فنّ التصميم العاطفيّ مع المهندسة المعمارية الرائدة Patricia Urquiola

الإعداد: Ivan Allegranti

تعيد Patricia Urquiola، المهندسة المعمارية الرائدة وراء مشاريع أيقونية مثل فندقَي Il Sereno و Six Senses في روما، تعريف التصميم المعاصر بأسلوبها المبتكر والعاطفي. تمزج بين الأداء الوظيفي والأناقة الشاعرية، لتبقى واحدة من أكثر الشخصيات تأثيراً في عالم التصميم العالمي. في هذه المقابلة الحصرية مع Marie Claire Maison Arabia، تتحدث Urquiola عن مسيرتها المهنية وأعمالها في جميع أنحاء العالم وعلاقتها المتنامية بالشرق الأوسط، حيث تلهمها التقاليد والحداثة في أحدث مشاريعها.

تتحدثين كثيراً عن "العاطفة الخفية التي تربطنا بالأشياء... لأنّنا نتعايش معها يومياً". كيف يؤثّر هذا المفهوم على عملك، وهل هو ما أشعل شغفك بالهندسة في البداية؟
لطالما انجذبت إلى العلاقة التي نطوّرها مع أدوات الحياة اليومية. وساعدني العمل مع أستاذي Vico Magistretti على تحليل هذا الجانب بشكل أكبر. عندما أتحدث عن العاطفة تجاه الأشياء، فأنا أقصد أنّها ليست مجرّد عناصر وظيفية؛ بل تحمل مشاعر وذكريات وشعوراً بالهوية. يغيّر هذا المنظور طريقة تفاعلنا مع المساحات والأشياء، وقد أثّر ذلك بالفعل على نهجي في التصميم ودفعني إلى ابتكار قطع ومساحات ليست فقط جميلة ووظيفية، ولكن أيضاً تحرّك المشاعر وتعزّز الشعور بالانتماء. 

ما هو القاسم المشترك في أسلوبك ومنهجك في تصميم المساحات والقطع منذ بداية دراستك حتى الآن؟ وكيف أثّرت تجاربك؟ 
استلهمت دائماً من بيئات ومواقف مختلفة. تتشابك اهتماماتي بين الفنّ والسينما والموسيقى والبيولوجيا والهندسة والتصميم والموضة. وأؤمن بقوّة التصميم في خلق الروابط والسرديات. وقد تطوّرت رؤيتي نحو التركيز أكثر على الاستدامة، فأحرص على البحث عن مواد جديدة واستكشاف التأثير الاجتماعي للتصميم والهندسة.

كيف أثّرت إسبانيا على عملية تصميمك؟ وماذا عن Eugenio Bettinelli و Achille Castiglioni؟
كنت محظوظة للدراسة والعمل مع أساتذة في التصميم مثل Achille Castiglioni و Eugenio Bettinelliو Vico Magistretti و Tomas Maldonado. وقد غرسوا فيّ روح الفضول وشغف الحرفة وأهمية المنظور الواسع. اكتشفت مع Achille Castiglioni عالم تصميم المنتج وأخلاقيات المشروع وأهمية ودقّة عملية التصميم. وأعتقد أيضاً أن النهج متعدّد التخصصات الذي نتبنّاه نحن المصمّمون والمهندسون المعماريون هو مفتاح التغيير الحقيقي والابتكار.

اقرئي ايضًا:حديث حصري مع مصممة الديكور والمهندسة المعمارية Kristina Bråteng

ما الدور الذي تلعبه الألوان والتركيبات والمواد في عملية التصميم؟ ولماذا هي مهمة؟
الألوان والتركيبات والمواد عناصر تتفاعل مع بعضها البعض. وأنا أهتمّ بشكل خاص بنقطة تقاطعها. كلّ الألوان في الظلام متشابهة إلى حدّ ما؛ والعلاقة بين المواد والتركيبات، وكذلك الضوء، هي التي تحدّد النتيجة. وأنا أستمتع بمراقبة تفاعل الضوء مع الهندسة والتصميم الداخلي والأغراض.

اقرئي ايضًا:اختاري زينة مميزة لموسم الاحتفالات من مجموعة Crate & Barrel's FW24

هل تؤثّر الاستدامة والوعي البيئي على عملك؟ وكيف؟
بالتأكيد. أسعى لتطوير أفكار بيئية جديدة، باستخدام مواد وتركيبات مبتكرة. كما يقترح Timothy Morton، يجب أن نبتعد عن التفكير الكوارثي البيئي. وفي التصميم، يجب أن نفكّر في كيفية تفكيك المنتج ومنحه حياة ثانية.

عندما تعملين على مشاريع رائعة مثل منزل المصمّم العالمي Santoni، كيف تبدئين الحوار مع العميل، وكيف ترسمين نهجك في التصميم ليتماشى مع رؤيته؟
أبدأ كل مشروع بفهم عميق لاحتياجات ورغبات العميل. أقضي وقتاً طويلاً في الحوار معه للتعرف على شخصيته وأسلوب حياته، ثم أترجم هذه الرؤية إلى تصميم فريد يعكس ذوقه. أركّز على خلق تجربة مخصّصة من خلال دمج عناصر طبيعية وإضاءة مثالية وتصميم داخلي متكامل.

لقد تعاونت مع الكثير من العلامات التجارية وبالأخص علامات الأزياء. مع Max Mara في العام الماضي مثلاُ ومع Louis Vuitton في العام 2022 في مركز Place Vendôme في الدوحة. كيف تتعاملين مع مثل هذه المشاريع؟
تصميم المنتجات والأزياء مجالان مترابطان، يتواصلان ويلهمان ويجذبان بعضهما البعض. أقدّر عمل مصمّمي الأزياء وتحدياتهم المماثلة لتلك التي نواجهها نحن في التصميم؛ إذ علينا جميعاً أن نتوقّع ونفسّر ما يدور حولنا. وعلى الرغم من اختلاف دورات الاستهلاك بين التصميم الذي يدوم أطول والأزياء سريعة التغير، يمكننا أن نتعلم من بعضنا. كما أنّ عملية التصميم في كلا المجالين تتضمّن عناصر مشتركة كحجم الأشكال ودراسة الألوان والعلاقة مع الضوء. في التجربة الأولى لي مع تصميم الأزياء من خلال مجموعة كبسولية، وجدت فرصة لاستكشاف الأبعاد المختلفة في تصميم الملابس بالتعاون مع Max Mara.

لقد أحببنا تصاميم Fondamenta و Zattere من تعاونك مع Cimento، بالإضافة إلى سلال النزهة من شراكتك مع Buccellati. هلّا تخبرينا أكثر عن ذلك؟
أنا أستمتع بالمشاريع التي تتطور بشكل طبيعي وتطلق أفكاراً جديدة، كما حدث مع Cimento وBucellati. في العام 2022، تعاونّا مع Cimento لابتكار مقاعد Zattere وطاولات Fondamenta، وجرّبنا مواد جديدة مثل الزجاج والكوارتز والرخام والفلّين لإضفاء ملمس وعمق فريد. قدّمنا هذا العام تقنيات مثل الرش لإضفاء بُعد إضافي. ومع Buccellati بدأ عملنا من خلال تركيبات أسبوع التصميم 2022 وتوسّعنا في إعادة تخيّل مجموعة Tahiti من خلال سلال النزهة المرحة المستوحاة من السلال الآسيوية والمصنوعة من الخيزران والفضة.

لقد كنت أؤمن دائمًا بقوة التصميم في خلق الروابط والروايات

ما هو المشروع الذي شكّل لك التحدي الأكبر، ولماذا؟
يحكي كلّ مشروع قصّة مختلفة تتشكّل من خلال علاقات فريدة من نوعها مع شركات متنوّعة. بالنسبة إلى مشروع Six Senses، كان التحدي يكمن في إعادة إحياء القصور الرومانية التاريخية التي تعود إلى القرن الخامس عشر، والتي قد شهدت تغيّرات معمارية على مر القرون. كان الهدف هو المزج بين هذا التراث الغني وفلسفة Six Senses، وتكريم جوهر روما من خلال المواد والألوان والتفاصيل التي تعكس هوية المدينة في الأماكن العامة والخاصة على حد سواء.

اللون والملمس والمواد كلها عناصر تتفاعل مع بعضها البعض

هل واجهتِ تحديات عندما بدأتِ مسيرتكِ المهنية كونك امرأة؟ وهل ما زالت قائمة حتى اليوم؟
غالباً ما كنت ضمن الأقلية - سواء كامرأة أو أجنبية أو مهندسة معمارية - ولكن لم يكن ذلك مشكلة أبداً. فالتنوّع ضروري، حيث تتوزّع المواهب بالتساوي بين الجنسين. عندما يكون هناك عدد أقلّ من النساء في مؤسسة ما، فهذا يعني ضياع فرص الحصول على مواهب أكبر، وهو ما يمثّل خسارة للجميع.

كيف هي علاقتك بالشرق الأوسط؟ وهل لديك مشاريع مشوّقة في المنطقة؟
تتمحور علاقتي بالشرق الأوسط حول البحث والإلهام. يذهلني المزج بين التقاليد والحداثة، ودراسة التراث والهويات الإقليمية، بالإضافة إلى التأثيرات المعمارية الإسبانية. بعد أن عملت في الكثير من المشاريع السكنية والتجارية، أنا متحمّسة الآن للمشاركة في مشروع ثقافي مهمّ.

أعتقد أننا يجب أن نعيد بناء تفكير إيكولوجي جديد، ولكي ننجح يجب علينا أن
 نتجاوز التفكير البيئي المروع

ما هو أكثر إنجاز أو مشروع تفتخرين به ولماذا؟
أنا أفتخر بجميع مشاريعي، حيث تطلّب كل مشروع منّي التفاني والتركيز. وأتّخذ دائماً دافعاً لي في كلّ مشروع فيصبح هدفي - وهذا درس تعلّمته من Achille Castiglioni. لقد تشرفت مؤخراً بترشيحي لعضوية الأكاديمية الملكية للفنون الجميلة في إسبانيا، حيث انضممت إلى شخصيات مرموقة في مختلف المجالات الفنية. وآمل أن أستخدم هذا المنصب لتعزيز الروابط والمبادرات الثقافية مع الشرق الأوسط.

أحاول دائمًا أن يوجهني التعاطف والحوار