5 خطوات لتحويل الآثار الأولية لعلاقات الطفولة

علاقاتنا في مراحل الحياة الأولى تشكّل الروابط التي ننشئها في المستقبل مع الدكتورة صالحة أفريدي الأخصائيّة في علم النفس الإكلينيكي والمؤسس الشريك ومدير عام مركز لايت هاوس آرابيا للصحة النفسية!

في مراحل الحياة الأولى، لا شكّ في أنّ الراوبط التي تجمعنا بالأهل أو الإخوة أو الأقران تؤثّر على الطريقة التي نتصوّر بها العلاقات ونبنيها ونحافظ عليها طوال حياتنا. تعتبر هذه العلاقات المبكرة، بغض النظر عن طبيعتها، أساسًا لديناميات علاقاتنا المستقبلية، وتنحت بشكل عميق منهجنا في التعامل مع مفاهيم الحبّ والثقة والتواصل. سواء أضفت إلى حياتنا الشعور بالأمان أو زرعت بذور الشك في أرواحنا، فلا يقتصر تأثير هذه الروابط المبكرة على عواطفنا الشخصية فحسب، بل يمتد أيضًا إلى تفاعلاتنا في مجالاتنا المهنية.

بصمة العلاقات في مرحلة الطفولة

تنص نظرية التعلّق، التي تشكّل حجر الأساس في فهم الجوانب النفسية، على أنّ جودة الروابط الإنسانية المبكرة مع مقدّمي الرعاية لديها تأثير عظيم على تشكيل علاقاتنا في المستقبل. وتعزّز الروابط الآمنة في فترة الطفولة الثقة بالنفس والمرونة والقدرة على بناء علاقات مستقرّة وصحية. وفي المقابل، قد تؤدّي الروابط غير الآمنة، التي تتميز بالتقلّبات أو الإهمال، إلى مشكلات مثل القلق في العلاقات، أو الخوف من الهجر، أو صعوبة الثقة بالآخرين. ومع ذلك، فإنّ أي طفولة، مهما بدت مثالية في الظاهر، ليست بالضرورة محصّنة بشكل تام من التحديات. فكل ّعائلة، مهما كانت محبة أو حسنة النية، تواجه تحدياتها ولديها عيوبها. يمكن أن تتجلّى هذه الأمور في عمليّة انقطاعات التواصل الصغيرة أو توقعات غير واقعية أو تيارات عاطفية خفية والتي، على الرغم من تجاهلها في كثير من الأحيان، يمكن أن تترك أثراً عميقاً على النموّ النفسي للطفل وعلاقاته المستقبلية.

إقرئي أيضاً: رحلة إلى الشفاء مع الدكتورة صالحة أفريدي

تحويل الآثار المبكرة

والخبر السارّ هو أنّه وعلى الرغم من أنّ علاقاتنا في مرحلة الطفولة لها تأثير كبير علينا، إلاّ أنّها لا ترسم قدرنا. يمكن أن يفتح التفاهم والتأمل الذاتي أبواب التغيير والنموّ. فيما يلي بعض الخطوات لتحويل هذه الآثار الأولية:

1. كوني على دراية بمحفّزاتك. المحفزات هي المواقف أو الكلمات أو الأفعال أو التصرفات التي تستدعي رد فعل عاطفي قوي ومتكرر. هناك أشخاص ومواقف في حياتك قد تثير فيك استجابات قوية. قد يكون رد فعلك الأول هو إلقاء اللوم على الشخص الآخر. ومع ذلك، فإن هذا يضعك في موقف لا تحسدين عليه. ابدأي بالتفكير في المواقف التي خلقت لديك ردود فعل عاطفية قوية. ما هي الظروف التي واجهتك؟ من كان الطرف المعني؟ ما الذي قيل أو فعل ليُزعجك؟ كيف كانت ردة فعلك؟ هل هذا هو النمط الذي تتفاعلين به عادةً في حالات الصراع؟ هل يُذكِّرك ذلك بالعلاقات السابقة في حياتك؟ الوعي بالذات أمر مهم لكسر الأنماط القديمة وتبنّي سلوكيات صحية في حياتك البالغة.

2. تعلمّي مهارات تنظيم الانفعالات: بمجرّد التعرّف على محفزّاتك، من المهمّ إدارة ردود فعلك تجاهها. إذا نشأت في بيئة حيث كان الكبار إمّا مفرطين في ردود فعلهم أو كابتين لمشاعرهم، فربما لم تتعلّمي استراتيجيات تنظيم العواطف بشكل صحيح. ابذلي جهدًا فعّالًا لتعلّم المهارات التي تساعدك على تنظيم ردود فعلك تجاه الأشخاص الذين تجدين صعوبة في التعامل معهم ولمنع ردود الفعل العاطفية من التأثير على أفعالك.

إقرئي أيضاً: 5 طرق لدعم شخص يعاني من مشاكل صحية

3. استثمري في تنمية مهارات الاتصال الخاصة بك: إذا كنت قد نشأت في بيئة لم يُمارَس فيها التواصل الصحي بشكل جيّد، أو إذا لم تكتسبي مهارات الاتصال، فإنّه من الضروري أن تخصّصي الوقت والجهد لتعلّم مهارات الاتصال الفعّالة. فمن خلال العمل الجاد على تحسين مهارات الاتصال الخاصة بك، ستكتسبين القدرة على التعبير عن أفكارك ومشاعرك بشكل أفضل، وستتعلّمين كيفية الاستماع بانفتاح للآخرين، وكيفية حلّ النزاعات بشكل بنّاء. على غرار أي مهارة أخرى، يتعيّن عليك تعلّم مهارات الاتصال وممارستها بانتظام حتى تتمكّني من بناء ثقة أكبر في نفسك.

4. ابذلي جهدًا لبناء جماعتك: إنّ وجود أصدقاء داعمين يساعد في التخفيف من الآثار السلبية للعلاقات الصعبة أو التجارب المؤلمة. ابذلي جهدًا لتوسيع دائرتك الاجتماعية ولبناء علاقات مع أشخاص من مختلف مجالات الحياة. يمكنك أن تقرّري الخروج من منطقة راحتك الشخصية، وأن تكوني فضوليّة فتلتقين بأشخاص جدد في محيط العمل أو في الأنشطة المجتمعية.

5. احرصي على الاعتناء بنفسك يومياً: يمكن أن يفاقم التوتر السلوكيات غير الصحية وردود الفعل غير المفيدة في التعامل مع الصراعات. تأكدّي من حصولك على قسط كافٍ من النوم، واتّبعي نظاماً غذائياً صحيّاً، ومارسي التمارين الرياضية بانتظام. فالعناية بالصحة الجسدية والعقلية ستساعدك على إدارة ردود فعلك تجاه التوتر الحالي.

من المهمّ أن نتذكّر أنّ العلاقات المبكرة في حياتنا قد تترك آثارًا طويلة الأمد، ولكنّها لا تحدّد مصيرنا. من خلال الوعي والتأمّل الذاتي والتعلم، وعند الضرورة، رؤية محترفين في مجال الصحة النفسية، يمكن للأفراد التغلّب على أيّ تحديات وصعوبات وتطوير سلوكيات ومواقف وعلاقات أكثر صحّة وفعالية. 

إقرئي أيضاً: 5 استراتيّجيات علاجيّة للتعامل مع التفكير المفرط مع الدكتورة صالحة أفريدي

العلامات: الصحة النفسية

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث