طفلك... على أعتاب المدرسة

مع انتهاء الإجازة الصيفية التي اختبر خلالها أطفالك لحظات الحرية والمرح، ومع بدء أيام الدراسة التي تتسم بالانضباط والالتزام، قد يشعر أطفالك بنوع من القلق والارتباك، وهذا أمر طبيعي. وفي هذه الحالة، يبرز دور الأم ووعيها لمساعدة أطفالها على تجاوز هذه المرحلة الدقيقة بسلاسة من خلال مساعدتهم وإعدادهم نفسياً وتربوياً، لضمان عام دراسي خالٍ من المشكلات التي قد تؤثر في مستوى دراستهم. فكيف تقومين بذلك، وكيف تحافظين على النظام في منزلك خلال هذه الفترة؟ وكيف تتعاملين بحكمة مع الأعباء المادية ومهمة تأمين المستلزمات المدرسية؟ وكيف تواجهين المشكلات التي قد تحدث لأطفالك خلال هذه الفترة؟

الاستعداد للموسم

لا بد في البداية من الإشارة إلى أنّ الاستعداد للموسم الدراسي يجب أن يبدأ قبل أسبوعين على الأقل من موعد بدء الدراسة، ذلك أنّه يتطلّب من الأهل كما من الأطفال جهوداً متضافرة، كي يتم بسلاسة ونجاح. فبحسب الأخصائيين يُنصح الأهل باتباع عدّة خطوات مهمة من شأنها أن تساعد الطفل على تقبّل العودة الى المدرسة بحماسة ونشاط، ويمكن اختصار هذه الخطوات بالعناوين التالية:

تنظيم الوقت

تؤكد المرشدة الاجتماعية مريم محمود، أنّ الخطوة الأولى التي من شـأنها أن تساعد الأطفال على تقبّل العودة الى المدرسة بأقل انعكاسات سلبية ممكنة، لا سيّما خلال الفترة الأولى، هي مسألة تنظيم الوقت، ونعني بذلك تنظيم وقت النوم ووقت الاستيقاظ وحتى وقت تناول الطعام. فكما نعلم جميعاً سيضطر الأطفال مع انطلاق الموسم الدراسي إلى الاستيقاظ في الصباح الباكر. وربّما يشكّل ذلك مهمة شاقة بالنسبة إليهم بعد أن اعتادوا خلال العطلة الصيفية على السهر والاستيقاظ في وقت متأخر نسبياً، فضلاً عن اعتياد بعضهم على قيلولة ما بعد الظهر. ولذلك، يتعيّن على الأهل الشروع بتنظيم وقت أطفالهم، وذلك قبل نحو أسبوعين على الأقل من بدء الدوام الدراسي. كما يجب عليهم تحديد موعد ثابت ومبكر لخلودهم إلى النوم، ولو اضطروا إلى التعامل مع الأمر بشكل حاسم، على أن يفسروا لهم بأن مسألة الخلود المبكر إلى النوم ليس مجرد انصياع لأوامر الأهل وتلبية لرغبتهم، بل هي حاجة ضرورية للجسم كي يتجنب اضطرابات النوم المزعجة، كالإصابة بالأرق والإعياء والتوتر والاجهاد الذهني والبدني. وسيكون من المفيد أن يلتزم الآباء قبل الأبناء بموعد محدد للنوم، ولو كان ذلك بشكل موقّت خلال الفترة الأولى، كي يكونوا قدوة لصغارهم في هذا المجال.‏

مراجعة المعلومات والمواد الدراسية

قبل بدء الموسم الدراسي، يتوجب على الوالدين بشكل عام، وعلى الوالدة على نحو خاص، التأكّد من تحضير أولادها أكاديمياً للعودة بثقة إلى مقاعد الدراسة. ويتحقّق ذلك من خلال الحرص على إتمامهم الواجبات الصيفية التي توزّع عادة على الطلاب مع انتهاء العام الدراسي، بغية مساعدتهم في استرجاع المعلومات المهمة التي اكتسبوها خلال العام الفائت، وذلك قبل بدء العام الدراسي الجديد. ومن شأن هذه الخطوة أن تساعدهم على الخروج تدريجياً من أجواء العطلة الصيفية والاستعداد شيئاً فشيئاً للدخول في أجواء الدراسة. وسيكون من المفيد في هذه المرحلة أن يلجأ الأهل إلى مطالعة بعض المواد الدراسية مع أطفالهم لتذكيرهم بما تعلّموه خلال السنة الماضية، وتحضيرهم لما قد يتعرفوا إليه خلال العام القادم. وهذا الأسلوب يعد طريقة ناجحة جداً في إعداد الأطفال للمدرسة. إذ يجنّبهم الشعور برهبة الموسم الدراسي الجديد، وما يصاحب ذلك من أعراض الملل من الدراسة أو الشعور بالضيق بعد طول فترة الإجازة الصيفية، وما يتخللها من لعب ومرح.

وللكلام الانعكاس الأكبر

بالإضافة إلى الخطوات السابقة، سيكون على الوالدين وعلى الأم بشكل خاص، الانتباه جيداً إلى طريقة حديثها وانتقاء كلماتها وتعابيرها بعناية عند الحديث عن المدرسة أو التطرّق إلى هذا الموضوع أمام أطفالها. إذ لا يمكنها أن تتكلّم عن المدرسة بطريقة سلبية وتتوقّع من طفلها أن يتحمّس للعودة إليها. فالأولاد يتأثّرون كثيراً بكلام والديهم. من هذا المنطلق، على الأهل أن يتكلّموا بشكل إيجابي عن حسنات المدرسة ومنافعها. كما سيكون على الوالدة أن تتجنب بعض الألفاظ والتعابير التي من شأنها أن تنم عن لهفتها وانتظارها بفارغ الصبر لبدء موسم المدارس والارتياح من إزعاج أطفالها. فلكلّ حديث مماثل تأثير سلبي كبير على الطفل، إذ سيخيّل إليه أن أهله لا يرغبون به، ويفضّلون إبعاده عن المنزل، ما قد يولّد لديه أوهاماً ومخاوف قد يعبر عنها بالبكاء والصراخ، لا سيّما خلال اليوم الأول من العام الدراسي. ومن هنا، يُفضل أن تعتمد الوالدة الدقة في انتقاء ألفاظها وتعابيرها، وأن تلجأ إلى أسلوب الحوار لتقنع طفلها بأهمية الذهاب إلى المدرسة بالرغم من أنها ستشتاق إليه كثيراً، لأنّ ذلك سيشعره بالطمأنينة والسلام ويؤكد له أنّ والدته ستكون في انتظاره بعد انتهاء الدوام الدراسي الطويل.‏

القلق شعور طبيعي

وتطرقت المرشدة الاجتماعية مريم محمود خلال حديثنا معها إلى المخاوف التي قد تراود الأهل من القلق الذي قد يصيب أولادهم خلال المرحلة التحضيرية للعودة إلى المدرسة، وأكدت على ضرورة عدم الارتباك، لأنّ القلق شعور طبيعي ينجم عن المسؤولية المترتّبة على الولد واضطراره للعيش بانضباط بعد فترة طويلة من الحرية والفوضى، إلا أنّه سينجح في تخطّي هذا الشعور ما إن تبدأ والدته بالتكلّم عن المدرسة بطريقة تشجيعية وحماسية. ويمكن القول إنّ الأطفال لا يخشون العودة إلى المدرسة، بل هم ينزعجون فقط من الانضباط واضطرارهم إلى النوم والاستيقاظ باكراً، والالتزام بغيرها من الأمور المرتبطة بالعودة إلى المدرسة.

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث