شريهان أيقونة برامج رمضان!

الإعداد: Joe Challita
 

في فترة زاهية من تاريخ السينما والمسرح والرقص والغناء في الشرق الأوسط، لمع اسم شريهان بشكل لا مثيل له. كانت بلا شكّ أيقونة حقيقية للفنّ والجمال العربيّ وأتقنت جوانب مختلفة من الفنّ. ولا تزال فوازير رمضان التي اشتهرت بها في حقبة الثمانينات وأوائل التسعينات محفورة في الذاكرة، حيث أنّها جمعت بين الرقص الغربيّ والشرقيّ ببراعة ومزجت أساليب موضة وأنماط مختلفة وفريدة من نوعها. لطالما كانت شريهان شخصيّة رائدة، ويبقى نهجها الإبداعيّ وروحها الفنيّة مصدر إلهام للجماهير على مرّ الأجيال في الوطن العربي.

شريهان أحمد عبد الفتاح الشلقاني، من مواليد القاهرة عام 1964، امتلكت موهبة طبيعية في الغناء والرقص منذ صغرها. بدأت رحلتها في عالم الفنّ في سنّ مبكرة، وساهمت دراستها الرقص التعبيري والتمثيل في تشكيل مواهبها. بدأت مسيرتها الفنية عام 1973 عندما كانت في التاسعة من عمرها فقط، حيث لعبت دور البطولة في المسلسل التلفزيوني "المعجزة". وبعد أربع سنوات، في العام 1977، ظهرت على الشاشة الفضية لأول مرة في فيلم "قط على نار". أمّا أوّل دور بطولة لها فهو عندما كانت في الثامنة عشرة من عمرها في فيلم "الخبز المر" عام 1982، وبرزت أدوارها الأيقونية كفنّانة مع إطلاق مسلسل "فوازير رمضان" عام 1985.

بدأ المسلسل الرمضانيّ المستوحى من "ألف ليلة وليلة" عام 1985 مع أوّل جزء بعنوان "عروس البحور". عُرضت الحلقات في الليل، وقد تم تصميمها على شكل مسرحيات موسيقية تتضمن الرقص والأغاني والألغاز التي يتم تأديتها؛ وقد أتقنت شريهان كلّ ذلك ببراعة استثنائية. لم يكن جمالها وحده ما جذب الجمهور إليها، فقد برزت كأيقونة في عالم الموضة، حيث أسرت الناس بأسلوبها الرائد وأزيائها المبهرجة. فتميّزت بجمال آسر وعينين معبّرتين، وتنقل بسهولة مختلف المشاعر وتتقن فنّ التمثيل الأصيل والحقيقي في كلّ سيناريو. وقد ترسّخت مكانتها في الصناعة عام 1986 مع المسلسل الرمضاني "فوازير الأمثال" حيث تزيّنت بإكسسوارات الرأس والأزياء المذهلة التي تتناسب مع كلّ شخصيّة جسّدتها. فعملت مع الكثير من المصمّمين بدءاً بالمصمّمة المصريّة كريمة سعد، التي أثبتت براعتها من خلال مجموعة من الأزياء بمختلف الأساليب والأنماط.

في هذا المسلسل، تألّقت شريهان بأزياء مستوحاة من ثقافات متنوّعة من جميع أنحاء العالم. ومن اللوحات الخليجيّة إلى عروض الفلامنكو الإسبانية والديسكو والروك واللوحات المصريّة الفرعونيّة والصعيديّة، عرضت مجموعة الإطلالات المتنوّعة مزيجاً من التأثيرات الشرقيّة والغربيّة. وقد برزت إكسسواراتها الاستثنائيّة أيضاً، فتراوحت بين التيجان المزخرفة والريش والقبّعات الأنيقة وقطع الفرو الفاخرة والمجوهرات المصمّمة خصيصاً لها، بالإضافة إلى التسريحات وإكسسوارات الشعر المتنوّعة. وكانت هذه الأزياء التي تحمل توقيع مصمّمين ماهرين، بمثابة قطع فنيّة فريدة، ممّا ساعد شريهان في تجسيد كلّ شخصية وأسلوب بإتقان. وقد عكست قدرتها على تأدية شخصيّات من ثقافات مختلفة بشكل أصيل موهبتها الفطرية وتقديرها الثقافي، ممّا ساهم في النهاية في نجاحها الهائل في هذه الصناعة.
في مسلسل "حول العالم" عام 1987، ارتدت شريهان فستاناً مذهلاً بتوقيع المصمّم السعودي عدنان أكبر. تميّز بالتطريز المعدنيّ اليدويّ واستغرق استكماله 7 أشهر من العمل اليومي في المشغل. وتمّ التبرّع به إلى دار المزادات العالمية الشهيرة Sotheby’s لمساعدة المتضرّرين من انفجار مرفأ بيروت عام 2020.


في مسلسل "حاجات ومحتاجات" عام 1993، تعاونت شريهان مع مصمّم الأزياء اللبناني الأيقوني فؤاد سركيس الذي ابتكر المزيد من إطلالاتها المميزة. وقد برز أحد التصاميم بشكل خاص والذي كان سابقاً لعصره ويشبه الثريا. وبعد عقدين من الزمن، نشر المصمّم صورة للفستان على مواقع التواصل الاجتماعي، وقارنه بفستان عرض في أسبوع الموضة في ميلانو عام 2017، والذي يستند إلى فكرة مشابهة. ومن خلال تعليقه "نحن نقود بينما يتبعنا الآخرون" سلّط الضوء على ريادة شريهان في عالم الموضة بتصاميم مبتكرة تجاوزت عصرها ولا تزال تلهم اتّجاهات الموضة المعاصرة.

كرّست شريهان نفسها بجهد لمهنتها، ممّا رسّخ مكانتها كفنّانة وممثّلة ومغنية أيقونيّة
 


كرّست شريهان نفسها بجهد لمهنتها، ممّا رسّخ مكانتها كفنّانة وممثّلة ومغنّية أيقونيّة. إلّا أنّ سلسلة من الحوادث والأمراض أجبرتها على الابتعاد عن الساحة، وكان أداؤها الأخير في العام 2001 في فيلم "العشق والدم". لكن بالرغم من التحديات التي فرضتها عليها الحياة، بقيت شريهان، ملكة الشاشة الفضية، في فترة انقطاع دامت عقدين من الزمان. ومع ذلك، عادت إلى جمهورها من جديد في العام 2021 في إعلان مؤثّر لشركة هواتف. وقد روى الإعلان غيابها ومعاناتها الصحّية من خلال عرض موسيقي، وأثار تفاعلاً هائلاً بين محبّيها في جميع أنحاء العالم العربي الذين انتظروا عودتها إلى الأضواء بشغف. وتعتبر شريهان عودتها فرصة لجيل جديد أن يقدّر مساهماتها الهائلة، وأوّل دور مسرحي لها بعد عودتها هو في مسرحية Coco Chanel، حيث تجسّد المصمّمة وسيّدة الأعمال الفرنسيّة الشهيرة. هذه المسرحية التي تشكّل مزيجاً بين المسرح الموسيقيّ والدراما هي من تأليف مدحت العدل، وتم إنتاجها للبث التلفزيوني. وكانت عودتها إلى الشاشة الصغيرة متألّقة كما اعتدناها دائماً، ومعها سنوات من الحنين إلى الماضي والمزيد لنتطلع إليه في المستقبل.


على مرّ السنين، تركت شريهان بصمة لا تُمحى، وسحرت الجماهير في جميع ربوع الوطن العربي بمجموعة متنوّعة من الأعمال السينمائية والإنتاجات التلفزيونية المذهلة. هي تجسيد حقيقيّ لجوهر الفنّ والموهبة المصريّة، واليوم، نستعيد فصلاً جميلاً من فترة مضت ومن السنوات الذهبية للسينما، فهي مثل طائر الفينيق الذي عاد ونهض من بين الرماد.  
 
 


 من اللوحات الخليجيّة إلى عروض الفلامنكو الإسبانية والديسكو والروك واللوحات المصرية الفرعونية والصعيدية، عرضت مجموعة الإطلالات المتنوّعة التي تألّقت بها شريهان مزيجاً من التأثيرات الشرقية والغربية

اقرئي ايضًا:ما بين المرأة والإلهام.. تعرّفي معنا إلى 100 امرأة أيقونيّة ألهمت التاريخ

© Adnan Akbar

اقرئي ايضًا: بعد غيابٍ دام لسنوات طويلة، الأيقونة شريهان تعود الى الفن

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث