عليا النيادي، بدايات جديدة في رقصات حالمة ‎

سترة باللون الوردي من صوف التويد
قميص باللون الوردي الداكن من الحرير
سروال عريض وقبّعة باللون الوردي الشاحب 
حذاء مفتوح من الخلف باللون الوردي مع 
تفصيل Horsebit
كلّها من Gucci

الرقص هويّتها، والباليه شغفها. وعلى حدّ قولها، لم تختر الباليه إنّما الباليه اختارتها. ووجدت فيها ملاذاً آمناً وقوّة شرسة لم تتوقّع أن تتسلّح بها يوماً. فأصبحت اللغة التي تكلّم الناس بها فتلامس قلوبهم وتؤثّر فيهم بكلمات ترقصها وحركات تتحاور معهم من خلالها. فهذا المزيج من التقنيّة والعاطفة جعل منها أوّل راقصة باليه إماراتيّة في وطنها لا يمكن أن نشيح نظرنا عنها. في عينيها كاريزما لا نستطيع مقاومتها، وفي قلبها والدتها المدربّة التي تكنّ لها جزيل الامتنان والشكر لما أوصلتها إليه بفضل انتقادها البنّاء. أمّا في ذهنها، فحلم تأمل في تحقيقه من خلال افتتاح أكاديميّة باليه وطنيّة تساعد الفتيات العربيّات الموهوبات على تحقيق حلمهنّ الرائد. انضمي إلينا في هذه المقابلة الحصريّة للتعرّف أكثر إليها بينما تتألّق بأجمل الأزياء من مجموعة كروز Epilogue من Gucci وتجسّد خصال شخصيّتها الرائعة في حركات مصمّمة تسرد قصّة نجاح استثنائيّة.

التصوير: Mohamad Abdouni   
الإدارة الفنّيّة: Farah Kreidieh
التنسيق: Kate Hazell 
تصفيف الشعر: Jordan Robertson‎
المكياج: Ania Poniatowska لدى MMG Artists 
الإنتاج: Kristine Dolor
الموقع: مركز جميل للفنون

الأزياء كلّها من مجموعة كروز Epilogue من Gucci

كيف تشعرين حيال واقع أنّك أنت الرائدة الإماراتيّة في عالم الباليه؟

أشعر بالإطراء، لأنّ الريادة في أيّ شيء تنطوي على كثير من المخاطر والمسؤوليّات. ونظراً إلى أنّ هذا المجال بالذات يعتبر جديداً جدّاً في المنطقة، فمن المهمّ الحفاظ على النزاهة والقيم وتصويرها من خلال العمل الذي أقوم به. إذ يجب أن يحبّ المرء ما يفعله بكلّ إخلاص، لأنّ الحبّ وحده يجعلنا نقوم بأمور تبدو بعيدة المنال في البداية ولكنّها تستحق العناء بمجرّد أن نصل إليها.

بدأت رقص الباليه في سنّ مبكرة جدّاً. كيف حدث ذلك ومَن الذي أحسن إرشادك وإلهامك إلى هذا الحدّ؟

 بدأت في الرابعة من عمري، حيث كانت والدتي مصمّمة رقصات محترفة ومدرّبة باليه. ومنذ أن ولدت في الإمارات العربيّة المتّحدة، اعتدت أن أحضر جميع صفوفها التعليميّة. ثمّ عندما بدأت المشي، قررت النهوض والذهاب إلى الخطوط الأماميّة والقيام ببعض الحركات، ومذّاك بدأت رحلتي في عالم الباليه. وصحيح أنّ الكثيرين يقولون إنّ والدتي "أجبرتني" على اتّباع خطواتها، غير أنّ العكس صحيح، لأنّها في الواقع منحتني الفرصة لتجربة أمور مختلفة حتى أتمكّن أخيراً من رؤية ما سأهتمّ به. وبالفعل، جرّبت جميع أنواع الأنشطة ومع ذلك قرّرت العودة إلى الباليه. والسبب في ذلك أنّه المكان الذي وجدت فيه أمراً لم أستطع العثور عليه في كلّ النشاطات الأخرى، ألا وهو الشغف. إنّ الباليه مزيج من التقنيّة والعاطفة، حيث يجسد المرء الشخصيّة المعطاة له ويعيش القصة من خلال حركات مصمَّمة. وأذكر أنّ أحد أساتذتي الذين عملت معهم أخبرتني أنّه من الأسهل دائماً التعلّم وتحسين التقنيّة حتّى تصبح مثاليّة، ولكن يكاد يكون من المستحيل تعليم شخص ما أن يحسّ ويعيش الدور الذي يُمنح له، وهذا ما يجعل منه فنّاناً أفضل يتذكّره الناس.

فستان باللون الأزرق العاجي متعدّد الألوان من الدانتيل المطبوع
عُصابة رأس مزيّنة بالزهور
من Gucci

ما دوافعك وأحلامك في مجال الباليه والرقص؟ وإلى أين تطمحين الوصول؟

يتمثّل حلمي في أن نفتتح أخيراً أكاديميّة وطنيّة؛ إذ أعتقد أنّه لدينا الكثير من الفتيات الموهوبات اللواتي يرغبن في إظهار موهبتهنّ للعالم والحصول على الدعم. أساساً، إنّ الهدف من أيّ أداء هو جعل الجمهور يستمتع ويشعر بنوع من العاطفة. فإذا ذهبت إلى عرض Swan Lake أو The Nutcracker أو The Sleeping Beauty، أنا متأكدّة من أنّه سيعيد إليك ذكريات الطفولة الجميلة. ناهيك عن الموسيقى الجميلة من تأليف أشخاص أسطوريّين أمثال Tchaikovsky، وتصميم الرقصات التي تميّز كلّ عرض من هذه العروض وتمثّل حلم جميع الراقصين. كذلك، أعتقد أنّنا كلّنا نبحث عن شيء ما عندما نسافر أو نستكشف ثقافة أخرى، والباليه واحد من العناصر التي نشترك فيها كلّنا، ولغة تتحدّث من خلال الحركات نفهمها جميعاً ونشعر بالارتباط بها. ولهذا السبب علينا أن نكون أيضاً جزءاً من هذا الحوار الثقافي، إذ إنّ الرقص والموسيقى لا يعرفان أيّ حواجز أو قيود، لا بل إنّ الجميع مرحّب بهم.

هلّا تحدثينا عن الباليه وتاريخه في الوطن العربي؟

نشأ الباليه في عصر النهضة الإيطاليّة في القرن الخامس عشر. وبدأت Catherine de' Medici، زوجة ملك فرنسا King Henry II وراعية الفنون العظيمة، بتمويل الباليه في البلاط الفرنسي. ثمّ بعد قرن من الزمن، ساعد الملك King Louis XIV على توحيد الفنّ وتعزيز نموّه من كونه إنتاج هواة فحسب إلى تدريب احترافي. وفي أواخر القرن السابع عشر، تأسّست أوبرا باريس Paris Opera وسرعان ما انتشر الباليه في روسيا وفي دول أوروبيّة أخرى. أمّا في المنطقة العربيّة، فتم تقديم الباليه في أواخر خمسينات القرن الماضي حسبما أظنّ، غير أنّ الرقص الشرقي الذي يميّز المنطقة العربيّة والخليج موجود منذ وقت طويل وله الكثير من الأساليب المختلفة. وبطبيعة الحال، يعتمد الرقص المرتبط بكلّ دولة عربيّة على ثقافة البلاد وتاريخه. وعلى الرغم من أنّ الباليه لم يظهر في المنطقة العربيّة، إلّا أنّ شعبيّته تزداد أكثر فأكثر ويثبت أنّ يؤثّر كثيراً على الفتيات الصغيرات في هذه المنطقة. فضلاً عن ذلك، فإنّ الانضباط والقوّة البدنيّة التي يمنحها الباليه للفتيات ليسا سوى واحداً من العوامل الإيجابيّة الكثيرة للتدريب منذ الصغر، فذلك يعزّز قوتهنّ وحيويّتهنّ ليشعرن بالحريّة في التعبير عن أنفسهنّ والاستمتاع بما يقمن به.

هل تتطلّعين إلى أن تعتبرك الفتيات والشابّات العربيّات قدوة ومصدر إلهام في هذا الفنّ الحديث نسبيّاً في العالم العربي؟

آمل حتماً أن تستوحي الفتيات من قصّتي؛ إذ يمكنهنّ الاستلهام منها لتحقيق المستحيل. لأنّه في الحقيقة، ما من شيء مستحيل إذا كنت تؤمنين به. حتّى أنّني رأيت بالفعل بعض الفتيات الصغيرات يسرن على خطاي ويجتهدن في أداء الباليه، وهذا أمر جميل طبعاً ويبعث الأمل بوجود أشخاص مهتمّين بهذا النوع من الرقص. كذلك، رصدت اهتماماً بالرقص في المملكة العربيّة السعوديّة وعمان ودول الخليج الأخرى التي تدعم الفنّ؛ ولذا أشعر بأنّنا بالتأكيد على الطريق الصحيح.

معطف أبيض من التويد 
تنورة باللون البيج من التول 
حذاء باللون الأبيض بتفصيل Horsebit
كلّها من Gucci

تأتي ثقافة الباليه والموسيقى الكلاسيكيّة التابعة لها من ثقافات مختلفة عنّا... هل ترين أنّ للباليه مستقبل في عالمنا العربي وما التّحديات التي تتوقّعينها؟

بالطبع كلّ ما هو جديد مخيف وصعب في البداية، غير أنّ الموسيقى على وجه الخصوص موجودة في جميع أنحاء العالم منذ قرون. وفي العالم العربي لدينا آلات معيّنة غير متاحة في أجزاء أخرى من العالم، ومن المهم الحفاظ عليها لأنّ الأصوات الصادرة منها جميلة بحقّ. إذاً ثمّة مستقبل للرقص والموسيقى في حال التزمنا بفكرة قبول هذا المجال ليس للترفيه فحسب وإنّما كمهنة أيضاً. ففي هذه المنطقة، كان يُنظر إلى الرقص بطريقة معيّنة لسنوات طويلة، ولكن لهذا السبب بالضبط، أعتقد أنّه من المهمّ لي كامرأة عربيّة أن أظهر للجميع أنّ هذا مجرد عرض، وأنّ الشخصيّة التي أمثّلها على المسرح ليست شخصيّتي في الحياة الحقيقيّة. كذلك، فإنّنا نتفاعل بشكل جميل عندما نرى الممثلين والمغنّيين، فلماذا يجب أن يكون الرقص مختلفاً إذاً؟

ثمة جيل جديد من الفتيات والنساء اللواتي كسرن المحظورات وكنّ رائدات في مجالات جديدة في العالم العربي. منهنّ أوّل طيّار أثنى، وأوّل راقصة باليه، وأوّل رياضيّة محترفة إلخ... ما رأيك في هذا الأمر؟ هل هذه حقبة جديدة تولد في الخليج؟

لا بدّ لنا من أن نفخر بهذا الأمر فعلاً! وأظنّ أنّ هؤلاء النساء مثلي تماماً، إذ لم يصبحن مَن هنّ عليه اليوم ليُلقّبنَ بالرائدات فحسب، بل تبعنَ ما أحببنَه وصادف أنّ أحداً لم يفعل ما فعلنَه من قبل. لذا، دعونا نستمر في جعل وطننا فخوراً بنا في جميع المجالات ولنظهر للعالم أنّه يمكننا أن نكون عصريّين وفي نفس الوقت صادقين مع أنفسنا.

هل تعتقدين أنّك تضفين لمسة خاصّة وجديدة على الباليه؟

أعتقد أنّني أبرهن للعالم أنّه ليس عليك التواجد في أوروبا أو في أيّ مكان آخر للحصول على تدريب جيّد في الرقص، وآمل أيضاً أن أريهم أنّ الراقص الجيّد لا يُقاس برقصات الباليه التقليديّة فحسب، ولكن أيضاً بالأسلوب الكلاسيكيّ والحديث والشعبي الذي يعدّ جزءاً مهمّاً من الرقص وأعتبره شغفي أيضاً. هذا وثمّة الكثير من الراقصين الذين يسعون اليوم إلى إتقان التقنيّة والقيام بتمدّدات طويلة فحسب، ولكنّ واحدة من أعظم راقصات الباليه لم تجِد التمدّدات الطويلة ولا امتلكت قامة صغيرة، إنّما لم يستطع أحد أن يشيح بنظره عنها عندما قدمت أداءً، لأنّها "رقصت" بكلّ بساطة ولمستنا جميعاً بطرق لم نعرف أنّها ممكنة من حيث الأداء.

اقرئي أيضاً: الشيخة لطيفة آل مكتوم: إذا كنت تعملين بكدّ، يمكنك تحقيق كلّ ما تريدينه.

العلامات: عليا النيادي

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث