مَن هي فعلاً Emma Sawko مؤسِّسة مطعم Wild & The Moon؟

إنّها "رائدة" بكلّ ما تحمله الكلمة من معنى، فخطوة تلو الأخرى تقوم بإرساء معايير جديدة تثبت من خلالها أنّه بإمكان البشر إيداع كوكب الأرض ليزدهر بين يد المرأة. رسالتها البيئة ثمّ البيئة، فهي تعي الهبة التي ننعم بها بفضل الطبيعة والخضار وكلّ ما بينهما، لذا ارتأت أن تكرّم دور الطبيعة الأمّ والمخلوقات التي تشاركنا هذا الكوكب من خلال مطعم وايلد آند ذي مون Wild & the Moon. هذه هي إيما ساوكو Emma Sawko التي تعرفّكِ في دبي على عالم المأكولات والمشروبات الأكثر شهيّةً وغنى فيما تراعي البيئة المحيطة بكِ وبها لأجلك ولأجل العالم أجمع، ناشرةً الوعي قدرَ الإمكان حول هذه القضيّة السامية. فتابعي القراءة لتتعرّفي أكثر إليها من منظور استثنائيّ.

باتت تتردّد على مسامعنا عبارات عدّة، من جملتها "خالٍ من الغلوتين" و"غير انتهاكيّ" و"خالٍ من القسوة". فهكذا، يبدو أنّ العام 2020 مأخوذ بالتوجّه إلى عالم صديق للبيئة يفتقر إلى مشاكل التغيّر المناخيّ. فبالعودة بضع سنوات إلى الوراء، هل توقّعتِ أن يبدي مستقبل صناعة الأغذية عن هذه الروح المستدامة؟ وهل مهّد ذلك الطريق أمام اعتمادكِ النهج النباتيّ كاستراتيجيّة تسويقيّة؟

في العقود القليلة الماضية، سارت صناعة المواد الغذائيّة بشكل خاطئ جدّاً على مستوى العالم، حيث كان من الصعب التكهّن بأنّنا سنكون قادرين على العدول عن ذلك النهج الفظيع ولو قليلاً. إذ شهدنا إزالة الغابات والزراعة المكثّفة والمحاصيل الأحاديّة، فضلاً عن الكائنات المُعدَّلة وراثيّاً والهجينة، بالإضافة إلى تدنّي التنوّع البيولوجيّ، والاستخدام الهائل للموادّ الكيميائيّة التي تتسبّب بتسمّم التربة وموارد المياه، ناهيكِ عن التربية والمعالجة غير الإنسانيّة للحيوانات واستخدام المضادات الحيويّة، وكلّ ذلك يتمّ نقله جويّاً إلى الجانب الآخر من العالم ...من هنا، برزت صناعة الأغذية بالشكل الصحيح حاجةً ملحّة جداً لدرجة أنّ بعض الأشخاص تحرّكوا واختاروا أن يستهلكوا المنتجات العضويّة والمحليّة الخالية من الأذى ومن السموم. وبعيداً عن كونها استراتيجيّة تسويقيّة، أرى أنّها نداء للناس ليتناولوا الطعام بطريقة أكثر حكمةً ويسهموا في جعل المجتمع أكثر وعياً حول هذه القضيّة الخطيرة.

أيّ مفهوم خاطئ حول الأغذية النباتيّة الصرفة تتمنّين لو تنكشف حقيقته؟

في الواقع، ثمّة الكثير من المفاهيم الخاطئة. منها أنّ الأغذية النباتيّة الصرفة مملّة كثيراً، أم حتّى أنّ مَن يعتمدون النباتيّة الصرفة يأكلون البذور فحسب، أم يفتقرون إلى الصحّة الجيّدة وجسدهم هشّ جدّاً. شخصيّاً، أفضّل أن يفكّر الناس أنّ تناول الطعام الواعي وغير الضارّ واجب علينا أكثر من أنّه خيار (ويشمل ذلك الطعام المحليّ والعضويّ والبرّي وغير المعدّل وراثيّاً والخالي من المبيدات ومن القسوة تجاه الحيوانات، وما إلى ذلك). فامتناعنا عن الأغذية التي تخالف هذه المعايير عملُ مقاومة ضدّ نظام سيوديّ بحياتنا سيسبّب بقتلنا قريباً وقد بدأ بالفعل بإمراضنا.

إذا ما أردتِ إقناع أحدهم بتبنّي النباتيّة الصرفة، فما أهم ثلاث حجج تقدّمينها له؟

أكرّر قولي إنّني لا أفضّل التمسّك بآداب "النباتيّة الصرفة" بدون غيرها. إذ تكمن المشكلة الفعليّة في صناعة الأغذية بمجملها ويقضي الحلّ بتناول الطعام بحكمة. فاعتماد النباتيّة الصرفة لن يصل بنا إلى حلّ إذا تناولنا التوفو المعدّل وراثيّاً والمشبّع بالمبيدات الحشريّة، والذي تتمّ زراعته بكثافة على أراضٍ خالية من الغابات ويتمّ استيراده من الصين. غير أنّ اختيار الطعام المحلّي والعضويّ غير المعدّل وراثيّاً، الذي يفضّل أن يكون بريّاً لتعزيز التنوّع البيولوجيّ، وكذلك أن يخلو من القسوة ومن المواد الكيميائيّة، يُحدث فرقاً حتماً.

إذاً بالعودة إلى سؤالكِ، فأشجّع أيّ شخص على أن يختار طعامه بحكمة لشتّى الأسباب التالية:

- من أجل صحّته

- من أجل التربة والمياه

- من أجل الغابات والتنوّع البيولوجيّ

- من أجل المحيطات

- من أجل ضميره

- من أجل الأجيال القادمة

- من أجل عالم أفضل مع قدر أقلّ من عدم المساواة وتوزيع أفضل للثروة

- من أجل صغار المزارعين ومجتمعاتهم

- من أجل مملكة الحيوانات التي تتأثّر بشكل مباشر أو غير مباشر بالزراعة المكثّفة

- وأخيراً وليس آخراً، من أجل إشباع جانبه الجريء

من المعروف أنّه ثمّة خلل في التوازن بين الطهاة الذكور والإناث في صناعة الطهي. ما رأيك في هذه المسألة؟

ثمّة ازدياد لأعداد الطهاة الإناث في صناعة هيمن عليها الذكور في السابق. لا أدري سواء قد أعتبر هذا التفاوت خللاً، إذ إنّني أعرف الكثير من الطهاة الذكور والإناث، وينفرد كلّ منهم بنهجه وحساسيّته الخاصّة، ولا أرى أنّ الجندر يطرح مشكلة البتّة. إنّما لنقُل عموماً إنّ العالم بحاجة إلى المزيد من الإناث في شتّى الصناعات.

لكلّ دولة طقوسها الغذائيّة. فكيف تجدين تعامل المنطقة العربيّة مع عادات الأكل الصحيّة؟

شكّلت هذه المنطقة مركزاً للمسافرين على مدار قرون، ومن هنا جاءت تقاليد الطهي الغنيّة. لكن مع ذلك، تمّ تجاهل هذه التقاليد إلى حدّ ما لصالح الوجبات السريعة والحلويات في العقود الماضية، ممّا أثّر بشكل ملحوظ في صحّة السكان. من هنا، آمل بحقّ أن تستعيد المنطقة اهتمامها بالنكهات المحليّة وأن تشهد ازدياداً بالوعي من حيث الخيارات الغذائيّة الصحيّة والبيئيّة.

ما النصيحة التي تسدينها للمرأة العربيّة التي تطمح إلى أن تصبح طاهية مشهورة؟

بكلّ بساطة، أقول لها، اسعي إلى تحقيق أمنيتكِ! فصحيح أنّها مهنة صعبة، إلّا أنّها مجزية جداً. والحقيق أنّ المرأة تميل إلى التحلّي بأسلوب أكثر اتّضاعاً من الرجل في المطبخ ويمكننا في الكثير من الأحيان التماس حسّ أعمق بـ"التغذية" في نهجها.

يُقال إنّ الإفراط في أيّ شيء أمر سيّئ، وأنّ كلّ العناصر جزء من دورة ما، مثلما هو الحال بالنسبة لمعظم عناصر الحياة. فهل يمكن أن نتوّقع اندثار الممارسات النباتيّة الصرفة والصديقة للبيئة؟

لا أعتقد أنّه من الممكن في عالم اليوم "الإفراط" في الممارسات الصديقة للبيئة! حتى أنّني آمل أن نشعر ذات يوم بأنّنا تمادينا في اتّخاذ إجراء" إنقاذ العالم" لدرجة أن نتمنّى العودة إلى الإهمال مجدّداً! لكنّني لا أعتقد أنّني سأعيش حتّى هذا اليوم.

إذا عليك اختيار طبق واحد من لائحة طعامكِ تجدينه الأكثر ارتباطاً بمنطقتنا، فماذا سيكون ولماذا؟

الحمص منافس جيّد، غير أنّ عصير التمر الذي نقدّمه يُعتبَر طعام الراحة الأمثل ويستحقّ الإشادة به بحدّ ذاته. لا سيّما وأنّه عصير نباتيّ صرف، وكذلك هو محليّ وتتغنّى قوامه بالسلاسة المثاليّة التي يحتاجها العالم.

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث