منال الضويان سخرت فنها في خدمة المرأة

الفنانة السعودية منال الضويان مصورة وفنانة بصرية، استطاعت أن تخترق الحواجز الاجتماعية بفنها الراقي ورؤيتها الثاقبة. المرأة هي العنصر الأبرز في أعمالها، فمن خلالها تلقي الضوء على العديد من القضايا المتعلقة بالمجتمع السعودي. تمشي في خطوات جريئة يحدوها الأمل بمستقبل أفضل يمنح المرأة صفة الحضور. تؤمن بالفن كصلة وصل بين وطنها والعالم الخارجي، فلا تحتاج إلى الحوار لنقل الصورة، حيث تكتفي بترجمة أحاسيس ومشاعر المرأة عبر مجموعات من الصور الفوتوغرافية ومجسمات مبتكرة.

كيف بدأت مشوارك مع الفن؟

أحتفظ في منزلي في السعوديّة، بصناديق تحتوي على صور التقطتها في طفولتي. فبعد أن أعطاني والداي الكاميرا العائليّة، رحت أصوّر رحلاتنا ومناسباتنا العائليّة كلّها. لكنّ اهتمامي بالتصوير الفوتوغرافي بالأبيض والأسود بدأ في سنّ المراهقة، عندما دخلت إلى غرفة تحميض الأفلام التي أنشأها موظّفو شركة أرامكو السعودية في الثلاثينات، كجزء من نادي التصوير. والتحقت بدورة فنّيّة في بداية التسعينات، وتعلّقت بفنّ التصوير.

كيف تصفين نهجك الفني؟

أعبّر من خلال فنّي عن مشاعري وتجاربي الخاصّة، عن لحظة من الزمن أعيش فيها وأتنفسها، عن حوار مع ذاتي ومع المشاهد. علماً أنّ القضايا الاجتماعيّة في المملكة لطالما أثارت اهتمامي، لا سيّما تلك المتعلّقة بالمرأة، فما تزال المواضيع التي استكشفتها في بداية مسيرتي المهنيّة تشكّل جوهراً فنّياً في يومنا هذا. فالمرأة السعوديّة تعيش حياة متطلّبة، وكثيراً ما استخدمت فنّي للتعبير عن نفسي وآرائي، كشكل من أشكال التحرّر.

كيف يمكن أن يُسخَر الفن والإعلام في خدمة المرأة؟

أعتقد أنّ التعبير الفنيّ، بما فيه التصوير الفوتوغرافي، يشكّل عنصراً أساسيّاً في إنشاء حوار اجتماعيّ صحّيّ على الصعيدين المحلّيّ والعالميّ. فالتمثيل البصريّ، بالإضافة إلى الفنّانين المسؤولين عن الأعمال الفنّيّة يصوّرون مجتمعهم الحاليّ بطريقة حقيقيّة، بعيدة عن الدعاية الحكوميّة والصورة النمطيّة التي يقدّمها الإعلام. كما أنّني أؤمن بأنّ المجتمع الذي يحتضن حركته الثقافيّة هو مجتمع تقدّميّ بكل ما للكلمة من معنى.

"هل تفتخرين باسمك شاركينا في بناء هذا العمل" هذا كان عنوان الرسالة التي قمت بإرسالها إلى السيدات السعوديات عبر مواقع التواصل الاجتماعي وكانت هذه الخطوة الأولى لمشروع " اسمي" حدثينا عن هذا العمل الفني؟

راودتني هذه الفكرة أثناء أداء فريضة الحجّ منذ 3 سنوات، عندما أمضيت وقتاً طويلاً أتحاور مع نساء رائعات في مواضيع مهمّة. وقد ألهمتني هذه الحوارات للعمل على موضوع أسماء النساء الذي أصبح يعتبر من المحرّمات في المجتمع السعوديّ، حيث يرفض الرجال لفظ أسماء النساء علناً. فنقلت هذه المشكلة إلى المرأة السعوديّة وتناقشنا حول السبب وراء هذه الظاهرة ومن يستطيع تغييرها. لم نجد إجابة عن السبب لأنّ الدين والتقاليد لم تفرض يوماً حجب أسماء النساء، لكنّنا نعرف تماماً أنّ التغيير في يد المرأة اليوم. ومن خلال كتابة اسمها على الخرز، استطاعت المرأة السعوديّة أن تفتخر باسمها علناً، وأن تعبّر عن موافقتها على محاربة هذه الظاهرة الاجتماعيّة الفظيعة. لقدجمعت أسماء النساء من خلال ثلاث ورش عمل في المملكة. قمت بزيارة مدن الخبر والرياض وجدّة والتقيت بأكثر من 300 امرأة كتبن اسمهنّ على الخرز الذي يتشكّل منه مشروعي الفنّيّ.

في الصور الفوتوغرافية من مجموعة "أنا" نساء صورتهن وهن يرتدين تفاصيل توحي بعدة وظائف ما الذي دفعك إلى إعداد هذه المجموعة؟

لقد استمدّيت إلهامي في هذه المجموعة من الخطاب الذي ألقاه الملك عبد الله آل سعود يوم تولّيه العرش. فدعا يومها السعوديّين كلّهم ليتعاونوا على بناء وطننا. كما شدّد على أهمية مشاركة المرأة. وعلى الرغم من أنّ هذا الموقف الإيجابيّ ولّد أملاً كبيراً في نفوس أولاد الوطن، إلّا أنّه أثار سؤالاً بديهيّاً مفاده: أيّ نوع من الوظائف سيسمح للمرأة بأن تعمل؟ لاحقاً، فسّرت الصحافة وبعض من قادة الرأي خطاب جلالة الملك بأنّ المرأة ستشارك في الوظائف التي تناسب طبيعتها. تساءلت يومها: "ماذا يناسب طبيعتي كامرأة؟ ومن يقرّر ذلك؟" وكانت تلك الشرارة التي نتجت عنها فكرة مجموعة "أنا". فدعوت بعضاً من النساء اللاتي كنّ يشغلن وظائف مختلفة في السعوديّة بدءاً من المهندسات والعالمات وصولاً إلى الأمّهات والمصمّمات لكي يقفن أمام عدستي ليؤكّدن على وجودهنّ ويلهمن نساء أخريات.

هل تشعرين ولو للحظة بالخوف من تبعات إلقاء الضوء على قضايا المرأة السعودية؟

كوني فرداً من مجموعة روّاد الفنّ المعاصر في بلدي، يضعني في موقف أتحدّى من خلاله الخطوط الحمراء التي تحدّ من حرّيّة التعبير. وممّا لا شكّ فيه أنّ المرأة في الشرق الأوسط، مطلوب منها أن تتحلّى بأعصاب حديديّة ورغبة قويّة لكي تتمكّن من مواصلة أحلامها.

كيف ترغبين في رؤية وضع المرأة السعودية في المستقبل القريب؟

ظاهرة وجود نساء يتحدّثن عن حقوقهنّ ويؤيّدن المساواة بين المرأة والرجل، هي ظاهرة حديثة في السعودية. على الرغم من وجود شرارات صغيرة تبعث الأمل في النفوس، إلا أنّ الشعلة التي قد تسبّب التغيير في وضع المرأة، لم تشتعل بعد. غير أننا بدأنا نرى تغييرات إيجابيّة بسيطة في وطني. فرأينا نساء في مجلس الشورى، وأخريات يشكّلن جزءاً من برنامج البطالة، وبعضهن الآخر يتمّ إرسالهنّ في منح مدرسيّة، مع ميزانيّة تُمنح للرجل الذي سيرافقها.

إلا أن ّ المشكلة تكمن في أنّ مجلس الشورى لا يتمتّع بسلطة فعليّة، وبرنامج البطالة برهن على أنّ 35% من النساء عاطلات عن العمل، ومن تم إرسالهن في منح مدرسيّة يرجعن إلى الوطن مع شهادات مميّزة، لكن للأسف يجدن أنفسهّن عاطلات عن العمل. باختصار، لابد من الإعتراف بالتغيير الحاصل وبالحوار الوطنيّ الذي يتناول المسائل التي تخصّ المرأة. أعتقد أنّ زمناً مشوّقاً ينتظر المرأة في وطني وفي المنطقة.

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث