Asma Laraiedh: "الجانب العضوي يجذب الناس إلى فنّ الخزف فهم يفضّلون رؤية الكمال في ما يعدّ غير كامل"

درست Asma Laraiedh تصميم المنتجات ثم عملت كمصمّمةً داخليّة. وفيما كانت تتقن فنّ النّحت شاركت رسوماتها ومنحوتاتها في الكثير من المعارض الجماعيّة. إلاّ أنّها في العام 2017، كرّست الفنّنانة التونسيّة نفسها بالكامل لصناعة الفخار. ومنذ ذلك الحين، بدأت بصنع أكواب وأطباق خزفيّة لنفسها بالتزامن مع عملها في النّحت. وبالرغم من أنّ فكرة ابتكار فناجين القهوة والأطباق كانت شخصيّة بالنّسبة إليها غيرأنّها بدأت تلقى رواجاً كبيراً في محيطها ولدى عائلتها وأصدقائها فبدأت بتلبية طلبيّاتهم. وهكذا كانت بداية Baya Ceramic من دبي تحديداً. انضمّي إلينا في هذه المقابلة للتّعرّف أكثر على Asma وعلى القطع الخزفيّة المميّزة التي تبتكرها من خلال Baya Ceramic !

التصوير: Maximilian Gower

التنسيق: Sima Maalouf

  1. كيف استثمرت ما تعلّمته في دراستك ومسيرتك المهنيّة عند تأسيس عملك؟

ثمة رابط فنّي وإبداعيّ بين دراساتي في تصميم المنتجات والتصميم الداخلي من جهة وصناعة الفخار من جهة أخرى. ولكنّني أشعر شخصيّاً بأنّ عالم الخزف مختلف قليلاً وأحسّ بالارتياح فيه أكثرمن التصميم الداخلي. فصناعة الخزف تمثّل العالم الخاص بي، في حين أنّ الزبون يأتي أولاً من جهة التصميم الداخلي، لأنه يحتاج إلى أن يكون مرتاحاً مع محيطه. بالمقابل في عالم الفخار، أنا مَن يمسك زمام الأمور والقرارات كلّها في يدي وإبداعي هو الذي يفرض نفسه، لذلك أعكس إلهامي الخاص وأفكاري الشخصيّة وأفرض إبداعاتي على الزبون وبالتالي لا أكون محدودة جداً. أمّا الجانب المشترك بين تصميم الداخلي والخزف، فيتمثّل في الفنّ والإبداع الذي من خلاله أنشأت عملاً تجاريّة لنفسي. فالحقيقة أنّه عندما يطلق المرء العنان لإبداعه من كلّ قلبه، فإنّ العمل ينشأ من تلقاء نفسه. إنّما طبعاً يبقى عليه أن يكون محترفاً وأن يجسّد الطابع العمليّ في ابتكاراته وأن يرضي الزبون بنسبة 100٪ من الناحية الفنيّة والوظيفيّة.

  1. أنت فنانّة شغوفة تمارس النحت والرسم وتجرّب مختلف الوسائل والوسائط، كيف يساعدك الفنّ على التعبير عن نفسك؟

إنّ الفنّ عالم واسع جداً لدرجة أنّني أعتبرأنّ لا نهاية له. وصناعة الخزف تمثّل بدورها عالماً فسيحاً من الخبرة والإبداع وتنطبق عليها عدّة قواعد وعوامل، منها امتلاك فرن بدرجات مختلفة، إلى جانب وجود مادّة الطين طبعاً. والعوامل الأساسيّة في هذه الصناعة تشمل التراب والهواء والحرارة والصبر والماء والشمس. والرائع فيها أنّه ليس مِن حدود لأشكال القطع الخزفيّة التي يمكن ابتكارها. وعلى الصعيد الشخصي، إنّني أميل إلى الالتزام بالناحية التقنيّة أكثر، بمعنى أنّني أحب ابتكار أشكال فنيّة خارجة عن المألوف حيْث أمزج الكثير من الألوان. أمّا خطوة وضع القطع في الفرن، فدائماً ما تفاجئني بطريقة ما، إذ أحياناً ما تتشقّق القطع أو تعطيني لوناً مغايراً لأنّني أجرّب وأمزج وأعيد الصنع باستمرار. وبرأيي أنّ جمال الجانب الفنّي يكمن في قدرة المرء على وضع لمساته الخاصة في أعماله.

  1. كم مِن المجموعات تُعدّين سنويّاً وكيف تولد مصادر إلهامك في كلّ مرة؟

يمكنني إعداد أكثر من 700 قطعة يدويّة الصنع في كلّ عام. أمّا مصدر إلهامي فقد يكون عشوائيّاً جداً، حيث من الممكن أن أستوحي من كلمة فحسب، أو من لقاء لاحتساء القهوة، أو من قطعة من الورق، أو فيلم أو صورة، ومؤخراً تمثّل مصدر إلهامي في البحر. إذ ذهبت إلى الشاطئ يوميّاً وأردت ابتكار قطعة تحاكي تدرّجات ظلال البحر من الأخضر إلى الأزرق. إذاً بالمختصر، ليس هناك حدود لمصدر الإلهام بالنسبة للفنّان، فهو يستوحي من كلّ ما يحيط به.

  1. ما معنى الرموز المتكرّرة التي دائماً ما نراها في قطعك؟ هل تعتبرينها ميزات لابتكاراتك؟

تمثّل تلك الرموز جذوري، لا سيّما شمال إفريقيا وتونس على وجه الخصوص. كذلك، فإّني أستلهم من كلّ ما شكّل طفولتي، من بين ذلك ألوان وطني وذكرياتي واللون الأزرق للبحر الأبيض المتوسط ​​وتونس والرموز البربريّة التي يمكن أن تمثّل أسلوبي وتميّز قطعي وتعكس أيضاً اتّجاهاً جديداً نحو مسار آخر في الإبداع. فالحقيقة أنّني أحب الفن المعاصر وأحاول أن تتميّز أعمالي بالطابع الفنيّ والعمليّ في آنٍ معاً.

  1. إلى أيّ مدى يمكن للفنّان أن يبدع في صناعة الفخار؟ هل يمكنك مشاركتنا تفاصيل حول قطعة مميّزة عملت عليها؟

جوهر القاعدة الأولى للاستمرار في هذه الصناعة الواسعة أن يتحلّى المرء بالصبر قبل أيّ شيء آخر. وإن كنت مبتدئاً، فالإبداع سيظهر رويداً رويداً وستكتشف الكثير في خلال الطريق، من ضمن ذلك الأصباغ وأنواع البورسلين المختلفة ودرجات الفرن... إنّه عالم شاسع يطلق العنان للخيال والإبداع وهذا ما يصوغ اللمسة الخاصة لصانع الفخار. وبالفعل، يمكن التماس هذا الإبداع في منتجاتي لأنّني مجنونة تماماً في أعمالي. فللوهلة الأولى ستقول لا يمكن أن تكون هذه القطعة عمليّة، لكن ستكتشف بعد قليل أنّها كذلك، وسيكون لديك منحوتة وقطعة فنيّة فريدة. والجميل في صناعة الخزف أنّ الفنّ يصل إلى الناس حتى لو لم يفقهوا الكثير عن هذا المجال.

من القطع المميّزة جداً بالنسبة إليّ، لا بدّ من أن أختار حوض المغسلة لأنّه يجسّد مسيرتي المهنيّة والفنيّة بأكملها، من حيث دراسات تصميم المنتجات والتصميم الداخلي ومهنتي الأخيرة كصانعة خزفيّة أيضاً. وذلك لأنّه عبارة عن منتج يمكن وضعه في الداخل كتصميم فني وهو مصنوع من الفخار مع لمسة من الذهب.

أمّا القطعة الثانية التي أحبّها فهي طبق ال Puzzle وتجسّد الجروح التي يمرّ بها كلّ شخص في خلال حياته. لأنّنا نلاحظ التشققات التي تحاكي الأحجية المنفصلة. وكلّ واحد منّا سيجد قطعة منه في هذه الأحجية، هذا إذا لم يجد نفسه فيها بأكملها.

  1. تعتبر صناعة الخزف هواية تبعث على الاسترخاء بالنسبة إلى البعض، فكيف من شأنها أن تصبح مهنة فنيّة حقيقيّة؟

بصراحة، لم أتوقّع أنّه من شأن صناعة الفخار أن تكون عملاً تجاريّاً، بل بدأ الأمر فجأة حينما وردتني الطلبات من الناس ووجدت نفسي ألبّيها. كذلك، فقد عملت بكدّ للوصول إلى تلك المرحلة التي انطلقت منها وفجأة انتشر إبداعي إلى الناس وأحبّوه كثيراً. إذاً أعتبر أنّ هذا العمل نشأ من تلقاء نفسه بفضل الفنّ والرؤيّة التي امتلكتها، ثم تقبّلها الناس وبدأوا في رؤيتها أيضاً.

وشخصيّاً، أعتبر أنّ صناعة الفخار ممارسة تأمليّة، ففي خلال العمليّة الابتكاريّة يمكن وضع كلّ الطاقة السلبية في هذه المادة وثمة 4 عناصر من الطبيعة تسهم في ذلك: الهواء الذي يساعد على تجفيف الغرفة والشمس والماء لعجن مادة الطين والطين نفسه والجانب الفنّي المتمثل بالألوان المضافة.

  1. ما أكثر ما يجذب الناس في فنّ الفخار برأيك؟ وما نصيحتك لهم ليختاروا أفضل القطع لمنازلهم؟

أعتقد أنّ الجانب العضوي هو الذي يجتذب الناس بالفعل، فبعيداً عن الجانب المثالي والصناعي، هم يفضلون رؤية الكمال في ما يعدّ غير كامل. وكلّ ما ليس مثاليّاً عادةً ما يكون عضويّاً وهم يعشقون ذلك. ويعود السبب في ذلك إلى واقع أنّ الجانب العضوي مريح لنظهرهم، ولحقيقة أنّهم يجدون أنّه من الجميل والملهم لعقولهم أن يلمسوا الطين في أيديهم. وهذا ما يجذبني إلى الفخار وما أصنعه يدويّاً، إنّه هذا الجانب غير المثالي الذي قبلته، وقد فوجئت بتقبّل الناس له بقوة. إذاً هذه النقطة المشتركة بيني وبين الناس، لا سيّما أولئك الذين لا يهتمون بالفن، لأنذهم يشعرون بارتباط بهذا الجانب غير الكامل من القطعة ويجدون أنفسهم في مكان ما فيها.

إنّني أعمل وفقاً لحالتي المزاجيّة، ولربما تعدّ أعمالي طبيعيّة جداً وتجسّد منطقة البحر الأبيض المتوسط كثيراً. وبالتأكيد يحب الكثير من الأشخاص هذا الجانب، كما يروق لهم لون الأبيض لأنّهم يجدون أنّه يتماشى مع الكثير من التصاميم الداخليّة. من جهة أخرى، أستخدم أيضاً الطين الأسود الطبيعي الذي أضفي عليه لمسة آسيويّة. هذا فضلاً عن الطين الأبيض الذي أستخدمه مع كلّ شيء. إذاً تختلف أذواق الناس وشخصيّاً، ليس لديّ أيّ حدود للألوان التي أعمل بها ويعتمد ذلك على ما يدور في ذهني.

إقرئي أيضاً: World Art Dubai معرض يحتفي بالفنّ بجميع أشكاله!

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث