Carole Ghoson: معاً نتخطّى الصعاب

التصوير: Elie Fahed
الموقع: Hotel Albergo

"دائماً معاً" هو عنوان الكتاب الأخير لكارول وكارلوس غصن الذي يروي قصّة الرابط العاطفي الذي يجمع هذين الشخصين والذي منح كارلوس القوّة والحافز لتحدّي كلّ العوائق بينما كان يغادر اليابان ليعود إلى حبيبته التي منعته السلطات اليابانيّة من رؤيتها أو التواصل معها. وكان لنا شرف كبير بأن نلتقي السيّدة غصن في فندق Albergo في بيروت، حيث أخبرتنا عمّا حثّها وزوجها على تأليف هذا الكتاب وأعطتنا إيجابات على أسئلة كانت تراودنا.

اقرئي أيضاً: العلم في خدمة خصوبة المرأة

هل يرتكز الكتاب على علاقة الحبّ والثقة التي تجمعك بالسيّد غصن أو على وجوده في اليابان وطريقة خروجه منها؟
في الواقع، ارتكز الكتاب الأخير الذي ألّفته وكارلوس على علاقتنا الشخصيّة والخاصّة أكثر منه على عودة زوجي إلى لبنان عندما وجد طريقة لمغادرة اليابان. فقد وثّقنا الألم الشديد الذي عشناه بسبب الفراق القسريّ الذي أُجبرنا عليه رغماً عنّا والذي يتخالف مع كلّ الحقوق القانونيّة والإنسانيّة التي يتمتّع بها شخصان متزوّجان. فأنا لا أتمنّى أن يعيش أي ثنائيّ متزوّج هذا الضغط ومرارة هذه التجربة الأليمة والمجحفة بحقّنا.

من خلال هذه التجربة، اكتشفت المعنى الحقيقي للصداقة. هل تتكوّن صداقات حقيقيّة خارج نطاق العائلة برأيك؟
فتحت هذه التجربة عينيّ على المعنى الحقيقيّ للصداقة، إلى جانب الدعم الهائل طبعاً من العائلة القريبة. فكان الأصدقاء المقرّبون وحتّى معارفنا مصدراً قويّاً للدعم والتشجيع على عدم الاستسلام ولا سيّما على المضيّ قدماً في النضال الإنسانيّ نحو العدالة ونحو إظهار الحقيقة وظروف التلاعب الذي كان زوجي ضحيّتها والظلم في قضيّة سجنه. لكن من ناحية أخرى، ذقنا مرارة البعد والمسافات التي منعتنا من الحصول على دعم بعض الأصدقاء الذين كانوا مقرّبين منّا لأسباب تخصّهم. وأوّد أيضاً الإشارة والتأكيد على تعاطف عدد كبير من اليابانيّين الذين أظهروا لنا مودّتهم في اليابان في الأماكن العامّة أثناء حجزنا في الأراضي اليابانيّة. 

بعد التجربة المريرة التي عاشها السيّد غصن في شركة عالميّة، هل تكبر برأيك المشاكل كلّما كبر حجم الشركة أو أنّ المشكلة الحقيقيّة مرتبطة بالأشخاص وليس بحجم الشركة؟ وهل تعتقدين أنّ العمل المستقلّ بعيداً عن الشركات العالميّة الكبيرة أفضل؟
لا أظنّ أنّ العمل في شركة صغيرة أو متوسّطة أو كبيرة أو حتّى شركة خاصّة أو عمل خاصّ هو الإشكاليّة والسؤال الفلسفيّ الذي يطرح حول التجربة المريرة التي عاشها كارلوس. فمشكلة كارلوس كانت سياسيّة بحتة. من خلال المناصب التي شغلها، كان قد وصل إلى مستوى يتمتّع فيه بسلطة كبيرة ممّا أزعج الدول المعنيّة ومصالحها في الاستراتيجيّات والقضايا الاقتصاديّة لشركاتها متعدّدة الجنسيّات. لكن بالرغم من ذلك لا يسعنا أن ننكر كلّ الغدر والتلاعب والخيانة من الأشخاص المتعاونين المقرّبين والزملاء المحترفين لأسباب ودوافع خاصّة... وبأيّ حال، سبق وذكرنا أسماءهم أكثر من مرّة. 
هل شعرت بخطر حقيقيّ في أوقات معيّنة أثناء اعتقال السيّد غصن في اليابان؟ 
في الواقع، لم أشعر وعائلتي بأنّنا في خطر بالرغم من تورّط كلّ الأطراف والشخصيّات المهمّة من شركات متعدّدة الجنسيات ودول كبيرة، والتي قد تكون مخيفة وخانقة. وقد أرسلت شركة Nissan عملاء لدخول منازلنا بشكل غير قانونيّ ومتابعتنا والتجسّس علينا. لكنّني لا أخفي أنّني شعرت بقلق كبير، عندما دخلت الشرطة الساعة الخامسة صباحاً مع المدّعين إلى منزلنا للقبض على كارلوس. وبطبيعة الحال، كنّا نرتدي ملابس النوم ولم نصحوا بعد بالكامل. سلبوني هاتفي وأوراقي وغطّوا كاميرا المراقبة التي كان قد فرضها القاضي.وحاولت بكلّ ما فيّ من قوّة أن أبقى هادئة، لكنّني فقدت أعصابي، فرغم كلّ شيء، ما زلت إنسان، وصعقتني رؤية زوجي بكرامته وكبريائه يغادر مقيّد اليدين إلى سجن كوسوجي.

ذُكر في الكتاب أنّك لم تكوني على علمٍ بعمليّة خروج السيّد غصن من اليابان. هل كنت ستوافقين لو علمت؟
صحيح، لم أكن على علم بالخطّة التي وضعها كارلوس لمغادرة اليابان، وكنت حتماً سأعارضها بشكل قاطع لو علمت بشأنها. كانت العواقب لتكون كارثية بالنسبة لنا لو فشلت الخطّة لأنّنا كنّا سنُسجن مباشرةً وكان سيُحكم بـ15 عاماً في السجن على الأقلّ. أمّا في ما يتعلّق بكارلوس، فإنّ وجهة نظره مفهومة. وبالنسبة إليه سواء بقي أو فشلت خطّته، فإنّ العواقب هي نفسها: احتجازه في اليابان لمدّة 15 عاماً تقريباً. وعند عودته إلى لبنان، اعترف كارلوس أنّه ظنّ أنّه سيموت في اليابان! وبدلاً من الانتظار لسنوات حتّى تبدأ محاكمته ومع احتمال سجنه بنسبة تصل إلى 99.4٪ في اليابان، لم يتردّد زوجي في المخاطرة. أمّا الدافع الذي حثّه على القيام بهذا الخيار فهو منع المحكمة اليابانيّة له من رؤيتي والتواصل معي. فلم يكن ليفكّر في مغادرة اليابان لو سمحت لنا المحكمة برؤية بعضنا البعض، وهذا أمر إنسانيّ ولا يتعلّق بأي شكل من أشكال الامتيازات.
بعد التجربة الأليمة التي عشتها، ما هو رأيك اليوم في الهيئات القانونيّة في العالم وفي العمل الذي تقوم به؟
في ما يتعلق بالهيئات القانونيّة، تتمتّع كلّ دولة بنظامها وقوانينها الخاصّة، لكن بالنسبة إلى اليابان، إنّه وللأسف الشديد أمر مخيب للأمل. كنّا نظنّ أنّ النظام يتماشى والصورة الديمقراطيّة والإنسانيّة التي تعطيها البلاد عنه. لكن هذا أبعد ما يكون عن الواقع الحقيقي. فيحكم المدّعون العامّون هناك ظلماً من دون احتمال براءة الشخص بل العكس تماماً. وأودّ أن أحذّر اليوم حتّى المسافرين لتوخّي الحذر عند وصولهم إلى هناك لأنّهم قد يجدوا أنفسهم محاصرين وعاجزين. وأشعر بمرارة هائلة تجاه النظام والحكم في اليابان. لكنّ ذلك لا يؤثّر أبداً على حبّنا لشعب هذا البلد وتفانيه في العمل وأسلوب الحياة في البلد ونظافته وثقافته. وأعتقد أنّ شهادة زوجي وقضيّة سجنه ستثير ضجّة في نظام العدالة في اليابان.

تصفين في الكتاب موقفاً عشته مع السيّد غصن حيث سُلبت منكما حرّيتكما. كيف ترين الحريّة اليوم؟ وما الذي يعنيه لك أن تكوني امرأة حرّة ومتحرّرة؟
لا أتمنى لأيّ شخص ولا سيّما لأيّ امرأة أن تعيش تجربة مماثلة لتجربتي. وفي أحد الأيّام أراد Nicolas Sarkozy أن يعطيني بعض الأمل فقال لي "سيّدة غصن، كلّ قصّة ولها نهاية"، ولحسن الحظّ انتهت محنتنا اليوم ونحن نشعر بالأمان في بلدنا لبنان حيث يحبّنا الجميع ويؤمنون بنا ويحموننا. وفي النهاية، بعد هذه المغامرة التي عاشها زوجي، هو يمثّل بنظري نموذجاً للرجل الحرّ والشجاع بشكل خاصّ... وحبّنا كان الدافع بالطبع!

اقرئي أيضاً: Muna AbuSulayman: فتيات ونساء انتظرنَ من يمهّد الطريق لتغيير حكم المجتمع على النساء

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث