تستعدّ دبي لاستضافة معرض HER LAND من 18 أبريل حتى 17 مايو، وهو ثمرة تعاون بين MIA Art Collection ومتحف MOLAA. يسلّط هذا المعرض الضوء على إبداعات فنّانات من أميركا اللاتينية، وقد كان لنا لقاء حصري مع Alejandra Castro Rioseco، المؤسّسة والمديرة التنفيذية لـMIA Art Collection، التي كشفت لنا عن تأثير هويتها وتجاربها على رؤيتها الفنية وأهداف مجموعتها، وتوقّعاتها للحوار الثقافي المنتظر في دبي.
كيف شكّلت هويّتك كامرأة أميركية لاتينية الطريقة التي تنظرين بها إلى الفنّ وتجمعينه وتقدّمينه؟
أعتقد أن اللاتينيين يشبهون العرب إلى حدٍ كبير، مع اختلافات قليلة. في حالتي، هويتي عالمية إلى حدّ ما. فلم تحدّد ولادتي في بلد معيّن جوهر شخصيتي، بل التجارب التي مررت بها والبلدان التي عشت فيها هي التي شكّلتني. أرى أنّ القوالب النمطية لا تخدم كثيراً قضية المساواة.
ولكن إذا سألتني بصفتي لاتينية، يمكنني القول إنّنا أشخاص يتمتعون بشخصية ملفتة وقوّة كبيرة. فنشأ أغلب اللاتينيين في بيئات تتّسم بالصرامة والسياسات المعقّدة والتغيّرات الدائمة، ولكنّنا في الوقت نفسه أشخاص من مجتمعات تتمحور حول الأسرة، وأعتقد أن هذا ما جعلني شخصاً مجتهداً لا وجود لكلمة "مستحيل" في قاموسه. ومن السمات الأخرى التي تتّسم بها اللاتينيات أيضاً، روح التعاون والحماية، ونحاول دائماً تقديم المساعدة للآخرين وبكثير من الحب.
وينعكس هذا في MIA Art Collection التي تسعى دائماً لتقديم المساعدة والدعم لمن هنّ في أمس الحاجة إليها. تضمّ مجموعتنا أعمال فنّانات من جميع أنحاء العالم يشتركنَ في هدف مشترك: السعي لتحقيق تكافؤ الفرص بين النساء والرجال من مختلف البلدان والثقافات. في نهاية المطاف، النساء لا يختلفنَ كثيراً عن بعضهنّ البعض، بغض النظر عن المكان الذي ننتمي إليه في العالم. وهذا أمر رائع!
كيف تحدّدين موقعك ودورك في مشهد الفنّ اليوم؟ هل تميلين نحو الرؤية الحالمة والهادئة أم نحو التحدي والتغيير؟
أنا لا أنتمي إلى أي من هذين الطرفين المتناقضين، وأعتقد أن هذا ما يميّزنا في MIA Art Collection. عندما تسأليني إن كان بإمكاني تعريف نفسي، يمكنني القول إنني امرأة تريد إحداث تغيير في عالم الفنّ. لا أريد أن أصنَّف في أي من الخانتين. لقد أدركت أن التوازن مهم جداً لإحداث التغيير. وأعتقد أن المرأة يجب أن تفهم أولاً كيف يسير العالم، لتكييف ذلك مع واقعنا، فنحسّن مكانتنا في المجتمع انطلاقاً من ذلك.
ستفهم النساء جيداً ما أعنيه. الحمد لله أنني أتمتّع بالحرية التي تسمح لي بالتنقّل حول العالم ورؤية حقائق مختلفة في الفنّ، وهو ما قادني إلى إنشاء هذا العالم المسمّى MIA Art Collection. ولإحداث تغيير، أعتقد أنّه لا يمكنك اتباع المعايير القائمة، بل علينا إنشاء معايير أفضل تساعد على تحسين المجتمع من خلال التعليم والاحترام، وهما ضروريان اليوم أكثر من أي وقت مضى.
MIA Art هو أكثر من مجرّد متحف، فهو أشبه بحركة. متى أدركت أن هذه الفكرة يجب أن ترى النور؟
إنّه بالفعل شيء مختلف، لكنّه ليس حركة. من الملفت أنّهم يطلقون على أي مبادرة نسائية لتحسين بيئتنا اسم "حركة"، ولكن عندما يقوم الرجال بذلك، تُسمّى بالمجتمع.
في هذه الحالة، MIA Art Collection هي مجموعة فنّية خيرية وغير ربحية مخصّصة للنساء فقط.
أعتقد أنّني اكتشفت في وقت مبكر جداً عندما بدأت الانخراط بهدوء في عالم الفنّ أن هناك بعض التعديلات التي يجب إجراؤها، وكان أحدها مشاركة المزيد من النساء. بدأ هذا الحلم منذ حوالى 20 عاماً عندما أصبحت أماً، عندما اختبرت عن كثب حاجتي للاستمرار في العمل المهني من دون إهمال دوري كأم، لم أكن أريد التخلّي عن أي من هذين العالمين، لكن المجتمع يدفعك إلى ذلك. ثم اكتشفتُ أن الفنّ ليس استثناءً، وأن المرأة لا تحظى بدعم كبير تماماً كما في المهن الأخرى.
ولكنني أعتقد أن MIA Art Collection وجدت أيضاً مكانة كان لا بد من تطويرها، فكرة كان لا بد من ولادتها، فكان من الضروري أن نعرض أعمال الفنّانات في العالم لأن المتاحف والمؤسسات مليئة بالأعمال الفنية للرجال، ولا تزيد نسبة الأعمال الفنّية النسائية عن 8٪ من الأعمال الموجودة في المتاحف في العالم، والباقي كلّه للرجال، وهذا كثير.
فأحد الأدوار الرئيسة للمتحف هو "إظهار تاريخ الإنسانية، وثقافة المجتمع" ولكن هذه النظرة لن تكتمل أبداً من دون منظور المرأة، لسبب بسيط وهو أننا نشكّل أكثر من 52٪ من السكان. لذا فهي قضية مهمّة للغاية يجب التوعية بها.
وتقع على عاتق MIA Art Collection مسؤولية كبيرة في المجتمع، ونحن بحاجة إلى دعم المجتمع لأننا نفعل كل شيء بجهودنا وإبداعنا ومواردنا الخاصة.
كثيراً ما تتحدثين عن فنّ المرأة كشكل من أشكال التحدّي. ما هي الحكايات التي تعتقدين أنه لم يتم روايتها بعد؟
أنا في الواقع أتحدّث عن تكافؤ الفرص، وأحتاج إلى إيجاد مساحة يمكننا جميعاً أن نتحاور فيها بناءً على الحقائق القائمة.
من غير المقبول أن تكون المساواة غير موجودة في عالم الفنّ. من غير المقبول أنه في القرن الحادي والعشرين، لا يزال يتعيّن على الفنّانات بيع أعمالهنّ بسعر أقلّ في السوق، وأنّ المعارض الفنّية تفضّل أعمال الرجال لأنها تكسبها أموالاً أكثر من أعمال النساء؛ وأنّهن لا زلنَ يتعرّضنَ للتمييز بسبب طريقة عملهنّ، ولأنّهنّ يجلبن أطفالهنّ إلى العمل؛ وأنهنّ لا يتمتّعنَ بالضمان الاجتماعي لأنهنّ لا يملكنَ وظائف مستقرّة. القائمة طويلة وحقيقية ومثبتة بالأرقام. إنها ليست بلاغة، بل واقعاً حقيقياً.
أمّا القصص التي نأمل أن تُروى فهي نفسها التي يرويها الرجال، ولكن من منظور النساء، فنحن نرى العالم بشكل مختلف تماماً، وهذا يجعلنا متكاملين.
لقد ذكرت أنّ الفنّ هو شكل من أشكال الحوار، ما هو الحوار الذي تأملين أن يطلقه معرض MIA x MOLAA القادم في دبي؟
نعم، بالضبط. ما نسعى إليه أولاً وقبل كل شيء هو تقديم بعض قصص هؤلاء الفنّانات إلى الشرق الأوسط. أنا متأكّدة من أن الجمهور العربي سيفهمها ويتفاعل معها. نحن نسعى إلى إظهار أنّ الفنّ ليس له حواجز ثقافية أو اجتماعية وأنّه لغة إبداعية وشاملة لا تؤدي إلّا إلى تحسين المجتمع وجعله أكثر ثقافة وحساسية.
بالإضافة إلى ذلك، فإنّ نقل قطع فنّية من متحف في لوس أنجلوس إلى دبي هو جهد كبير من جانب متحف MOLAA وMIA Art Collection ودبي Dubai Festival City، شريكنا في هذا المشروع. إنّه جهد يستحق المتابعة والمشاهدة.
ويسعدني بشكل خاص إحضار هذه الأعمال إلى موطني، دبي! لأنّني أعتقد أنها مدينة المستقبل.
ستجلب فعالية 17 أبريل فنّ أميركا اللاتينية إلى سياق الشرق الأوسط. برأيك ما الذي سيحدث عندما تلتقي منطقتان بمثل هذه الروايات الأنثوية الغنية من خلال الفنّ؟
أعتقد أن الأمر سيكون رائعاً لأنّ ثقافتينا مترابطتان ارتباطاً وثيقاً، ومن المهمّ لمدينة مثل دبي أن ترى كيف تعمل المتاحف والسرد التنظيمي، لأن ذلك مختلف تماماً عمّا نراه في Art Dubai أو في بيئة فنية قائمة على التداول.
أنا متأكدة من أن الفنّانات الإماراتيات سيتفاعلنَ مع فنّ أميركا اللاتينية وأنّنا نستطيع خلق فرص وعلاقات طويلة الأمد بين المتاحف والمؤسسات في العالم العربي وأميركا اللاتينية.
سيكون لدينا جدول يومي من الأنشطة الفنّية في مساحة العرض في برج Festival Tower، بما في ذلك المناقشات والحوارات والمقابلات وأيام ذات مواضيع محدّدة والشعر والموسيقى وغير ذلك الكثير.
أتمنى ألا تفوّتي هذه الفرصة، وشكراً!
إقرئي أيضاً: الوعي بأهمية التنمية المستدامة مع سيلفيا نزال