كارما إكمكجي:" من خلال السياسات والعقليّة الصحيحة، يمكننا جعل هذا الوضع المتأزّم مفيداً للمرأة "

إنّ تأثير الأزمة الناجمة عن وباء كورونا Covid-19 واضح المعالم وقابل للقياس على جميع القطاعات. فمنذ بداية تفشّي هذا الفيروس، فقد الكثير من الناس وظائفهم وبينهم نساء كثيرات. وفي ما يلي، نتحدّث مع كارما إكمكجي الخبيرة في السياسة الخارجيّة، ومستشارة شؤون المرأة والسلام والأمن، ومؤسّسة مبادرة Diplowomen، حيث نناقش معها تأثير هذه الأزمة على المساواة الجندرية في مكان العمل والطرق الفضلى للاستجابة للتحديّات القادمة!

  1. على المستوى الشخصيّ واستناداً إلى تجربتك، كيف تتخيّلين الحياة بعد أزمة Covid19؟

أعددت ذاتي نفسيّاً لتقبّل واقع أنّنا لن نعيش في عالم ما بعد كورونا في أيّ وقت قريب. وصحيح أنّه قد يتمّ تخفيف التدابير، إلّا أنّ الفيروس لن يختفي في المستقبل القريب. إذ إنّنا لا نزال جميعاً نتعلّم عن هذا الفيروس ونحاول فهم تأثيره على حياتنا، من صنّاع السياسة، إلى عمّال الرعاية الصحيّة، والحكومات، والعلماء، والعاملين في القطاع الخاص. لذا من السابق لأوانه معرفة كيف سيبدوالمستقبل وليس من إجابات حاسمة حتى الآن. وقد علّمني هذا الوباء وهذا الإغلاق الكثير من الصبر والتقدير للأمورالبسيطة في الحياة. ولا بدّ لي أن أعترف بأنّني وجدت التعليم المنزلي صعباً، حيث لديّ ولدان، في سنّ الـ7 و الـ5، إلى جانب زوجي طبعاً وأقضي معظم أيام الأسبوع معهم. وبين صفوفهما على Zoom والواجبات المنزليّة، يمرّاليوم بسرعة فائقة. وبات لديّ مستوى جديد تماماً من الاحترام تجاه جميع المعلّمين! وأودّ أن أغتنم هذه الفرصة لأشكرهم. وشخصيّاً، أولئك الذين يعرفونني يعلمون أنّني أعمل لقدر جنونيّ من الساعات، فضلاً عن سفري الدائم، بينما أعطي الوقت القيّم لعائلتي وأهتمّ باحتياجاتهم. لذلك، لا أعتقد أنّني كنت سأتباطأ لولا هذا الوباء. وكنت بحاجة إلى التباطؤ بصراحة.

وطبعاً، أحد التغييرات الأساسيّة التي أحدثها هذا الوباء، هو العمل من المنزل وتقليل الحاجة إلى السفر من أجل العمل. وأعتقد أنّ هذا الاتجاه سيستمرّ دوماً. لكن لا شيء يحل محلّ الاتصال البشريّ، خصوصاً في مجال عملي. حيث يعتمد جوهرعملي على تطوير العلاقات مع محاورين مختلفين وبناء الثقة معهم. ولا يمكن استبدال ذلك بمكالمة عبر تطبيق Zoom. كذلك في بداية كلّ شهر، أشارك أفكاري عبر إنستجرام وأذكر دائماً الجميع بالحفاظ على قلب وعقل منفتحين في رحلات حياتهم، ذلك لأنّنا لا نعرف أبداً ما سيحدث. وبالفعل أثبت فيروس COVID 19 ذلك. أمّا في الوقت الحالي، فلا يسعني أن أقول أيّ شيء بثقة، باستثناء أنّنا بحاجة إلى عيش حياتنا يوماً تلو الآخر، واتّخاذ الاحتياطات وغسل أيدينا بانتظام واحترام التباعد الاجتماعي، فهذه رؤيتي لليوم التالي.

  1. كيف تعتقدين أنّ هذه الأزمة ستؤثر على المساواة بين الجندريْن في مكان العمل، وكيف يمكن للمرأة أن تتصدّى لمثل هذه الظروف؟

وفقًا للأمم المتحدة، تظهر يوميّاً أدلّة تشيرإلى أنّ الحياة الاقتصاديّة والإنتاجيّة للمرأة تتأثر بشكل غير متناسب ومختلف عن الرجال. وفي جميع أنحاء العالم، تتلقّى المرأة مدخولاً أقل من الرجل، وبالتالي تدّخر أقلّ منه. كذلك، تشغل النساء وظائف أقل أماناً وغالباً ما يتمّ توظيفهنّ في القطاع غيرالرسميّ.

علاوةً على ذلك، تزداد الطلبات على الرعاية بشكل أكبر لدى النساء، خصوصاً إذا كنّ أمّهات أو يعشن مع أفراد الأسرة الآخرين. بالنسبة لي شخصيّاً مثلاً منذ أن تواجد أطفالي في المنزل، بات العمل منه صعباً جداً. فيتحتّم عليّ أحياناً أن أقفل الباب على نفسي في الحمام وأجلس على الأرض لأتمكّن من إنهاء قراءة رسالة بريد إلكتروني، وحتى حينها لا ينقطع الطرق على الباب قط.

ويساورني القلق من أنّ هذا الوضع قد يعيدنا بضع خطوات إلى الوراء من حيث المكاسب التي حقّقناها للنساء في مكان العمل في السنوات القليلة الماضية. ومع ذلك، أؤمن أنّه ثمة فرصة في كلّ أزمة. وأرى أنّه من خلال السياسات الصحيحة والعقليّة الصحيحة، يمكننا عكس هذا الوضع لجعله مفيداً للمرأة. وفي حال سيصبح العمل من المنزل هو القاعدة وليس الاستثناء، فقد تتمكّن المزيد من النساء من تولّي وظائف عن بعد.

  1. ما الذي يجب القيام به للاستجابة بالطريقة الصحيحة للتحديّات الدوليّة القادمة؟

إنّنا بحاجة إلى قيادة عالميّة ومؤسسات قويّة متعدّدة الأطراف، وطبعاً نحتاج إلى المزيد من النساء في مناصب صنع القراررفيعة المستوى. وإذا أكّد فيروس كورونا على أيّ أمر، فهو أنّ البلدان والمناطق والمدن التي قادتها النساء (من رؤساء الدول والمحافظين ورؤساء البلديّات)، تعاملت مع الوضع بصورة أفضل، ونجحت في تسوية المنحنى بشكل أسرع وتأثر الاقتصاد فيها بشكل أقلّ. وتشمل هذه الأمثلة النرويج وفنلندا ونيوزيلندا وتايوان وكوستاريكا ومدينة بوغوتا ومنطقة خليج سان فرانسيسكو. إذاً حيثما قادت النساء، تمّ القضاء على فيروس كورونا بشكل أسرع.

  1. تشهد المؤسّسات أو المنظّمات التي لديها تكافؤ جندري مزيدًا من النمو، وتتخذّ قرارات أفضل وتواجه اضطرابات أقل. بحسب رأيك، ما الذي يمكن فعله لتعزيز التنوّع والاندماج داخل المنظّمة خصوصاً بعد هذه الأزمة؟

إنّ الجواب على هذا السؤال طويل ومتعدّد الفروع. غيرأّنّني أعتقد أنّ قيادة المؤسّسة أو المنظّمة من شأنها أن تلعب دوراً محوريّاً في تعزيزالتنوّع والاندماج. فالمطلوب قيادة متعاطفة، وإذا لم تطبّق المؤسسات رؤيتها لامتلاك فرق شاملة حتى الآن، فإن هذا الوباء سبب وجيه لبدئها بذلك.

  1. يرتبط مستقبل جميع القطاعات في تنوّع الفكر. ماذا تقولين لجميع رؤساء المنظّمات الذين يريدون تنمية أعمالهم بدون زيادة التكافؤ في مجموعة المواهب الخاصّة بهم؟

أقول لهم إنّهم يشرعون في رحلة فاشلة منذ البداية. حيث أنّ منظورالمرأة حول أيّ موضوع يمثّل منظور نصف المجتمع، سواء أكان ذلك تسويقاً أو سياسة أو صحّة أو بيئة أو ما إلى ذلك.

  1. تحلم بعض النساء بتسلّق السلم الوظيفيّ، إنّما ما زلن يتعرّضن للترهيب بسبب الجندر. أنت تعملين في مجال يهيمن عليه الذكور بشدّة، كيف تنجحين كامرأة في القيام بدور بارز فيه وبمَ تنصحين هؤلاء السيدات بناءً على تجربتك الشخصيّة؟

إنّ احترام الذات والعزم عنصران رئيسان تحتاجهما المرأة لدفع نفسها إلى الأمام. حيث أنّني لم أقلّل من نفسي أو من قدراتي يوماً، لكن دائماً مع احترام التسلسل الهرمي. وأظنّ أنّني محظوظة لامتلاكي مرشدين بارعين قادوني على طول الطريق، لذا نصيحتي للنساء أن يجدن لأنفسهنّ مرشداً من شأنه تمكينهنّ. وهذه الأيام، أرى الكثير من الفتيات والشابات يأتون إلى مكان العمل بشعور من الاستحقاق. إنّما هناك فرق كبير بين الثقة والتصّرف مثل الآنسة التي تعرف كلّ شيء. وثمة دائماً مجال للتحسين، والمرأة التي لا تقبل ذلك لن تذهب بعيداً.

إقرئي أيضاً: Mukhi Sisters وKarma Ekmekji ما‭ ‬بين‭ ‬المجوهرات‭ ‬الفاخرة‭ ‬والعمل‭ ‬الدبلوماسيّ

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث