاستثنائيّة والمجتمعات العالميّة الإبداعيّة. وتلبيةً للطلب المتزايد على الأعمال الفنيّة في الشرق الأوسط من خلال جلب الفنّ المعاصر بأسعار معقولة من جميع أنحاء العالم إلى المنطقة، يؤمن WAD بجعل الفنّ متاحاً لهواة الجمع والمتحمسّين الذين يبحثون عن أعمال فنيّة متنوّعة وأصيلة ومدروسة الأسعار في مكان واحد. وفي ما يلي، نناقش مواضيع عدّة تتعلّق بهذا المعرض، وبالأعمال الفنّيّة في ظلّ تفشّي فيروس كورونا وغيرها من المواضيع ذات الصلة مع سمر كامل، إحدى القيّمات على الفعالية، وهند راشد، الفنّانة الإماراتيّة التي تعرض أعمالها فيه، وأيضاً فرح ملحس، الفنّانة الأردنيّة التي أعادت إنشاء وبناء مجموعتها التي تدمرّت إثر إنفجار بيروت في 4 أغسطس الفائت لتقديمها في المعرض.

Samar Kamel: تحتاج المرأة أن تأخذ المبادرة والمشاركة في المُضي قدماً بشجاعة، فتحدّد المشاكل ثمّ تواجهها، وتُبادر في العمل على تجاوزها

إنّها معروفة بأعمالها التي تدرس المواقف الثقافيّة تجاه المرأة وتهدف إلى تغيير الصور النمطيّة من خلال تجسيد النساء العصريّات بصورة نابضة بالحياة. وقد سبق أن عرضت الفنانة والقيّمة والمؤلفة المصريّة Samar Kamel أعمالها في مناطق مختلفة من العالم. ونراها تنغمس في شغفها بالرسم من خلال استكشاف الوسائل المختلفة إلى جانب التقنيات التقليديّة. كذلك، تم الاحتفاء بمساهماتها في الفن والمجتمع من خلال ترشيحها مؤخّراً لجائزة المرأة الإماراتيّة للعام 2018 عن فئة الفن والثقافة. أمّا حاليّاً، فهي واحدة من ثلاث سيدات قيِّمات على معرض World Art Dubai. إذاً تابعينا في هذه المقابلة حيث تشاركنا أفكارها حول المشهد الفنّي العربي وبعض المواضيع الأخرى ذات الصلة. 

هل يمكنك إخبارنا المزيد عن موضوع WAD وتنوّعه لهذه السنة؟ وما الذي يميّز معارض هذا العام؟

في كلّ عام، نحتفي بالفنّ بجميع أشكاله. وكالعادة، سيكون معرض World Art Dubai بمثابة التعبيرالأمثل عن الإبداع للجميع. حيث يعَدّ هذا الحدث من أبرز لحظات الفن والثقافة في الإمارات العربية المتّحدة، خصوصاً هذا العام على ضوء ما نمرّ به. ويمكن للزوار التّأكد من أنّ الحدث سيتّبع معايير صارمة لتدابير الصحة والسلامة طوال الوقت. من هنا، على الجميع توقّع فحص درجة حرارتهم والتزام التباعد الاجتماعي وعدم التلامس لا سيّما وبروتوكولات النظافة العامة.

برأيك، كيف يسهم WAD في تقريب الفنّ من الإماراتيّين والعرب عموماً؟

يلعب World Art Dubai دوراً مهماً في عالم الفن في الشرق الأوسط. إذ إنّه معرض التجزئة الفنّي الأكثر سهولة من حيث الوصول إليه ويتيح الأعمال الفنيّة بأكثر الأسعار المعقولة في المنطقة، حيث يجمع الكثير من الجنسيّات ويمكّنهم من التفاعل والتّعرف على أنواع مختلفة من الفنون والثقافات، بدون أيّ حدود فنيّة، وبالتالي فإنّه يقدّم وجهات نظر جديدة.

ما تأثيرات وتحديات Covid-19 على عملك كفنّانة؟ وكيف تواجهينها؟

بصفتي أمينة فنيّة، كنت قلقة في البداية من أنّ يؤدي هذا الوباء إلى توحيد الأعمال الفنيّة التي تمّ إحضارها إلى المعرض وأن يكون الاتّجاه الأساسي نحو هذا الموضوع. لأنّه من شأن الفيروس أن يقضي على التنوّع الذي يجسّد الجوهر الفنّي لأيّ معرض دولي. إذاً تجنباً لذلك، قدّمنا مفهوم "الإبداع غير المقنّع" وهو عرض مخصّص للأعمال الفنيّة المستوحاة من الوباء التي غالباً ما يتمّ إنهاؤها أثناء الإغلاق، ممّا يسمح لنا بالحفاظ على التنوّع، فضلاً عن عرض الأعمال الرائعة المنجزة في خلال فترة الحجر. كذلك، يتوافد فنانون من جميع أنحاء العالم لعرض إبداعاتهم عبر مروحة واسعة من الأنواع الفنيّة. لذا تبقى روح الفنّ مفعمة بالحيويّة هذا العام.

كيف تقيّمين تطوّر الفنون في منطقة الخليج؟ وما الدور الذي تلعبه الفنّانات في هذا التطور؟

على مدى السنوات العشرة الماضية، طوّرت دولة الإمارات العربيّة المتّحدة اسمها كمركز فنّي للخليج. وأظنّ أنّ الفن في الإمارات قد استفاد من عدد الفنانين المغتربين الذين قرّروا أن يجعلوا من الإمارات وطناً لهم بعد أن أصبحت منارة فنيّة. إذاً خرج الفنّ في الإمارات عن إطار التوطين وفتح أبوابه لثقافات وأفكار ورموز جديدة مختلفة، مع الحفاظ على وفائه للثقافة والتراث المحلي. وبطبيعة الحال، لا يمكن أن يحدث التطوّر بدون النساء، والدليل على هذه الفكرة أنّ World Art Dubai فيه ثلاث سيّدات من جنسيات مختلفة قيِّمات عليه، وهذا بحدّ ذاته تأكيد آخر على التنوّع والشموليّة.

لقد عرضت أعمالك في الكثير من البلدان في جميع أنحاء العالم. ما التغييرات التي لاحظتها في ذوق المشاهد بالاعتماد على جذوره مع العلم أنّ الفنّ لغة عالميّة؟

أكرّر ما قلته في أنّ الفنّ لغة عالميّة، إنّما على غرار أيّ لغة، ثمّة لغة خطاب رسميّة وأخرى عاميّة. من هنا، وجدت أنّ بعض المشاهدين وحتّى المشترين، يقعون في حيرة من أمرهم أمام إحدى لوحاتي ويكونون مهتمين بفهم وجهة نظري كفنّانة، بينما يقع آخرون في حبّ الألوان لأنّها قد تتناسب مع أريكتهم.

يدرس عملك المواقف الثقافيّة تجاه المرأة ويهدف إلى تحويل الصور النمطيّة من خلال إظهار المرأة العصريّة بصورة نابضة بالحياة. هل يمكنك تحديد صورة المرأة العربيّة التي تريدين ترجمتها من خلال فنّك؟

إنّني أصوّرالنضالات والتّحديات التي تواجهها النساء الشرقيّات في كتبي ولوحاتي، ومع ذلك فإنّني أجسّدها بشكل يعكس قوّتها الحقيقيّة. فكلّ واحدة منهنّ لديها القدرة والإمكانيّات والمسؤوليّة لمواجهة التّحديات في حياتها بشكل فعّال بهدف خدمة وطنها ومجتمعها.

كيف تعتقدين أنّه من شأن الفنّ أن يساهم في تحرير المرأة؟ وما القضايا التي تحبّين معالجتها من خلال فنّك وما الوسائل التي تساعدك على التعبير عن نفسك أكثر؟

لطالما كان الفنّ أداة تعبير ورمزاً للأحلام والطموحات. فإذا كان الفنّ بمثابة الرئتين للمرأة وسمح لها بالتنفس والتعبير عن نفسها بحريّة، فسيكون حينها قد حقّق هدفه الذي يقضي بمعالجة القضايا الحيويّة في المجتمعات. وشخصيّاً، أسلّط الضوء على قضايا المرأة سواء كانت عاطفيّة أو اجتماعيّة أو حتى عقليّة. حيث أجد أنّ هذا عنصر ثري للمغامرة فيه. كذلك، بصفتي امرأة عربيّة لا يمكنني تجاهل حزنهنّ على الإطلاق. ومن الناحية الفنيّة، أفضّل استخدام مختلف الوسائل في أعمالي، حتّى أنّني ابتكرت مؤخراً أعمالاً فنيّة كاملة باستخدام أكياس الشاي لأنّ الصبغة رائعة والملمس كذلك.

إذا أردت إيصال رسالة إلى الفتيات المصريّات اليوم حول التعبير عن أنفسهنّ من خلال الفنّ، فماذا سيكون محتواها؟

إنّ الفنّ يحرّر، لذا عليهنّ التخلي عن مشاعرهنّ وأفكارهنّ وعواطفهنّ ووضع كلّ ذلك على القماش بدون أيّ مانع. حيث أنّ قمع مشاعر المرأة وحقوقها لهذه الفترة الطويلة قد تسبّب في أعمال غير واعية من الظلم، ويجب أن يتوقف ذلك بطريقة أو بأخرى.

Hend Rashed: لم يؤثّر الوباء على هدفي، إلّا أنّه أعطاني الوقت للتحسّن والقيام بمزيدٍ من الأعمال الفنيّة بطريقة إيجابيّة

هي فنّانة إماراتيّة حاصلة على شهادة البكالوريوس في إدارة الأعمال والتمويل والمصارف. والفنّ بالنسبة إلى Hend Rashed فرصة للتعبير عن مشاعرها وأفكارها بدون حصر. حيث أنّها بدأت الرسم منذ الخامسة من عمرها، موظِّفة مهاراتها في الفعاليّات والنشاطات التي نظّمتها المدرسة. ثمّ بعد تخرّجها من الجامعة، كان لديها المزيد من الوقت للتركيز على مهاراتها في الفنون وتطويرها. فاستغلّت هذا الوقت للقراءة والتعرّف على تاريخ الفن، وحضور عدد كبير من ورش العمل والدورات وزيارة المعارض الفنيّة المختلفة والمشاركة فيها، وكلّ ذلك لتتعلّم المزيد عن الأساليب الفنيّة وتحسين تقنيّاتها بمساعدة فنانين آخرين. وبالإضافة إلى ذلك، شاركت في الكثير من المعارض الفنيّة الجماعيّة. وهذا العام، استغنمت هند الفرصة للمشاركة في World Art Dubai كفنّانة منفردة، ليكون هذا أوّل معرض فردي لها وإنجاز كبير تعتزّ به! تابعينا في هذه المقابلة لتتعرّفي أكثر على مسيرتها وطموحاتها. 

كيف تتجلّى الثقافة الخليجيّة في أعمالك الفنّيّة؟

أطلقت على مجموعتي هذا العام اسم Arabian Night، وهي مستوحاة من القصة الشهيرة "ألف ليلة وليلة". فضلاً عن ذلك، تركّز أعمالي أيضاً على التاريخ والآثار في الإمارات العربيّة المتّحدة وعلى كنوز هذا البلد. وتحمل إحدى القطع الأساسيّة اسم Desert أي "الصحراء"، وباستخدام تقنيّة الرسم التجريدي والتظليل والألوان المختلفة، يعكس هذا العمل الفنّي رمال الصحراء وسماء الليالي العربيّة.

ما القضايا التي تحبّين معالجتها من خلال فنّك وما الوسائل التي تساعدك على التعبير عن نفسك أكثر؟

الفنّ فرصة للتعبير عن مشاعري وأفكاري بدون أن أكون محدودة في الطرق التي أتّبعها. وبما أنّني أحبّ التاريخ العربي وعلم الآثار، ينعكس هذا الأمر في أعمالي وفي استخدامي للألوان. إذ أعبّر عن مشاعري وحبّي باعتماد تقنيّات الفنّ التجريديّ مع الأكريليك والألوان الزيتيّة والوسائل المختلفة.

هل يمكنك مشاركة ذكرى ذات صلة بقطعة فنيّة كنت تعملين عليها؟

إحدى أعمالي الفنيّة التي عرضتها في الإمارات العربيّة المتحدة وماليزيا أيضاً، تحمل عنوان Waiting for Happiness News التي تترجم حرفيّاً إلى عبارة: "في انتظار أخبار السعادة" وهو عمل فنّي مخصّص للنساء. حيث أنّها تعبّر عن حالة المرأة التي تترقّب بعض الأخبار الجيّدة بعد فترة طويلة من الإنتظار. وتؤكّد ألوان المرأة وملابسها وموقعها في هذا العمل الفنّي على قوّة الأنثى وصبرها.

هل يمكنك إخبارنا بالمزيد عن مشاركتك في WAD؟

سبق أن شاركت في معارض جماعيّة في World Art Dubai لسنوات عدّة. غير أنّ هذه السنة مهمّة جداً بالنسبة إليّ، إذ إنّها المرّة الأولى التي أشارك فيها كفنّانة منفردة وأعتبر أنّ هذا انجاز عظيم فعلاً.

برأيك، كيف يساهم WAD في تقريب الفنّ من الإماراتيّين والعرب؟

يجمع المعرض الفنّانين من مختلف المستويات والجنسيّات تحت سقف واحد، ممّا يتيح لهم فرصة استعراض أعمالهم فيه. وبالتالي فإنّه يمنحنا فرصة للتواصل والتعلّم من الفنّانين الآخرين وثقافاتهم.

ما تأثيرات وتحديات Covid-19 على عملك كفنّانة؟ وكيف تواجهينها؟

لم يؤثّر الوباء على هدفي، إلّا أنّه أعطاني الوقت للتحسّن والقيام بالمزيد من الأعمال الفنّيّة بطريقة إيجابيّة.

هل تعتقدين أنّ الفنّانات والقيّمات يتناولنَ حقوقهنّ وهويّاتهنّ في عملهنّ؟ وهل تسمعين أصواتهنّ من خلال أعمالهم الفنّيّة؟

نعم، إلّا أنّ ذلك يعتمد على المكان الذي تقدّم فيه النساء أعمالهنّ، حيث تحتاج الفنّانات إلى الدعم في بعض الأجزاء من البلاد حتى يتمكّنّ من تجسيد هويّاتهنّ الفنّيّة.

Farah Malhas: أريد أن يُنظر إلى مشاركتي فيWAD على أنّها منارة للإيجابيّة والأمل

منذ نعومة أظافرها، نشأت Farah Malhas محاطة بالفنّ من كلّ الجهات. وبالتالي كان الإبداع أمراً لا بدّ منه في حياتها. وبالفعل، شجّعها والدها الراحل على الفنّ، وهي تعتبر أنّها علّمت نفسها بنفسها في هذا الصدد. وعلى الرغم من قبولها في كليّة Central St. Martins، لم يُسمح للشابّة الأردنيّة بالحضور، لأنّه في ذلك الوقت كان التوجّه الأكبر هو لإمتهان الطبّ أو المحاماة فيما لم تكن فكرة امتهان الفنّ تُؤخذ على محمل الجدّ باعتباره غير كافٍ لتأمين لقمة العيش. وبدلاً من ذلك، حصلت على شهادة البكالوريوس في إدارة الأعمال والتسويق، ثمّ نالت شهادة الماجستير في دراسات الهجرة لاحقاً. ولكن بغض النظر عن الاتّجاه الذي أخذتها الحياة فيه، فقد وجدت فرح دائماً ما ترسمه أو ترسم عليه، من دفاتر الملاحظات إلى الجدران والكرتون المُعاد تدويره واللوحات القماشيّة والملابس حتّى... إذاً كان الفنّ ولا يزال العزاء الوحيد لها، حتّى عندما حاولت الالتزام بما كان متوّقعاً ومطلوباً منها. وبطريقة ما، كانت تجد سبيلها دائماً إلى لوح الرسم. وعلى الرغم من أنّها لم تكن قادرة على رؤية والدها، الذي كان هو نفسه مهندساً معماريّاً ومخترعاً وفنّاناً مشهوراً عالميّاً، ولكنّه طلب منها ألّا تتوقف أبداً وأن تواصل الرسم وتستمرّ في الإبداع، وهكذا فعلت. وحتّى في الرابع من أغسطس حينما حصل إنفجار بيروت، ودُمّر مقهاها Afaf - The Cake Lounge الذي يبعد أقل من 500 متر عن المكان فيما كان يُجسّد حبّها لكلّ ما هو فنّي، تحدّت نفسها لإعادة ابتكار حوالى 12 قطعة من أعمالها في وقت قصير جداً وتشارك في WAD. وفي ما يلي نناقش معها كلّ هذه المواضيع.

ما قصّة مقهى Afaf؟ كيف بدأت ومتى ولماذا؟

بعد رحيل والدي المفاجئ في العام 2012، عدت إلى بيروت بحثاً عن بدايات جديدة في بلد لطالما اعتبره بلده الأمّ. وأثناء الدراسة للحصول على شهادة الماجستير، أعدت إحياء شغفي بالخَبز خارج مطبخ منزلي. ومع وجود وصفات جدّتي في متناول يدي، بدأت في تقديم الحلويات لمجموعة من المطاعم المحليّة بهدف امتلاك مطعم خاص بي ذات يوم. ثمّ بعد بضع سنوات، وتحديداً في العام 2017، جازفت وافتتحت مقهى ومخبزاً في منطقة الجميزة، لأنّها نقطة التقاء تنصهر فيها الثقافة والتراث والفنّ. وانطلاقاً من ممتلكات قديمة مهترئة، بذلت قصارى جهدي لخلق ملاذ من الذكريات والتعبير عن الذات. فكانت مساحة آمنة مبنيّة على الحبّ والقبول حيث يتمّ الترحيب بالجميع. وهكذا، أمضيت النصف الأفضل من العام في البناء من الألف إلى الياء، وفي الإشراف على الهندسة المعماريّة والتصميم الداخلي للمكان وتشكيل هويّته وإنشاء قائمة الطعام وابتكار أجوائه وحسّه. وتعيّن عليّ أن أشارك في كلّ شيء، بدءاً من وضع حجر الأساس وصولاً إلى رسم جداريّة المتجر، إذ إنّ الأمر شخصيّ ولا بدّ من أن يكون مثاليّاً. وتمثّل هدفي في إعطاء الناس نظرة عن حياتي الخاصة، واصطحابهم في رحلة حنين بالذاكرة. ثم أصبح المتجر نفسه مساحة مختلطة من الذكريات الشخصيّة ومكاناً تكريميّاً لأفراد أسرتي، والأهمّ من ذلك أنّه جسّد حُبّي لكلّ ما يعتبر فنّاً. وهكذا اجتمعت تفاصيل الأحجية القديمة بصورة مثاليّة لإعطاء الحياة لهذا المقهى.

هل كنت في المقهى يوم إنفجار بيروت؟ وهل يمكنك مشاركة تجربتك معنا وإخبارنا عن الأضرار التي تعرضّت لها؟

لم يكن أحد في المقهى وأشكر الله على ذلك لأنّ أحداً ما كان لينجو. والواقع أنّني كنت قد انتهيت للتو من تناول الغداء في منزل صديقتي عندما وقع الانفجار الأوّل. ولأنّنا شعرنا بأنّ الدوي حصل تحت المبنى في البداية، اعتقدت أنّ مولّدات الكهرباء انفجرت. إنّما دوّى الانفجار الثاني واهتزّ المبنى بأكمله، ودخل الغبار والأنقاض من النوافذ المفتوحة، وسمعنا الصراخ في الخارج، وجلسنا جامدين في انتظار انهيار المبنى. ثمّ بعد دقائق، عندما لم يحصل ما توقّعناه جميعاً، ركضنا إلى الممرّ وجلسنا على الأرض نحاول الاتّصال بأحبّائنا في محاولة لمعرفة ما يحدث. غير أنّ أحداً لم يعلم ما حصل. ثمّ اتضّح وقوع إنفجار في مرفأ بيروت. كان حجم الضرر لا يزال غير مفهوم؛ ولم يُعرف إلّا في صباح اليوم التالي. وبحكم أنّ منزلي يقع في الأشرفيّة، فقد تعرّض لأضرار بالغة، حيث تطايرت الواجهات الزجاجيّة في المبنى، وانفصلت إطارات الألمنيوم عن الجدران وتراكمت فوق الأثاث والشرفة، وتناثرت أجزاء من الجدران التي كانت تحمل الهياكل في كلّ مكان، وانشقّت الأبواب إلى قسمين. وبعد تفقّد شقّتي، مشينا عبر "حلبة قتال" للوصول إلى المقهى المتواجد على بُعد أقلّ من 500 متر من مكان الإنفجار، لذلك افترضنا أنّه تعرّض لضرر من نوع ما، غير أنّ ما رأيناه كان صاعقاً، وبصراحة لم أعرف هل أضحك أم أبكي، إذ كان المكان في دمار شامل.

هل يمكنك تزويدنا بمزيد من التفاصيل حول مشاركتك في WAD وكيف تعيدين إنشاء مجموعتك؟

في البداية، أردت المشاركة في معرضWorld Art Dubai 2020 لتعريف العالم بفنّي، إلّا أنّ مشاركتي الآن تعتمد على المثابرة. حيث تحتّم عليّ إنشاء وإعادة إنشاء ما يقارب 12 قطعة في هذا الوقت القصير، لكنّني قرّرت أن أعتبر هذا تحدّياً شخصيّاً، لأنّني إذا استطعت القيام به فيمكنني فعل أيّ شيء على الإطلاق. لذا، أريد أن يُنظر إلى مشاركتي على أنّها منارة للإيجابيّة والأمل. لأنّه مهما قد يحدث، وحتّى لو لم يكن لديّ الوقت الكافي لتمديد قماشي على إطارات خشبيّة، إلّا أنّ المؤكّد أنّني سأعلّقها ليراها الجميع. وفي النهاية، على العرض أن يستمرّ وسيستمرّ بالفعل.

ما القضايا التي تحبّين معالجتها من خلال فنّك وما الوسائل التي تساعدك على التعبير عن نفسك أكثر؟

على حدّ قول والدي: "الفنّان لا يخطئ أبداً، ولا يمحو أيّ شيء قطّ"، وقد أصبحت هذه النقطة المحوريّة في عملي. حيث أستخدم مختلف الوسائل وغالباً ما أعتمد الألوان الزيتيّة والأكريليك والرسم بالريش، على اللوحات الكبيرة، والحجم الذي أقدّمه دائماً هو 200 x 180 سم. كذلك، أدمج الشعر العربي الثقيل و/أو الاقتباسات مع شخصيّات ديزني والشخصيّات الإلكرتونيّة المرحة للحصول على رسالة محدّدة. وأجد أنّني أستوحي في الأغلب من الحزن والمأساة الخاصّة بي. وبالنسبة إليّ، أصبح هذا النمط المحدّد من العمل وسيلة علاج وطريقة للتخفيف من وطأة المواقف الصعبة. وأكرّر أنّ كلّ ذلك بدأ في العام 2012 مع وفاة والدي الراحل. إذ إنّ فن الخطّ والرسم في عملي ينزف دوماً في محاكاة للدموع التي بكيتها بسبب خسارته. وتبدو أعمالي فوضويّة وأحياناً غير مكتملة، تماماً مثل الحياة. ولا يهمنّي إذا أحبّ المتفرّج عملي أو كرهه، لأنّ الهدف هو إيقاظ المشاعر والعاطفة لديه. فإذا تمكّنت من القيام بذلك وجعله يتفاعل، فحينها أكون راضية. وبالفعل، إنّه لأمر رائع أن أرى كيف تلمس أعمالي الناس بغض النظر عن عمرهم وجندرهم وعرقهم وثقافتهم.

ما تأثيرات وتحديّات Covid-19 على عملك كفنّانة؟ وكيف تواجهينها؟

هذا العام يصلح لأن يذكره التاريخ. فبسبب Covid-19، تحوّل ما كان من المفترض أن يكون إجازة لمدّة أسبوع في إسبانيا إلى إغلاق وحجر صحيّ لأربعة أشهر. لذا في النهاية، بدأت في إعادة تدوير كلّ ما يمكنني وضع يدي عليه للأفضل والرسم عليه فحسب. حيث أصبحت الصناديق الكرتونيّة وأكياس ماكدونالدز الورقيّة لوحاتي المؤقتة بمقاس 180 x 200 سم. ثمّ في يوليو، تمكّنت من العودة إلى بيروت، ولحسن الحظ كانت لديّ لوحات قماشيّة فارغة وغير موجودة في المتجر. إنّما جاء الرابع من أغسطس، وتغير كلّ ذلك. لذا أقلّ ما يقال عن هذه السنة أنّها أمّ كلّ التّحديات بالفعل.

بصفتك فنّانة أردنيّة تعيش في بيروت منذ 7 سنوات، هل مِن رسالة تودّين مشاركتها مع مجتمع الفنّ اللبناني الذي كان يعاني حتى قبل الوباء وإنفجار 4 أغسطس؟

كلّ ما يمكنني أن أنصح به هو استخدام كلّ هذا الواقع كمصدر إلهام. بعبارة أخرى، دعوا الألم والعذاب والصدمة والخسارة والإحباط والحزن يوقدوا نيرانكم، لأنّ هذا الكمّ الهائل من المعاناة لا يمكن أن يصبح نقطة ضعف.

اقرئي أيضاً: سعادة سارة فلكناز: أنصح المرأة الخليجيّة باغتنام الفرصة ودخول عالم السياسة من دون خوف

العلامات: World Art Dubai

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث