كيف تستغلّين رأسمالك الأثمن: الوقت؟!

التصوير: Cody Ryan
الإدارة الفنيّة: Farah Kreidieh

"لديّ الكثير لأقوم به، إلّا أنّه ليس لديّ الوقت الكافي لإتمامه.... الأربع وعشرون ساعة لا تكفيني..." كم مرّة نُردّد هذه العبارة أونسمعها ممّن حولنا؟ يُقال إنّ الوقت كالمال، غير أنّنا نرى أنّه أهمّ من المال. بل هو المورد الأغلى! فإذا ضاع المال يُمكن استرجاعه، أمّا كلّ دقيقة تَمضي فلا تعود ولا يمكن استبدالها بأيّ شي. لكلٍّ منّا مفهومها للوقت وطريقتها الأنسب في استغلاله بحسب انشغالاتها اليوميّة. إلاّ أنّ العبرة تكمُن في التنظيم، فمعيار نجاح الفرد يكمُن في استثمار وقته بالطريقة الفضلى. ولأنّنا نثق بنسائنا السعوديّات الرائدات وبما أنّ نجاحهنّ هو دليل على جدارتهنّ في استخدام الوقت، قمنا بإمضاء يوم كامل مع هالة الحمراني المدرّبة الأنثى السعوديّة الأولى في الملاكمة ومريم مصلي سيّدة الأعمال ومؤسِّسة شركة Niche Arabia للاستشارات في مجال الرفاهيّة للتعرّف على مفهومهما للوقت، وكيفيّة تطوّره مع ازدياد مسؤوليّاتهما العائليّة والعمليّة. فانضمّي إلينا في ما يلي لتكتشفي المزيد عن هاتين السيّدتين المتميّزتين كلّ في مجالها ولتطّلعي على كيفيّة استغلالهما له.

Halah Al Hamrani: للوقت دور هامّ في حياة المرء، خاصّة إذا ما يتوق للنجاح والتميّز

بدأ شغفها بالفنون القتاليّة عندما كانت طفلة، وسرعان ما تجلّى للعالم أجمع عندما أصبحت المدرّبة الأنثى السعوديّة الأولى في الملاكمة. وقد أنشأت هالة الحمراني نادي Flagboxing وهو الأوّل من نوعه بتوفير تمارين في الفنون القتاليّة والملاكمة للنساء في جدّة. كذلك، هي شريكة في “Back to basics”، وهو عبارة عن نادٍ أو مخيّم لتمارين الباركور البهلوانيّة. فأمضينا يوماً في حياة هذه المرأة السعوديّة لنكتشف كيف تنجح في الاستفادة من وقتها بأفضل طريقة ممكنة. ونظراً لأنّها تربيّ طفلاً فيما تتولّى إدارة ناديَين، سألناها عن نظرتها للوقت وكيفيّة تطوّرها في ظلّ هذه المسؤوليّات الإضافيّة التي تتولاّها إلى جانب خطَطِها المستقبليّة، فضلاً عن المهل الزمنيّة التي وضعتها لإنجازها.

لقد حزتِ حزاماً أسود في رياضة الفنون القتاليّة اليابانيّة الجوجوتسو في سنّ الـ16. فكيف وُلد شغفك لهذا النوع من الرياضة، الذي ليس شائعاً جدّاً عند الفتيات؟

بدأ شغفي بالفنون القتاليّة في سنّ الـ12. فتعرّفتُ على الكاراتيه حين كنت في المدرسة، ومن حينذاك استهلّيتُ تماريني في كلّ أنواع فنون القتال، كالـهابكيدو والتايكوندو ثمّ الجوجوتسو. ولطالما انجذبتُ إلى الرياضات، نظراً لأنّني كنت أعاني اضطراب نقص الانتباه في المدرسة، ودائماً ما كنتُ أشعر أنّه بما أنّ النجاح الذي لن أحقّقه في الصف، قد أتمّكن من أن أحقّقه بينما أبرع في الرياضة. فتمسّكتُ بشدّة بهذه الرياضات، خصوصاً أنّني أتمتّع بشخصيّة تنافسيّة تنعكس بصورة واضحة في مجال الرياضة.

والدك سعوديّ ووالدتك أمريكيّة، فكيف أثّر ذلك على حياتك المبكرة وملامحَ شخصيّتك وأهدافك وخياراتك المهنيّة؟

نظراً لأنّ والديّ من جنسيّتين مختلفتين، ساعد هذا الأمر والدتي في تعريفنا على أنشطة خارجة عن المناهج الدراسيّة الأمر الذي ساهم كثيراً في تربيتنا. وإن لم يحصل ذلك في السعوديّة، فكنَا نتعرّف على هذا النوع من الأنشطة حينما كنّا نذهب إلى الولايات المتّحدة ونزور عائلتها. فكنت أتابع صفوف الجمباز والرقص، التي شكّلت جزءاً كبيراً من حياتي خلال نشأتي. وبما أنّ والدي كان يملك إسطبلاً في المملكة المتّحدة، كنت أركب الخيل لفترة طويلة من حياتي، ابتداءً من سنّ السادسة وصاعداً. فساهمت الرحلات التي كانت تأخذ مكانةً خاصّة في عائلتي بمساعدتي على ممارسة تلك الهوايات والنشاطات، فضلاً عن إيمان والديّ بأنّ الأنشطة الخارجة عن المناهج هامّة.

كونكِ امرأة سعوديّة لديها الجنسيّة الأمريكيّة، ما هي الصور النمطيّة للمرأة السعوديّة المنطبعة لدى الأمريكيّين والتي تودّين تغييرها؟

نظراً لتواجدي في الجامعة في الولايات المتّحدة وفي كليْ العالمين، لاحظت أنّه ثمّة تنميط ملحوظ للمرأة السعوديّة. فلم يعي أحد أنّه يمكن للمرأة السعوديّة أن تكون منفتحة ذهنيّاً أو على استعداد لتجربة أمور جديدة. إذ يظنّ الأمريكيّون أنّنا غير قادرات على تولّي أمور حياتنا بأنفسنا. لكن لا ريب في أنّ هذا التصوير الغربيّ للمرأة السعوديّة يتبدّل في أيّامنا هذه، نظراً لأنّ البلاد تعزّز من تمكين المرأة، وبالتالي تحدث تغييرات لصالح النساء. كذلك، تسمح المملكة للعالم الغربيّ بالاطّلاع على ما يجري في البلاد، لذا يحصل الناس على صورة أكثر صحّةً عن ماهيّة النساء السعوديّات أو ما يمكنهنَّ أن يصبحنَه.

إلى جانب شغفك الخاصّ بالفنون القتاليّة، أسّستِ Flagboxing وهو نادي الفنون القتاليّة والملاكمة الأوّل والوحيد للنساء في المملكة العربيّة السعوديّة، والذي تدرّبون فيه أكثر من 120 امرأةً في الفنون القتاليّة والدفاع عن النفس والملاكمة والتمارين متعدّدة الوظائف. كذلك، إنّك معروفة بجدول أعمالك المزدحم. فما هو سرّك في تنظيم وقتك وتحديد أولويّاتك؟

لطالما كنت بارعة في إدارة وقتي، وأدين بهذا الأمر إلى والدي، الذي عوّدنا دائماً أن نكون جاهزين قبل حلول الموعد المحدّد. لذلك، فور استيقاظي في الصباح، أضع قائمة للمهام التي يتوجّب عليّ القيام بها وأقدّر كم سيستغرقني الانتقال من المهمّة الأولى إلى المهمة الثانية. فأحاول أن أخمّن كم من الوقت سيستغرق هذا الاجتماع أو الصفّ. ويتطلّب الأمر مهارة تنظيميّة، فالقدرة على إدارة جدول أعمال صحيح على مداراليوم مُناط بمدى قدرتك على التنظيم. وأحاول أن أكون منظّمة قدر المستطاع، لأنّني أسعى لإنجاز الكثير من المهام في يوم واحد فيما أهتمّ بدوام ابني المدرسيّ وأدير حياتي بصورة عامّة. إنّني أقوم بعدّة مهام في آن واحد، والحمد لله أنّني لطالما نجحت في فعل ذلك.

كيف تنظرين إلى الوقت؟ وكيف تبدّلت هذه النظرة أو تبلورت في خلال مسيرتك المهنيّة وفي ظلّ التحديات التي واجهتها على مدار السنوات العشرين الماضية؟

بغية إدارة عمل بشكل ناجح أو لبلوغ النجاح في حياتك، عليك أن تكوني منظّمة، ويتطلّب ذلك معرفة في كيفيّة إدارة وقتك. لذلك، يضطلع الوقت بدور مهمّ في حياتك، خصوصاً إن كنت تنوين أن تصبحي ناجحة. والجانب الأهمّ من الوقت يكمن في البحث عن طرق لتوظيفه الصحيح بهدف تحقيق أهدافك. وبات الوقت يمثّل الوجه الأكثر أهميّة في مسيرتي اليوم، خصوصاً أنّني اضطررت إلى تركيز الأمور حين أنشأت شركتي. فلست مالكة Flagboxing فحسب، إنّما أيضاً شريكة في Back to basics وهو عبارة عن نادٍ أو مخيّم لتمارين الوثابة البهلوانيّة. وحين أضفت مسؤوليّات جديدة على حياتي، لا سيّما تربية طفلي وإدارة ناديين، كان الوقت العامل الأهمّ في حياتي، فكان من الضروريّ إذاً أن أديره وأوظّفه بالطريقة الصحيحة.

ما هو أكثر ما تحبّين حول عملك، وتعتقدين أنّه لن يتغيّر مع مرور الوقت؟

أكثر ما أحبّه هو رؤية النساء والفتيات يتقدّمنَ وتمكّني من أن أكون جزءاً من هذا التقدّم والمساهمة فيه. ويشكّل تعليمهنَّ كيفيّة التقدّم قسماً كبيراً من سعادتي. وأظنّ أنّه أمر لن يتغيّر بالنسبة إليّ، خصوصاً أنّه دائماً ما نتعامل مع متدرّبات. وعلماً أنّه ما من أحد كامل سيُتقنَ بالكامل مهاراته، إلّا أن قدرة النّساء على تحقيق النجاح وإحراز التقدّم والحفاظ على الحبّ والشغف للنشاط هوالجزء الأفضل من يومي.

نعيش في عصر نسابق فيه الوقت، خصوصاً إذا ما تحلّينا بطموحات كبيرة. فما هي خططك المستقبليّة، وما هي المهل التي حدّدتها لإنجازها، وكيف تسعين لتحقيق ذلك؟

جزء من خططي المستقبليّة يقضي بإدارة برنامج كامل للدفاع عن النفس للمراهقين بصورة خاصّة، وبإدراجه ضمن المناهج في المدرسة والثانويّات، وكذلك للنساء على حدّ سواء. أريد القيام بذلك في خلال السنة المقبلة أو في مهلة تُقارب السنة والنصف أو ربّما السنتين. وأودّ أن أفتح فروع لـ Flagboxingفي كافّة أرجاء السعوديّة، ومن ثمّ في الشرق الأوسط. لكنّني مؤمنة بأنّ الأمور تحصل عندما يكون مقدّراً لها. وصحيح أنّني دائماً ما أسعى لتحقيقها والنضال من أجلها ولا أكفّ عن محاولة تطوير عملي وتوسيعه ليخرّج نساء مقاتلات. إلّا أنّه بحكم عيْشي في المملكة العربيّة السعوديّة، كان لا بدّ منّي أن أغيّر نظرتي لمفهوم الوقت، لأنّ الأمور دائماً ما كانت تجري بوتيرة أكثر بطءاً، نظراً لطبيعة تاريخ البلاد في مجال الرياضة، لذلك إذا ما ظننتُ أنّه سيتطلّب منّي تغيير أمور ما سنةً، أعطي نفسي سنة إضافيّة، آخذةً بالاعتبار ما قد أواجهه من تحدّيات.

كيف تساهمين كامرأة سعوديّة في تحقيق رؤية 2030 وجعل السعوديّة مثالاً يُحتذى به على جميع الأصعدة؟ وإن سنحت لك الفرصة للسفر عبر الزمن إلى العام 2030، ما هو الأمر الوحيد الذي تتمنّين أن تريه مختلفاً في حياة المرأة السعوديّة؟

مع رؤية 2030، أعتقد أنّ ما أقوم به هو التشجيع على ممارسة تمارين بدنيّة وإخفاض معدّل البدانة. لذا، إذا ما سافرت عبر الزمن إلى العام 2030، أوّد رؤية ما فعلته السعوديّة للنساء حيال هذه المسألة. وأتمنّى أن أجد عدداً أكبر من الرياضيّات وانخفاض ملحوظ لنسبة الأشخاص الذين يعانون مرض السكري والبدانة. وأظنّ أنّ هذا ما أقدّمه لمجتمعي ولبلدي، في حين أعرّفهم على رياضة لم تكن متوفّرة لهم في السابق، وأرجو أن أوسّع عملي أكثر ليطال عدداً أكبر من الإناث من حول البلاد لتنتشرالرياضة بدورها.

الفنون القتاليّة ليست بالأمر الشائع بين النساء في منطقتنا، خصوصاً أنّ بعض الأشخاص ينسبونها إلى العنف. فكيف يساعد هذا النوع من الرياضة النساء، وماذا تقولين لهنَّ لتشجيعهنَّ على ممارستها، نظراً لرغبتك في تدريبهنَّ لتتمكّني من إرسال فريق من النساء السعوديّات للمشاركة في الألعاب الأولمبيّة؟

في الكثير من الأحيان، تتقرّب منّي النساء أو يتوجّهنَ إلى النادي الخاصّ بي لأخذ صفوف في الفنون القتاليّة أو الملاكمة أو ملاكمة الرفس، وذلك لدوافع مرتبطة باللياقة البدنيّة أو الدفاع عن النفس. وما أقوله لهنَّ هو أنّ هذه الرياضة بالتحديد لا تشبه ما يتعلّمنَه في الدفاع عن النفس، لكنّها تساعدهنّ على تقوية الذهن والجسم. فستجعلك تشعرين بثقة أكبر، وهذا أمر أراه بانتظام لدى الفتيات اللواتي يأتينَ إلى Flagboxing. وسيمدّهنّ ذلك بالقوّة، وأرى أنّ هذا الأمر غاية في الضرورة للنساء ليس في السعوديّة فحسب، إنّما من كافّة أنحاء العالم، ليشعرنَ بالتمكين.

"قاتلي كالفتيات"، ما هي القصّة وراء هذا الشعار وما علاقته بالمعنى الحقيقيّ للتمكين؟

خطر لي هذا الشعار عندما كنت أحاول تسمية حسابي على الإنستجرام أو النادي الخاصّ بي. وفكّرتُ فيه في غضون 5 دقائق فحسب. فبالنسبة إليّ، ما أرغب في تعليمه للنساء، لا سيّما السعوديّات، هو أن يتحلّينَ بقوّة ذهنيّة وبدنيّة في الوقت عينه، إذ نؤمن بذلك وفي الكثير من الأحيان صُوِّرت النساء من مختلف أنحاء العالم على أنّهنَ ضعيفات بشكل عامّ أو أقلّه أكثر ضعفاً من الرجال. لذا، أن تقولي لنفسك "قاتلي كالفتيات" ليس بالأمر السيء أو ذا دلالة سلبيّة. فيجب علينا أن نأخذه من الناحية الإيجابيّة وليس السلبيّة.

إنّك رائدة في منطقة الخليج في مجالك، وبالتالي أصبحت مثالاً أعلى يحتذي به النساء السعوديّات. فبماذا تنصحين السيّدات اللواتي يرغبن في تحقيق قصّة نجاحهنّ الخاصّة؟

بالنسبة إليّ، أرى أنّ شغفي الكبير بتحقيق النجاح وإيماني بما أقوم به كانا أمرين ضرورييّن لبلوغ أهدافي وللوصول إلى ما أنا عليه اليوم، لا سيّما في النجاح الذي حقّقته مع Flagboxing. ومن الصعب جدّاً أن تحاولي بلوغ النجاح إن لم تكوني شغوفة بما تقومين به. لذا، هذا الأمر غاية في الأهميّة بالنسبة إليّ وأوصي النساء بمحاولة إيجاد ما يشغفنَ به والعمل جاهدات وعدم القبول بالرفض كجواب. وأنصحهنّ بمحاولة إيجاد أساليب لمعالجة وضعهنَّ إن يؤمنَّ حقّاً بشغفهنّ ويعلمنَ أنّهنَ لا يفعلنَ أيّ شيء بطريقة خاطئة وأنّ ما يقمنَ به سيأتي بالمنفعة لبلدهنَّ وشعبهنَّ ومجتمعهنَّ. وعليهنَّ المناضلة من أجله والسعي وراءه، فبهذه الطريقة لا يمكن لأحد ردعهنَّ.

Marriam Mossalli: الوقت أثمن ما أملك، غير أنّني أحرص على استغلاله بحكمة!

من مهنتها كصحفيّة في مجال الموضة، إلى مكانتها كسيّدة أعمال ووصولاً إلى دورها كمؤسِّسة شركة Niche Arabia للاستشارات في مجال الرفاهيّة وكذلك كمدوّنة Shoes and Drama، دائماً ما حرصت مريم مصلي في خلال عملها على ملء الجوانب الناقصة في المحتوى في مجالات مختلفة. حتّى أنّها خصّصت حياتها المهنيّة بأكملها لملء كلّ الفراغات الموجودة في مجالات تخصّصها على مدى السنوات القليلة الماضية. واليوم، في ظلّ التغيّيرات والإصلاحات الاجتماعيّة الكثيرة التي تشهدها المملكة العربيّة السعوديّة، ها إنّها تواصل مهمّتها وتملأ فراغاً جديداً! وبعد أن أمضينا يوماً كاملاً مع هذه المرأة السعوديّة المذهلة أثناء عملها مع فريقها من السيّدات على مهرجان MDL Beast الموسيقيّ في الرياض، أخبرتنا كيف تتمكّن من الاستفادة من وقتها بأقصى قدر ممكن. تابعينا إذاً في هذه المقابلة لاكتشاف كلّ ما عليكِ معرفته حول هذه المرأة القدوة وعن مفهومها للوقت وخططها المستقبليّة!

أخبرتنا ذات مرّة أنّ مهنتك تدور برمّتها حول ملء الفراغ، أيّ فراغ تسعين إلى ملئه اليوم؟

أعتقد أنّ سدّ الثغرات في أيّ سوق يُعتبر بالفعل نهج ريادة أعمال. واليوم، تمثّل الأجيال الشابّة جوهر السعوديّة، بحيث تسعى المملكة إلى تلبية احتياجاتهم وتأمين كلّ ما يروق لهم، لا سيّما في مجال الترفيه أو الموسيقى. كذلك، ترمي إلى توفير منصّة لهم ليستعرضوا مواهبهم. ولهذا السبب، تحوّلت شركة Niche Arabia من خلال المشاريع التي نأخذها على عاتقنا أكثر نحو المجالات التي تهمّ الأجيال الشابّة.

عملت في الشهر الماضي مع فريقك على مهرجان MDL Beast الموسيقيّ في الرياض. ماذا يمكنكِ أن تخبرينا عن هذه التجربة وكيف تشعرين اليوم مع كلّ هذه التغييرات والإصلاحات الاجتماعيّة التي تحدث في المملكة العربيّة السعوديّة؟

في الحقيقة أشعر بالتعب، إذ لم أنَم منذ أيّام والأمر ينطبق على فريقي أيضاً! غير أنّنا متحمّسون جدّاً ويُشرّفنا أن نكون قادرين على العمل إلى جانب الكثير من السعوديّين المتحمّسين لتحقيق هذا الحدث. والواقع أنّ هذه الفعاليّة تطلّبت مجهوداً جماعيّاً استثنائيّاً من نخبة من المواهب السعوديّة التي تعاضدت، فأنشأت هذا المهرجان الموسيقيّ الأضخم في العالم! وبصفتي سيّدة سعوديّة تعيش في المملكة، إنّه لأمر رائع أن أشهد هذه التغييرات بأمّ العين إلى جانب غيري من المواطنات السعوديّات. فهذه ليست بلَفتات رمزيّة من حكومتنا، وكذلك ليست بروباغندا؛ إنّما هي تحوّلات نابعة من قلب السعوديّة بحقّ. ومن المذهل أنّ هذه المواهب التي تصعد إلى الأضواء اليوم تتضافر وتحارب الصور النمطيّة السلبيّة التي عكستها وسائل الإعلام من حول العالم على مرّ السنين.

ماذا يمكنكِ أن تخبرينا حول فريقكِ من السيّدات السعوديّات اللّواتي عملنَ معك على هذا المهرجان بكافّة جوانبه؟

#NicheGirls فريق من النساء الملتزمات والمنضبطات اللّواتي يتحلَّينَ بالطموح والشغف. هؤلاء السيّدات يُمثّلن جوهر Niche Arabia. فبفضل التزامهنَّ الثابت بمعاييرنا، وصلت شركتنا إلى ما هي عليه اليوم. وتفصيلاً، كان لدينا فريق يعمل على قسم البيع بالتجزئة الذي استعرض علامات streetwearالسعوديّة، وفريق آخر يتعامل مع المؤثّرات المحليّيات والإقليميّيات، وكذلك فريق يتعامل مع الشخصيّات المهمّة. لذا، بالفعل تواجدت أسرة Niche في كلّ مكان دعماً للشركات الزميلة، التي قدّمت لنا الدعم بدورها وبالقدر نفسه.

منذ سنوات وأنت تُسهمين بتغيير مشهد سوق الموضة في دول الخليج العربيّ. أيّ حقبة من عالم الأزياء تستلهيمن منها أكثر من غيرها؟

أُحبُّ زمن الأربعينات كثيراً. ولو تسنّى لي أن أولد من جديد، سأختار أن أكون باريسيّة وأن أعيش في فترة ولادة القصّة الجديدة على يد Christian Dior. فأكثر ما أحببته في فكرته التي لا سابق لها، أنّه غيّر طريقة ارتداء النساء للملابس بصورة جذريّة. كذلك، قدّمت Coco Chanel في فترة الحرب القميص الرياضيّ للنساء وسمحت لهنَّ بارتداء القطع المريحة ذات الطابع "الذكوريّ" في ذاك الوقت. لكلّ هذه الأسباب، أعتقد أنّ الأربعينات كانت فعلاً فترة محوريّة في عالم الأزياء.

أخبرتنا سابقاً أنّ المملكة العربيّة السعوديّة تحتاج إلى الاستثمار في بنى الموضة التحتيّة بأكملها لتصبح عاصمة للأزياء. فهل تعتقدين اليوم مع كلّ التطور الحاصل فيها، أنّنا على وشك تحقيق هذا الأمر؟

إنّنا نقترب من تلك المرحلة حتماً. فمنذ شهرين، استقدمت شركة Niche Arabia عارضات من المملكة المتّحدة من أجل عرض أقامته Burberry. وفي الشهر الماضي، كرّرنا السيناريو نفسه مع Dior واستقدمنا العارضات من فرنسا. والحقيقة أنّ عملية حصولنا على تأشيرات الدخول في اليوم نفسه ساعدتنا بشكل ملحوظ. لذا، كلّما زاد الانفتاح السعوديّ، أصبحت أزياؤنا عالميّة.

نراكِ تسلّطين الضوء على نساء المملكة العربيّة السعوديّة وتظهرين صورتهم الباطنيّة التي تتخطّى العباءة إلى العالم أجمع! أنت تفعلين ما تحبّين وتقومين بذلك بكلّ صدق. فكيف تستثمرين وقتك بحكمة بين حياتكِ المهنيّة والعائليّة؟

لم أكن أدرك مهارة النساء في القيام بمهام متعدّدة في آنٍ معاً حتّى أنجبتُ ابني. ولربّما أظنّ أنّني قلّلت من قدرتنا على تقسيم المهام ومعالجتها بطريقة قد تترك معظم الرجال في حالة من الفوضى المطلقة! إنّما أشعر بالامتنان لأنّي أحظى بدعم كبير من زوجي ولديّ فريق مذهل لا أستطيع فعل أيّ شيء بدونه.

يحصل الكثير في حياتك اليوم، في حين تملكين جدولاً مزدحماً في حياتكِ وكذلك على وسائل التواصل الاجتماعيّ. فكيف تنجحين في تنظيم وقتك وتحديد أولويّاتكِ في ما يخصّ ما عليك القيام به؟

أرتّب مهامي بحسب الأولويّة وأقوم أيضاً بالتفويض على بعض المهام؛ إلّا أنّني أعترف أنّ وسائل التواصل الاجتماعيّ تحلّ في المرتبة الأخيرة. وأعلم أنّ هذا الأمر يبدو غريباً اليوم، بينما يحمّل الأشخاص 100 منشور في اليوم ولا يفارقون هواتفهم قطّ. وبصراحة، أنا على استعداد للتخلّي عن وسائل التواصل الاجتماعيّ، لكن المؤسف أنّني بحاجة إليها لأبقى سيّدة أعمال ناجحة. فما لم يُنشَر في عصرنا هذا، سيبدو كما لو أنّه لم يحدث! لكن أجل، لديّ علاقة حبّ وكراهيّة مع وسائل التواصل الاجتماعيّ، لأنّني أعتقد أنّها زعزعت ثقة الناس في أنفسهم وبالتالي جعلتهم يائسين وغير صادقين. ودائماً ما يتفاجأ الأشخاص الذين يُقابلونني للمرّة الأولى بأنّني في الحقيقة تماماً كما أظهر على حساباتي الاجتماعيّة، وغالباً ما يخبرونني كم أبدو بسيطة، وأعتقد أنّهم يشيرون إلى قلّة المكياج على وجهي وأزيائي المتواضعة. فهم يتفاجأون بكوني أنقل حياتي على طبيعتها من دون وضعها في إطار فيلتر. غير أنّني لستُ بحاجة إلى التباهي؛ لا بل أفضّل أن أدَع أعمالي تتحدّث عنّي.

كيف ترين الوقت؟ وكيف تبدّل منظورك إليه على مدى مسيرتك المهنيّة المتنوّعة وبعد ولادة ابنك؟

الوقت أثمن ما أملك، ولطالما رغبت في القيام بكلّ شيء. غير أنّني بتُّ أفهم الآن أنّ الوقت ليس بالأمر اللامحدود، إنّما لديّ عدد محدّد من الساعات لأكون شخصيّة منتجة، أو لأخصّص قسماً منها لإبني، لذا أحرص على استغلاله بحكمة.

إذا سنحت لكِ الفرصة لتخبري نفسك المراهقة بأمر لم تدركيه حينذاك، بمَ تخبرينها؟

لا تضعي المكياج إطلاقاً، بل تباهي ببشرتك غير المثاليّة طالما تستطيعين فعل ذلك. استمتعتي بشبابك، إذ مهما كان جرّاح التجميل خاصّتك بارعاً، لا يمكن للبوتوكس أن يكون بديلاً للشباب الحقيقيّ.

ما النصيحة التي ستُسدينها إلى ابنكِ سعود بعد أن يكبر عن الوقت؟

سأقول له: لا تعتبر الوقت أمراً مسلَّماً به وحاول استغلال كلّ لحظة. سواء أسعيت إلى إنجاز الكثير أو اخترت أن تتوقّف عند التفاصيل الصغيرة والاستمتاع بها، تأكّد دائماً من الاستفادة الكاملة من وقتك.

إذا كانت لديك الفرصة للعودة في الزمن والتعرّف إلى شخصيّة غيّرت التاريخ. من ستكون وماذا ستقولين لها؟

أختار قَطعاً جان دارك أو كليوباترا. إذ كنت مهووسة بهاتين المرأتين منذ أن كنت في الصفّ الرابع، حتّى أنّني أعددت تقارير عنهما. إلّا أنّني غير متأكدة ممّا أودّ أن أقوله لهما، لكن لربّما قد أشكرهما على كونهما مصدر إلهام لي فيما كنت في المدرسة الابتدائيّة.

نعيش اليوم في سباق مع الوقت، خصوصاً عندما نتمتّع بطموحات كبيرة. فما هي خططك المستقبليّة، وما الأطر الزمنيّة التي حدّدتها لها وكيف تتطلّعين إلى تحقيقها؟

أعتقد أنّ تحديد الأهداف أمر غاية في الأهميّة. فذات مرّة، حدّثتني واحدة من سيّدات الأعمال السعوديّات المحنّكات عن أهميّة هذا الأمر، في حين أنّنا نميل كسيّدات أعمال إلى الانغماس في الانشغالات ونبدأ بإهمال حياتنا الشخصيّة. فعلى سبيل المثال، أتذكر أنّني قرّرتُ أن أتزوّج في سنّ الثلاثين، ثمّ فعلت ذلك بالفعل. كذلك، قلتُ أنّني سأنجب طفلاً قبل عمر الخامسة والثلاثين وفعلت ذلك. ولو لم أقُم بتحديد هذا النوع من الأهداف الشخصيّة والمهنيّة، أعتقد أنّني كنت سأميل إلى اتّجاه واحد بدون الآخر. إنّما بهذه الطريقة، أرى أنّ حياتي أكثر توازناً. أمّا الآن، فهد في المستقبليّ هو تسليم Niche Arabia إلى فريقي القدير من النساء الرصينات بعد أن قمتُ بتوجيههنَّ وبالاتّجاه أكثر نحو الأعمال الخيريّة والاستشارات. والحقيقة أنّني لطالما رغبتُ في العمل في وكالة الأنباء السعوديّة والمساعدة في تعزيز الروايات السعوديّة الأصيلة ومحاربة الصور النمطيّة السائدة.

أخبرتنا ذات مرة أنّ النساء السعوديّات كنَّ يكسرنَ الحواجز حتّى قبل أن تغطّي وسائل الإعلام هذا الواقع. إذا سنحت لكِ الفرصة للسفر عبر الزمن إلى العام 2030، ما الأمر الوحيد الذي ترغبين في رؤيته بصورة مختلفة في حياة المرأة السعوديّة؟

آمل أنّه بحلول ذلك الوقت لن نُعاني الاستخفاف بنا وأن نكون قد أثبتنا عن القدر نفسه من الكفاءة والقوّة بالمقارنة مع الرجال، لا بل تجاوزناه! لذا، آمل أن نتوقّف عن رؤية الناس على أنّهم "إناث" أو"ذكور" وأن نراهم على قدم المساواة. لكنّني أعتقد أنّ الوقت سيأتي، وبالسرعة التي تحدُث بها الأمور في السعوديّة، قد يتحقّق ذلك قبل العام 2030.

اقرئي أيضاً: وقتُك رأسمالك الأثمن، فكيف تستغلّينه؟

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث