مشاكل الخصوبة ليست عيباً!

التصوير: Maximilian Gower

بناء عائلة والمساهمة في استمراريّة الحياة... يا لها من نعمة حقيقيّة! يطمح الكثير من الأزواج إلى إنجاب الأطفال إنّما لا ينجح الجميع بتحقيق ذلك بشكل طبيعيّ... هل أنت واحدة من الأشخاص الذين يعانون بصمت مشاكلَ في هذا الإطار؟ هل تفكّرين في اللجوء إلى العلاجات الطبيّة لكنّك ما زلت تتردّدين؟ تشجّعي، فالعلم يقدّم اليوم حلولاً تساعد الأزواج على تحقيق حلمهم في عيش الأمومة والأبوّة. وقد أصبح التلقيح الاصطناعي، الذي يُعتبر الطريقة الأكثر فعاليّة من بين تقنيّات المساعدة على الإنجاب، إجراءً شائعاً أكثر في الإمارات العربيّة المتّحدة تحديداً ومنطقة الخليج العربي عموماً بحيث يلجأ المزيد من الأزواج إليه. لكن لا يزال هناك الكثير من المفاهيم والمعلومات الخاطئة حول هذا الموضوع، فضلاً عن الارتباك بشأنه في مجتمعاتنا. فالحديث عن الخصوبة لا يجب أن يرتبط البتّة بالشعور بالذنب أو بإطلاق الأحكام. وتذكّري: أنت وزوجك لستما الوحيدين الذين يعانيان هذه المشكلة! في ما يلي، سنحاول زيادة الوعي حول التلقيح الاصطناعيّ من خلال مناقشة الموضوع مع اختصاصيّتين لنطلعك على كلّ ما تحتاجين إلى معرفته على الصعيدين الطبّي والنفسي. 

Dr. Dalia Khalifé: كلّما كنت على وشك الاستسلام، استجمعي قواك وامضي قدماً. فالمعجزات الصغيرة تحدث كلّ يوم 

الدكتورة داليا خليفة هي أخصائيّة أمراض النساء والولادة مع تخصّص فرعيّ في طبّ الأمراض التناسليّة والعقم. تخرّجت من المركز الطبيّ للجامعة الأميركيّة في بيروت. وبعد انتهاء الزمالة الدراسيّة في العقم، تابعت تدريبها في الحفاظ على الخصوبة وتخصّص الأورام والخصوبة في مستشفى Guy’s and St Thomas في لندن. تتمتّع الدكتورة خليفة بخبرة واسعة في التعامل مع الأشخاص الذين يعانون العقم. هي أيضاً من المدافعين عن صحّة المرأة، وتحاول كسر المحرّمات من خلال مناقشة قضايا الخصوبة عبر صفحتها على إنستغرام لأنّ الكثير من الأشخاص يعانون هذه المشاكل بصمت. أمّا هدفها، فهو الوصول إلى يوم نتحدّث فيه عن الخصوبة من دون إطلاق الأحكام أو الشعور بالذنب!

"إنّ معدّل العقم في الشرق الأوسط هو 15٪ على الأقلّ بحسب ما نشرته منظّمة الصحّة العالمية مؤخّراً، وهذه نسبة أعلى من المعدّل العالميّ"، تحدّد الدكتورة خليفة فيما نسألها عن نسبة العقم في المنطقة. وتشرح لنا قائلة: "يعود السبب في ذلك إلى عوامل متعدّدة، والأهمّ هو أنّ الأزواج ينجبون حالياً الأطفال في وقت متقدّم من حياتهم، ومعظم مرضانا اليوم هم في أواخر الثلاثينات وأوائل الأربعينات، ممّا يفسر العدد المتزايد من الأزواج الذين يكافحون من أجل الحمل. بالإضافة إلى ذلك، فإن معدّلات العقم مرتفعة جداً في المنطقة بسبب بعض خيارات نمط الحياة الذي يعتمده الأزواج كالتدخين ومشاكل الوزن". لكنّها تؤكّد أيضاً أنّ الأزواج أصبحوا أكثر انفتاحاً للعلاج، ويسعون للمساعدة في وقت أبكر من قبل، لكن ما زال لدينا الكثير من العمل من حيث الوعي والدعم". 

المعايير التي تحدّد أنّ الوقت قد حان للجوء إلى التلقيح الاصطناعي
قبل أن نخوض في شرح عمليّة التلقيح الاصطناعي، سألنا الدكتورة خليفة عن الأزواج الذين يجب أن يلجأوا إلى هذا الإجراء، وعن المعايير التي يجب أن يتنبّهوا لها، فتجيبنا بالقول: "نحن ننصح عادةً بالتلقيح الاصطناعي للنساء اللواتي يعانينَ مشاكل كانسداد قناة فالوب أو اضطرابات الإباضة أو انخفاض مخزون المبيض أو بطانة الرحم المهاجرة, أو للرجال الذين يعانون مشاكل كضعف في عدد الحيوانات المنويّة أو ضعف حركتها أو تشوّهات في شكلها. نوصي أيضاً بالتلقيح الاصطناعي للمرضى الذين يعانون عقماً غير مفسّر عندما لا يتمّ العثور على سبب بالرغم من التقييم الشامل. كما يتمّ اللجوء إلى هذا الإجراء كعلاج أساسيّ للنساء فوق سنّ الأربعين".
كما تفسّر لنا أخصّائيّة طبّ الخصوبة والعقم أنّ التلقيح الاصطناعي هو أيضاً معيار الرعاية في حال إصابة الزوجين بخلل وراثي قد ينتقل إلى الأولاد. في هذه الحالة، يُجرى اختبار جينيّ على الجنين قبل الزرع من أجل زرع الجنين السليم. وبالنسبة للتوقيت الأنسب تؤكّد: "ننصح الأزواج عادةً أن يلجأوا إلى استشارة طبيب متخصّص بالخصوبة بعد عام من المحاولة إذا كانت المرأة أصغر من 35 عاماً أو بعد 6 أشهر إذا كانت أكبر من 35 عاماً. أمّا النساء اللواتي تتجاوز أعمارهنّ الـ40 عاماً فيجب أن يطلبنَ المساعدة مباشرةً للحصول على العلاج اللازم".

مؤشّرات نجاح عمليّة التلقيح الاصطناعي
هل هناك أيّ اختبارات يجب القيام بها تشير إلى إمكانيّة نجاح الإجراء؟ تشرح لنا الأخصائيّة قائلة: "هناك تقييم أساسيّ يجب أن يجريه الشخصان اللذان يخضعان للتلقيح الاصطناعي. بالنسبة إلى الرجال، يجب إجراء تحليل بسيط للحيوانات المنوية لتقييم عددها وحركتها وشكلها. أمّا بالنسبة إلى النساء، فيجب تقييم مخزون المبيض من خلال فحص دم AMH أو الهرمون المضاد للمولر بالإضافة إلى تصوير بالأشعة فوق الصوتية لتحديد التوقّعات حول استجابة المبيضين للعلاج. تشمل الإجراءات أيضاً تقييماً للرحم واختباراً هرمونيّاً بسيطاً". فما هي بالتالي فرص نجاح هذه العمليّة؟ تجيبنا الدكتورة خليفة قائلة: "إنّ فرص ولادة طفل سليم نتيجة عمليّة تلقيح اصطناعي تعتمد على عوامل مختلفة بما فيها عمر الأمّ ونوعيّة الأجنّة المنقولة. في حال عدم إجراء اختبار وراثي للأجنّة، تبلغ معدّلات الحمل 40٪ عند النساء ما دون الـ35 سنة، و25٪ للنساء بين 35 و37 سنة و16٪ للنساء بين 38 و40 سنة. في حال أجري الاختبار الوراثي للأجنّة، تصل فرص النجاح إلى 70٪".

تفاصيل عمليّة التلقيح الاصطناعي 
وبالحديث عن العمليّة نفسها، تعبّر الكثير من النساء عن خوفهنّ منها خصوصاً في ظلّ الأفكار السائدة الخاطئة. فكيف تشرحها الطبيبة أكثر لهنّ؟ تجيبنا: "تستغرق عملية التلقيح الاصطناعي 3 أسابيع في حال نقل الأجنّة في الشهر عينه. لكن يمكن تقسيم مراحل التلقيح الاصطناعي إلى أجزاء مختلفة ويمكن أن تستغرق العملية وقتاً أطول. نبدأ عادةً بالحقن الهرمونية اليوميّة في وقت مبكر من الدورة الشهريّة للمريضة للحصول على عدد كبير من البويضات. وعندما تنضج البويضات، يتمّ جمعها (حوالى اليوم 11إلى 13 من الدورة) تحت التخدير وفي إجراء بسيط، ويتمّ تخصيبها بواسطة حيوانات الشريك المنويّة في مختبر علم الأجنّة. بعد 5 أيّام في المختبر، يتمتّع الأزواج بـ3 خيارات بحسب تاريخهم الخاصّ. إمّا نقل الأجنّة في الدورة عينها (نقل جديد)، أو تجميد الأجنّة ونقل واحد أو اثنين منها في دورة تالية، أو فحصها وراثيّاً ونقلها في دورة تالية. في الخيارين الأخيرين، تستغرق العملية 6 أسابيع من تحفيز المبيض إلى نقل الجنين".
ولدى سؤالنا عن الآثار الجانبيّة المحتملة لهذه العمليّة؟ تجيبنا: "هناك آثار جانبيّة لأي عمليّة يخضع لها المرء. لكنّ، المضاعفات بعد علاج التلقيح الاصطناعي ضئيلة ويمكن السيطرة عليها. ومن بين الآثار الجانبية، متلازمة فرط تحفيز المبيض (OHSS) التي بات من الممكن تجنّبها اليوم، والآثار الجانبيّة المتعلّقة بالحقن نفسها مثل الغثيان والقيء والصداع والانتفاخ، بالإضافة إلى بعض المضاعفات الطفيفة المتعلّقة باستخراج البويضات مثل النزيف أو الالتهابات (أقلّ من 0.1٪)".

زيادة فرص الحمل
هل من تدابير يمكن للمرأة أن تتّخذها قبل علاج التلقيح الاصطناعي وفي خلاله وبعده لزيادة فرصها في الحمل؟ تسلّط الطبيبة الضوء على ما يلي: "قبل أن تبدأ رحلة التلقيح الاصطناعي، نوصي المرأة بتحضير جسمها للعلاج من خلال اعتماد نظام غذائيّ صحيّ ومتوازن والبدء بتناول فيتامينات ما قبل الولادة والحفاظ على وزن صحيّ والتوقّف عن التدخين وتقليل استهلاك الكافيين. بالإضافة إلى ذلك، نحن نوصي أيضاً بالحدّ من مستويات التوتّر والقلق قبل مسيرة التلقيح الاصطناعي وأثنائها."

الطريق نحو السعادة
وفي إطار حديثنا معها أفادتنا الدكتورة خليفة أنّها عالجت مؤخراً ثلاث حالات صعبة انتهت بنتائج إيجابيّة: الحالة الأولى هي سيّدة تبلغ من العمر 39 عاماً تعاني العقم منذ 14 عاماً مع الكثير من حالات فشل الزرع المتكرّرة. وتخبرنا: "اكتشفتُ أنّ أنابيبها كانت منتفخة و مليئة بالسوائل وهذا كان السبب الرئيسي لفشلها المتكرّر. اليوم هي حامل بتوأم". أمّا الحالة الثانية هي حالة سيّدة شابّة تبلغ من العمر 34 عاماً ولديها مخزون منخفض جدّاً من البويضات. وتقول: "تمّ جمع بويضة واحدة فقط، واليوم هي حامل بالأسبوع الـ24 تقريباً. وأخيراً، سيّدة تبلغ من العمر 41 عاماً عانت فقدان الجنين المتكرّر بسبب سنّها، هي أيضاً حامل بعد نقل جنين واحد خضع لاختبار جينيّ قبل الزرع."
وفي الختام، تشاركنا أخصائيّة طبّ الخصوبة والعقم رسالة أخيرة عن التلقيح الصناعيّ: "كوني أخصائيّة خصوبة وأتعامل يومياً مع حالات العقم، أنا أدرك أنّ التلقيح الاصطناعي يشكّل تحديّاً عاطفياً ولكنّه قد يكون أيضاً الطريق نحو السعادة من أجلك وأجل عائلتك. لذا ابقي قويّة ولا تستسلمي أبداً. أطلبي الدعم من شخص مرّ في العلاج أو من أحد أفراد العائلة أو الأصدقاء لمساعدتك خلال المطبّات التي ستمرّين بها خلال العلاج. وتذكّري، عندما تكونين على وشك الاستسلام، استجمعي قواك وامضي قدماً. فالمعجزات الصغيرة تحدث كلّ يوم".

وبعد اطّلاعنا على الحقائق والتفاصيل التقنيّة من الدكتورة خليفة حان وقت الخوض في الشقّ النفسي لهذا الإجراء وكيفيّة تخطّيه! 

Dr. Vassiliki N. Simoglou: تتيح مشاركة المشاعر العميقة للأزواج أن يعالجوا المشكلة بمزيد من الوضوح وأن يتقبّلوا وضعهم بشكل أفضل  

الدكتورة Vassiliki N. Simoglou هي أخصائيّة نفسيّة استشاريّة وأخصائيّة عقم مرخّص لها لممارسة علم النفس في دبي وأوروبا. وقد عملت كمعالجة في القطاع الخاص في اليونان وفرنسا لأكثر من 15 عاماً. وهي تقدّم خدمات الاستشارة والدعم النفسيّ والعلاج النفسيّ من خلال مركز Thrive Wellbeing، في دبي.

أثر مشاكل الخصوبة على حياة الشريكين
مشاكل الخصوبة هي من المشاكل التي يمكن أن تواجه الأزواج، فكيف تؤثّر على حياة الشريكين من جميع الجوانب؟ توضح لنا الأخصائيّة النفسيّة قائلة: "إنّ الطريقة التي يتعامل بها الزوج والزوجة مع العبء النفسيّ للعقم تعتمد على معايير مختلفة تتعلّق بكلّ فرد بقدر ما تتعلّق بخصائص الشريكين. فعدم القدرة على الإنجاب عندما يرغب الشخصان في طفل قد يجعلهما يشكّكان في نفسهما وجسدهما وخياراتهما وقيمتهما الذاتية، لكن أيضاً في قيمة علاقتهما طبعاً. ويعترف الأزواج أنّ الرغبة التي لم تتحقّق في الإنجاب غالباً ما تتحوّل إلى هاجس، فيصبح هذا الموضوع كلّ ما يمكنهم التفكير فيه والحديث عنه، ومحطّ اهتمامهم الأوّل والأخير. وهذه التجربة التي يعيشها الثنائيّ، ستجعل الرغبة في الإنجاب تطغى على رغبتهم في أن يكونا معاً، وتصبح عقبة أمام عيش حياتهما معاً بشكل كامل". ثمّ تضيف: "بالإضافة إلى هذه التّحديات، قد يواجه الثنائيّ ضغوطات سياقيّة مثل الحداد، أو تغيّرات في ظروف العمل أو المعيشة، أو صعوبات ماليّة قد تكون أحياناً مرتبطة أيضاً بتكلفة العلاج العالية. كما أنّ الطريقة التي سيختبر بها الثنائي مشكلة العقم تعتمد على وجود أنظمة دعم في محيطهما، مثل العائلة والأصدقاء، ولكن أيضاً على قوّة علاقتهما. وفي الواقع، يمكن للرغبة غير المحقّقة في الإنجاب أن تكون بمثابة اختبار لمهارات التواصل بين المرأة والرجل ولجودة العلاقة التي تجمعهما ولرغبتهما في أن يكونا معاً. وإذا تمكّنا من اجتياز هذا الاختبار، قد تصبح علاقتهما أقوى من أيّ وقت مضى".

حان الوقت لجلسات العلاج الزوجي
ما هي المعايير التي يجب أن يأخذها الثنائيّ بعين الاعتبار ليعرف أنّ الوقت قد حان للجوء إلى العلاج الزوجي؟ تخبرنا الأخصائيّة النفسيّة الاستشاريّة قائلة: "يلجأ أغلبيّة الأزواج إلى العلاج الزوجيّ كملاذ أخير، قبل التفكير في الانفصال أو حتّى الشروع في إجراءات الطلاق. يأتون إلينا عندما يجرّبون كلّ شيء آخر ويفشلون، وعندما يشعران أنّه لم يعد بالإمكان إصلاح الضرر الذي لحق بالعلاقة، وعندما يصبحان بعيدين عن بعضهم البعض أكثر من أيّ وقت مضى. وبالرغم من أهميّة اللجوء إلى العلاج الزوجي عندما يصل الثنائيّ إلى هذا الوضع الحرج، قد يكون العلاج مفيداً أكثر عندما تكون العلاقة ما زالت قويّة، فيمكن معالجة المشاكل بطريقة أكثر استباقيّة". وتلخّص أخصائيّة العقم المؤشّرات التي قد تدلّ على ضرورة اللجوء إلى العلاج الزوجي بالتالي:"يمكن أن تتضمّن الصعوبات في التواصل والصدمات التي تعرّض لها كلّ فرد على حدة أو معاً والتي تؤثّر على جودة العلاقة، ومشاكل العمل التي تبعد الشريكين عن بعضهما البعض، والعقم أو المشاكل المتعلّقة بالأبوّة وغيرها...".
التعامل مع العقم معاً
كيف يؤثّر العقم على نفسيّة المرأة والرجل وصحّتهما النفسيّة. تجيبنا الأخصائيّة مسلّطة الضوء على ما يلي: "يترافق العقم دائماً مع مشاعر القلق وخيبة الأمل والإحباط، والاكتئاب في أغلب الأحيان. حيث يعاني الرجال والنساء الشعور بالذنب لعدم قدرتهم على منح الشريك أو العائلة أطفالاً، والشعور بالعار من أجسادهم التي لا تؤدّي وظيفتها الطبيعيّة المفترضة. كما أنّ الشعور بعدم الكفاءة والقصور فيما يتعلّق بالجسد، أو التشكيك في النفس أو حتّى الاستخفاف بالنفس والتهجّم على الإحساس الداخلي بالأنوثة والذكورة، إنّها بعض الأحاسيس الأكثر تجذّراً والتي غالباً ما ترتبط بالعقم".

كيف يُنصح الأزواج بأن يتعاملوا معاً مع هذه المشاكل سواء على المستوى النفسيّ أو السلوكيّ؟ تشرح لنا الدكتورة Vassiliki: "من المهمّ جداً أن يأخذ الأزواج الوقت للتعبير عن مشاعرهم القويّة التي تتسبّب بها مشلكة العقم التي يواجهونها. فتتيح لهم مشاركة المشاعر العميقة أن يعالجوا المشكلة بمزيد من الوضوح وأن يتقبّلوا وضعهم بشكل أفضل. وهكذا، يتجنّبون الوقوع في حالة الإنكار أو الاتّهامات الذاتية ممّا قد يؤدي إلى تفاقمها. قد تثبت استشارات الخصوبة أنّها فعلاً مهمّة، فالأزواج لا يتشاركون عادةً أفكارهم العميقة مع بعضهم البعض. ومع معالج متخصّص في الخصوبة، يمكن مساعدة الأفراد للتكيّف مع وضعهم والنظر في الخيارات المتاحة لهم للعلاج، مع اتّخاذ موقف من التفاؤل الواقعيّ. فغالباً ما أنصح الثنائي مثلاً ببذل جهد فعليّ للعودة والتواصل مع ما جمعهما معاً في المقام الأوّل، بدلاً من التركيز فقط على مشروع الإنجاب وإهمال بعضهما البعض."

الآثار النفسيّة للحمل من خلال التلقيح الاصطناعي
كيف يمكن وصف الحالة النفسيّة للمرأة التي تفكّر في الخضوع لعمليّة تلقيح اصطناعي؟ تفسّراختصاصيّة العقم بالآتي: "أصبحت تقنيات المساعدة على الإنجاب أكثر تطوّراً في يومنا هذا؛ كما أنّ معدّلات النجاح المتزايدة باستمرار قد أعادت الأمل إلى النساء والأزواج الذين يعانون العقم. ومع ذلك، إنّ التفكير في التلقيح الاصطناعي أو الخضوع للعملية يمكن أن يكون قراراً يحمل آثاراً نفسيّة هائلة على المرأة والأزواج. فيمتزج الأمل في النجاح بالحمل والإنجاب الذي ترغب فيه كثيراً مع المخاوف والقلق بشأن الإجراء بحدّ ذاته والأدوية والحقن التي تترافق مع العمليّة والمعاينة الجسديّة والتحقيقات الطبيّة التي تؤثّر على جسم المرأة في أقصى درجات الحميميّة. كما أنّ محاولات التلقيح الاصطناعي الفاشلة السابقة أو تاريخ من حالات فقدان الجنين، تشكّل تحديات إضافية وكبيرة تزيد تجربة العقم تعقيداً لدى المرأة. ومن جميع النواحي، يُعتبر التلقيح الاصطناعي مليئاً بالتقلبّات العاطفية الحادّة التي تتراوح بين الأمل تارةً واليأس طوراً، ممّا يدفع كلّ شريك إلى حدود قدراته على التعامل مع الإجهاد والصدمة".

السيطرة على مستويات التوتر
هل للحمل من خلال التلقيح الاصطناعي أيّ آثار نفسيّة مختلفة عن الحمل بشكل طبيعيّ؟ هل لاحظت الأخصائيّة أيّ آثار نفسية لهذه الإجراءات على الأزواج؟ توضّح بالقول: "تُعتبر حالات الحمل من خلال التلقيح الاصطناعي عادةً عالية المخاطر، بالرغم من أنّ بعضها قد يكون غير معقّد على الإطلاق. ونظراً لأنّ العمليّة قد نجحت بعد جهد كبير والكثير من التدخلات الطبيّة، يعتبرها الشريكان قيّمة جداً وقد تترافق مع مستويات عالية من التوتر والقلق. ولا شكّ في أنّ حالات الحمل من خلال التلقيح الاصطناعي تتطلّب المزيد من المتابعة المتكرّرة خلال الأشهر الثلاثة الأولى كما يتمّ التدخّل طبيّاً فيها بشكل أكبر خلال تلك المرحلة. لكن كلّما تقدّم الحمل، كلّما تشابه التعامل معه مع الحمل الطبيعيّ". فما هي النصيحة للمرأة من أجل السيطرة على مستوى توترها قبل هذا الإجراء وأثنائه؟ تجيبنا الدكتورة Vassiliki قائلة: "من المهمّ جداً السيطرة على مستويات التوتر أثناء التحضير للإجراءات، وبالطبع أثناء المرور بها. ومن المهمّ المحفاظة على نمط حياة صحيّ مع اتّباع نظام غذائيّ صحيّ أيضاً وروتين رياضيّ، كما يجب أيضاً أن تضع المرأة استراتيجيّات وأنشطة تسمح لها بالتحكّم بالتوتر أكثر والتخلّص منه، مثل التأمّل واسترخاء العضلات التدريجيّ والتنفّس العميق والمشي لمسافات طويلة وممارسة هواياتها وغيرها من الممارسات التي يجب أن تعتمدها بانتظام أو يوميّاً حتّى". وهنا يأتي دور الزوج البالغ الأهميّة: "إذ أنّ المشاركة في مثل هذه الأنشطة معاً كشريكين، يمكن أن يزيد من التحفيز. وعلى المستوى العاطفيّ والنفسيّ، إنّ الانفتاح على مناقشة القلق والمخاوف حول العمليّة، ستساعد الشخص على التعامل مع تحدّياته بشكل أفضل".

اقرئي أيضاً: 

العلامات: الخصوبة

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث