رحلة إلى الشفاء مع الدكتورة صالحة أفريدي

التعافي من آثار التعرّض للعنف المنزلي: رحلة إلى الشفاء مع الدكتورة صالحة أفريدي الأخصائيّة في علم النفس الإكلينيكي والمؤسس الشريك ومدير عام مركز لايت هاوس آرابيا للصحة النفسية!

ليس العنف المنزلي مجرّد فعل جسديّ، بل هو مزيج معقّد من السلطة والسيطرة والقمع. يترتّب على هذا العنف عواقب دائمة قد تؤثّر على صحة الفرد العاطفيّة والنفسيّة وحتى الجسديّة. وليس الطريق نحو التعافي والشفاء سهلاً على الإطلاق، لكن بواسطة الأدوات المناسبة والدعم والصمود، يمكن للنساء الناجيات إعادة بناء حياتهنّ وتمكين أنفسهنّ واستعادة الشعور بالأمان. إليك في ما يلي بعض الخطوات التي يمكن أن تساعد المرأة في هذه الرحلة المهمّة:

إقرئي أيضاً: 5 طرق لدعم شخص يعاني من مشاكل صحية 

1. الاعتراف بالصدمة: يشكّل الاعتراف بأنك تعرّضت لحدث أو أحداث صادمة أساس عمليّة الشفاء. وقد يؤدّي إنكار المشاعر أو قمعها إلى تأخير التعافي من الجروح العاطفيّة. وتُعتبر مشاعر الغضب أو الحزن أو الذنب أو العار استجابات طبيعيّة للصدمة. كما يمكن أن يكون العمل مع مختصّ بالصحة النفسيّة لمعالجة الصدمات أمراً ضروريّاً جدّاً لتزويد الناجيات بآليات واستراتيجيات التكيّف لاستيعاب التجارب التي اختبرتها. بالإضافة إلى ذلك، توفّر المشاركة في مجموعات الدعم ملجأً حيث يمكن للناجيات التفاعل مع الآخريات ممّا يسهّل عملية الشفاء.

2. استعادة السلامة الجسديّة: مباشرةً بعد التعرّض للعنف المنزلي، يجب أن تأتي السلامة الجسديّة في المقام الأوّل. قد يعني ذلك الانتقال إلى مدينة جديدة للابتعاد عن المعتدي أو الذهاب إلى مراكز الإواء المخصّصة أو الاعتماد على الأصدقاء وأفراد الأسرة الموثوقين. وبعيداً عن التهديد المباشر، فإنّ استعادة السلامة الجسديّة تتضمّن وضع حدود شخصيّة صارمة. ويشمل ذلك التعرّف على الديناميكيات الضارّة المحتملة والابتعاد عن البيئات الخطرة والاعتراف بقوة الرقض وقول "لا" بحزم. كما يجب وضع خطة طوارئ مع جهات الاتصال الرئيسة واستراتيجيات الهروب لضمان أن تكون الناجية على استعداد في حال عاد الخطر وظهر مرة أخرى.

3. تثقيف الذات: غالباً ما يأتي التمكين من المعرفة. فعندما تفهمين الديناميكيات الخادعة المستخدمة في العنف المنزلي ستزوّدك هذه المعرفة بالأدوات اللازمة للتعرف على سوء المعاملة ومعالجتها. ومن خلال التعرّف على الطبيعة الدورية لسوء المعاملة وعلاماتها الخفيّة، بالإضافة إلى معرفة الحقوق القانونيّة، يمكن للناجيات اللواتي كنّ أهدافاً ضعيفة أن يصبحنَ مدافعات حذرات. وعلى نطاق أوسع، يساعد هذا التدريب على كسر الحلقة المفرغة وزيادة الوعي المجتمعيّ ودعم عن الآخريات.

إقرئي أيضاً: 5 استراتيّجيات علاجيّة للتعامل مع التفكير المفرط مع الدكتورة صالحة أفريدي

4. الحفاظ على التواصل: غالباً ما تكون روابطنا مع أحبائنا أقوى وسائل الدعم لدينا. ومن خلال تنمية العلاقات مع أفراد الأسرة والأصدقاء الموثوقين، تخلق الناجيات بيئة حاضنة لهنّ. فلا توفّر هذه الروابط الدعم العاطفي والفهم والتأكيد فحسب، بل تعمل أيضاً كعيون ساهرة وآذان صاغية تحمينا من التهديدات المحتملة. وقد يشعر المرء بالوحدة في الطريق نحو الشفاء من الصدمة، لكن عندما نتذكّر أنّنا لا نسير فيه بمفردنا قد يحدث ذلك فرقاً كبيراً.

5. الرعاية الذاتية اليوميّة: تطال آثار صدمة العنف المنزلي كلّ جوانب حياة الناجية. ولا تشكّل الرعاية الذاتية الواعية واليوميّة مجرّد خطوة علاجيّة، بل هي بمثابة نهج استباقي نحو استعادة هويّة الفرد وتعزيز القدرة على الصمود. ويمكن أن تكون النشاطات مثل القراءة أو التأمّل أو ممارسة التمارين الرياضية أو أي شكل من أشكال التعبير الإبداعيّ الأخرى خيارات علاجيّة مناسبة. فيخلق دمج هذه الممارسات في الروتين اليوميّ إيقاعاً لعمليّة الشفاء، ممّا يضمن أن الناجية توجّه رحلتها يوماً بعد يوم بشكل فعّال نحو التعافي واستعادة هويّتها.

إثر تجربة العنف المنزلي، غالباً ما تعاني الناجيات من جروح عاطفية عميقة، ولكن من المهمّ أن نتذكّر دائماً أنّ هذه الندوب هي أيضاً دليل على قوّتهنّ وصمودهنّ. قد يكون الطريق إلى الشفاء مليئاً بالتحديات لكنّه يقدّم أيضاً فرصاً لإعادة اكتشاف الذات والتجديد والنموّ الشخصيّ. ومع التغلب على كلّ تحدّي، لا تسترجع الناجيات جزءاً من أنفسهنّ فحسب، بل يضعنَ أيضاً حجر الأساس لمستقبل أفضل ولمصير يحدّدنه بأنفسهنّ. ومهما كانت هذه الرحلة شاقّة، فهي تبقى رحلة تحويليّة. وفيما تمضي الناجيات قدماً، يروينَ قصّة لا تحدّدها صدمات الماضي لا بل روح الصمود والأمل.

العلامات: الصحة النفسية

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث