رائدات عربيّات في العالم الغربي

بقلم: Sarah Rasheed و Mary Hanna

تصوير: Roberto Aguilar

هنّ ثلاث شابّات عربيّات يَعِشنَ في لندن، تُجسّد كلّ واحدة منهنّ قصّة نجاح للمرأة العربيّة العصريّة، إذ استطاعت كلّ واحدة في مجالها أن تثبت نفسها، مغيّرةً بذلك الصّورة النّمطيّة للمرأة العربيّة في الخارج بالرّغم من كلّ الصّعوبات والتّحديّات التّي واجهنها. ففي عصرٍ أصبح فيه تمكين المرأة وتفعيل دورها في المجتمع من الضّروريّات، استطاعت عليا مورو والأختين ثناء وسخاء عبدول من خلال الكتابة والتّصميم والأزياء أن يرسمن صورة جديدة للمرأة العربيّة في الخارج

عليا موروهي صحافيّة مصريّة انتقلت للعيش في لندن مع أهلها وأخيها الصغير عندما كانت في الثامنة من عمرها. وتعمل هذه الشابة، التي تنتمي إلى خلفيّتين ثقافيّتين مختلفتين، عملاً حراً، إذ تكتب مواضيع اجتماعية ومقالات موضة لمجلّات وصحف مثل Refinery 29 وThe New York Post. وبفضل مواقع التواصل الاجتماعي، تمكّنت من مشاركة أعمالها مع عدد أكبر من المتابعين. واليوم، هي في صدد إصدار كتابها الأوّل. وفي خلال لقائي معها في لندن، أطلعتني عليا على أسلوبها في تغيير الصورة النمطية للمرأة العربية هناك.

تخصّصت في مجال علم الاجتماع وعلم النفس، فما الذي دفعك إلى اختيار مجال التحرير والكتابة؟

في البداية، اخترت علم الاجتماع وعلم النفس لأنّني أردت التعمّق أكثر في دراسة السلوكيات البشرية. لكنّني لطالما أحببت الكتابة فاعتبرتها منفذاً لي. لذا، قرّرت أن أركّز على هذا الشغف وأطوّره لأجعل منه مهنتي، وبدأت عندئذٍ بالمشاركة في برامج تدريبيّة في مجلّات مطبوعة وإلكترونيّة، فضلاً عن ابتكار مدوّنتي الخاصّة ومتابعة دروسي لنيل شهادة الماجستير في الصحافة.

ولدت في القاهرة لكنّك انتقلت منذ سنّ الثامنة للعيش في لندن، فأيّ مدينة هي الأقرب إلى قلبك؟

أشعر بأنّني محظوظة جداً لأنّني نشأت في لندن، لكن تربطني أيضاً علاقة وطيدة بأصدقائي وعائلتي في مصر، وأزور القاهرة كثيراً، لذا أشعر بأنّ البلدين هما دياري وموطني.

ما أكثر ما يعجبك في العيش في لندن؟

أحبّ أنّ الإنسان حرّ ليكون على طبيعته في لندن. ففي هذه المدينة، نجد ما نريده مهما كان، ويسعدني كثيراً أن أرى أشخاصاً من ثقافات وخلفيّات مختلفة يتسنّى لهم أن يتصرّفوا على سجيّتهم وأن يعبّروا عن أنفسهم بدون أن يردعهم أحد

كيف أثّر أسلوب حياتك في لندن في هويّتك العربيّة؟

بما أنّني من أصول عربيّة، اكتسبت بعض الصفات والميزات من الحضارة العربيّة، مثل حس الضيافة والكرم وحب الأصدقاء كأنّهم أفراد من العائلة. وساعدني كلّ ذلك على الاندماج والانخراط في المجتمع لأوسّع دائرة معارفي في لندن، سواء على الصعيد الشخصيّ أو المهنيّ. وأؤمن بأنّه عليّ أن أبقى دائماً وفيّة لنفسي وألّا أبالغ في الإهتمام برأي الآخرين فيّ أو بتوقّعات الناس منّي.

ما هي الصورة والأفكار التي تحاولين أن تظهرينها للناس عن المرأة العربيّة؟

في الحقيقة، سئمت الصورة النمطية للمرأة العربيّة وأظنّ أنّني أحاول كسر كلّ تلك الأفكار المتعلّقة بطريقة لبسها وتفكيرها. وأفعل ذلك من خلال عيش حياتي بالطريقة التي أراها مناسبة بدون الاكتراث لرأي الآخرين فيّ. وهذا ما أحاول فعله أيضاً في عملي في الصحافة.

ورثت عن جدّتك المرحومة بعض القطع القديمة، فهل أثّر ذلك في أسلوبك وذوقك، باعتبارك فتاة عصريّة تعيش في لندن؟

أحبّ تنسيق القطع المذهلة تلك مع ملابسي وأرتديها بطرق مختلفة، لكنّني أحرص أوّلاً على أن تكون ملابسي مريحة، ولطالما أحببت الأسلوب الرياضي الأنيق. لذا أفضّل مثلاً الأحذية الرياضيّة ولديّ مجموعة كبيرة منها في الواقع. وأرتدي في أغلب الأحيان السراويل الواسعة والعالية الخصر مع بلوزة ضيّقة وحذاء رياضي أو جزمة ذات كعب عريض. 

كيف تستخدمين موقعك الإلكترونيّ للتأثير في الناس من حولك؟

في الأعمال كافّة التي أقوم بها ، أحاول أوّلاً وأخيراً أن أكون صادقة مع نفسي. فأشارك الآخرين بما أحبّه فعلاً وأعبّر عن رأيي ومشاعري دائماً بكلّ صراحة. ولا أتمنّى سوى أن يتجاوب الناس مع صدقي وصراحتي وأن يشعروا بأنّهم يستطيعون أن يكونوا أكثر صدقاً أيضاً

ما هو عمل الأكثر تشويقاً الذي تحضّرينه حالياً؟

إنّه الكتاب الذي أؤلّفه والذي سيكون مذكّرة وتعليقاً ثقافياً. وأظنّ أنّه سينال إعجاب شباب الشرق الأوسط المنفتحين في جميع أنحاء العالم. وإنّني متشوّقة جداً لإعداد وثائقيّ والاستمرار في الكتابة لصحف مهمّة.

ما هي نصيحتك للشابّات العربيّات باعتبارك صحافيّة تنتمي إلى ثقافتين مختلفتين؟

نصيحتي لكلّ شابّة عربيّة هي أن تكون التغيير الذي تريد أن تراه في العالم وأن تكون قدوة لغيرها ومثالاً يحتذى به.

ثناء وسخاء عبدول:

هما أختان سعوديّتان عاشتا معظم حياتهما في لندن. تبعتا شغفهما وأنشأتا متجرهما الإلكتروني Coded Nation  في سنّ مبكرة. وتبلغ ثناء اليوم 26 عاماً وتدرس تسويق الأزياء، لأنّها تحبّ أن تأخذ المنتج العاديّ لتحوّله وتجعله لافتاً، فيجذب انتباه الناس. أمّا سخاء فهي في الـ23 من عمرها وتتخصّص في الحقوق، لأنّها تهتمّ كثيراً بالقانون الإنساني. وتعمل الأختان عبدول حالياً على مجموعة جديدة لـCoded Nation وتحضّران أيضاً لحملات رائعة مع علاماتهما التجارية المفضّلة. وفي هذه المقابلة التي أجريتها معهما، تخبراني عن تجربتهما في إثبات نفسهما باعتبارهما امرأتين عربيّتين تعملان خارج بلدهما.

كيف قرّرتما تأسيس علامتكما التجارية الخاصّة؟

كان هذا المشروع فكرة ثناء في سنتها الجامعيّة الأولى. وأردنا أن يكون لنا عملنا المستقلّ بينما نكمل دراستنا، لذا قرّرنا بتّ هذا المشروع وتأسيس علامتنا التجارية التي تختصّ بالملابس المناسبة لجيلنا. وقضينا سنتين في التحضير لإطلاق العلامة.

ما هو التحدي الأكبر الذي واجهتماه أثناء تأسيس علامتكما التجارية؟

اضطررنا إلى اسكتشاف هذا المجال بنفسنا، فنحن لا نملك أيّ خبرة فيه. وكان ذلك التحدّي الأكبر الذي واجهناه. لكنّ وسائل التواصل الإجتماعي ساعدتنا كثيراً على ترويج عملنا وزيادة متابعيننا، وهكذا استطعنا أن ننشئ قناة يمكننا من خلالها أن نحصل على تعليقات الزبونات في ما يخصّ تصاميمنا.

من أين تستمدّان الوحي عادةً وكيف تبحثان عن المواهب الصاعدة؟

نعمل دائماً على تقديم مجموعة غنيّة ومميّزة وقويّة، لذا نستوحي من Tumblr ومن صديقاتنا وعائلتنا والشوارع في مختلف البلدان التي نزورها. وبما أنّنا نعمل في مجال نتعرّف فيه إلى أشخاص كثيرين يأتون من خلفيّات مختلفة، نستوحي منهم أيضاً ومن قصصهم وثقافاتهم. ونختار المصمّمين الصاعدين من السوق أو من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.

ما الذي تعلّمتماه من هذا المشروع، لا سيما أنّكما لا تعيشان في وطنكما؟

نعتمد منهجاً متيناً ومترابطاً في العمل، فنتقاسم المهام ونضع جدولاً مفصّلاً كلّ أسبوع. ومن خلال خبرتنا، تعلّمنا أنّ الصبر هو سرّ النجاح، فلن تنال كلّ التصاميم رواجاً هائلاً منذ اللحظة الأولى التي نعرضها فيها، لكن علينا أن نثق بجهودنا وأن نؤمن بأنّه لو كان عملنا يستحقّ فعلاً النجاح فسينجح حتماً.

أنتما أختان تتشاركان العمل نفسه، ما هي حسنات ذلك وما هي سيّئاته؟

لا شكّ في أنّ إحدى حسنات عملنا معاً هي أنّنا ندعم بعضنا البعض دائماً ونعرف تماماً صفات بعضنا ومهاراتنا. وفي المقابل، قد تتعارض نظرتنا إلى الأمور أحياناً لأنّنا مختلفتان جداً، لكنّنا نجد دائماً الحلّ الذي يرضينا.

ما رأيكما في المصمّمات السعوديّات في يومنا هذا؟

نحبّ المصمّمات السعوديّات جداً، وأغلبيّة ملابسنا هي من توقيع سعوديّات. ومن القطع المفضّلة لدينا هي تصاميم أروى البناوي ونفتخر بالكثير من المصمّمات السعوديّات، أمثال ريم الكنهل ومشاعل الراجحي ورزان العزوني.

ما الذي تطمحان إلى تحقيقه؟

طموحنا هو أن تشتهر علامتنا Coded Nation بأنها علامة خاصّة بالملابس المستوحاة من أسلوب الشوارع. ونتمنّى أن ننجح أيضاً في التسويق والحقوق، أي في حياتنا المهنيّة.

ما النصيحة التي تسديانها للمصمّمات الصاعدات في الشرق الأوسط؟

ننصح كلّ مصمّمة صاعدة بأن تستمرّ في العمل حتى تحقق هدفها وألّا تفقد الأمل يوماً حتّى لو كانت الإنطلاقة صعبة.

 

 

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث