عليا النيادي: لو لم أمارس الرقص لما كنت أنا بكلّ تأكيد

التصوير: Mohamad Abdouni   
الإدارة الفنّيّة: Farah Kreidieh
التنسيق: Kate Hazell 
تصفيف الشعر: Jordan Robertson‎
المكياج: Ania Poniatowska لدى MMG Artists 
الإنتاج: Kristine Dolor
الموقع: مركز جميل للفنون
حوار: Farah Kreidieh
الأزياء كلّها من مجموعة كروز Epilogue من Gucci 

الرقص هويّتها، والباليه شغفها. وعلى حدّ قولها، لم تختر الباليه إنّما الباليه اختارتها. ووجدت فيها ملاذاً آمناً وقوّة شرسة لم تتوقّع أن تتسلّح بها يوماً. فأصبحت اللغة التي تكلّم الناس بها فتلامس قلوبهم وتؤثّر فيهم بكلمات ترقصها وحركات تتحاور معهم من خلالها. فهذا المزيج من التقنيّة والعاطفة جعل منها أوّل راقصة باليه إماراتيّة في وطنها لا يمكن أن نشيح نظرنا عنها. في عينيها كاريزما لا نستطيع مقاومتها، وفي قلبها والدتها المدربّة التي تكنّ لها جزيل الامتنان والشكر لما أوصلتها إليه بفضل انتقادها البنّاء. أمّا في ذهنها، فحلم تأمل في تحقيقه من خلال افتتاح أكاديميّة باليه وطنيّة تساعد الفتيات العربيّات الموهوبات على تحقيق حلمهنّ الرائد. انضمي إلينا في هذه المقابلة الحصريّة للتعرّف أكثر إليها بينما تتألّق بأجمل الأزياء من مجموعة كروز Epilogue من Gucci وتجسّد خصال شخصيّتها الرائعة في حركات مصمّمة تسرد قصّة نجاح استثنائيّة.

كنزة باللون الأبيض مع طبعة Donald Duck وتنورة باللون الأسود متعدّدة الألوان مزيّنة بالزهور وحذاء مفتوح من الخلف باللون المعدني وبنعل كبير في الأمام. كلّها من Gucci

عمل فنّي بعنوان 1958 Sand_ للفنّان Sree ضمن فعاليات Youth Takeover 2020 في مركز جميل للفنون

الباليه رقصة تتم تأديتها بشكل فردي عموماً، ولكن غالباً ما تكون مع شريك أو في مجموعة أيضاً. هل لديك شريك مميّز أو فريق أم أنّك تؤدّين الرقصات الفرديّة؟

حصل أوّل عمل شراكة لي عندما كنت في سنّ الـ9 أو 10سنوات في الإمارات العربيّة المتحدة، كجزء من عرض الباليه Peter Pan. ولربما وجدت تلك التجربة مخيفة لي لأنني لم أفعل أيّ شيء كهذا مِن قبل في وطني، ولكن بعد ذلك قمت بالكثير من تصاميم الرقص بالإضافة إلى العروض المنفردة على مرّ السنين. وكما تعلمون، ليس لدينا في الإمارات راقصون ذكور، ولهذا غالباً ما نؤدّي عروضاً فردية أو ثنائيات أو رقصات جماعيّة. وبطبيعة الحال، يسعى كلّ راقص إلى الحصول على عرض منفرد ليُظهر ما يمكنه القيام به. لكنّني لطالما أحببت الرقصات الجماعيّة ضمن مجموعتي، ورأيت أنّني دائماً ما أكون على نفس القدر من القوّة مع الآخرين من الفريق. ولهذا السبب، نحن قريبون جدّاً من بعضنا البعض تماماً مثل الأسرة، حتّى نتمكّن من إتقان أيّ رقصة. بالمقابل، طوال مسيرتي المهنيّة، قدمّت عروضاً لمدّة ساعتين تتألّف من 30 إلى 40 رقصة، وبصراحة أجد أنّ ذلك كان جنونيّاً عند التفكير فيه الآن.

تعملين في دائرة الثقافة والسياحة في أبو ظبي. ألا تكّرسين نفسك ووقتك الكامل للرقص؟

في خلال السنوات القليلة الماضية منذ أن بدأت العمل، كان من الصعب تخصيص وقتي الكامل للأداء. إنّما في الباليه، ليست المسيرة المهنيّة طويلة بقدر ما تريدين بشكل عام وخصوصاً في الإمارات. شخصيّاً، لم أرغب في تقديم الأداء في مختلف الأماكن، بل أردت إنشاء منزل لجميع الراقصين والموسيقيّين، ولهذا السبب أعتقد أنّ وظيفتي تسمح لي بمساعدة المواهب المستقبليّة وتوجيهها بالإضافة إلى دعم الفنون الأدائيّة من خلال إظهار ما تقدّمه الموسيقى والرقص. وفي بعض الأحيان، يتّجه الكثيرون بعد مهنة الرقص ليصبحوا معلّمين أو مصمّمي رقصات؛ وأعتقد أنّ قدري أن أكون ذلك الرابط والصوت لمستقبل الفنون الأدائيّة في الإمارات العربيّة المتحدة.

بلوزة باللون الأخضر من الصوف وفستان متعدّد الألوان من الحرير المطبوع من Gucci

من الواضح أنك شغوفة بالباليه والرقصات الأخرى التي تحيا فيك. هل تخطّطين للترويج لهذا الفنّ من أجل الجيل الجديد في المنطقة؟ إذا نعم، فما العمليّة التي ستتّبعينها والوسائل التي ستعتمدينها لفعل ذلك؟

مثلما ذكرت سابقاً، أنا أدعم جميع المواهب التي تريد أن تتبع أحلامها سواء في الرقص أو الموسيقى أو أيّ نوع آخر من الفنّ أو حتّى في مجال مختلف. ثمّة الكثير لأفعله، وقد بدأت للتوّ. لذا ترقّبوني!

تتّجه الأجيال الشابّة اليوم بالكامل نحو وسائل التواصل الاجتماعي والاتّصالات على عكس الأجيال الماضية التي مارست الأنشطة البدنيّة. في هذا السياق، هل ترين أنّه ثمة مكان ومستقبل للباليه؟

قطعاً! فأثناء الإغلاق بسبب كورونا، رأيت الكثير من الفنّانين حول العالم يزيدون الوعي بالفنون ويحافظون على تلك الروح من خلال دعم فنانين آخرين، والبقاء نشطين والانطلاق في بثّ مباشر على قنوات التواصل الاجتماعي والتحدّث عن تجاربهم. أعتقد أنّ تلك الفترة أعطت الناس فرصة لرؤية جانب جديد حقيقي من الراقصين والفنّانين. إذ اجتمع العالم كلّه ليفعل الجميع ما يحبّونه سواء كان ذلك من خلال شاشة أم لا، ولم يستسلموا على الإطلاق. ومؤخراً أيضاً، احتفلنا باليوم العالمي للباليه في 29 أكتوبر، ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي انضمّ الجميع من مختلف أنحاء العالم لمشاهدة أفضل الشركات تحتفي بالباليه. إذاً طالما أنّنا نستخدم الأدوات التي لدينا بحكمة، لا يمكن إلّا أن نتطوّر إلى الأفضل فحسب. ونأمل أن ننضمّ إلى هذه الحملة أيضاً في السنوات القادمة وأن نكون جزءاً من عائلة أكبر في جميع أنحاء العالم، فالسماء حدودنا!

بلوزة محبوكة باللون البرتقالي والأحمر بنمط مربّعات وقميص باللون الأسود بطبعة زهور وتنورة باللون الأخضر العاجي من الحرير وقفازات باللون الفضي مزيّنة بالترتر. كلّها من Gucci

من هم مراجعك ونجومك في عالم الباليه؟ وما رأيك براقص الباليه الراحل Rudolf Nureyev ؟

إنّني على ارتباط وثيق بالباليه الروسي طبعاً، حيث تعلّمت على طريقة Vaganova التي تعدّ واحدة من أفضل الأكاديميات في العالم اليوم. وعلى الصعيد الشخصي، لطالما كنت معجبة براقصات الباليه أمثال Galina Ulanova وAnna Pavlova وMaya Plisetskaya وAlicia Alonso وEkaterina Maximova اللواتي للأسف لم يعدن معنا بعد الآن، ولكن تركن بصمة في العالم حتّى اليوم. وأرى أنّ ما امتلكته راقصات الباليه في السنوات السابقة لم يكن مجرد تقنيّة جيّدة وإنّما أيضاً الكاريزما والعاطفة في عيونهنّ التي لم يستطع العالم مقاومتها. بحيث اعتاد مصمّمو الرقصات المشهورون أن ينتظروا لحظة مقابلتهنّ ليتمكنوا من إقامة عرض باليه أو رقصة معيّنة لهنّ، فأنا متأكدة من أنكنّ تعرفن جميعاً عرض The Dying Swan، الذي نُظم لـAnna Pavlova وعرض Carmen Suite لـMaya Plisetskaya. أمّا Rudolf Nureyev، فهو شخص لا بدّ من السماع عنه إذا كنت في عالم الباليه أو الفنّ بغض النظر عن جيلك. وذلك لأنّه أحد أعظم الراقصين الذكور في جيله، حيث أنّه ترك بصمته في جميع أنحاء العالم، ليس كراقص فحسب إنّما كمصمّم رقص أيضاً. حتّى أنّه ابتكر تفسيراته الخاصّة لعدد من أعمال الباليه الكلاسيكيّة مثل Giselle وSwan Lake وLa Bayadère.

من المرأة التاريخيّة الشهيرة التي تلهمك؟ وأي امرأة معاصرة تلفت انتباهك؟

لطالما كنت مفتونة بالنساء القويّات أمثال Catherine the Great وQueen Elizabeth I وAmelia Earhart وPrincess Diana وRosa Parks وغيرهنّ الكثيرات. ودائماً ما أتساءل كيف تمكّنت تلك النساء، على الرغم من الصعوبات التي واجهنها، من البقاء صادقات مع أنفسهنّ بطريقة ما والاستمرار في النضال من أجل ما آمنّ به. وهنا أسأل من نحن لنمنع الآخرين من فعل ما يؤمنون به في زمننا اليوم؟

​​​​​​​​سترة باللون الوردي من صوف التويد وقميص باللون الوردي الداكن من الحرير وسروال عريض وقبّعة باللون الوردي الشاحب وحذاء مفتوح من الخلف باللون الوردي مع تفصيل Horsebit. كلّها من Gucci

لو لم تمارس عليا النيادي الرقص، فمن ستكون اليوم؟

هذا سؤال ممتاز، ولو لم أمارس الرقص لما كنت أنا بكلّ تأكيد. فالواقع أنّني لا أعرف عليا بدون الرقص. وأظنّ أنّنا جميعاً نحاول إيجاد هدفنا في الحياة سواء كان ذلك في سنّ مبكرة أو في منتصف العشرينات أو حتّى في عمر الـ40. وأنا على معرفة تامّة بأنّني لم أختر الباليه، إنّما الباليه اختارني.

كيف هي علاقتك مع والدتك؟

علاقتي مع أمي رائعة. ولكن بالطبع عندما نتدرب معاً، تصبح مدرّبتي وليست والدتي. وهل سبق أن ذكرت أنّها مدرّبتي وأمي في الوقت نفسه؟ أجل، بالفعل كانت مسيرتي المهنيّة التي استمرت 20 عاماً ممتعة. فهي لم تتساهل معي أبداً خصوصاً لأنّني ابنتها، ودائماً ما عاملتني مثل الجميع في صفوف الرقص، حتّى أنّها دفعتني أكثر لإعطاء كلّ ما عندي. ومن المؤكّد أنّه كان من الصعب عليّ في طفولتي، ألّا أربط بين واقع أنّ والدتي ومعلّمتي هما شخص واحد، ولكن تعيّن عليّ أن أفصل بين الدورين من أجل التقدّم. وبعد كلّ هذه السنوات، أستطيع أن أقول إنّ نقدها هو ما جعل منّي راقصةً أفضل، وأنا متأكدة من أنّ الأمر لم يكن سهلاً عليها أيضاً، لكنّنا نجحنا. والراقصة لا تشعر بالرضا قطّ، بل تواصل السعي إلى أن تكون أفضل دائماً، ولهذا دفعتني دائماً إلى الأمام بصفتها مدربتي وأمّي على حدّ سواء، ومنحتني الفرصة للوصول إلى إمكاناتي الكاملة. فشكراً لك يا أمّي!  

اقرئي أيضاً: عليا النيادي، بدايات جديدة في رقصات حالمة ‎

العلامات: Alia Al Neyadii

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث