العلم في خدمة خصوبة المرأة

الإدارة الفنّيّة: Farah Kreidieh
التصوير: Maximilian Gower
التنسيق: Sarah Rasheed

لكلّ امرأة بيننا كيان خاصّ وتفكير ونظرة مختلفة للأمور الحياتيّة والمصاعب اليوميّة والخطط المستقبليّة. قد نلتقي أحياناً ونجمع على فكرة معيّنة وقد نختلف أحياناً أخرى في طريقة تعاملنا مع الأمور وحكمنا عليها. وبعيداً عن التنميط والتعميم والأفكار الرائجة، تحلم بعض الفتيات بينما يكبرنَ بالأمومة وإنجاب الأطفال. وفيما يتابعنَ مسيرة حياتهنّ، قد ينشغلنَ بالدراسة أو العمل ويجدنَ أنفسهنّ في الثلاثين من العمر ولم يلتقينَ بعد بالشخص المناسب الذي يُردنَ تأسيس عائلة معه. وثمّة أخريات ممّن تزوّجنَ، إمّا قمنَ بذلك في سنّ متأخّرة أو مبكرة لكنهنّ منغمسات في حياتهنّ المهنيّة لدرجة تجعلهنّ يؤجّلن خيار الأمومة. وفجأة يشعرنَ أنهنّ في سباق مع الوقت ومع "ساعتهنّ البيولوجيّة". فيشعرنَ بالتوتر والقلق ويصبح الاحتفال بأعياد ميلادهنّ بمثابة كابوس لأنّه يذكّرهنّ بأنّهن يتقدّمن في السنّ. فبالإضافة إلى القلق، يمكن أن يلُمن أنفسهنّ لعدم تمكّنهنّ من الإنجاب في وقت مبكر. وفيما سعى العلم دوماً ليكون في خدمة الإنسان، جاء التقدّم في مجال الرعاية الصحيّة ليقدّم حلولاً كتجميد البويضات لمساعدة المرأة في المحافظة على خصوبتها والتّحكم بها عبر الحفاظ على جودة بويضاتها لئلّا تفقد خيار الأمومة بسبب عامل الوقت أو المرض. وفي هذا التحقيق، نطرح كلّ الأسئلة التي قد تخطر على بالك عن هذه العمليّة مع خبراء من مختلف المجالات في الإمارات العربيّة المتحدّة: الدكتور أحمد فقيه، الإستشاري في الطبّ التناسليّ والعقم وأمراض النساء والتوليد والدكتورة حنين جرّار، الأخصائيّة في علم النفس وأخصائيّة التغذية كارين خليفة. كما نناقش الجانب الشخصيّ من هذا الإجراء مع ترايسي هرموش والعنود بدر اللتين خاضتا هذه التجربة. فانضمّي إلينا في هذه السطور لتكتشفي كلّ ما تريدين معرفته عن تجميد البويضات!

اقرئي أيضاً: Muna AbuSulayman: فتيات ونساء انتظرنَ من يمهّد الطريق لتغيير حكم المجتمع على النساء

لنبدأ بالتعرّف سويّاً مع الدكتور أحمد فقيه، الإستشاري في الطبّ التناسليّ والعقم وأمراض النساء والتوليد على الناحية العمليّة والشروط والآثار الجانبيّة المحتملة لتجميد البويضات. ففيما أصبح تجميد البويضات أكثر شيوعاً اليوم في الإمارات العربيّة المتّحدة، نسأل الدكتور فقيه عن السبب. فيجيب: "قبل عام ونصف، لم يُسمح لسيّدة عزباء بتجميد بويضاتها في الإمارات إذ أنّها كانت بحاجة إلى توقيع زوجها للقيام بذلك. وفي ظلّ تغيّر القوانين ومع زيادة الوعي بهذا الإجراء ازدادت نسبة السيّدات اللّواتي يخضعنَ له من 5% إلى نسبة تتراوح بين 35 و45%". فمن هنّ النساء اللواتي يقمنَ بتجميد البويضات؟ يجيبنا الطبيب المختصّ: "تنقسم النساء اللواتي يخترنَ تجميد بويضاتهنّ إلى أربع فئات. تتألّف الفئة الأولى من اللواتي يتمّ تشخيصهنّ بالسرطان ويتعيّن عليهنّ الخضوع للعلاج الذي يتخلّله العلاج الكيميائي أو الإشعاعي والذي يتسبّب بفقدانهنّ كلّ بويضاتهنّ. أمّا الفئة الثانية، فتتضمّن النساء غيرالمرتبطات اللواتي يقتربنَ من سنّ الـ35 عاماً. والفئة الثالثة تتشكّل من النساء المتزوّجات غير المستعدّات للحمل بحيث لا يرغبنَ حاليّاً في المخاطرة بحياتهنّ المهنيّة وفي الوقت عينه لا يردنَ فقدان خيار الأمومة في المستقبل. أمّا الفئة الرابعة فتتألّف من اللواتي يضطررنَ لإجراء عمليّات جراحيّة معيّنة على المبايض قد تجعلهنّ يفقدنَ نسبة كبيرة من احتياطي المبيض لديهنّ".

هل هناك من شروط للقيام بهذا الإجراء؟
متى يتوجّب على المرأة اتّخاذ هذا القرار وهل من شروط عليها أخذها بعين الإعتبار؟ يجيبنا الدكتور فقيه: "كلّما كانت المرأة أصغر سنّاً كلّما كان الوقت أنسب لتجميد البويضات لأنّها تنتج بويضات بكميّات أكبر وجودة أفضل، ويمكن أن تحصل على كميّة كافية من البويضات الصحّية للمستقبل من خلال القيام بالإجراء لمرّة واحدة. ولكن كلّما تقدّمت المرأة في السنّ كلّما احتجنا إلى إجراء هذه العمليّة مرّات متعدّدة بحسب عدد البويضات التي نحصل عليها بعدها. فبشكل عام، كلّما تقدّمت المرأة في العمر، كلّما انخفض ​​احتياطي المبيض والجودة أيضاً." إلّا أنّ الإستشاري في الطبّ التناسليّ يؤكّد أنّ العمر لا يجب أن يكون رادعاً للمرأة حيث تدخل عوامل أخرى أيضاً في الحسبان بينها احتياط البويضات الذي ولدت فيه المرأة والعمر الذي بدأت فيه الدورة الشهريّة. كما أنّ نمط الحياة الصحيّ يساعد في الحفاظ على جودة البويضات، أمّا التدخين واستهلاك كميّات كبيرة من الكافيين يجعل المرأة تفقد بويضاتها بشكل أسرع.

ما هي حيثيّات تجميد البويضات؟
يخبرنا الدكتور المتخصّص بتفاصيل عن هذا الإجراء: "نبدأ بتحليل الهرمون المضاد للمولريان AMH وهو مؤشّر دقيق جدّاً لاحتياطي المبيض. وبعد هذا التحليل يمكننا تقديم المشورة بشأن عدد البويضات التي نتوقّع أن نحصل عليها في كلّ جولة تحفيز ونحدّد مدى خصوبة المرأة ومدى ضرورة القيام بهذا الإجراء بشكل عاجل.

وبعد الاستشارة والتفاصيل حول تاريخ المريضة ونمط حياتها وعوامل الخطر وتحليل AMH وحساب البويضات، نخطّط لعدد الإجراءات التي نحتاجها بحسب عدد البويضات الذي نتوقّعه. ثمّ يمكننا أن نبدأ بالحقن طوال 8 إلى 10 أيّام، وفي اليوم الثاني عشر، نقوم بعمليّة الاستخراج. وبعد ذلك يمكن حفظ البويضات وفقاً لقانون الدولة. وهنا في الإمارات العربيّة المتّحدة مثلاً المدّة المسموح بها هي 5 سنوات قابلة للتجديد.

هل هناك من آثار جانبيّة؟
تتخوّف بعض النساء من الآثار الجانبيّة التي قد تنجم عن هذا الإجراء. فمذا يقول الأخصائي؟ "تشعر 1٪ من النساء بالصداع أو الغثيان أو بتقلّبات مزاجيّة وضغط في الحوض وانتفاخ بسبب دواء التحفيز الضروريّ للحصول على المزيد من البويضات. لكنّ هذا الأمر طبيعيّ، وقد تشعر المرأة بجميع هذه الآثار الجانبية أو لا شيء على الإطلاق." ويؤكّد الأخصّائي أنّ تجميد البويضات لا يؤثّر على فرص الحمل بشكل طبيعيّ ولا على احتياطي المبيض لدى المرأة. فعندما يقوم الطبيب بعمليّة التحفيز لاستخراج البويضات، فهو يستهدف فقط تلك التي يحدّدها جسد المرأة لهذا الشهر بدون المسّ باحتياطي المبيض أو بالهرمونات.

وختم الدكتور فقيه بتوجيه رسالة لكلّ النساء: "تتوفّر لنا التكنولوجيا اليوم للحفاظ على خصوبة امرأة غير مستعدّة للأمومة بعد أو تعاني حالة صحيّة تضرّ بفرصها للحمل. أسوأ شعور هو الندم لاحقاً على عدم القيام بشيء قد يساعد للمستقبل. وهذه العمليّة بمثابة بوليصة تأمين لك، فقد تختاري عدم استخدامها لكن على الأقلّ لديك هذا الخيار إذا أردت". 

الشعور بالارتياح والتحرّر
وبعد اطّلاعنا على الحقائق والتفاصيل التقنيّة من الدكتور فقيه نسأل الدكتورة حنين جرّار، أخصائيّة علم النفس عن الشقّ النفسي لهذا الإجراء حيث تعتبر الخصوبة من المشاكل التي لطالما شكّلت مصدر قلق لدى النساء. وتقول:
" تختار النساء تجميد البويضات لأسباب مختلفة. ومن الناحية النفسيّة، يزيل ذلك عبئاً ثقيلاً عن كاهليها. التقيت مؤخّراً بصديقة عزباء اختارت تجميد بويضاتها واعترفت لي أنّها تشعر بالارتياح والتحرّر فلم تعُد قلقة بشأن مسألة الزواج والتقدّم في السنّ. فهذا الضغط قد يدفع المرأة إلى التفكير في خيارات من دون حساب توقّعاتها أو في القبول بالوضع خوفاً من أن يفوتها الوقت. ومن جهتي، أنا امرأة متزوّجة وقد اخترت تجميد بويضاتي لأنّني اضطررت إلى اللجوء إلى الحمل بواسطة التلقيح الاصطناعي مع مولودي الأوّل. فمعرفتي بأنّه لديّ بويضات ذات جودة عالية يمكنني استخدامها في أي وقت، أزال الضغط عنّي بشأن إنجاب طفلي الثاني، إلى درجة أنّني حملت به بشكل طبيعيّ!
كيف يمكن وصف الحالة النفسيّة للمرأة التي تفكّر في الخضوع لعمليّة تجميد البويضات؟ تجيبنا أخصائيّة علم النفس: "لاحظنا ارتفاعاً في تقبّل الناس والاهتمام بموضوع تجميد البويضات للسماح للمرأة بإطالة خصوبتها وبناء أسرة أحلامها. وبالرغم من ذلك، قد ينتاب المرأة بعض القلق بشأن الإجراء نفسه أو ردّات الفعل. لكن هناك الكثير من المعلومات التي تجيب عن كلّ التساؤلات". وماذا عن الآثار النفسيّة لهذا الإجراء؟ تؤكّد: "كوني خضعت شخصيّاً لعمليّة استخراج البويضات من أجل التلقيح الاصطناعي، لقد شعرتُ بالقلق بشأن العمليّة نفسها. لكنّني كلّما قرأت وحضّرت نفسي أكثر والتقيت بطبيبي، كلّما خفّ القلق لديّ. وبعد العمليّة شعرت بالكثير من القوّة. 

وتختم الدكتورة جرّار: "وفقاً لمعظم الأبحاث التي أجريت حول هذا الموضوع، فإنّ النساء اللواتي اخترنَ تجميد بويضاتهنّ كنّ عادةً متعلّمات جدّاً وأردنَ التحكّم بإنجابهنّ. فالنساء اللواتي تأخّرنَ في الإنجاب لأسباب شخصيّة
و/أو مهنيّة وجدنَ أنّ تجميد البويضات يمنحهنّ المزيد من التمكّن من خلال معالجة استباقيّة لخصوبتهنّ وقدرتهنّ على تأسيس عائلة".

النظام الغذائي الأفضل للحفاط على جودة البويضات
وبعد أن تعرّفنا على الجانب النفسي، نخوض في ما يلي مع أخصائيّة التغذيّة كارين خليفة في التفاصيل المتعلّقة بتأثير النظام الغذائي على جودة البويضات. فتؤكّد: "قد تكون بعض العوامل خارجة عن سيطرة المرأة مثل المشاكل الصحيّة التي تؤثّر على القدرة على الإنجاب أو جودة البويضات أو كميّتها، لكنّ اختيار أسلوب الحياة المتّبع يؤثّر على الخصوبة أيضاً بحيث يؤثّر على جودة البويضات. ولتعزيز جودتها، تنصح خليفة بأن يتضمّن النظام الغذائي ما يلي:

• مضادّات الأكسدة: وهذا يعني الفاكهة والخضار الملوّنة مثل التوت على أنواعه والكركم والفلفل والبروكلي والزنجبيل والقرفة والخضروات ذات الأوراق الخضراء الداكنة كالسبانخ والكيل.
• الأطعمة الغنيّة بالأوميغا 3 مثل السلمون وبذور الشيا وبذور الكتّان والجوز.
• الأطعمة الغنيّة بالزنك مثل المحار والحمّص والعدس وبذور دوّار الشمس وبذور اليقطين والصنوبر.
• الأطعمة الغنيّة بالفيتامين دي مثل البيض لا سيّما صفاره، والسلمون وسمك الرنجة والسردين.
• الأطعمة الغنيّة بالسيلينيوم مثل المكسّرات البرازيليّة والروبيان والفطر.
• الماء وشاي الأعشاب التي تساعد في عمليّة الهضم وتخفيف التوتّر مثل النعناع وعرق السوس والهندباء والبابونج والخزامى.

أمّا الأطعمة التي يجب تجنّبها بحسب أخصائيّة التغذيّة فهي:
• الأطعمة ذات مستوى الدهون المشبعة العالي مثل اللّحوم الحمراء ومنتجات الألبان.
• الكربوهيدرات والفواكه ذات المؤشّر الغلايسيمي المرتفع مثل البطاطا والخبز الأبيض والمعجّنات ورقائق الذرة والبطيخ والتين والأناناس والتمر لتجنّب مقاومة الأنسولين.
• الأطعمة المصنّعة بما في ذلك النقانق والديك الرومي المدخّن والأطعمة المعلّبة التي تحتوي على مواد حافظة.
• المُحليات الصناعية بما في ذلك الأسبارتام والمانيتول والسوربيتول.
• تناول كميّات كبيرة من الكافيين.
• الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من الزئبق مثل التونة والأسماك الكبيرة.

وبعد أن اكتشفنا كلّ التفاصيل الطبيّة والعلميّة، حان الوقت الآن للخوض في الخبرات الشخصيّة!

Tracy Harmoush: العلم يمنحك الخيار والخطّة الاحتياطيّة

الإطلالة من Jean-Louis Sabaji

ترايسي هرموش امرأة متكتّمة بطبيعتها، إلاّ أنّه انطلاقاً من مدى أهميّة موضوع تجميد البويضات ومدى شعورها بالفضول والتساؤلات وضرورة تعرّفها على خبرة امرأة أخرى قامت بهذا الإجراء لتتشجّع بنفسها للقيام به، اختارت رائدة الأعمال والرياضية الشغوفة باللياقة البدنيّة مشاركة خبرتها لمساعدة النساء الأخريات اللواتي يفكّرنَ بخوض هذه التجربة.
"كنت أفكّر في عمليّة تجميد البويضات منذ فترة طويلة، لكنّني لم أستطع تحمّل تكلفتها في ذلك الوقت. ولو كان الأمر عائداً لي، لفعلتُ ذلك في وقت مبكر قبل أن تتراجع صحّة البويضات لديّ"، بهذه الكلمات تبدأ ترايسي هرموش حديثها معنا. وعن السبّب الرئيسي الذي دفع الشابّة البالغة من العمر 35 عاماً لتجميد بويضاتها تقول:
"لا أريد القلق بشأن متى أريد الإنجاب والسرعة التي يجب أن أتّخذ بها هذا القرار لأتمكّن من الحمل بدون مخاطر". وفيما تساءل الكثيرون حول اختيارها القيام بهذا الإجراء بينما هي تتحضّر للزواج تؤكّد: "لم أختر تجميد بويضاتي من أجل طفلي الأوّل، بل من أجل الثاني أو الثالث لأنّني أدرك أنّه ليس من السهل الإنجاب في زمننا هذا وحتّى أنّ التكلفة عاليّاً أيضاً. كذلك من المهمّ أن نؤمّن للطفل الذي ننجبه منزلاً مريحاً ووالدين مستقرّين. وإذا رغبتُ في إنجاب الأطفال، أريد أن تكون الأجواء مناسبة لهم. لذا أريد أن أحظى ببويضات صحيّة في سنّ الــ39 تماماً كما كانت عندما قمت بتجميدها من دون الشعور بالقلق. ويقدّم لنا العلم اليوم الفرصة والخيار لأخذ الاحتياطات. إذاً لمَ لا أجمّد بويضاتي لأنجب لاحقاً في العمر الذي أراه مناسباً؟"

تجد ترايسي في التجربة الشخصيّة مصداقيّة كبيرة وتقول: "خضعت ثلاثة من صديقاتي لعمليّة تجميد البويضات قبلي وكانت تجربة كلّ واحدة منهنّ مختلفة عن الأخرى. رافقتُ إحداهنّ خلال تجربتها بأكملها مع كلّ الصعوبات واللحظات الجميلة التي عاشتها. وبعد أن اتّخذتُ قراري، راجعتُ طبيباً ليرشدني ويطلعني أكثر عن هذا الإجراء." 

لم تكن العمليّة بالصعوبة التي تخيّلتها 
تشاركنا ترايسي خبرتها الشخصيّة عن الإجراء وتقول: "لم تكن العمليّة بالصعوبة التي تخيّلتها. فلم أشعر بالانزعاج، لكن بعد الإجراء، اختبرتُ بعض التقلّبات في الوزن لمدّة 24 ساعة بسبب احتباس الماء، لكن سرعان ما اختفت لاحقاً. كانت هناك تغييرات تحدُث في جسمي، جسديّاً وعاطفيّاً، وكنت أشعر ببعض الحزن أيضاً. ونُصحت بعدم ممارسة التمارين الرياضيّة خلال فترة خمسة أيّام ثمّ عادت الأمور إلى طبيعتها. وطالما لدى المرأة شخص يفهمها مثلما تفهّمني خطيبي، فلن تكون التجربة صعبة. وعندما تشعر المرأة بأنّ من حولها يفهمها، ستسمح لنفسها بأن تشعر بما تريد أن تشعر به".

الشعور بالتمكين والقوّة
واستناداً إلى تجربتها الشخصيّة، أدركت ترايسي بساطة استخدام العلم للحصول على حياة مريحة. وتؤكّد: "من الصعب بالفعل أن تكون النساء في مجتمعنا عازبات بعد سنّ الــ30 عاماً، وهذا بنفسه يشكّل مصدر ضغط لهنّ حيث ينتهي بهنّ الأمر أحياناً باختيار الرجل غير المناسب أو في زواج غير سعيد ينتهي بالطلاق، وكلّ ذلك بدافع القلق من أنّهنّ لن يتمكنّ من إنجاب الأطفال. ومع تجميد البويضات يمكن أن نبعد عنهنّ هذا الخوف ونعطيهنّ فرصة لإنجاب طفل في سنّ الأربعين بصحّة جيّدة تماماً كما لو كنّ لا يزلنَ في الـ26 من العمر. مع الأخذ في الاعتبار جميع العوامل الأخرى طبعاً وواقع أنّ كلّ شخص مختلف عن الآخر." وتعتبر ترايسي أنّ المرأة تشعر بالتمكين والقوّة عندما تتّخذ قراراً يناسبها ووفقاً لشروطها الخاصّة من دون أن يمانعها أحد. 

وتختُم: "هذا أمر شخصيّ لذا يجب على المرأة أن تتّخذ قرارها بمفردها. وإذا كان موضوع الإنجاب يسبّب لها القلق، يجب أن تتولّى زمام الأمور في حياتها وتفعل ما هو مناسب لها. فالعلم يمنحها الخيار والخطّة الاحتياطية وكأنّها وديعة تأمين".

AlAnoud Badr: اخترت أن أرى هذا الإجراء كنعمة وأقدمت على فعله بسعادة 

الإطلالة من Romani
كانت رائدة الأعمال في الموضة والإعلاميّة العنود بدر ترغب في القيام بتجميد بويضاتها طوال السنوات الخمسة الماضية، لكن لم يكن لديها ما يكفي من المعطيات لتقوم بذلك حيث تؤكّد أنّ هناك الكثير من المعلومات المضلّلة والتخوّف حول هذا الموضوع. وهي تنصح النساء دوماً بالتحدّث إلى الطبيب أوّلاً أو ربّما إلى امرأة سبق وخضعت لهذه العمليّة، وبعدم السماح للآخرين بأخذهنّ في اتّجاهات لا يردنَ الذهاب فيها.
"لا أعلم ما إذا كنت سألتقي بالشخص المناسب لي ولا أعرف ما يخبّئه لي المستقبل، لكنّني أحبّ العيش في الحاضر. وكان الحفاظ على بويضات بجودة جيّدة هو من الأسباب التي دفعتني للقيام بتجميد بويضاتي"، تخبرنا العنود عن السبب الكامن وراء قيامها بهذا الإجراء. وتكمل: "يمكننا دائماً أن نحافظ على شباب مظهرنا الخارجيّ لكن لا يمكننا إيقاف الزمن ومنع القسم الداخليّ من جسدنا من التقدّم في السنّ. لكن إذا أتيحت لنا الفرصة لتجميد بويضاتنا لأطول فترة ممكنة، فلمَ لا؟" كما تشير إلى أمر غاية في الأهميّة وتقول: "لديّ صديقات كثيرات أصبنَ بمرض السرطان وهنّ غير متزوّجات. وأعتقد أنّ على الأطبّاء أن يطلعوا النساء على أهميّة تجميد البويضات قبل الخضوع للعلاج الكيميائي الذي يدمّر الاحتياطي منها. وبالتالي، سيضمن لهنّ ذلك الإنجاب بعد شفائهنّ من السرطان".

إجراء بسيط ومفيد للغاية 
وتصف لنا الإعلاميّة خبرتها على الشكل التالي: "إنّه إجراء بسيط ومفيد للغاية وكلّ الهرمونات التي تقلق المرأة بشأنها موجودة أصلاً في جسمها وهي تعزّز من خلال الحِقن اليوميّة قبل الإستخراج. وشخصيّاً استجبت بشكل جيّد للحقن، ولم يزِد وَزني على الإطلاق، وشعرتُ بالانتفاخ فقط بعد عمليّة الاستخراج التي استغرقت خمس دقائق. أمّا الإجراء بأكمله، فاستغرق نصف ساعة فقط واستيقظت وأنا أبتسم. لكن بالطبع قد يستجيب كلّ جسم بطريقة مختلفة. لكن هذا أسهل إجراء يمكنك القيام به من دون آثار جانبيّة فعلاً. إنّها عمليّة غير مؤذية وسريعة وسهلة!". هل شعرت الإعلاميّة بالقلق عند قيامها بالإجراء؟ تقول: "لم أشعر أبداً بالقلق بشأن تجميد البويضات لأنّني اخترت أن أنظر إلى الأمور بهذه الطريقة. اخترت أن أرى هذا الإجراء كنعمة وأقدمت على فعله بسعادة. إنّها الطريقة التي اخترت بها أن أعيش هذه التجربة. فإذا كنت تشعرين بالخوف والقلق بشأن زيادة الوزن أو عدم قدرتك على تجميد ما يكفي من البويضات، انتبهي فكلّ هذا القلق سيؤثّر عليك سلبيّاً!"

التمهّل واتّخاذ القرارات بوعي 
تنظر العنود إلى هذا الإجراء على أنّه نعمة تسمح للمرأة بالسيطرة ليس فقط على جسدها بل أيضاً على خياراتها وحقوقها وقدرتها على الإنجاب في الوقت الذي تراه مناسباً، بدلاً من العيش مع الضغط الذي يسبّبه لها المجتمع أو الشريك أو العائلة بشأن الإنجاب حيث يمكنها الحفاظ على شبابها إلى الأبد. وتقول: "عندما خضعتُ للعمليّة شعرتُ بسعادة عارمة وبالكثير من التحرّر. ويمكنني الآن التمهّل واتّخاذ قراراتي بوعي من دون الضغط الناتج عن ضرورة اتّخاذ تلك القرارات. وأعتقد أنّ هذا الجزء من عمليّة تجميد البويضات قد غيّر فعلاً نظرتي إلى الأمور وشعرت حتّى أنّني وُلدت من جديد مع رؤية جديدة للأمور. ويمكنني الآن الاستمتاع بأعياد ميلادي وبالتقدّم في السنّ واكتساب المزيد من الحكمة من دون القلق بشأن الوقت. فعند الخضوع لهذه العمليّة تشعرين وكأنّ ثمّة عبء أزيل عن صدرك وكأنّك خضعت لجلسة علاج".

وتختم بتوجيه الرسالة التالية إلى النساء: "بغضّ النظر عمّا إذا كنت متزوّجة أم لا، لا تضعي حياتك أو جسدك أو مستقبلك بين يدي أيّ شخص آخر غيرك"، فيما تأمل أن تتولى المزيد من النساء زمام الأمور في حياتهنّ لإحداث فارق مهمّ فيها من أجل أنفسهنّ وليس من أجل شخص آخر!

اقرئي أيضاً: Norah AlAmri: علّمني التصوير الفوتوغرافي أنّ هناك أماكن مشوّقة لم نرها من قبل

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث