Honourable Lujaina Mohsin Darwish: لا تدعي خوفك من المجهول يردعك

​عُرفت بنشاطاتها الملهمة وريادتها في تمكين المرأة العُمانية وإلهامها. إنّها المكرّمة لجينة محسن درويش التي ساهمت عبر شركة عائلتها في تأمين فرص كثيرة للنساء العمانيّات حيث تصل نسبتهنّ اليوم في مجموعة محسن حيدر درويش إلى 77.3%! ومن إدارة الشركة العائليّة إلى عضويّة مجلس الشورى ومن ثمّ عضويّة مجلس الدولة العُماني، برعت المكرّمة لجينة في العمل لمصلحة مجتمعها. رافقينا في يلي للتعرّف أكثر إلى هذه القائدة العُمانية صاحبة الرؤية الملهمة!

اقرئي أيضاً: Nour Hage: العيش كامرأة في هذا العالم هو بحدّ ذاته تصريح سياسيّ واجتماعيّ

ما هي الدروس الأساسيّة التي تعلّمتها من والدك قبل أن تصبحي رائدة أعمال والتي تعلّمينها اليوم لبناتك؟
كان والدي المرحوم محسن حيدر درويش شخصيّة متميّزة وقد برع في كلّ جوانب الحياة. وكلّ ما أنا عليه اليوم هو بفضل توجيهه وإرشاده. عندما كنت أراقبه، شعرتُ بأنّ ما من شيء مستحيل، فلطالما كان مصدر إلهام بالنسبة إليّ على الصعيدين الشخصيّ والمهنيّ. لقد علّمني والدي الكثير من الدروس المهمّة خلال نشأتي. وشكّل أبرزهما مصدر تحفيز دائماً بالنسبة إليّ، وهما ألّا نستسلم أبداً مهما واجهتنا التحديّات، وأن تكون أحلامنا كبيرة ونسعى دائماً لتحقيق أهدافنا. كان والدي رجل مبادئ واهتمّ كثيراً بسمعته وسمعة الشركة ولم يساوم عليها بأيّ ثمن. كان عادلاً ومنصفاً في تعامله مع الناس ولا يميّز في ما بينهم على أساس مركزهم أو مكانتهم الاجتماعيّة. وأراد أن يكون الناس صادقين وشجّعنا على أن نكون كذلك دائماً. بالإضافة إلى ذلك، كان رجلاً متواضعاً جدّاً وحرص على تربيتنا على القيم نفسها. وتماماً مثل والدي، أودّ أن أكون مثالاً أعلى لبناتي، من خلال زرع فضائل العزم والتصميم وأخلاقيّات العمل الجيّدة فيهنّ وحثّهنّ على الالتزام بمبادئهنّ وقيمهنّ الإنسانيّة بغض النظر عن النتائج. وبما أنّني أدرك أنّ الأولاد يتعلّمون أكثر من سلوك والديهم، أحرص على التمسّك بالقيم التي أريدهنّ أن يكتسبنَها.

هلّا تخبرينا عن مساهمتك في تمكين النساء من خلال المنظّمات الكثيرة التي أنت جزء منها؟ 
لطالما منحت عُمان المرأة فرص متكافئة منذ بداية النهضة المباركة عام 1970 في عهد جلالة السلطان قابوس بن سعيد رحمه الله. ويسير جلالة السلطان هيثم بن طارق على المسار نفسه أيضاً. وأشعر بأنّني محظوظة لأنّني ولدتُ في بلد مثل عُمان حيث كان تمكين المرأة بمثابة عقيدة راسخة. أرى أنّ المرأة العُمانية تتمتّع بإمكانيّات هائلة وقد سعيتُ دائماً لمنحها الفرصة والسبل للنمو.
في العام 1994، عندما انضممت إلى شركة محسن حيدر درويش ش.م. أردتُ الانضمام إلى قسم التسويق، لكنّ والدي شجّعني على استلام مسؤوليّة قسم الموارد البشرية HR لأنّها بمثابة العمود الفقري للشركة. وقد منحني ذلك فرصة لتوظيف عدد من النساء العُمانيات وتدريبهنّ وترقيتهنّ. واليوم أصبح بعضهنّ في مناصب عليا وأنا فخورة جدّاً بهنّ.
وعلى غرار ذلك، فإنّ ارتباطي بالمنظّمات المتعدّدة يتيح لي القيام بدور إرشادي للنساء من مختلف المجالات. وبصفتي عضواً في منتدى المرأة الخليجيّة، وجمعيّة المرأة العُمانية، ولجنة سيّدات الأعمال في غرفة التجارة والصناعة في عُمان وغيرها، عملت على دعم رائدات الأعمال وتشجيعهنّ. أنا منفتحة للجميع ويمكن لأيّ شخص يحتاج إلى المساعدة والإرشاد أن يجدني. كما أنّ موقعي الإلكترونيّ الخاصّ lujainamdarwish.com ومنصّات التواصل الاجتماعية تمنحني فرصة لمشاركة معرفتي والتفاعل مع جمهور أكبر.

لماذا قرّرت الانتقال من التجارة إلى السياسة؟ ما هي الرؤية التي كنت تتمتّعين بها والتي دفعتك إلى سلك هذا الاتّجاه؟
لم أترك العمل التجاري مطلقاً لكنّني أخذتُ على عاتقي مسؤوليّات إضافيّة في مجال الخدمة العامّة إلى جانب التزاماتي تجاه الشركة العائليّة. وجاء الإلهام في ذلك من والدي الذي لعب دوراً بارزاً في مجال الخدمة العامّة، وقرّرت السير على خطاه. وتتمثّل الرؤية الشاملة وراء ذلك في ردّ الجميل للمجتمع والبلد بطريقتي المتواضعة.

كيف أثّر انضمامك إلى مجلس الشورى العُماني وبعد ذلك إلى مجلس الدولة في شخصيّتك؟ ما كانت المسؤوليّات الجديدة الملقاة على عاتقك وما هو التغيير الإيجابي الذي تمكّنت من إحداثه من خلال هذه الأدوار؟
كان لشرف لي أن أُنتخَب مرّتين من ولاية مسقط كعضو في مجلس الشورى وكعضو في مجلس الدولة بمرسوم ملكي في العام 2015. لقد منحني ذلك فرصة لخدمة عُمان وشعبها وأنا ممتنّة جّداً لذلك. وبصفتي ممثلّة منتخَبة لولاية مسقط، كُلّفت بمسؤولية الاهتمام بالقضايا التي تواجه الناس في المحافظة ورفع مخاوفهم إلى السلطات المعنيّة. وبصفتي عضواً في مجلس الدولة، كنت جزءاً من عملية صنع السياسة، كمبادرات مختلفة تتعلّق بالاقتصاد والرعاية الاجتماعية وما إلى ذلك والتي يتمّ تقديمها إلى مجلس الدولة قبل دخولها حيّز التنفيذ. وكعضو في مجلس الدولة، قمت بدراسة وتبادل وجهات النظر حول قضايا متعدّدة ذات أهميّة وطنيّة.
ويسعدني أن أقول إننّي تمكّنت من إتمام مسؤوليّاتي في مجال الخدمة العامّة على أفضل وجه وبذلت كلّ جهدي لإحداث تغيير في حياة عدد من الأشخاص إلى جانب المساهمة في العمليّة التشريعيّة في عُمان. وقد ألهمتني الرؤية التي تمتّع بها والد النهضة العُمانية الحديثة، جلالة السلطان قابوس بن سعيد رحمه الله، بالإضافة إلى الزخم المتسارع للتقدّم في ظلّ القيادة الحكيمة لجلالة السلطان هيثم بن طارق.
ما هي التحديّات التي واجهتها خلال هذه المسيرة الملهمة؟ وكيف تختلف عن تلك التي تواجهها الشابّات اليوم؟
من المهمّ أن نعترف بأنّ التميّز لا يأتي من دون المصاعب والتّحديات. ونظراً إلى أنّ شركة محسن حيدر درويش ش.م. هي شركة عائليّة، فقد كانت هناك شكوك حول حنكتي، وما إذا كان بإمكاني إثبات أنّني خليفة مناسبة لأبي وما إلى ذلك. وعندما بدأت مسيرتي المهنيّة في الخدمة العامّة في التسعينات، قمت بتحديد مساري الخاصّ وأثبتّ قدراتي. وتواجه النساء حتّى اليوم التّحديات نفسها التي واجهها جيلي. فيتحمّلنَ عبء الاضطرار إلى إثبات أنفسهنّ باستمرار قبل أن يعترف الآخرون بهنّ. فتشكّل القواعد والضغوط المجتمعيّة عقبة أمامهنّ لاستكشاف آفاق جديدة. وأخيراً، إنّ إيجاد التوازن بين التزامهنّ تجاه العائلة ومكان العمل هو أيضاً عبء إضافيّ.

بالنظر إلى هذه المسيرة المتميّزة، هلّا تشاركيننا القيم الشخصيّة التي دفعتك دائماً للمضيّ قدماً؟
كما سبق وذكرت، لطالما استندتُ إلى القول المأثور "لتكن النجوم هدفك". بالرغم من أنّ بعض الأهداف بدت صعبة وغير واقعيّة أحياناً، إلّا أنّني لم أتوقّف يوماً عن السعي وراءها والعمل على تحقيقها. لقد تطلّب الأمر الكثير من الثقة بالنفس والتصميم والعمل الجادّ، لكن بالنظر إلى الوراء، فالأمر يستحقّ العناء. لطالما آمنتُ أيضاً بإحداث فارق من خلال المساهمة في المشهد الاجتماعي والاقتصادي الكبير في عُمان. وشكّل العطاء وردّ الجميل للمجتمع وللأمّة دافعاً رئيساً بالنسبة إليّ. وأخيراً، أنا أحبّ الناس ولطالما حاولتُ مساعدة زملائي وأصدقائي وتشجيعهم على تحقيق أحلامهم.

ما هي القضيّة المتعلّقة بالمرأة التي تعتبرينها ملحّة وبحاجة للتوعية لاسيّما اليوم بعد الجائحة؟
تأثير الوباء كان الأسوأ على النساء، إذ كان عليهنّ تحمّل مسؤوليات متعدّدة مثل مساعدة الأولاد في التعليم عن بعد والاهتمام باحتياجات أفراد العائلة الذين كانوا يعملون من المنزل والقيام بوظائفهنّ على أكمل وجه في الوقت نفسه. علاوة على ذلك، كنّ أيضاً في الخطوط الأماميّة كعاملات في القطاع الصحيّ. لذا أظنّ أنه من المهمّ الإشادة بالجهود التي بذلتها النساء خلال هذه الأوقات الصعبة، فساعدنَ على بناء المرونة المجتمعيّة. إنّما ثمّة مسألتان ملحّتان لا بدّ من معالجتهما فوراً، وهما الاهتمام بالتداعيات الاقتصاديّة للوباء على النساء التي تتمثّل بفقدان الوظيفة وخفض الرواتب وما إلى ذلك، ووضع سلامتهنّ الجسديّة والعقليّة في أعلى قائمة الأولويّات.

كونك امرأة ناجحة تؤدّي أدواراً متعدّدة في الحياة، هل لديك نصيحة خاصّة تشاركينها مع قارئاتنا حول التوفيق بين أدوارهنّ المختلفة؟
نصيحتي بسيطة جدّاً، أوّلاً لا تدعي خوفك من المجهول يردعك. إذا كنت تؤمنين بأنّك تملكين ما يلزم لتتحمّلي وظيفة أو مهمّة، ما فباشري فيها. ثانياً، من المهمّ تحديد الأولويات من بين المهام والمسؤوليّات المتعدّدة الملقاة على عاتقك بانتظام، لذا فإنّ إدارة الوقت غاية في الأهميّة. وأخيراً، لا تدعي أحداً يعترض طريقك نحو تحقيق أهدافك.

كونك قائدة وصاحبة رؤية، ما هو تعريفك الخاصّ للقيادة؟ وكيف تطبّقين ذلك على النساء من حولك؟
لطالما كانت القيادة بالنسبة إليّ تدور حول إبراز الأفضل لدى الآخرين. القائد هو الشخص الذي يمكن أن يمكّن الناس من تحقيق قدراتهم وتجاوز إمكانيّاتهم. لكنّ العائق الذي لاحظته هو أنّ النساء، حتّى لو كانت نواياهنّ حسنة، ينجذبنَ دوماً نحو الأشخاص الذين يشبهونهنّ أو يسلكنَ الطريق المعتاد. فيتطلّب الأمر قائداً حقيقياً ليقول "أنا بحاجة إلى شيء لأتحدّى نفسي." وقد يولّد هذا التّحدي إبداعاً وابتكاراً ونموّاً جديداً. ومن المهمّ أن تتعلّم النساء من هذا الدرس ويمضينَ قدماً.

ما مدى أهميّة مشاركة المرأة في صنع القرار برأيك وكيف تشجّعينها لتكون ناشطة وتبدأ بالتغيير في بلدها؟
أرى الكثير من الأمل الواعد لدى النساء، ولديهنّ دور أساسيّ في دفع عجلة النمو الاجتماعيّ والاقتصاديّ. وتعزّز مشاركة المرأة في صنع القرار التنوّع والشمول. وهذا بدوره يؤدّي إلى زيادة الوعي بالقضايا المتعلّقة بالمرأة واتّخاذ قرارات أكثر تعاطفاً معها. لذا أشجّع النساء على الحصول على تعليم جيّد، لأنّه لا يمكن تحقيق النموّ من دون تعليم. وبالإضافة إلى ذلك، يجب أن يكتسبنَ المهارات والمعرفة الضروريّة عن صنع السياسات والإدارة وعن القضايا التي تؤثر على الناس والمجتمع. ومن المهمّ أيضاً التحلّي بالقدرة على التواصل ومهارات التعامل مع الآخرين في الأوساط العامّة. فيمكن للمرأة أن تشكّل مصدر إلهام من أجل التقدّم وأن تضع قيماً ذات مغزى للأجيال القادمة كجزء من هيكل الإدارة، ويجب أن تسعى لذلك.

عندما تبحث شابّات الجيل الجديد عن رائدات الأعمال الناجحات، لا يرى بعضهنّ واقع أنّهنّ قد واجهنّ أيضاً عقبات وعملنَ بجدّ للوصول إلى ما هنّ عليه. كيف يجب برأيك أن يتعلّمنَ إدراك الفرص الجديدة في نكساتهنّ؟ وكيف تربطين ذلك بشعارك "لا توجد طرق مختصرة للنجاح"؟
من المهمّ أن نفهم أنّه لا مفرّ من التّحديات لأيّ رائدة أعمال، لكن لا وجود للانتكاسات الدائمة أو تلك التي لا يمكن التغلّب عليها. ويفتح التفاوض بشأن التّحديات الطريق أمام الفرص الجديدة، لذا من الضروري الاستمرار في السعي. كذلك، الانتكاسات هذه تجبر المرء على النظر إلى الأمور بطريقة أخرى، فيحصل على رؤى جديدة وأفضل في أغلب الأحيان. لا شيء يأتي بسهولة في الحياة، لذا كوني مستعدّة للمواجهة والتعثّر لأنّ طعم النجاح الذي تحقّقينه بعد العمل الجادّ المصحوب بالشغف مختلف كثيراً.

ما سبب حبّك لكرة القدم الذي دفعك لتصبحي أوّل امرأة في الخليج تترأس نادٍ لكرة القدم؟ وكيف تشجّعين المرأة العُمانية للمشاركة أكثر في مجال الرياضة؟
ليست كرة القدم مجرّد رياضة في عُمان، إنّها أيضاً جزء لا يتجزّأ من حياة معظم العُمانيّين فهم يلعبون ويتابعون اللعبة بشغف. ويمنحني الانضمام إلى مجلس إدارة الاتّحاد العُماني لكرة القدم الفرصة للمساعدة في هذه القضية في المنطقة وللتأثير في حياة عدد كبير من الناس. وأودّ أن أعرب عن امتناني لجميع أعضاء الاتّحاد على دعمهم لي. ونحن نعمل على تأسيس منشآت رياضيّة متعدّدة في أجزاء مختلفة من عُمان ليبدأ الشباب في المشاركة في رياضة من اختيارهم على المستوى الشعبيّ. فالرياضة ليست مفيدة فقط للصحّة، بل هي تكسبنا أيضاً المهارات الحياتيّة مثل العمل الجماعيّ والشغف والتصميم، لذا أنا أشجّع كلّ شابّة عُمانية على ذلك.

اقرئي أيضاً: Nadine Kaadan: يستحقّ كلّ الأولاد أن يروا أنفسهم في القصص التي يقرؤونها

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث