Azza Al Qubaisi: كثر يتعرّفون على أعمالي عبر ارتباطها بالهويّة والأحرف العربيّة والأسلوب البسيط

بعد تخرّجها من جامعة Chelsea College of Art & Design وجامعة London Guildhall University حيث درست تصميم المجوهرات والحرف اليدويّة، أضحت عزة القبيسي الرائدة الأولى في مجال تصميم المجوهرات وابتكارها في دولة الإمارات العربيّة المتّحدة. وما لبثت أن وسّعت نشاطاتها الفنيّة، حتّى أبدعت في النحت وتصميم المنتجات والهدايا والجوائز كونها تحبّ أيضاً استكشاف المعادن والمواد الطبيعيّة وتجربتها. وقد عُرضت أعمالها الفنّيّة الرائعة في مناطق مختلفة حول العالم ونُشرت في كتُب متعدّدة. رافقينا للتعرّف أكثر على عالم المصمّمة والفنّانة الإماراتيّة السبّاقة وحبّها للحِرف اليدويّة والتصميم! 

اقرئي أيضاً: Carole Ghoson: معاً نتخطّى الصعاب

بين تصميم المجوهرات والفنّ، إلى أيّ مجال يميل قلبك وما هو الطابع المشترك الذي سيتميّز به عمل فنيّ أو قطعة مجوهرات تحمل توقيعك؟
الفنّ هو الأساس بالنسبة إليّ، فهذا ما يجعلني أبرع في التصميم بحيث أردت أن أجد الطريقة الفضلى لأكرّس كلّ وقتي للفنّ. وكان التصميم هو الخيار المناسب لأتمكّن من ابتكار منتج وكسب لقمة العيش أيضاً. وأظنّ أنّ الكثير من الناس يتعرّفون على أعمالي لأنّها كلّها ترتبط بالهويّة والأحرف العربيّة والأسلوب البسيط، فهذا ما يميّز ابتكاراتي. لا شكّ في أنّ هناك جوانب كثيرة تجمع بين أعمالي لكنّ أكثر ما يلاحظه الناس هو أنّ التصميم بسيط وذكيّ. فأحرص دائماً على تقديم قطع بسيطة لكن غنيّة في جوهرها.

هلّا تخبرينا كيف ترتبط أعمالك الفنيّة بالمجتمع الإماراتيّ وتمثّله؟
تتمحور أعمالي كلّها حول سرد قصّة عن جوانب مختلفة من شخصيّتي وعن هويّتي كإماراتيّة. وبدأت بقصّة الحياة وارتباطها بمدى أهميّة المياه في بلدنا. كما أنّ هناك مجموعات مختلفة ابتكرتها لتروي قصّة تنوّع اللؤلؤ والبيئة الصحراويّة والمرأة والبحث عن هويّتي كإماراتيّة. وقد استخدمت رموزاً كثيرة من بلدي، مثل النخلة والرمح في مجموعة أسميتها "البحث عن الهويّة". فتدور كلّ أعمالي حول اكتشافي هويّتي وثقافتي والتقاليد التي تتطوّر وتتغيّر وكيف أريد أن أحافظ عليها من خلال فنّي مثل حرق العود ومدى تكلفته. والجوانب الأخرى تتمثّل مثلاً في البرقع الذي ربطته بجدّتي حيث كنت أرى وجهها من خلاله وقد جسّدته في قطع من الذهب والفضّة التي تتزيّن بها المرأة. هذه هي الأعمال التي قدّمتها في بداية مسيرتي بعدما تخرّجت من الجامعة. فأنا أبحث عمّا يمثّلني ويجسّد شغفي. كما أنّني أهتمّ بالثقافة والتقاليد والبيئة المحليّة والقضايا البيئيّة، ويشكّل كلّ ذلك جزءاً من أعمالي الفنيّة.

أسّستِ مشروعين حكوميّين لدعم الحرف اليدوية وتطويرها وأنشأت أوّل منصّة لعرضها إلى جانب التصاميم المحليّة في أبو ظبي، "صنع في الإمارات العربيّة المتّحدة". ما أهميّة الحفاظ على الحرف هذه وتقديمها بطريقة معاصرة في الوقت نفسه وما هو دور الفنّانين الشباب في ذلك؟
من المهمّ جدّاً بالنسبة إليّ أن نحافظ على الحرف اليدويّة، وكوني فنّانة ومصمّمة تمكّنت من مرافقة تلك المشاريع منذ البداية وخلال فترة تطوّرها، سواء كانت منتجات أو تعاونات، فكلّ عمل منها يسلّط الضوء على الحرف اليدوية المختلفة. إنّه أمر مهمّ جدّاً لأنّ الحرف تربطنا بالماضي وكما قال صاحب السمو الشيخ زايد "من ليس لديه ماضٍ، ليس له حاضر ولا مستقبل"، وأنا أؤمن بذلك بشدّة وهذا ما أرتكز عليه في أعمالي. فمن المهمّ بالنسبة إليّ مثلاً أن أربط ما بين الجدّات والأمّهات من خلال شغفهنّ والإبداع الذي وظّفنَه بأيديهنّ في تلك القطع المعاصرة. ويشارك الكثير من المصمّمين والفنّانين الشباب في تطوير منتجات وتصاميم وخدمات حديثة تجمع بين تلك الحرف والثقافات في منتجات جديدة يمكن أن تكون جزءاً من حياتنا المعاصرة وما نحتاج إليه اليوم.

ما هي المسائل والقضايا المجتمعيّة التي تحبّين معالجتها أو الدفاع عنها أكثر من خلال أفكارك وأعمالك الفنيّة الفريدة؟
أعتقد أن هناك الكثير من القضايا التي أودّ معالجتها مثل الاستدامة والبيئة المحليّة الهشّة التي تحتاج إلى اهتمامنا ومحاولة الحفاظ على التوازن بين الثقافات والتقاليد المختلفة وكيف أنّ الإمارات العربيّة المتّحدة هي نقطة تلاقي الحضارات والثقافات. فأنا شخصيّاً مثال على ذلك، إذ أنّ أولادي من ثقافتين مختلفتين: إماراتيّة وسوريّة. ولا شكّ في أنّني أحاول معالجة تلك القضايا في أعمالي الفنيّة منذ بداية مسيرتي. وأعتقد أنّ تقديم أعمالي وعرضها في الأماكن العامّة وفي المهرجانات كان ضروريّاً من أجل التوعية والتطرّق إلى هذه المواضيع مع المجتمع.

عُرضت أعمالك الفنيّة في مناطق مختلفة حول العالم. هل لاحظت ردّات فعل مختلفة بحسب المواقع الجغرافيّة؟ وكيف يساهم الفنّ برأيك في بناء الجسور بين المجتمعات المختلفة؟
ممّا لا شكّ فيه أنّ الفنّ العامّ هو أداة لبناء الجسور بين الثقافات والمجتمعات. وفي المعرض الأوّل الذي أقمته، تقرّب منّي أحد الأشخاص وقال إنّ عملي فيه طابع اسكندنافيّ، فأدركت أنّ كلّ شخص لديه رؤيته الخاصّة فينظر إلى العمل بطريقته. وربّما كانت البساطة الموجودة في أعمالي وعلاقتي بالبيئة هي ما أوحت له بالطابع هذا، رغم أنّني كنت في حينها في لندن. وكانت ردّة الفعل تلك مهمّة بالنسبة إليّ، فجعلتني أرغب في أن أعبّر أكثر عن نفسي في أعمالي وبشغف أكبر. وقد قدّم لي الفنّ بشكل عام فرصاً كثيرة وغيّر نظرتي للعالم. فعندما أسافر وألتقي بأشخاص مختلفين من ثقافات متعدّدة، ألاحظ أنّ هناك الكثير من أوجه الشبه والأعمال الفنيّة البسيطة قد تفسح المجال أمام محادثات تتطرّق إلى مواضيع كثيرة. كما أنّ الفرص التي تُتاح لي كفنّانة مثيرة جدّاً للاهتمام، فطُلب منّي مثلاً تصميم جائزة لسباق الخيول في الولايات المتّحدة وهذا مثال على بناء الجسور بين المجتمعات. ففي الفنّ والتصميم، لا حدود لغويّة أو كلاميّة. وعندما ينظر أشخاص من بلدان مختلفة إلى أعمالي يرون فيها الكثير منّي ويتعرّفون على ثقافتي مثلاً وطريقة تفكيري التي أجسّدها في أعمالي من دون أن أنبس ببنت شفة. 

ما هي الرسالة التي توجّهينها اليوم كمصمّمة وفنّانة إماراتيّة للمرأة في الخليج العربي؟
أقول لكلّ امرأة في منطقة الخليج أن تبحث عن نفسها وتحاول أن تكتشف ذاتها، ولتجد ما يسعدها، فهذا أمر يعجز الكثيرون عن فعله. وكلّما فعلت ذلك مبكراً، كلّما ازدادت سعادتها ونجاحها كامرأة! 

اقرئي أيضاً: العلم في خدمة خصوبة المرأة

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث