كيف تتحدث الأم مع إبنتها عن الجنس والعلاقة الجنسيّة؟

لطالما شكل تحدث الأهل مع الأبناء عن مواضيع تخص العلاقة الجنسية مشكلة وارتباكاً في مجتمعنا الشرقي. ومن هنا، فلا يمكن للفتاة أن تعرف شيئاً عنها قبل الزواج وقبل دخولها بيت الزوجية حيث سيلقنها زوجها كل ما يتوجب عليها معرفته.

أما اليوم، فقد تغيّر العالم وأصبح أكثر وعياً وثقافة وبدأ الناس يدركون أن التربية الجنسيّة لا بد أن تبدأ من المنزل، حيث تقع تلك المسؤولية على الوالدين لإطلاع أولادهم على ما يجب عليهم معرفته، ويجيبا على أسئلتهم بكل ثقة ودونما حرج وبأبسط الطرق، وذلك بما يتماشى مع أعمارهم. ولا شك في أن الأم تلعب دوراً فاعلاً في أداء هذا الدور مع ابنتها التي ترى فيها مثلاً أعلى لها، حيث تقدّم لها الرشد والنصيحة منذ صغرها لكي ترى فيها البنت الصالحة والسويّة عندما تكبر. لذا، يجب على الأم أن تكون ملمّة ومطلعة فيما يخص مختلف المواضيع الجنسية، وذلك كي تعرف كيف تجيب عن أسئلة ابنتها الفضوليّة وماذا تقول.

يتوجّب على الأمهات أن تتحدّثن مع بناتهن عن الحياة الجنسيّة بطريقة طبيعية وانفتاح تام، ويمكن ضرب أمثلة عن الحيوانات مثلاً. فعندما يبدأ جسد البنت بالتغيّر في مرحلة البلوغ، تُتاح أمام الأم الفرصة المناسبة فتبذل مزيداً من الجهد لتوضيح بعض المفاهيم الغامضة، وبالتالي تبدأ الحديث مع ابنتها حول العلاقات والحياة الجنسيّة.

كيفية التحدّث..

لا شك في أن البدء في الموضوع يشكّل أصعب جزء من الحوار مع ابنتك بشأن العلاقة الجنسيّة؛ فما عليك القيام به أولاً هو أن تقتنعي بأهمية ذلك، ولعله من الطبيعي الشعور ببعض الحرج في البداية، إلا أنه عليك التغلب على ذلك من خلال روح الدعابة، حيث يمكنك مثلاً أن تقولي، وأنت تضحكين "لم تتكلّم والدتي معي قط عن هذا الموضوع، إلا أنني أعتبرك صديقتي". فعليك أن تخلقي علاقة وثيقة مع ابنتك لتكسري الحواجز بينكما.

بعد ذلك، استهلي التحدّث عن الميكانيكيات وتأكّدي من أنك على علم شامل بكل عضو من أعضاء الجسم؛ حيث يمكن أن تفاجئك ابنتك بسؤال لم يخطر في بالك قط. فمثلاً، يمكن أن تطرح عليك سؤال "لماذا يجب علي ارتداء حمّالة صدر؟" أو "متى سأبلغ؟" ولتفادي ذلك، يمكنك أن تشتري كتاباً يحوي رسومات واضحة عن الجهاز التناسلي للأنثى، فتصبح عندها على يقين بما يجري في جسدها. كذلك، ننصحك بأن تشرحي لها ما يمكن أن يحصل عندما تبلغ عادتها الشهريّة، فتعرف ما هو متوقَّع؛ وقولي لها أيضاً كيف يجب عليها الإستعداد لذلك ويمكنك استخدام الصور لإيضاح ذلك.

ومن ثم، وبعد التحدّث مع ابنتك عن الميكانيكيات، عليك أن تنتقلي إلى موضوع الجنس الذي يحصل نتيجةً لعلاقة حب ناضجة. والشيء الأهم أثناء الحوار هو عدم إعطاء ابنتك فكرة عن أن الجنس هو فعل مشين أو غير طبيعي؛ إلا أنه عليك أن توضّحي لها أنه يجب أن يأتي ضمن علاقة حب واعية وناضجة، حيث يجب على ابنتك أن تفهم أن العلاقة الجنسيّة تأتي ضمن إطار الزواج، وأنها يجب أن تكون مسؤولة عن جسدها. فالذي تبحثين عنه من خلال هذه المحادثة الشاملة هو حصول ابنتك على معلومات دقيقة وإدراكها لحقيقة مفادها أن والدتها قالت لها أنه يجب عليها أن تحترم جسدها وتحميه.

أخيراً، أبقي في بالك أنه يجب عليك التحدث مع ابنتك تدريجياً في هذه المواضيع وعلى نحو يتماشى مع عمرها وذلك قبل دخولها إلى الجامعة، وإدراكها لكل تلك الحقائق.

لعلم النفس رأي

أشارت الدكتورة صالحة أفريدي، أخصائيّة في علم النفس السريري والمدير العام لعيادة The   LightHouse Arabia إلى أن هناك معايير يجب أخذها في الاعتبار:

عندما تبلغ ابنتك الثامنة من العمر تقريباً، لاحظي التغيّرات التي تبدأ بالظهور على جسمها، بدايةً من النهدَين، والشعر، مروراً بتقلّب المزاج، ووصولاً إلى ظهور البثور وحب الشباب. ابدئي عندها بالتحدّث عن تلك التغيّرات مستخدمة مصطلحات علميّة. يمكنك أن تقولي لها على سبيل المثال، عندما تكبرين يفرز جسدك الهورمونات التي يمكن أن تؤثّر على بشرتك، وشعرك، ومزاجك، كما يمكنك شرح العادة الشهرية وتوضيح سبب حدوثها أنها تبدأ عندما يبدأ الرحم بالاستعداد لتكوين طفل داخله، وعندما لا يكون هناك طفل في الداخل تكون بصورة مختلفة. ولعله من المفيد أيضاً أن يكون بحوزتك حينها كتاب خاص بأعضاء الجسم ليساعدك في الشرح ويسهل استيعاب الطفلة.

قدّمي لابنتك كتاباً مثل "What’s Happening to Me" الذي يتيح الفرصة أمامها للتفكير في التغيّرات التي تطرأ على جسدها، فيخلق بالتالي مساحة لها كي تطرح عليك الأسئلة التي تبحث لها عن إجابة.

لا تحدّثي ابنتك عن العلاقة الجنسيّة حتى تصبح مستعدّة (أي تصبح مراهقة في عمر 13 أو 14 عاماً). ومن المهم جداً تبسيط مشاعرها تجاه الجنس الآخر وسلوكها المتوقّع تجاه تلك القضايا التي تخص عدم التقبيل، وعدم اللمس، والامتناع عن ممارسة الجنس. وذلك يختلف طبعاً باختلاف معتقداتك الدينيّة والأعراف العائليّة والموروثات الثقافيّة.

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث