من الهندسة الطبيّة إلى العمل في برنامج توطين الوظائف، تنشر نورا المطروشي الوعي حول التصلّب المتعدّد فيما تمارس عملها اليوميّ بشغف وبطريقة إيجابيّة. في يوم التوعية بالتصلّب المتعدّد نتحدّث إلىيها عن تجربتها الشخصيّة مع هذا الاضطراب وعن دور الجمعيّة الوطنيّة للتصلّب المتعدّد في الإمارات. وقد تأسست هذه الجمعية عام 2022 تحت مظلة وزارة تنمية المجتمع، وهي منظمة غير حكومية تهدف إلى تمكين المتعايشين مع التصلب المتعدد من ممارسة حياتهم بشكل طبيعي من خلال التوعية والمساعدة ودفع الجهود العالمية المتقدمة لإيجاد علاج للتصلب المتعدد. كما ترمي الجمعية إلى رفع مستوى الوعي حول التصلب المتعدد، وتطوير نظام متكامل وشامل في دولة الإمارات من أجل توظيف الإمكانات والموارد المتاحة لتقديم الدعم للمتعايشين مع التصلب المتعدد.
ينتشر التصلب المتعدد بشكل واضح في منطقتنا، حيث يبلغ معدّل انتشار هذا الاضطراب 33 فردًا لكل 100.000، ويبلغ متوسط عمر التشخيص 28 عامًا، والنساء الشابات يشكلن معظم الأشخاص المتأثرين. وتشهد دولة الإمارات العربية المتحدة معدلاً أعلى من المتوسط العالمي. وتشكّل النساء حوالي 69% من جميع الحالات في دولة الإمارات العربية المتحدة. وفي ما يلي تشاركنا نورا المطروشي خبرتها في التعايش معه!
هلّا شرحت التصلّب المتعدّد بكلمات بسيطة؟
التصلب المتعدد هو اضطراب مناعي يهاجم فيه جهاز المناعة الألياف العصبية الواصلة بين الاعصاب في الدماغ والعمود الفقري وبين الأطراف والأعضاء الداخلية.
نسمع بأنّ التصلّب المتعدّد يظهر على مراحل؟ هلاّ أخبرتنا عن تجربتك الشخصيّة وهل هناك أعراض مبكرة؟
مررت بعدة مراحل بدأت حين أحسست بخدرٍ وفقدان الإحساس في أصابع القدم. تطور الإحساس الى اليد وعندها بدأت أشك أن ما أحس به هو مرض عصبي، خاصة أن الفيتامينات والعلاج الفيزيائي لم يُظهروا نتيجة. الأعراض كانت تأتي في فترات معينة وفي مرحلة من المراحل بدأت تؤثر على بصري، وشعرت بوجود حزام يحيط بالقفص الصدري أو حول الخصر. المرحلة الاخيرة هي التي أثبتت المرض كانت عندما فقدت البصر بنحو 90% في العين اليسرى وبدأت أشعر بضعف جسدي وخاصة في الرجل اليسرى. الأعراض المبكرة بالنسبة لي قادتني للاستنتاج انها أعراض التصلب المتعدد، ولكن الأطباء شرحوا لي أهمية استبعاد الاحتمالات الأخرى.
من الهندسة الطبيّة إلى العمل في برنامج توطين الوظائف، كيف تنشرين الوعي حول التصلّب المتعدّد فيما تمارسين عملك اليوميّ بشغف وبطريقة إيجابيّة؟
بعد تشخيصي قررت أن أنشر الوعي من خلال مشاركة قصتي وشرح الأعراض التي أشعر بها بالتفصيل. ومن خلال مشاركتي لقصتي في محيط عملي، وخلال التطوع وحتى في وقت ممارسة الرياضة، تعرفت على أشخاص يتعايشون مع التصلب المتعدد أو على صلة بأحد يتعايش معه. وعليه أصبحت أشارك في محادثات مع أشخاص تم تشخيصهم حديثًا ويحتاجون للدعم وأشارك بمعلومات عن الأبحاث في مجال التصلب المتعدد والأدوية بشكل شفاف.
ما هو دور اللياقة البدنيّة اليوم في حياتك؟
اعتبر اللياقة البدنية من أهم الخطوات في التعامل مع التصلب المتعدد لدعم الثقة بالنفس والإحساس أني متمكنة من إنجاز أعمالي باستقلالية. التصلب المتعدد أشعرني بالضعف الجسدي والعقلي عندما تم تشخيصي به. وأتذكر أنني قلت لا أريد الإحساس بالضعف مرة أخرى، واليوم لا أشعر أنّ يومي اكتمل إلا عندما اقوم بمجهود جسدي. لكن قبل اللياقة البدنية، فاللياقة النفسية هي الأهم، لأنها المحرك الأساسي لأحاسيسنا ومعتقداتنا وأفكارنا. فعندما اقنعت نفسي أنني سأصبح أفضل في المستقبل اقتربت من هدفي أكثر.
هلّا تخبرينا أكثر عن رحلتك والأمل في القدرة على التكيّف مع التغيّرات التي يفرضها التصلب المتعدد؟
في بداية مسيرتي مع التصلب المتعدد نصحني أحد أفراد عائلتي "عليك أن تألفي حالتك وتتقبليها لتتأقلمي وتتعايشين معها". في البداية كنت غاضبة وحزينة، ولكن بعد هذه النصيحة قررت أن أعيش كل يوم على أكمل وجه وبأحسن طريقة وهذا الإحساس جعلني أشعر بالحرية والسعادة. كل يوم يختلف عن الآخر ولا أفكر فيما قد يحصل غدًا. من بداية يومي استمع لجسدي وأخطط يومي حول هذا الإحساس حتى من ناحية الحركة وأعمال المنزل. ومن أكثر الأعراض صعوبة بالنسبة لي الاحساس بالإرهاق الجسدي ولهذا أحاول أن أكون طيبة مع نفسي وأتعامل معها برفق، لا بحزن وتأنيب ضمير. أصبحت اقرأ وأبحث عن مكملات غذائية تحسّن من طاقتي وأتبع حمية غذائية تقلل من الإحساس بالأعراض وهذا الشيء ساعدني. وأستطيع القول إنني أشعر بأني أفضل ووصلت لصحة جسدية لم أكن عليها قبل تشخيصي.
كيف تساعد الجمعيّة الوطنيّة للتصلّب المتعدّد المتعايشين وعائلاتهم وما دورها في نشر التوعية؟
الجمعية لعبت دورًا مهمًا من ناحية نشر الوعي والتعريف بما يشعر به المتعايشين مع التصلب المتعدد. وتعقد الجمعية حلقات نقاشية شهريًا لزيادة وعي المتعايشين و دعمهم و عائلاتهم للتغلب على الصعوبات المعنوية التي تأتي مع هذا الاضطراب. ووفرت الجمعية حصصًا للياقة البدنية للمتعايشين في كل أنحاء دولة الامارات ومن خلالها تعرفت على أشخاص أشاركهم نفس الإحساس. وتلعب الجمعية دورًا كبيرًا في نشر التوعية عن طريق وسائل التواصل الاجتماعية التي تلعب دورًا كبيرًا لإيصال المعلومات لجميع الأجيال اليوم. وأنا أتطلع للمشاركة مع الجمعية في أنشطتها القادمة أيضا.
ما هي الصور النمطيّة الخاطئة التي تريدين المساهمة في تغييرها عن التصلّب المتعدّد؟
عندما يتم ذكر التصلب المتعدد يرى الناس صورة معينة للأشخاص المتعايشين معه، ولكنه يختلف من شخصٍ الى أخر، فقد يكون بسيط الأعراض مثل الإحساس بالخدر في الأصابع، وقد يؤدي إلى العجز الجسدي وبين هذا وذاك هناك أعراض مختلفة كثيرة. هذه هي الصورة التي أتمنى أن تتغير لأن اضطراب التصلب المتعدد صامت وأغلب أعراضه داخلية والأعراض تختلف اختلافا شاسِعًا من شخص لآخر.
ما هي رسالتك إلى النساء والمجتمع في اليوم العالمي للتصلّب المتعدّد؟
المرأة هي نصف المجتمع ومع كل مسؤولياتنا ووظائفنا فإننا قادرات على تحمل كل شي ونصيحتي هي ألا نخجل من طلب المساعدة عند الحاجة وأن نحافظ على تفاؤلنا. ونصيحتي للمجتمع أن يكونوا طيبين ليس مع أصحاب التصلب المتعدد فقط، بل مع جميع الناس لأننا لا نعلم ما الذي يدور بداخلهم من أوجاع و ما يمرون به من مصاعب في الحياة.
إقرئي أيضاً: التصلب المتعدد غالبية أعراضه لا يمكن رؤيتها من الخارج، خبرة ملك مهران