Rachel K: أحاول إيقاظ الطفل الذي في داخل كلّ شخص من خلال أعمالي الفنّيّة

التصوير: Elena Kukoleva

من رسّامة ونحّاتة إلى فنّانة تستخدم وسائل مختلطة معاً، تجمع Rachel Koleilat ما بين الطلاء وملصقات الألياف واللؤلؤ والألعاب القديمة في أعمالها الفنّيّة لإبتكار قطع حالمة تجعلنا نسافر إلى عالم من الخيال. ومن خلال أعمالها هذه، تدعو الفنّانة اللبنانيّة الفرنسيّة كلّ شخص ينظر إلى إحدى قطعها إلى إيجاد شخصيّة أو لعبة تعيده إلى طفولته وتحيي ذكرى سعيدة في نفسه. انضمّي إلينا في المقابلة التالية لاكتشاف المزيد حول تقنيّتها وممارساتها الفنّيّة، لا سيّما والقصّة وراء مجموعتها الأولى! 

ما القصّة وراء الجمع ما بين الطلاء وملصقات الألياف واللؤلؤ والألعاب القديمة في أعمالك الفنيّة؟
لا بدّ لي من الاعتراف بأنّني أحبّ تجربة كلّ الأساليب الفنّيّة، لأنّني أعشق الابتكار وهو يمثّل طاقتي، ولا زلت حتّى اليوم أحبّ تجربة تقنيّات جديدة وتعلّمها! لكن منذ صغري، لطالما وجدت نفسي مفتونة بالمعجون الورقي على وجه الخصوص، إذ إنّ إعادة تدوير الورق لصنع تمثال صلب منه أشبه بالسحر بالنسبة إليّ! والحقيقة أنّني في الأساس من هواة جمع الألعاب حتّى أنّني ما زلت أملك لعبة تماغوتشي. إنّما بعد أن جمعت حقائب كاملة من الألعاب، قرّرت ذات يوم أن أعرضها بطريقة فنّيّة؛ ليس بمجرّد وضعها خلف واجهة أو داخل إطار؛ إنّما بدمجها في لوحة يمكن تعليقها في غرفة معيشتي. وحينها خطرت لي فكرة دمجها معاً ضمن منحوتات. وبالفعل وجدت النتيجة آسرة عقب تجربتي الأولى واستمرّيت في إنشاء منحوتات جديدة، وهكذا ولدت أوّل مجموعة فنّيّة لي!

إنّ عالمك مفعم بالألوان المذهلة، ومليء بالأحلام والفرح. ما الذي يفصحه ذلك عن شخصيّتك؟ هل الطفلة التي فيك هي التي تعبّر عن نفسها؟
إنّه كذلك بالضبط! حتّى أنّني أعتبر نفسي طفلة لم تكبر قطّ. وحتّى اليوم بصفتي أمّ، أشعر بأنّني أقرب إلى عالم ابني إذ أقضي معه ساعات من اللعب، بالمقارنة مع عالم الكبار حيث لا بدّ لي من الاعتراف بأنّني لا أفهم الكثير! وبصراحة، لا أحبّ الحديث عن نفسي ولكنّني أعتقد أنّني شخص يتمتّع بطاقة إيجابيّة! إذ أحبّ رؤية الجانب الجيّد من الأمور والضحك والاحتفال! ومن خلال فنّي، أحاول إيقاظ الطفل الذي في داخل كلّ شخص، عبر تقديم قطع فنيّة ملوّنة يمكنهم إضافتها إلى الديكور الداخلي الخاصّ بهم وإنّما أيضاً جعلهم يبتسمون عند النظر إليها عن طريق إيقاظ ذكرى معيّنة أو دفعهم ليحلموا أثناء تفقّد الألعاب الموجودة على منحوتاتي.

لا يسعنا الاكتفاء من النظر إلى قطعك الفنّيّة التي تجعلنا نسافر إلى عالم خياليّ. ما التجربة الفريدة التي تدعين عشّاق الفنّ إلى اختبارها؟
شكراً لك لأنّك أعطيتني أفضل مجاملة على الإطلاق للتوّ! أمّا جواباً على سؤالك، فإنّني أدعو عشّاق الفنّ إلى تجربة فريدة من السفر عبر الزمن! وفي الواقع، أريدهم أن يرجعوا إلى الوراء، ليجد كلّ شخص ينظر إلى إحدى قطعي الفنيّة شخصيّة أو لعبة تعيده إلى طفولته وتوقظ في نفسه ذكرى سعيدة أم شعوراً جيّداً أو ترسم على وجهه ابتسامة. ودائماً ما أفكّر في شخص عائد إلى المنزل بعد يوم عمل شاق، يلقي نظرة على إحدى القطع الفنيّة الخاصة بي لمجرّد الشعور ببضع ثوانٍ من السعادة من خلال العودة إلى إحدى ذكريات الطفولة المبهجة.

هل يمكنك أن تطلعينا على مراحل إنشاء هذه القطع الانتقائيّة العصريّة؟ كيف تبدأ العمليّة وأين تجدين المواد المطلوبة أمثال الألعاب العتيقة؟
قبل كلّ شيء، أودّ أن أقول إنّني وجدت ألعابي في جميع أنحاء العالم! إذ في خلال كلّ رحلة أقوم بها، دائماً ما أبحث عن هذه الأغراض الصغيرة التي تبعث السعادة في نفسي! غير أنّ غالبية ألعابي مصدرها متاجر صغيرة في لبنان، وفي معظم الأحيان يتولّى إدارة هذه المتاجر شخص يشبه شخصيّة صانع الألعاب Geppetto!

أمّا مراحل إنشاء منحوتاتي فهي على الشكل الآتي:
أبدأ أوّلاً بإنشاء الهيكل الأساسي لمنحوتتي باستخدام مواد مختلفة مثل البالونات أو الألومنيوم أو البوليسترين، بالاعتماد على الشكل الذي أهدف إلى الحصول عليه.
بعد ذلك، أغطّي الشكل الذي صنعته باستخدام المعجون الورقي، وبمجرّد أن يجفّ أطليه بالأكريليك عادةً، ثمّ أختار بعناية الألعاب والخرز التي ستغطي منحوتتي. وأخيراً، أجمعها معاً! وبشكل عام، يتمّ تسليم أعمالي داخل صندوق من نوع Plexi لحمايتها من الغبار وتسهيل عرضها في أيّ مكان.

ما أكثر المهام الفنّيّة غير الاعتياديّة التي تمكّنت من استكمالها؟
في خضّم إحدى الحفلات، كسرت صديقتي كعبها العالي أثناء الرقص. ولكنّني رحت أفكّر في طريقة لإصلاح كعبها بعدما عثرت على شريط لاصق كبير لدى مكتب الاستقبال! وبالفعل أصلحته بطريقة أنيقة جداً باستخدام الشريط هذا، كما أنّني عملت على الفردة الثانية من الحذاء ليبدو الزوج جميلاً! إنّما المضحك أنّ الناس سألوها طوال الليل عمّا إذا كان كعبها من ابتكار مصمّم مشهور! وحينها شعرت بفخر كبير، إذ كان هذا حتماً فنّاً من نوع ما بالنسبة إليّ! وفضلاً عن ذلك، أعتقد أنّها ما زالت ترتدي كعبها ذاك حتّى اليوم!

ما التغييرات التي لاحظتها في ذوق المشاهد بحسب الجندر أو السنّ أمام أعمالك الفنّيّة؟
بصراحة، لاحظت أنّ الابتسامة نفسها تعلو وجوه الجميع وتتلألأ النجوم ذاتها في عيونهم أثناء تأمل فنّي، وهنا يكمن السحر في ما أصنعه تماماً! لذا بغض النظر عن عمرهم أو جندرهم، أشعر بسعادة غامرة عندما ألمس اهتماماً كبيراً من الأشخاص عند اكتشافهم إحدى أعمالي عن كثب. كذلك، ثمّة الكثير من التفاصيل فيها ما بين الألعاب والخرز، بحيث يحاول كلّ منهم العثور على شخصيّة أو غرض أو أي عنصر قد يعرفونه أو يشعرون بالارتباط به. وأعترف أنّ هذا يمنحني ارتياحاً كبيراً! وحينما يتعلّق الأمر بالحيوانات الأليفة، فإنّهم يتحمّسون بدورهم عند التحديق في قطعي، حيث يعتقد معظمهم أنّها طعام!

لا شكّ في أنّك تأثرت بوالدك الذي هو نفسه فنّان ابتكر الكثير من المنحوتات واللوحات، هل لك أن تشاركينا ممارسة أو قاعدة إرشاديّة معيّنة علّمك إيّاها شخصيّاً؟
علّمني والدي الكثير من الأمور، لا سيّما وأنّه مصدر إلهامي الأبرز! غير أنّ أهمّ ممارستين لقّنني إيّاهما هما كيفيّة استخدام مخيّلتي وكيفيّة رسم ما يمكنني تخيّله. والواقع أنّ أوّل ما قاله لي عندما بدأت في الرسم في سنّ صغيرة جداً هو أنّه من شأن الرسم أن يعبّر عن أيّ فكرة، وأنّ كلّ ابتكار يبدأ بتصميم، لذا كلّ ما عليّ فعله هو تخيّله بوضوح في عقلي ومحاولة تصوير ما أراه في ذهني على الورق. وهذه النصيحة شكّلت بداية لكلّ شيء وأعتقد أنّها جزء من لغة الفنّ العالميّة.

بعد أن نشأت في فرنسا، قرّرت الاستقرار في لبنان حيث بدأت مسيرتك المهنيّة كرسّامة. هل تندمين على هذا القرار اليوم مع كلّ المشاكل التي تواجه وطنك؟
لم ولن أشعر بالندم قطّ على قرار الاستقرار في لبنان، بل إنّ هذا كان حلماً بالنسبة إليّ. بحيث اعتدنا القدوم في خلال العطلات الصيفيّة ولطالما وجدته بلداً ساحراً. وما زلت أتذكّر أنّني اندهشت لرؤية الطبيعة والطقس الجيّد والسيّارات الجميلة والناس والطعام والحياة... وأدركت أنّ السبب في تلك الحيويّة هنا لم يعد إلى واقع أنّنا في العطلة الصيفيّة فحسب وإنّما لأنّ هذه طبيعة الثقافة وأسلوب الحياة في لبنان: وكلّ لحظة يقضيها المرء هنا مليئة بالعواطف. لذا إنّني متأكدة من أنّ لبنان سيعود إلى الحياة، إذ إنّه سحريّ جداً ليموت برأيي.

لقد فزت بجائزة Best International Solo Artist في حفل جوائز World Art Dubai في العام 2017. هل يمكنك إخبارنا أكثر عن هذه التجربة والمجموعة التي عرضتها في ذلك الوقت؟
مثّل World Art Dubai أوّل معرض لي في الخارج وأوّل حدث أعرض فيه مجموعة كاملة! وحملت مجموعتي حينها اسم "Explosion of Dreams". أمّا الفوز بالجائزة فكان من أجمل المفاجآت لي، ولم أتوقّع ذلك إطلاقاً. إذ وجدت نفسي وسط كلّ هؤلاء الفنّانين الموهوبين! وفي الحقيقة فتح هذا المعرض الكثير من الأبواب أمامي، بحيث شجّعني كثيراً وكان أوّل إنجاز حقيقيّ لي كفنّانة.

 

برزت لوحاتك وإبداعاتك الأخرى في الكثير من المعارض الخاصّة والعامّة في لبنان ودبي. هل ثمّة مكان معيّن تودّين عرض أعمالك فيه في المستقبل؟
أودّ طرح أعمالي في Art Basel في Miami Beach أو في Tokyo Art Fair. بحيث أريد أن أكون جزءاً من أحد هذه المعارض الفنيّة التي تجمع مبدعين من جميع أنحاء العالم، إذ دائماً ما أتحمّس لإظهار عالمي للناس واكتشاف عوالم جديدة وإجراء المناقشات مع فنانين آخرين ومع عشّاق الفنّ القادمين من مختلف الأماكن والخلفيّات. وأتمنّى بعد مرحلة كورونا أن أتمكّن بالفعل من المشاركة في أحد هذه المعارض. 

اقرئي أيضاً: Layla Abuzaid: لطالما كان تطوير الأعمال التجاريّة شغفي وسيبقى دافعي

العلامات: Rachel K

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث