هنادي بدو وحلم نسج الثقافة الإماراتية من خلال الدمى المصنوعة يدوياً

الإعداد: Joe Challita

ورثت صانعة الدمى الإماراتية هنادي بدو المهارات الحرفيّة من أجيال من الأمهات في عائلتها ممّا ألهمها لابتكار دمى تراثيّة تجسّد الثقافة والعادات الإماراتيّة. وليست أعمالها مجرد قطع فنيّة رائعة تحافظ على التراث، إنّما هي أيضاً إبداعات آسرة، حيث يعكس كل خيط في نسيجها عملاً نابعاً من القلب.

ما الذي ألهمك للبدء في ابتكار الدمى الإماراتيّة التي تتميّز بالملابس التقليديّة؟

كانت فكرة ابتكار الدمى الإماراتيّة موجودة لديّ منذ الصغر. فلطالما أحببت الدمى وتساءلتُ لمَ لا تكون إماراتيّة. إلى أن تشجّعتُ وقرّرت تطبيق هذه الفكرة وبدأت بالفعل بتنفيذها.

هل ألهمك أحد أفراد عائلتك للبدء في ابتكار هذه الدمى الإماراتيّة الجميلة؟ وهل ورثتِ أيّ تقنيات أو مهارات حرفيّة من أفراد عائلتك؟

في الواقع، ألهمتني والدتي وعمّاتي فكنّ يحببنَ الخياطة، ولطالما جلستُ وراقبت أعمالهنّ وطريقة خياطتهنّ للملابس ولا سيما عندما يكون لدينا مولود جديد في العائلة فيخطنَ له الملابس واللوازم. واعتدتُ أخذ بقايا القماش الذي استخدمنه لأبتكر ملابس للدمى.

هلّا تخبرينا عن خلفيتك وكيف قادتك إلى أن تصبحي صانعة دمى؟

كنت أشغل وظيفة سابقاً، وأعود بعد الدوام فأرسم تصاميم للشخصيات التي أتخيّلها، فأبتكر شكلها وملابسها وشعرها وإكسسواراتها. وحتى أنّني كنت أمنح كلّ واحد من رسوماتي اسم خاصّ. وبعدئذٍ قرّرت أن أقدّم استقالتي من الوظيفة لأتفرّغ لهذا المشروع. فبدأتُ بالفعل العمل على الموضوع تدريجياً إلى أن قرّرت المضيّ بفكرة الدمى الإماراتيّة. وقد ساعدتني خلفيّتي في تصميم الأزياء والعباءات تحديداً في صناعة الدمى، وفبفضل التعليم الذاتي والموهبة والشغف والإصرار استطعتُ أن أقدّم أعمالاً جديدة لم تكن موجودة في دولة الإمارات من قبل.

ما هي التقنيات التي تستخدمينها لابتكار مثل هذه التفاصيل المعقّدة على الدمى الخاصّة بك؟

أنا أستخدم قماشاً خاصّاً للدمى فأستطيع أن أرسم عليه الوجه، تطلّب ذلك الكثير من البحث والتجريب حتى وصلت أخيراً إلى النتيجة التي أبحث عنها. أمّا بالنسبة إلى مقاس الجسم فبدأتُ أولاً بمقاس ورقة A3 وأردت أن تقف الدمية على حامل. كنت أختار المواد التي تعطي الدمى حقّها وتعكس فعلاً الصورة التي أتخيّلها عنها. وعندما أقتنع بالنتيجة النهائيّة وأحبّها أدرك أنّ الجمهور أيضاً سيحبّها والحمد لله أنّني توفّقت في هذا العمل.

كيف تدمجين عناصر التراث والفولكلور الإماراتيّ في تصميم الدمى؟

كما سبق وذكرت، كان شغفي أن أبتكر دمى فريدة وذات طابع إماراتيّ، سواء من ناحية الملابس أو تسريحة الشعر أو الشيلة والسروال والحنّاء والإكسسوارات الإماراتيّة التي كانت تستخدمها جدّاتنا سابقاً. فتمتاز بأزيائها مثل "الكندورة"المزدانة بتطريز "التلي". فكنت كلّما ذهبت إلى مكان تراثي، أراقب إطلالات الأطفال والبنات الصغيرات وملامحهنّ. فأرى مثلاً طفلة ترتدي مثلاً الكندورة الإماراتيّة المطرّزة بالتلي وتتزيّن بالحنّاء، وأخزّن كلّ تلك الصور في ذهني. ثمّ لدى عودتي إلى المنزل، أرسم ما رأيته أو أبدأ فوراً بالتنفيذ لكي لا أنسى فلا أؤجّل العمل أبداً، كما لو أنّني كنت أشاهد لوحة فنيّة فأعيد ابتكارها على طريقتي الخاصّة. وكنت مصرّة على صنع الدمى يدوياً وليس بالمكينة فلم أرد أن تبدو مثالية بل أن تحمل فعلاً طابع الحرف وتظهر بصمتي الخاصّة.

هلّا تخبرينا عن تفاصيل عملية ابتكار الدمى، بدءاً من الفكرة الأساسيّة وصولاً إلى المنتج النهائي؟

أبدأ أولاً برسم التصميم، ويجب أن أحصل على "تغذية بصريّة" وأستوحي من كلّ شيء، ففيما أسير مثلاً في مكان ما أبدأ بالتدقيق في الأشخاص وملامحهم وملابسهم. أمّا المقاس فهو بحجم ورقة A3 سواء كانت دمية رجل أو امرأة إنّما يختلف الخصر طبعاً فهيكل المرأة يكون مخصّر على عكس الرجل. أمّا الملابس فهي تقليديّة أي الكندورة بتطريز التلي والسروال للمرأة مع الحنّاء بأسلوب الروايب بالإضافة إلى الشعر والجدائل والإكسسوارات، أمّا الرجل فألبسه الكندورة الإماراتية "الحمدانية"ويختلف لونها طبعاً مع المواسم ويكون مثلاً الشال صوفي في الشتاء ومزدان بالنقش الإماراتي كما يمسك مثلاً العصا والخنجر.

اقرئي ايضًا:تعرفي معي الى اميرات سعوديات 

كيف تحرصين على أن تمثّل كلّ واحدة من الدمى التي تبتكرينها الأزياء والعادات الإماراتية التقليدية؟

أنا أصمّم دمى مخصّصة للفعاليات والمناسبات الإماراتيّة فأعمل حالياً مثلاً على دمية ترتدي أزياء خاصّة لاحتفال "حق الليلة" والتي تتميّز بالألوان المتعدّدة. وكما تجري التقاليد في هذه المناسبة، تحمل الدمية أيضاً كيساً مخصّصاً للحلويات التي توزّع في "حق الليلة". كما أنّني مثلاً أصمّم دمى بمناسبة اليوم الوطني الإماراتي، فترتدي الزي الإماراتي بألوان العلم الإماراتي والذي يتألّف من السروال والشيله المنقّذة والبوتيلة وتتزيّن بالإكسسوارات التقليديّة مثل هيار الرأس والمرية والمرتعشة بالإضافة إلى الحنّاء. وفي رمضان مثلاً تمسك الدمى الفوانيس أو طبق هريس أو ثريد. ولكلّ دمية هويّة إماراتيّة وجواز إماراتيّ يحمل اسمها وتكون الأسامي إماراتيّة قديمة مثل شما أو ميثاء للفتيات وزايد أو محمد أو فهد للشباب.

ما هو برأيك الدور الذي تلعبه الدمى التي تبتكرينها في الحفاظ على الثقافة والتراث الإماراتيّ وتعزيزهما؟

لقيت الدمى التي أبتكرها استحساناً كبيراً لدى الناس فيعجبون بالطريقة المبتكرة التي أنقل بها التراث الإماراتي. فيقول لي الجميع إنّهم يقصدونني لرؤية أعمالي على أرض الواقع بعدما سمعوا عنها. وهذا يجعلني أفتخر بنفسي وبهويّتي الإماراتيّة وبهذا العمل الذي يرضيني ويجعل دولتي فخورة بي. فردود الفعل هي نفسها سواء على الصعيد المحلّي أو الخليجي، ويكفيني أن أرى البهجة على وجوه الناس، فهذا ما يجعلني أستمرّ.

اقرئي ايضًا: Rhea Jacobs تطلق علامتها الصحية RHÉ

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث