Dana Abdulbaqi: "أشجّع الشابات على الانضمام إلى صناعة النفط والغازلا سيّما وأنّ هذه الصناعة لا تزال تنمو"

التصوير: Waleed Dashash
​الإعداد: Dr. Carole Nakhle

يعدّ قطاع النفط والغاز أحد المحرّكات الكبرى للاقتصاد العالمي لا سيّما في منطقة الخليج إلاّ أنّ هذا القطاع الصناعي يتّسم بطابعه "الذكوري". وبغية استكتشاف المجال النسائي لقطاع النفط والغاز بشكل أفضل، أجرت ماري كلير العربيّة مقابلات مع شخصيّات محترفة لامعة من مختلف المهن في هذا القطاع بينهنّ مهندسة البترول المتخصّصة في التخطيط وإدارة الأداء، Dana Abdulbaqi.

يشتهر قطاع النفط على أنّه صناعة يهيمن عليها الذكور. كيف وجدت تجربتك في هذا المجال؟ هل واجهت أيّ تحديات نتيجةً لذلك وكيف تعاملت معها؟

لطالما كانت مسيرتي المهنيّة وتجربتي مع شركة "أرامكو السعوديّة" إيجابيّة، كما أنّ طريقة التعامل معي جيّدة جداً. ومع ذلك، تظهرالفروق بين الجندرين في جميع جوانب الحياة بما في ذلك مكان العمل. وعادةً ما تنبع هذه الاختلافات من العوامل الاجتماعيّة المتأصلة التي تؤثر على سلوكيات الرجال والنساء. فضلاً عن أنّ الصور النمطيّة المسبقة المتعلقة بأدوارالجندرين تتأثر بشكل عام بالعوامل الثقافيّة والتنشئة. وبالتالي من شأن هذه الاختلافات والصور النمطيّة أن تؤثر على قدرة الموظف على الأداء في مكان العمل. وشخصيّاً، بعد أن واجهت عقبات في العمل نتيجةً لهذه المشاكل المتعلّقة بالجندر، أرى أنّه لا بدّ من تسليط الضوء عليها ومناقشتها في بيئة مفتوحة حيث يمكن للموظفين أن يصبحوا أكثر إدراكاً لها. وصحيح أنّني قد اختبرت التعلّم والنجاح المستمرَين كمهندسة بترول في أرامكو السعودية، إنّما كما هو الحال مع أيّ صناعة أخرى، توجد عقبات في ما يتعلق بتقدّم الإناث الجديرات في سلسلة المراكز الإداريّة. لذا، أؤمن إيماناً راسخاً بأهميّة توفير منفذ حيث يمكن للموظفين الاجتماع معاً لمناقشة القضايا التي من شأنها تعزيز التفاعلات الاجتماعيّة بين الجندرين في مكان العمل ونأمل أن يكون لها تأثير إيجابي على بيئة العمل وثقافة الشركة.

ومن أجل التغلّب على التحديات التي تنشأ عن هذه الاختلافات بين الجندرين ، اتخذت وزميلتي في أرامكو السعودية زمام المبادرة لإنشاء مجموعة تشجّع على النقاش والحوار المفتوح بين الموظفين حول هذه الاختلافات. وأطلقنا هذه المجموعة التي تحمل اسم "قدوة" أم Qudwa رسميّاً في أبريل 2012، وهدفنا من خلالها إلى خلق الفرص حيث يمكن للموظفين الاجتماع معاً لمناقشة وفهم الاختلافات بين بعضهم البعض، وتحديداً الاختلافات المنسوبة إلى الجندر. ومن خلال هذا الحوار، علّقنا آمالنا على أنّه سيكون لدى الموظفين فرصة لمعرفة كيفيّة تطبيق الجندرين لمهارات معينة بشكل مختلف وكيف تختلف نظرتهم إلى المواقف. والهدف من ذلك، هو تثقيف الموظفين وإعدادهم للتغييرات في التّركيبة السكانيّة مع دخول المزيد من النساء إلى القوى العاملة في شركتنا. وبالإضافة إلى ذلك، أردنا تعزيز فهم الموظفين لهذه الاختلافات، للاستفادة من هذا الإدراك الجديد لزيادة الإنتاجيّة الإجماليّة للقوى العاملة مع تجنب أي احتكاك قد ينشأ إثرها أو التعامل مع الصراع بصورة إيجابيّة. هذا ونعتقد أيضاً أنّ معظم المهارات المستخدمة في مكان العمل محايدة بين الجندرين، ونأمل أن نتمكّن من خلال "قدوة" من القضاء على أيّ صور نمطية حول أدوار الجندرين.

هل لطالما اهتممت بصناعة النفط والغاز؟ ما الذي أثّر على اختيارك المهني؟

التقى والداي أثناء العمل في الشركة في أوائل السبعينات. حينما بدأ والدي الجيولوجي العمل مع الشركة بعقد لمدّة عامين تحوّل إلى أكثر من 30 عاماً من العمل مع أرامكو السعوديّة. وبالمثل، بدأت علاقات والدتي مع أرامكو السعوديّة عندما تمّ قبولها لتلقي منحة أرامكو السعودية لتعليمها الجامعي. وإثر ذلك، عمِلت في التدريب والتعاقد لأكثر من 20 عاماً. وهكذا جمعت أرامكو السعوديّة مساراتهما معاً، ممّا أتاح لهما فرصة بناء أسرة وحياة رائعة معاً - لذلك أشعر وشقيقاي الأكبر سنّاً بالامتنان الكبير لذلك. ومثل كثيرين ممّن ولدوا وترعرعوا في أرامكو السعوديّة - أشعر حقاً بأنّني مواطنة الشركة. وبقدر ما سافرنا وعشنا ودرسنا في الخارج - فإنّ علاقاتنا القويّة مع كلّ من الشركة والمملكة العربيّة السعوديّة كموطن لنا – دفعتنا دائماً إلى العودة إليهما.

إذاً كان للبيئة التي نشأت فيها تأثير قوي على إحساسي بذاتي وكيفيّة تقديري لحياتي المهنيّة ورؤيتي لها. والواقع أنّني لا أستطيع أن أقول إنّني لطالما عرفت أنّني أريد أن أصبح مهندسة بترول، غير أنّ والداي شجّعانا دائماً على تجربة أشياء جديدة ودعمانا في اختياراتنا الشخصيّة لجهة الدراسات والوظائف. لقد وفّرا لنا الفرصة والاتفتاح، إن كان من خلال السفر أو الكثير من الأنشطة التي شاركنا فيها أثناء نشأتنا، ممّا سمح لنا برؤية وتجربة الكثير من الثقافات المختلفة والتعرّف على أشياء جديدة. وهكذا فتحنا أعيننا على أمور جديدة كثيرة وأدركنا أن لا حدود لإمكاناتنا. إذاً نظراً إلى ما أتيح لي من انفتاح على الصناعة، ونشأتي بالقرب منها، لطالما أوقظ قطاع النفط والغاز اهتمامي. ولذلك، لا يوجد سبب محدّد لانضمامي إلى هذه الصناعة، ولكنّ اهتمامي بها قائم منذ أمد طويل.

هلّا وصفت لنا أكثر جوانب العمل متعةً؟

إنّ أرامكو السعودية شركة عالميّة يعمل فيها أكثر من 70000 موظّف من مختلف البلدان. لذا فالجانب الأكثر إمتاعاً في وظيفتي هو أن أكون جزءًا من ثقافة عالميّة متنوّعة وأعمل على مشاريع صعبة لشركة رائدة في هذه الصناعة.

هل يمكنك تسليط الضوء على بعضٍ من أبرز اللحظات والإنجازات التي تفتخرين بها في حياتك المهنيّة؟ أين ترين نفسك في السنوات الخمس المقبلة؟

كنت محظوظة جداً بالعمل في إصدار سندات شركة أرامكو السعوديّة وكذلك في الاكتتاب العام في سنة 2019. حيث كنت جزءًا من فريق التنفيذ بصفتي ممثل قطاع الشق العلوي. وفي الوقت الحالي، إنّني سعيدة حيث أنا. ولكن آمل أن أستفيد من خبرتي وخلفيّتي التعليميّة، المتمثّلة في شهادات علميّة في كلّ من هندسة البترول واقتصاديّات الطاقة، لاغتنام فرص التعلّم الإضافي والتقدّم الوظيفي حينما تسنح لي.

هل تنصحين شابات أخريات بالانضمام إلى قطاع صناعة النفط والغاز؟ إذا نعم، فلماذا؟

بالتأكيد أشجّع الشابات على الانضمام إلى صناعة النفط والغاز. لا سيّما وأنّ هذه الصناعة لا تزال تنمو وقد قطعت شوطاً طويلاً في دعم المرأة وتشجيعها.

إلى أي مدى تعتقدين أنّ التكنولوجيا الحديثة وخصوصاً الرقمنة، من شأنها أن تضاعف مشاركة المرأة في الصناعة؟

إنّ التطوّرات في التكنولوجيا والرقمنة في صناعة النفط والغاز قد أحرزا تقدماً كبيراً. إنّما لا أعتقد أنّ هذه التطورات التكنولوجيّة وتأثيراتها على مشاركة المرأة في الصناعة تتعلّق بالجندر أو بالقطاع. إذ دائماً ما سيصبح العالم مكاناً أصغر بفضل التكنولوجيا والرقمنة، ممّا يوفّر مزيداً من المرونة. ونتيجةً لذلك، أعتقد أنّ هذه المرونة المعزّزة ستدعو العقول الشابة من الذكور والإناث للانضمام إلى الصناعة.

اقرئي أيضاً: المهندسة سارة أكبر: "هذا العالم الجديد سيجلب فرصاً كبيرة للسيّدات المتمرّسات"

العلامات: Dana Abdulbaqi

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث