من مزرعة الريف إلى منصّة العرض... قصّة نجاح حقيقيّة

الإعداد: Yara Ghauch

منذ صغرها، لطالما امتلكت Joy Corrigan أحلاماً كبيرة لنفسها. غير أنّها لم تعلم يوماً أنّه بعد الكثير من الفرص في عالم الأزياء والتمثيل وعملها الجادّ لجعل علامتها معروفة، ستُمسي أحلامها حقيقة! إنّها الآن عارضة أزياء عالميّة معروفة بأصالتها وكرمها، وممثلة ومصمّمة أزياء أطلقت مؤخراً علامتها التجاريّة الخاصّة "Naked Species" لمساعدة الأنواع المهدّدة بالانقراض.

ترعرعت في مزرعة ليس فيها سوى الطبيعة والحيوانات، وكنت واحدة من بين عشرة أطفال. هلّا أخبرتنا المزيد عن طفولتك؟

أعشق واقع أنّني ترعرعت في عائلة كبيرة ومحبّة من ستة أشقاء وثلاث شقيقات. وبالفعل، نشأنا في مزرعة تقع في بلدة صغيرة في ولاية كارولينا الشماليّة وكنا نتعلّم في المنزل. كبرت مع إخوتي، وبفضل ذلك شعرت دائماً أنّه لديّ أفضل أصدقاء لألعب معهم. حيث اعتدنا بناء الحصون وإشعال نيران المخيمات وركوب الخيل واستخراج الحليب من الماعز، وبذلك تواجدنا طوال الوقت في الخارج بين أحضان الطبيعة. والرائع أيضاً أنّه كان لدينا جميع الحيوانات التي قد تخطر في البال؛ من الأرانب والكلاب والبط والخيول واللاما والماعز والأغنام والدجاج. ولأنّ نشأتي عبارة عن حياة بسيطة جداً، غرس ذلك في داخلي أخلاقيّات العمل الجاد لتحقيق أيّ أمر أريده. كذلك، منحني هذا الواقع منظوراً مختلفاً للحياة نفسها، وأنا ممتنة جداً لهذه التربية المتواضعة.

نظراً إلى تلقّيك التعليم المنزلي، هل كان من الصعب عليك ارتياد الكليّة واكتشاف أسلوب الحياة الجديد هذا؟

نعم، كانت تلك مرحلة تعديل وتأقلم بارزة بالنسبة إليّ. حتى أنّني أتذكّر اليوم الأوّل من الفصل عندما جلست في الصف الأماميّ، وسلّمني أستاذي كومة كبيرة من الأوراق، وإذ احتفظت بها جميعها لاعتقادي بأنّها لي، بدون أن أدرك أنّه عليّ أن آخذ واحدة وأمرر البقية إلى مَن يجلسون خلفي من الطلاب.فالحقيقة أنّ هذه التجارب كانت غريبة تماماً عنّي. لذا تعيّن عليّ أن أتعلّم كلّ شيء من الصفر. ومن المواقف الأخرى التي عشتها أنّني اعتدت أن أقف وأتوجّه إلى الحمام بدون أن أعلم أنّه عليّ أن أطلب الإذن من معلّمي. كذلك، أدركت بسرعة أنّ الناس ليسوا لطفاء مثل عائلتي. وكان عليّ أن أحمي نفسي كي لا يستغلني أحد، وأن أتعلّم بسرعة بمَن يمكنني أن أثق في الحياة. واليوم، أنا انتقائيّة جداً من حيث الأشخاص الموجودين في حياتي ومَن أعمل معهم.  

هل تخيّلت نفسك يوماً عارضة عالميّة تبرز على أغلفة المجلّات وعلى منصة عرض Victoria's Secret، وممثلة تؤدّي دورها إلى جانب Bruce Willis؟

بصراحة، لم أكن لأتخيّل يوماً أنّني سأكون حيث أنا اليوم. وأنا ممتنّة جدّاً لوالدتي التي لطالما أخبرتني أنّه يمكنني فعل أيّ شيء أعزم على تحقيقه. وعلى الصعيد الشخصي، لطالما علمت أنّني أريد المزيد. وبمرور السنين، قادني عملي الجاد ومثابرتني من وظيفة إلى أخرى. إنّما لم يكن الأمر سهلاً في البداية، بل تطلّبني الكثير من العمل الجاد والتفاني والتضحيات. وواجهت الكثير من الرفض أيضاً، إنّما بفضل أخلاقيات العمل القويّة التي غُرست في داخلي منذ الصغر، لم أستسلم قطّ. وطبعاً أشعر بامتنان كبير لجميع الفرص التي أتيحت لي، وللعمل مع كلّ الذين عملت معهم. وآمل أن أستمر في العمل مع أشخاص رائعين لإنجاز أمور أعظم بعد، وألّا نستخف بأيّ من الأمور ونعتبرها من المسلّمات.

كيف تقبّلت عائلتك مسألة نجاحك؟

لقد نشأت في منزل محافظ، حيث كنّا نقصد دور العبادة مرّتين في الأسبوع، ولم يكن لدينا تلفزيون في المنزل، وكذلك لم يُسمح لنا بوضع المكياج وتعيّن علينا ارتداء ملابس محتشمة جدّاً. إذاً بالتأكيد، كان من الصعب عليهم فهم هذه المهنة التي لم يعترف بها والداي كمهنة في البداية. إلّا أنّني واصلت متابعة شغفي، وفي النهاية أدركا أنّ مسيرتي المهنيّة وظيفة حقيقيّة بالفعل، لا سيّما عندما رأوا عملي الجاد وتفانيّ وعندما وصلت إلى مرحلة سمحت لي بمساعدتهم مادّياً.

كيف توصّلت وشقيقتك إلى ابتكار علامة Naked Species؟

نظراً إلى وجودي في صناعة الأزياء، دائماً ما أردت إنشاء خطّ ملابس خاصّ بي. وعند العمل في موقع التصوير مع مصمّمين موهوبين، لطالما كنت فضوليّة جدّاً وطرحت أسئلة كثيرة لأتعلّم قدر الإمكان. وأخيراً، أطلقت علامتي التجاريّة قبل عام مع شقيقتي، التي تساعدني في الجانب التجاري من العمل. والحقيقة أنّني لطالما كنت فنّانة وها إنّني أبتكر اليوم كلّ تصميم للعلامة. كذلك، منذ نشأتي في المزرعة، لطالما امتلكت وأختي شغفاً كبيراً بالحيوانات وعرفنا منذ الصغر أنّه مهما كان المسعى الذي نسير فيه، سندعم وننقذ هذه المخلوقات المهدّدة بالانقراض.

ما الذي دفعكما إلى دعم هذه المخلوقات وليس قضيّة أخرى؟

تبنّينا هذه القضية وليس غيرها بفضل حبّنا للحيوانات. إذ إنّها تختفي أمام أعيننا حقاً، ويعتبر وحيد القرن من أبرز الأمثلة على ذلك. بحيث قدّمت الأمم المتّحدة تقريراً مفاده أنّ ما يصل إلى مليون نوع من أنواع النباتات والحيوانات مهدّدة بالانقراض، والكثير منها قد تختفي في غضون عقود! لذا من خلال منصّتي وصوتي، تقع على عاتقي مسؤوليّة التحرّك في هذا الصدد وإيجاد أفضل طريقة للمساعدة على نشر الوعي على كوكبنا المتغيّر باستمرار.

تذهب 10% من مبيعاتكما إلى المؤسّسة الخيرية التي تدعمانها Wild Tomorrow Fund. هل يمكنك أن تخبرينا المزيد عنها؟

إنّ Wild Tomorrow Fund مؤسّسة خيريّة عزيزة على قلبي، واسمها يعبّر عن رسالتها التي تقضي بالمساهمة في الحفاظ على الحياة البريّة وحماية موطنها. ويقع مقرّها في جنوب إفريقيا، وهدفها حماية الأنواع المهدّدة وتلك المهددة بالانقراض، كما تهدف إلى تعليمنا كيفيّة المساهمة في الحفاظ على البيئات التي تعتمد عليها هذه الحيوانات من أجل البقاء. لذلك، إنّني أقدر عملهم وأحترمه، وقد تعلّمت الكثير منهم فعلاً وأشعر بالامتنان لأنّني عثرت عليهم.

ما الرسالة الأسمى التي تريدين نشرها للعالم؟

ابحثوا عن شغفكم! إذ لا يوجد إطار زمني ولا عمر محدّد لذلك. واستمروا في اختبار الحياة وبمجرد القيام بذلك، ضعوا خطة وركّزوا عليها، بغض النظر عن الرفض وعمّا يقوله الناس، ركّزوا فحسب! تماماً مثل الحصان الذي يرتدي غمامة للحفاظ على التركيز وتجنّب الإلهاء، استخدموا تلك الصورة الذهنيّة واسعوا إليها.

اقرئي أيضاً: حياتها لا تقلّ أهميّة عن حياتك

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث