Adwa Aldakheel التميّز‭ ‬بلا‭ ‬حدود‬‬

التصوير: Angela Joshua

الإدارة الفنّيّة: Farah Kreidieh

تحصل‭ ‬آلاف‭ ‬الشابّات‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬العربيّة‭ ‬السعوديّة‭ ‬على‭ ‬تعليم‭ ‬عالٍ‭ ‬ورفيع،‭ ‬إلاّ‭ ‬أنّ‭ ‬الكثيرات‭ ‬منهنّ‭ ‬ما‭ ‬زلن‭ ‬ينخرطن‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التعليم‭ ‬الرسميّ‭. ‬واليوم‭ ‬في‭ ‬عصر‭ ‬أصبح‭ ‬فيه‭ ‬تفعيل‭ ‬دور‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬السعوديّ‭ ‬من‭ ‬الأولويّات‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الإصلاحات‭ ‬الاجتماعيّة‭ ‬والاقتصاديّة‭ ‬المندرجة‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬الرؤية‭ ‬2030‭ ‬التي‭ ‬تفسح‭ ‬المجال‭ ‬أمام‭ ‬النساء‭ ‬السعوديّات‭ ‬لمزيد‭ ‬من‭ ‬الاستقلاليّة‭ ‬وتزيد‭ ‬من‭ ‬انخراطهنّ‭ ‬في‭ ‬الطبقة‭ ‬العاملة‭ ‬وتساعدهنّ‭ ‬على‭ ‬تنمية‭ ‬مشاريعهنّ‭ ‬الخاصّة،‭ ‬تُشجَّع‭ ‬النساء‭ ‬على‭ ‬توسيع‭ ‬مجال‭ ‬عملهنّ‭ ‬والانخراط‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬جديدة‭. ‬فلطالما‭ ‬كانت‭ ‬النساء‭ ‬السعوديّات‭ ‬رائدات‭ ‬ومنجزات‭ ‬وحالمات‭ ‬ومتخطيّات‭ ‬الحواجز،‭ ‬إذ‭ ‬تشهد‭ ‬المملكة‭ ‬على‭ ‬تميّزهن‭ ‬وطاقاتهنّ‭ ‬المختلفة‭ ‬التي‭ ‬تغني‭ ‬المجتمع‭. ‬وفي‭ ‬هذه‭ ‬السطور،‭ ‬تحتفي‭ "‬ماري‭ ‬كلير‭" ‬العربيّة‭ ‬بأضوى‭ ‬الدخيل‭ ‬التي تجسّد‭ ‬قصّة‭ ‬نجاح‭ ‬للمرأة‭ ‬السعوديّة‭. 

اقرئي أيضاً: Mthayel Al Ali: كوني‭ ‬كما‭ ‬تتمنّين،‭ ‬وصيري‭ ‬مثالاً‭ ‬أعلى‬‬‬‬‬‬

منذ نعومة أظافرها، تكسر أضوى الدخيل القوالب النمطيّة والجندريّة. فأصبحت بفضل شجاعتها وقوّتها واحدة من أصغر وأنجح النساء في السعوديّة حتّى أنّها تميّزت على صعيد العالم. فقد أصبحت في عمر صغير محلّلة سوق أسهم وكاتبة وتابعت دراستها في ثلاثة اختصاصات مختلفة فضلاً عن أنّها حائزة رخصة طيران من الولايات المتّحدة الأميركيّة. ويترافق شغف الدخيل بعالم الأعمال وعلم النفس مع تمتّعها بمواهب فنّيّة ورياضيّة فهي موسيقيّة وبطلة في لعبة الاسكواش. وها هي اليوم تساهم من خلال شركتها Falak في تحقيق رؤية المملكة العربيّة السعوديّة للعام 2030 وتمكّن روّاد الأعمال من أجل تحقيق أهدافهم، فبذلك لا تحقّق طموحاتها فحسب، إنّما أهداف من يقصدها أيضاً. تميّزها لا حدود له وهي مثال يحتذى به في الشجاعة والطموح، فلم يردعها شيء عن تحقيق أهدافها في مجالات مختلفة. تعرّفي معنا في ما يلي على قصّة نجاح هذه المرأة السعوديّة الرائدة.

لست امرأة أعمال وكاتبة وموسيقيّة وبطلة في لعبة الاسكواش فحسب إنّما تقودين طائرة أيضاً. في أيّ مجال تعبّرين عن نفسك أكثر أم أنّك تعتقدين أنّها كلّها تكمّل شخصيّتك؟ وكيف توفّقين بين كلّ هذه المجالات المختلفة؟

ثمّة عقليّة سائدة أنّ المرء إن لم يتخصّص في مجال واحد يشتّت نفسه. لكن بفضل تجربتي، علّمني الطيران عن الأعمال أكثر ممّا تعلّمته خلال ستّ سنوات دراسة، وعلّمتني الأعمال عن علم النفس البشريّ أكثر من التخصّص في علم النفس، وعلّمتني الكتابة عن المؤسّسات أكثر من دراسة الإدارة التنظيميّة وعلّمتني الموسيقى عن التعبير عن النفس أكثر من الكتابة وعلّمتني رياضة الاسكواش أهمّيّة التمرين المنتظم. فلا يتعلّق الأمر بالتخصّص الذي نختاره بقدر ما يتعلّق بما يضيفه إلينا التخصّص كأشخاص وكيف يمكن أن يساهم ذلك في أيّ تخصّص نختاره في المستقبل، وهذا الأمر يحصل بطريقة طبيعيّة.  

اقرئي أيضاً: Aisha N. Al Sowaidi: أريد إغناء ساحة التصميم في الخليج العربيّ

بدأت بكتابة القصائد والعزف على الغيتار في سنّ الـ8 سنوات، وقد فزت في مسابقة الشعر في المؤتمر العالميّ للشعر في واشنطن. ما الذي دفعك إلى دخول عالم التجارة في سنّ المراهقة لينشئ لديك اندفاعاً نحو تنظيم الأعمال وتصبحي في عمر الـ16 محلّلة مختصّة في سوق الأسهم؟

كنت مهووسة بالاستقلاليّة الماليّة. وفي سعيي إلى هذا الهدف، تعرّفت أكثر على جداول Fox Trading واكتشفت أنّه ثمّة حدّ أدنى لفتح حساب تجاريّ. وهكذا قرّرت أن أجمع المبلغ اللازم من خلال تعليم اللغة الإنجليزيّة ودروس العزف على الغيتار و"العيديّة" التي كنت أتلقّاها في العيد. وشيئاً فشيئاً، جمعت المبلغ واستطعت أن أفتح حساباً على منصّة Forex Trading. لكنّ ولعي بالاستقلاليّة الماليّة تطوّر، فقرّرت أن أتخصّص في مجال من التجارة وهو المزادات، وبعد فترة عدت من بوسطن إلى السعوديّة لأؤسّس عملي الخاصّ.

أنت اليوم مؤسّسة Falak Business Hub  وNs3a Recruiment وAdwa Jewels ومؤسّسة شريكة لـThe Social Advisors وDar Technology وشريكة في Continental Markets المدعومة من Ayonda. ما هو شعورك بأنّك تكسرين الصورة النمطيّة وتتولّين القيادة كامرأة سعوديّة في مجال يهيمن عليه الرجال عادةً؟

هكذا يجب أن يكون الوضع، إذ تتمتّع النساء بالمهارات الكافية لمنافسة الرجال في المجالات كافّة. وأثبتن بالفعل أنفسهنّ في تربية أجيال وأجيال، وما من وظيفة في العالم أصعب وأنبل من عمل الأمّ. وعندما تؤدّي المرأة دورها كأمّ، يمكنها أن ترأس العالم إذ لا مجال للمقارنة حتّى بين ما يفعله أصحاب الأعمال وما تستطيع المرأة فعله.

 

ما هي التحدّيات التي تواجهينها؟

أنعم الله عليّ بعائلة استثنائيّة أدّت دوراً كبيراً في تعزيز ثقتي بنفسي. وإن نظرت إلى التحدّيات التي تواجهني في حياتي اليوم أجد أنّها تتعلّق بأنّني تحت الأضواء عبر وسائل الإعلام أكثر من أنّني سعوديّة. فعندما تتسلّط الأضواء على شخص، لا شكّ في أنّ أثر أيّ فشل أو نجاح يحقّقه يكون أكبر بكثير، لكنّ النجاح نتيجة الفشل. وعندما أرى الأجيال الجديدة تتطلّع إليّ، أشعر بمسؤوليّة أكبر ولو لم يكن التركيز عليّ في وسائل الإعلام كبيراً لقمت بمجازفات أكثر.

اقرئي أيضاً: لم تعُد خيارات النساء المهنيّة في السعوديّة محدودة

حقّقت النجاح في سنّ مبكرة. ماذا تقولين للواتي يحلمن بتسلّق سلّم النجاح لكنّهن يتردّدن بسبب التمييز؟

بالرغم من أنّ الوضع يتحسّن شيئاً فشيئاً إلّا أنّ التمييز الجندريّ مشكلة عالميّة لكنّ الطريقة الوحيدة للتقدّم هو التحلّي بالجرأة لتطالبي بالحقّ الذي تستحقّينه. لكنّ هذه المسألة هي واقع تاريخيّ، فالنّساء لا يطالبنَ بحقوقهنّ للحصول على مستوى المكافأة نفسه مثل أقرانهنّ الرجال. وبالتالي فإنّ التمييز الجندريّ مرتبط بنفسيّة المرأة وثقتها بنفسها.‎

 

أسّست شركة Falak للأعمال والاستثمار لكلّ من يؤمن بأنّه قادر على تغيير العالم. ما هي الخدمات التي تقدّمها وهل توفّرين المساعدة للنساء للمساهمة في تمكينهنّ؟

تشكّل شركة Falak حاضنة ومسرّعة للأعمال التجاريّة ومساحة للأعمال المشتركة. تختصّ في مجالين مختلفين هما التكنولوجيا الناشئة والأعمال التجاريّة إضافة إلى خدمات أخرى مثل تكنولوجيا المعلومات والاستشارة والإرشاد في العمل والتمويل والمساحة للعمل المشترك عبر 56 موقعاً في الرياض وورش عمل شهريّة تدور حول عالم المقاولات في بيئة تنظيم المشاريع. فيقدّم فريق Falak فرصة إلى روّاد الأعمال لتحقيق أهدافهم. وعندما أقمنا دورة حول Fox Trading لاحظنا مشاركة عدد أكبر من النساء إذ وصلت نسبتهنّ إلى 80% من الحضور وهذا أمر رائع فهنّ بذلن جهوداً وقضين ساعات للوصول إلى ورشات العمل. ومن المنظور التعليميّ، لدينا منهج يعلّم النساء كيفيّة التصرّف في سوق العمل ليغيّرن نظرة الرجال إليهنّ. نريد أن ندعمهنّ ليتشجّعن ويخاطرن في العمل فإن أردن النجاح فعلاً يجب أن يقترفن بعض الأخطاء للتعلّم منها.

كيف تساهمين عبر شركتك في تحقيق رؤية العام 2030؟

من أهمّ الأسباب التي جعلتني أؤسّسها هي رؤية المملكة للعام 2030 والحاجة إلى زيادة معدّل مساهمة الشركات الصغيرة والمتوسّطة الحجم في الناتج المحلّيّ الإجماليّ بنسبة تتراوح بين 20% و35% حتّى العام 2030. ولهذا السبب تأسّست الشركات الصغيرة والمتوسّطة الحجم في السعوديّة لتتطوّر وتقدّم فرص عمل للأشخاص ليزيد مدخولهم ولإظهار كفاءات السعوديّين أيضاً، وهذا تماماً ما نفعله في شركة Falak. نساعد الشركات الناشئة ونستثمر مع روّاد الأعمال ونبني الفرق وندفعهم إلى آفاق جديدة. وعندما يصبح أؤلئك الأشخاص وشركاتهم جاهزين للانتقال إلى المرحلة التالية سنكون بجانبهم لنساعدهم على الوصول إلى المستثمرين في مجالات مختلفة. وبما أنّنا أردنا أن نعالج مسائل اجتماعيّة منها التوظيف مثلاً، قرّرنا أن نجعل هذه المسألة أولويّتنا ونجد حلّاً للتوظيف، وأطلقنا حديثاً الشركة الناشئة الأولى التي ابتكرت في Falak وهي Ns3a للتوظيف.

اقرئي أيضاً:  Mishmashi‭‬ كلمة‭ ‬ابتكرناها‭ ‬لنشجّع‭ ‬الناس‭ ‬على‭ ‬تقبّل‭ ‬أنّ‭ ‬ما‭ ‬يحبّونه‭

تسعين إلى بناء امبراطوريّة تأثير عبر الشراكات. هلّا تخبرينا أكثر عن ذلك؟

منذ 20 سنة، كان السعوديّون يعتمدون على أنفسهم فكان أشخاص معيّنون يشكّلون الشركة ولديهم نظرة عن الشراكة في إطار واحد. لكن مع مرورالوقت، بدأنا نرى شركات تتعاون لبناء إمبراطوريّة عالميّة. وفي عالمنا اليوم، إذا أرادت الشركة تحقيق النجاح فعلاً لا بدّ من إقامة الشراكات والتعاونات.

هل تخيّلت في صغرك أنّك ستصلين إلى ما أنت عليه اليوم؟

كنت أتخيّل نفسي حينها أنّني سأملك فندقاً ضخماً في مكان ما في العالم. أردت أن أكون من الشخصيّات المؤثّرة في العالم في خدمة قضيّة سامية وأن أكون المرأة الأغنى في العالم. وبعد خبرتي في مجال التجارة والأسهم طوال 14 عاماً، تلقّيت في أحد الأيّام دعوة من المفوضيّة السامية للأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين للذهاب إلى بنغلادش، وكنت آنذاك في مرحلة صعبة على الصعيد الشخصيّ. وفي تلك الرحلة، كرهت نفسي، إذ رأيت أؤلئك الأشخاص الذين فقدوا منازلهم وعاشوا الحروب في حين كنت كئيبة بسبب خيانة بعض الأشخاص المقرّبين منّي، وهكذا فتحت تلك التجربة عينيّ على الحياة أكثر ولاحظت أنّ الأمور تغيّرت، وهذه التجربة الإنسانيّة هي التي دفعتني إلى تأسيس شركة Falak فأردت القيام بعمل مهمّ يحمل رسالة سامية أيضاً.

 

أنت بطلة الاسكواش للنساء في السعوديّة للعامين 2008 و2009. ما القصّة وراء شغفك بهذه الرياضة؟

عندما اكتشفت هذه الرياضة شعرت بأنّها أشبه بلعبة الشطرنج، فيجب أن أسبق الخصم بثلاث خطوات. ليست هذه رياضة جسديّة فحسب بل عقليّة أيضاً ويجب التحرّك بغضون ثوان فحسب وهذا تماماً ما جعلني أحبّها.

اقرئي أيضاً: عندما‭ ‬تلتقي 8 ‬فنّانات‭ ‬عربيّات‭ ‬متمكّنات‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬وثائقيّ‭ ‬واحد Strong‬‬

نشأت في عائلة تقدّر الفنّ وسجّلت ألبومك الأوّل في عمر الـ18 عاماً. هل من رسالة معيّنة تودّين إيصالها من خلال الموسيقى بما أنّك امرأة سعوديّة بشكل خاصّ؟

الرائع في ما يتعلّق بالموسيقى الآليّة هي أنّ كلّ مستمع يستطيع أن يشعر بها ويفهمها من منظوره الخاصّ، ولهذا السبب كلّ الموسيقى التي أقدّمها آليّة.

في ظلّ التغييرات التي تشهدها المملكة حديثاً، كيف يمكن المرأة في المقابل أن تصبح أكثر فعاليّة ونشاطاً في المجتمع؟

وفقاً للإحصاءات حول نسبة السعوديّات في سوق العمل، نجد أنّ 80% من النساء يعملن في المجالات التعليميّة. وفي ظلّ كلّ التغييرات المذهلة التي تشهدها المملكة اليوم ولانخراط النساء أكثر في العمل، لا بدّ من إيجاد مجالات أخرى لهنّ غيرالتعليم. وعندما نفعل ذلك، ستتشجّع الشابّات السعوديّات للتخصّص في مجالات أخرى أيضاً.

 

تشكّل قصّة نجاحك مصدر إلهام حقيقيّاً للكثير من الشابّات السعوديّات. ما هي نصيحتك لكلّ واحدة منهنّ للسعي وراء تحقيق أحلامها؟

لا تقارني نفسك بشخص آخر لأنّ التحدّيات والنعم التي تتمتّعين بها مختلفة عن غيرك وبالتالي لن تكون المقارنة عادلة. فمقارنة نفسك مع الآخرين ثمّ الشعور بالحزن تجاه نفسك هو الضرر الأكبر الذي يمكن أن تسبّبيه لنفسك. حاولي أن تقدّمي أفضل ما لديك واسعي إلى تحقيق أهدافك ولا تعطي أعذاراً لنفسك.

اقرئي أيضاً: المرأة التّتريّة بيْن الأصالة والحداثة

العلامات: Adwa Aldakheel

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث