Abeer Saqer: مهمّتي ليست تعريف المرضى على أفضل العلاجات فحسب، إنّما إرشادهم نحو مستقبل صحيّ وسعيد

التصوير : Joshua Michael - Shelton Headshots LA

بعد أن عاشت عبير صقر تجربة مريرة مع والدتها، قرّرت أن تنخرط في مجال الرعاية الطبّية لتوفّر للمرضى العناية التي كانت تتمنّى أن تحظى بها أمّها. وعلى مدى العقدين الماضيين طوّرت صقر خدماتها حتّى أضحت واحدة من أكثر الاستشاريّين ثقةً في العالم في إيجاد العلاجات الطبّية المبتكرة، ورائدة من روّاد السياحة الطبّية في العالم. وقد اعترف القادة الدوليّون والشخصيّات المرموقة، مثل الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش، بخدماتها الاستشارية وإنجازاتها في المجال الطبّي. لنتعرّف سويّاً في ما يلي على هذه المرأة الأردنيّة الأميركيّة الرائدة في مجالها التي تشغل حالياً منصب الرئيسة التنفيذية لـ"‏شبكة ميموريال انترناشونال للمرضى الدوليين". 

هلاّ شاركتنا كيف حوّلت قصّتك الشخصيّة مع والدتك الراحلة إلى دافع للقيام بهذا الخيار المهني والتّعمّق به وتطويره؟
يصعب عليّ اختصار قصّتي الشخصيّة مع والدتي رحمها الله، التي كانت الدافع لخياري المهني، بكلمات وأجوبة قصيرة... ولكن عندما تصاب الأمّ بمرض عضال كالسرطان تحديداً، تواجه العائلة أجمع تحديات كثيرة. فحين مرضت والدتي بسرطان الرحم، وتوفّيت بينما كنت في الحادية عشرة من عمري، كان عليها السفر باستمرار إلى لندن لتلقّي العلاج وتركنا في البيت. خلال هذا الوقت العصيب كنت أتمنّى أن أتواجد معها في الخارج لمساندتها ومؤازرتها، فلطالما تساءلت كيف كانت تقضي احتياجاتها وتدبّر أمورها الطبّية لوحدها.
كان لفقدان أمّي أثر عميق في نفسي وحزن سأحمله في قلبي إلى لأبد. ولكن كانت تجربتها محفزّاً لي لأعمل في مجال الرعاية الطبّية، فأنا اليوم أعتني بالمرضى كما لو كنت أعتني بأمّي بمنتهى الإيجابيّة والحماسة، ولا أوفّر لهم أفضل العلاجات الطبّية الجديدة والمتطوّرة بإشراف أهمّ المتخصّصين فحسب، بل أؤمّن لهم الراحة النفسيّة والطمأنينة لئلا يشعروا بالوحدة بعيداً عن عائلاتهم. فمعاناة مرض السرطان صعبة للغاية، فكيف لو كنت تصارعه بعيداً عن بيتك وعائلتك؟

من هيوستن إلى أبو ظبي والعالم العربي، هل يمكنك أن تحدّيثنا عن الخدمات الأساسيّة الإستشاريّة التي تقدّمينها وكيف تطوّرت عبر السنوات؟ 
على مدى عقدين من الزمن، أنشأت جسراً بين المجتمع الطبّي المزدهر في هيوستن والشرق الأوسط، كما جعلت تطوّرات تلك المدينة الطبّية الأميركيّة في متناول الناس من جميع أنحاء العالم وتحديداً العالم العربي. حين بدأت حياتي المهنيّة في مركز MD Anderson Cancer Center، أنشأت أوّل مركز دولي للمرضى، وكان تركيزي منصبّاً على الشرق الأوسط. ثمّ سوّقت للمؤتمر الأوّل لعلم الأورام لـMD Anderson في الكويت ونظّمته بحضور 22 متخصّصاً من أهمّ أطبّاء الأورام. بعدها وبدعم من رئيس بلدية هيوستن لي براون، أصبحت أبوظبي أوّل مدينة شقيقة في الشرق الأوسط لمدينة هيوستن. وقد أسفرت الشراكة الناجحة مع قيادة دولة الإمارات العربية المتحّدة عن تبرع بقيمة 150 مليون دولار من رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وموّله معهد الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الانسانية. وهو أكبر تبرّع قُدّم على الإطلاق لمؤسسة في مركز تكساس الطبّي لأبحاث السرطان. 
اليوم، وبعد سنوات على تسلّمي مهامي الإدارية كمديرة تنفيذية في Memorial International Patient Care Network، باتت رسالتي إدارة ورعاية المرضى من الألف إلى الياء وربطهم بالأطبّاء والمتخصّصين ومساعدتهم في ترتيب خطط العلاج وتنظيم الزيارات والرعاية الشخصية والاستباقية. مهمّتي ليست تعريف المرضى على أفضل العلاجات فحسب، إنّما إرشادهم نحو مستقبل صحّي وسعيد.

أنت لا تقدّمين المشورة الطبيّة فحسب بل الدعم العاطفيّ أيضاً. فما أهمّية توفير نظام دعم محفّز وعاطفيّ للمرضى؟ وكيف يمكن أن تساهم العائلة أيضاً على هذا الصعيد؟
صحيح، المشورة الطبّية هي أساس عملي، إنّما الدعم العاطفيّ مهمّ جداً لأنّه نوع من نظام مناعة للمريض، لذا أساعد مرضاي كما لو كنت أساعد أمّي. فأحيطهم كعائلتي وأقدّم لهم دائماً دعمي من خلال العثور على أحدث العلاجات المتاحة في الولايات المتحدة الأمريكيّة، إضافة إلى العطف والتفاؤل اللامتناهي. فالطريق إلى الصحّة والشفاء لا يقتصر على الطبّ فحسب، بل احتضانهم بالإيجابيّة والقوّة. 

ما هي الإجراءات التي تتّبعونها لتوفير بيئة آمنة وسعيدة وسليمة للمرضى ومساعدتهم على الشفاء مع التطلّع إلى مستقبل أفضل؟
نوّفر الخدمات العلاجيّة التي تتضمن مراجعة التقارير ومناقشة الحلول المطروحة لايجاد الأنسب والافضل للمريض، ونحدّد الأطبّاء المتخصّصين بالحالة المرضيّة، ونرتّب المواعيد وننسّق الرعاية بين الاستشاريين، ونقدّم إدارة علاجية مدروسة ومنظمة طوال فترة العلاج بكلّ مصاعبها. كذلك، نزوّد المريض وعائلته بما يلزمه من معلومات وقوائم للأماكن والأنشطة والمطاعم وغيرها خلال فترة تواجده في الولايات المتحدة بهدف تسهيل إقامته وضمان راحته وراحة عائلته النفسيّة. إضافةً إلى أنّني التزم حضور اللقاءات الأساسيّة والمهمّة بينهم وبين الفريق الطبّي وأقدّم لهم النصيحة وأوجّههم للبحث في تفاصيل أعمق قبل الإقدام على أيّ خطوة. من ناحية أخرى، نحن لا ننسى عائلة المريض التي تُعتبر الدعم الحقيقي للمريض والتي بالتالي تحتاج مساندتنا في مراحل العلاج. ويذكر أنّنا نقدّم المشورة لعلاج السرطان وجراحة القلب والصمّامات وجراحة المفاصل وجراحة الأعصاب والعامود الفقري وجراحة المسالك البولية المتطورة باستخدام الروبوت وجراحة التجميل وإعادة الترميم.

ما هي العوائق التي فرضتها جائحة كورونا على العمل الذي تقومين به وكيف تمكّنت من تخطّيها؟ 
من الصعب أن تتأثّر الرعاية الصحيّة لأنّ الحاجة للعلاج والمرض لا ينتظران جائحة، ولكن هذا لا يعني عدم وجود بعض العراقيل مثل صعوبة السفر بسبب توقّف الطيران إلخ. وقد أثّر ذلك بطريقة أو بأخرى حتّى أنّه سبّب توتراً كبيراً لدى المرضى وأدّى لتعطل خطط علاجيّة بسبب إعلان حالة الطوارئ في العالم أجمع. إلّا أنّنا استطعنا الاستمرار بدعم مرضانا عبر الإستشارات المرئيّة ومتابعة علاجهم من خلال طاقمهم الطبّي المتوفّر واستلزم منّا ذلك مجهوداً كبيراً لأنّه يحتاج إلى الدقّة في تناول المعلومات الصحيّة.

هل من معلومات خاطئة تتعلّق بالسياحة الطبيّة تريدين نشر الوعي حولها أو تصحيحها؟ وكيف ترين مستقبل السياحة الطبّية في الخليج العربي؟ 
العلاج الطبّي في الولايات المتّحدة الأميركيّة ليس للأغنياء فحسب، فهناك تأمين صحيّ مع شركات عالميّة أو منظمّات دولية ومحليّة تدعم السفر والعلاج في الخارج. من ناحية أخرى، مستقبل الخليج في السياحة الطبية كبير جداً حيث تتوفّر المراكز الطبيّة المجهزة بأحدث التقنيات وخبرات الطواقم الطبيّة وقد تكون أقل تكلفة من السفر للخارج.

اقرئي أيضاً: Anisa Al Raissi: تماماً مثل أيّ مسيرة في الحياة أو أيّ مهمّة شاقّة، يمكنك النجاح إذا قسّمتها إلى أجزاء صغيرة يمكن التحكّم فيها

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث