Nez Gebreel: تخيّلوا فقط التأثير الذي قد نتركه إذا ما كان صوتنا واحداً

نشأت Nez Gebreel في بيئة من الفنون والحرف، ما جعلها تنمّي حسّها الحرفيّ. واليوم هي لا تتمتّع بخبرة كبيرة في تطوير العلامات التجاريّة العالميّة وإدارتها وتصميم النسيج فحسب بل هي مستشارة ومرشدة وأمّ أيضاً. كذلك شغلت منصب الرئيسة التنفيذيّة السابقة لمجلس دبي للتصميم والأزياء DDFC. خبرات عدّة في مجالات مختلفة تجعلنا نقف عند آرائها اليوم بما يخصّ مواضيع كثيرة أبرزها تطوّرات الوضع الإعلامي وتحديّاته والإستراتيجيّات التي يجب أن تعتمدها وسائل الإعلام لتخطّي الأزمات. 

كيف تنجحين في التوفيق بين كلّ المهام التي تقومين بها؟ وأيّ من المجالات يساعدك على التعبير عن نفسك بشكل أفضل أو تجدين أنه يكمّل شخصيّتك؟ 
هذا سؤال رائع جداً. والحقيقة أنّ أمي Nawal Gebreel مصمّمة نسيج ومعلّمة في هذه الصناعة. أمّا أنا، فأحب ممارسة هوايتي فحسب، نظراً إلى أنّني نشأت في بيئة من الفنون والحرف! ممّا يعلّل السبب الذي يجعلني أحبّ الشعور بملمس النسيج وأستمتع باستخدام قلم الرصاص، لا سيّما عند رسم الشكل والوجه البشريّ. وأعتقد أنّنا معقّدون جداً كبشر ولدينا القدرة على بذل القدر الذي نحتاجه من الجهد عقليّاً وجسديّاً. وأجد أنّني كلّما فعلت ذلك، زاد شعوري بالراحة والهدوء. ففي معظم حياتي، مثلت مسيرتي المهنيّة دافعاً لي وكدت أفقد نفسي فيها. غير أنّ صحوتي حصلت عندما تلقّيت مكالمة تفيدني بتشخيص والدتي بالسرطان الذي نجت منه بعد صراع دام 15 عاماً. فحينها، أدركت أنه ليس لديّ الوقت ولا الحياة لنفسي أو للعائلة والأصدقاء. ومنذ تلك اللحظة حتّى الآن، توصّلت إلى توازن بين العمل والحياة الشخصيّة. ولهذا السبب تماماً، غالباً ما اخترت عدم التّحدث كثيراً عن العمل مع الأصدقاء كي لا يستهلك الأمر قواي بالكامل. أمّا بالنسبة إلى أنّني مرشدة وأمّ، فضلاً عن بناء علامة تجاريّة خاصّة بي، فالأمر يتعلّق بالرعاية والإصغاء والانخراط العاطفيّ بالشكل الصحيح أو الخاطئ. حيث أنّ الطريقة التي أرتمي فيها في هذه المهام تجعل تلك المغامرات مجزيّة ولو كانت مرهقة، خصوصاً لجهة الأمومة. غير أنّني لن أغير أيّ تفصيل من حياتي، لا بل أحب كلّ لحظة منها.

بصفتك الرئيسة التنفيذيّة السابقة لمجلس دبي للتصميم والأزياء DDFC، ما رأيك في أسابيع التصميم اوالموضة الرقميّة؟
تدور الموضة حول الإلهام، وغالباً ما يتحدّث الناس عن حبّهم للأزياء وكيف يرصدون أصداءها من أسابيع الموضة أو من "رائحة" القطع أو "ملمسها". لذا سيكون من المحزن فقدان عنصر المشاركة الحقيقيّة. وعلى الرغم من ذلك، أجد أنّ صناعتنا الإبداعيّة في المنطقة تتمتّع بقوة حقيقيّة من شأنها أن تفسح المجال أمام المصمّمين ليظهروا أنفسهم رقميّاً. بحيث لدينا مصمّمون ومصوّرون ومخرجون مذهلون. وأعتقد أنّه يمكننا البناء على ذلك، والمضي قدماً به حتى الريادة في هذا المجال وهذا ما يشعل حماستي تماماً.

هل تغيّرت وجهات نظرك حول استراتيجيّات تنظيم المشاريع والإعلام والحياة منذ عمليّات الإغلاق والحجر وجميع الإجراءات الدوليّة التي جعلت البشر يتحوّلون من وتيرة سريعة إلى أسلوب أكثر بطئاً؟
لطالما علّقت أهمية كبرى على التواصل في أصدق صوره، ووجدت أنّ الأبسط أفضل لأنّني لا أحبّ الضوضاء. وينطبق ذلك على مسائل الحياة أيضاً، لذا أعتبر أنّ هذا الوباء الذي أعادنا إلى الواقع الحادّ، مثّل درساً مهماً وتذكيراً بالأساسيّات للكثيرين منّا، بمن فيهم أنا. فضلاً عن ذلك، لاحظنا أيضاً وجود هوّة كبيرة بين أولئك الذين ينجون ويكملون حياتهم جيداً، وبين أولئك الذين بالكاد ينجحون في البقاء. من هنا، وبما أنّ كورونا لا يعرف أيّ حدود من حيث العرق أو الطبقة الاجتماعيّة، برز الفيروس كعامل مساواة قويّ. لذلك، ازداد تركيزي على مَن هم حولي وعلى مجتمعي، لا سيّما لأنّني مغتربة بعيدة عن عائلتي وعن بيئتهم. وبعد أن رأينا أيضاً أنّ الأرض قادرة على التجدّد، شعرنا بتأثير خياراتنا اليوميّة وكيف قد نحتاج إلى تغييرها. ومن الأمور الأخرى التي أصبحت واضحة، ما إذا كانت العلامات التجاريّة أو وسائل الإعلام أو المؤّثرات يعرفون مَن هو جمهورهم وما الذي يشعرون به وما يحتاجون إليه. وفي خلال هذه الفترة، بات الكثير من هؤلاء غير متّصلين بالواقع على الإطلاق.

كيف تحدّدين دور وسائل الإعلام في نشر الوعي ومساعدة مجتمعاتنا على تخطّي الأزمات أمثال جائحة كورونا؟
مثّل الوباء لحظة حاسمة للكثير من القنوات الإعلاميّة. بحيث تمكّن البعض من إبقائنا على اطّلاع جيّد بدون اعتماد سياسة التخويف، لا بل بالتركيز على الصحّة العقليّة والجسديّة أيضاً. في الوقت الذي أصبح آخرون على غير صلة بالواقع وأظهروا عن عدم فهمهم لقرّائهم، الأمر الذي تطرّقت إليه أعلاه. بالمقابل، تمكنّت الكثير من وسائل الإعلام من العمل معاً والتركيز على توحيد صفوف المجتمع ودعمه. وأحببت أنّه كان ثمة الكثير من الدعم للشركات الصغيرة والمحليّة بالإضافة إلى الدعم العاطفيّ الذي يحتاجه الكثيرون. وتجدر الإشارة إلى الفكاهة التي شكّلت أيضاً عاملاً رئيساً. أمّا بالنسبة إلى مجال النشر على وجه الخصوص، فإنّ عدم وجود اتّصال بشريّ جعل إنشاء المحتوى أمراً صعباً جداً، ولكنّه دفع فرق الإبداع والتحرير إلى تميّز البعض وتمكّنوا من إظهار عبقريّتهم الحقيقيّة.

كيف تنظرين شخصيّاً إلى التغييرات التي طرأت على هذا المجال بعد الجائحة؟
على غرار مختلف الصناعات، حصلت الكثير من التحوّلات الصعبة في هذا المجال، وتمثّلت في العامل البشري بشكل أساسي مع فقدان الكثيرين لوظائفهم، حيث تحتّم على القطاع التكيّف وإيجاد طرق جديدة لتدفقات الإيرادات والتواصل مع الجمهور. ولربّما يمكننا القول إنّ هذا كان طريقاً لا بدّ لنا من سلوكه على أيّ حال، وأنّ الوباء أدّى إلى تسريع هذا الأمر، ممّا هزّنا ولم نكن بأغلبيّتنا مستعدين له.

ما الميزات الفريدة التي يتمتّع بها قطاع الإعلام في دبي والتي تستحق الاحتفاء بها؟
إنّنا مجتمع صغير اعتدنا أن نجتمع على أساس أسبوعيّ في الأوقات العادية أو حتى يوميّاً في أوقات الذروة. والرائع أنّه ثمّة كرم ودعم حقيقيّان في المجتمعات الصغيرة الطيّبة مثل المجتمع الذي لدينا هنا. كذلك، فإنّنا نطال منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على نطاق أوسع ممّا يعني الكثير من التنوّع في الاتصال. والمميّز أنّ ثقافتنا غنيّة بحيث يمكن أن توفر لنا الكثير لنتحدّث عنه ونعرضه.

بناءً على فهمك الخاص للمجال الإعلاميّ في دبي، ما الذي يجب فعله برأيك للاستجابة بالطريقة الصحيحة للتحديات الحاليّة والعودة أقوى من ذي قبل؟
أرى أنّه يجب التركيز على الاستفادة من المجتمع الإبداعيّ الإقليميّ، وتوظيف أشخاص من العالم العربيّ. فضلاً عن التركيز على اللغة العربيّة ضمن متناولها الواسع. وأعلم أنّ الكثيرون يفعلون ذلك بالفعل، إنّما يمكن فعل المزيد برأيي. كذلك، أشعر أيضاً بأنّ وسائل الإعلام بحاجة إلى التعمّق في قطاع التعليم والمدارس والمساعدة على بناء مواهب المستقبل. ولست أتحدّث عن الفرق الإبداعيّة فحسب، لا بل عن الأصوات المستقبليّة للمنطقة من حيث فرق التحرير والوسائط الأوسع نطاقاً. بعبارة أخرى، علينا تولّي مسؤوليّة الإرشاد كصناعة. ونلاحظ أنّ الكثيرين تحّولوا نحو المناسبات للتعويض عن الانكماشات الكثيرة في الصناعة، غير أنّ هذا المجال انهار بدوره أثناء الوباء. لكن لحسن الحظ مع هؤلاء الرؤساء المبدعين، أنا متأكّدة من أنّ الصناعة ستعود بطرق جديدة لتنويع هذا المجال أو تطويره مع الحفاظ على الإجراءات الوقائيّة.

كيف ترين أنّه من شأن الشركات الإعلاميّة أن تدعم بعضها على الرغم من المنافسة في السوق؟
إنّ المنافسة مهمّة وتدفعنا إلى الإتيان بأفكار ومعايير جديدة. ومع ذلك، تبقى الناحية الاحترافيّة الأهمّ. وبصراحة، لا أحبّ النهج غير المتعاون على الإطلاق، ولا النقد والرفض العلني الذي لا داعي له. لأنّه من السهل جداً القيام بذلك، حتى أنّه يظهر عن عدم النضج وانعدام الثقة والأمان. ولدينا القوة لتغيير حال المنطقة وصورتها. واليوم مع نقل المطبوعات إلى الإنترنت ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي، يمكننا رفع هذا الصوت وإيصاله إلى المستوى العالمي. تخيّلوا فقط التأثير الذي قد نتركه إذا ما كان صوتنا واحداً. وكلّما تفوّقنا، زاد الاهتمام الإيجابي الذي نوليه لأنفسنا ومنطقتنا. ومن المفيد للجميع الحصول على هذا النوع من الأضواء لنلمع جميعاً معاً. إذاً آمل أن نصل إلى مستقبل حيث يمكننا جميعاً الازدهار. 

اقرئي أيضاً: Josette Awwad: إنّنا جميعاً في هذا العمل وسنواجه تحديّات مماثلة دوماً وننهض معاً مرّة أخرى

العلامات: Nez Gebreel

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث