فنّ التنسيق: عرض CELINE لربيع وصيف 2026 يُثبت أن الطريقة أهم من القطعة
- 09.07.2025
- إعداد: لين عبد الرحيم
Michael Rider لا يصمم فقط، بل يعلّمك كيف ترتدين.
قبل أن يبدأ العرض أصلاً، كان هناك ما يشبه الهمس من Michael Rider، من خلال الدعوة. قطعة قماش حريرية ملتفّة بعُقدة دقيقة، كأنها محاولة أنيقة لفكّ لغز، أو درس تنسيق صغير بحد ذاته.
بالنسبة لي كمحرّرة أزياء، هذه الدعوة كانت أول ملاحظة على الهامش. لم تكن مغلّفة بطريقة كلاسيكية ولا مزخرفة بزيف، بل مربوطة بعقدة توحي بأن هناك شيء مخبّأ، ينتظر من يفتح... ويكتشف. هل كان هذا تلميحًا مباشرًا لطريقة تنسيق الكارديغان في العرض؟ لست متأكدة، لكنني لن أستبعده. لأن كل شيء في هذا العرض بدأ بعقدة، وتحرّر بأسلوب.
رأيتها وكأنها دعوة شخصية من Rider ليقول:
“أنا لن أقدّم لك موضة جاهزة، بل فكّر بها، اربطها، فكّها... وارتدِها بطريقتك.”
وفي عالم يعجّ بالدعوات المصمّمة للبريد السريع، هذه كانت دعوة صمّمت لتُلمس، تُحتضن، وتُفهم.
وهكذا، وفي أحد أكثر مواسم الموضة ترقّباً، حيث الكراسي الموسيقية بين المصمّمين تتسارع كما لو أنها تسابق الضوء في زمن الاتجاهات المتقلّبة.قرّر Michael Rider أن يبدأ فصله الجديد مع CELINE ليس بضجّة صاخبة، بل بإعادة تموضع محسوبة. عرض Printemps 2026 لم يكن فقط عن الموضة، بل عن فهم الموضة.
في زمن أصبح فيه كل شيء قابل للشراء بنقرة، Rider أعاد للعرض وظيفته الأساسية: أن يُلهم، أن يوجّه، أن يُربّي ذوقًا. لم يقدّم تصاميم خارقة أو ثورية بقدر ما قدّم دروسًا متقنة في فن التنسيق. نعم، تنسيق الملابس, أو ما نحب أن نسميه "الأسلوب المدروس", كان نجم العرض الحقيقي.
تنسيق متعمّد يبدو عفويًا؟... كيف خدعنا Rider؟ المجموعة كلّها بُنيت على وهمٍ جميل، أنها عفوية. لكن الحقيقة؟ كل طبقة، كل زرّ مفتوح، كل طرف قميص ظاهر من كم واحد فقط… كان محسوبًا ومخططًا له بدقة.
الـcardigans لم تُرتدَ كما نعرفها. بعضها قُطع قطريًا، بعضها أُغلق بنصف صف من الأزرار فقط. القمصان الكلاسيكية خرجت من تحت السترات مثل شريط سينمائي يلمّح لأحداث قادمة. بعض الأوشحة كانت مقلوبة، مطويّة بطريقة غير تقليدية، تربط على جهة واحدة فقط وكأنها انزلقَت من على الكتف، بينما حقيبة ضخمة من القش تُحمل بثقة كأنها قطعة نحتية.
أما الجينز؟ لم يكن قطعة كاجوال، بل تم تعامله وكأنه سروال مخصص لبدلة رجالية. كُوي في المنتصف بخط حاد، وأُدخل في الحذاء بدقة، ليحمل كاريزما متكاملة بين الكاجوال والرسمية، بين الراحة والسيطرة.
رسالة CELINE الجديدة؟ “أنا لا أبيعك قطعة… بل أبيعك طريقة لبسها”
Rider، الذي شغل سابقاً منصب Design Director في Polo Ralph Lauren، والذي تتلمذ سابقًا تحت يد Phoebe Philo خلال حقبتها الأيقونية في CELINE، لم يقع في فخّ استنساخ الماضي. هو اختار ببساطة أن يستلهم منه – ويُركّب عليه منظوره الشخصي.
نرى تأثير Hedi Slimane في البنطلونات الضيقة والتفصيل الحاد، ونرى أثر Philo في البنية الأنثوية المدروسة وهدوء الألوان، لكن أكثر ما نراه هو Rider نفسه: عاشق للطبقات، للقصص التي تُحكى من خلال الملابس، وللرمزية المتوارية خلف الألوان والإكسسوارات.
الإكسسوارات؟ الفوضى المنظمة... أو كيف تجعلين عشر خواتم تتحدث بلغة واحدة
اليد الواحدة تحمل ثلاث خواتم ملونة، كل واحدة من عالم مختلف. الساعد يزدان بأساور معدنية ضخمة، والعنق يغرق في سلاسل مرصّعة بتفاصيل قد لا تلاحظينها حتى تُراجعي الصور لاحقًا. هناك نرد، قفل، مفتاح، قطعة نقدية، برج إيفل صغير، وكأن Rider يُعيد تعريف "قلادة الذكريات" بأسلوب فني عصري.
حتى الأحزمة كانت أكثر من مجرد أداة دعم للخصر. في كثير من الإطلالات، رأينا belt-stacking واضح، حزام فوق حزام، بلون فوق لون، في تأكيد على أن التنسيق هو النقطة المحورية في كل شيء.
الرسالة الأعمق؟ الموضة ليست استعراضًا، بل محادثة صامتة بينك وبين المرآة.
Michael Rider لم يحاول أن يصدم الجمهور، بل اختار أن يعيد بناء الثقة بين CELINE والمرأة التي ترتديها. تلك المرأة التي لا تبحث عن صرعة، بل عن شعور. عن طبقة زائدة لأن الجو غير مستقر. عن وشاح يلف الرقبة لكن يلمّح للمزاج. عن قطع تشبه مزاجها اليوم، وتكمل شخصيتها... لا تطغى عليها.
فهل أحببنا العرض؟ نعم، وبكل وضوح.
هل نعرف تمامًا ما الذي سيقدّمه Michael Rider لاحقًا؟ في الحقيقة، لا.
لكن هل ننتظر العرض المقبل، التصاميم المقبلة، وربما الدرس التنسيقي التالي؟
بكل تأكيد، نعم, وبشغف.
لأن CELINE اليوم لا تكتفي بتقديم أزياء… بل تُعلّمنا كيف نعيشها.
وهنا يكمن النجاح الحقيقي.
اقرئي ايضًا: ألوان تناسب اللون البيج في الملابس لأن الحيادي قد يكون بطل الإطلالة