لمحة عن مستقبل صناعة الجمال بدون أن ننسى التقاليد العزيزة

غالباً ما تكون هناك لحظة تحوّل في حياتنا نكتشف فيها شغفنا بالجمال والمكياج – فهي شرارة من الفضول تولد لدى الفتيات اللواتي يرغبنَ في معرفة المزيد عن الموضوع. ومن خلال خبرة ثلاث سيّدات من الشرق الأوسط تركنَ بصماتهنّ في صناعة الجمال، وبفضل قصصهنّ الملهمة التي تسلّط الضوء على الطريقة التي تُنقَل بها طقوس الجمال من الماضي إلى العصر الحديث والمستقبل القائم على الذكاء الاصطناعيّ، نقدّم لك على لمحة عن مستقبل صناعة الجمال بدون أن ننسى التقاليد العزيزة.

الإعداد: Sana Zia

 

Samira Olfat

نشأت Samira في عائلة شرق أوسطيّة، وتسنّت لها الفرصة للتعرّف على مجموعة متنوّعة من عادات الجمال والمكوّنات القديمة. أثّرت هذه التقاليد المتوارثة من جيل إلى آخر تأثيراً كبيراً في فهمها للجمال. فمن طقوس العناية بالبشرة وصولاً إلى فنّ تطبيق المكياج، مثل ضربات فرشاة الرسّام على اللوحة البيضاء، تعلّمت Samira ممارسات الجمال التي اعتمدتها عائلتها، ممّا زرع لديها تقديراً كبيراً لأسرار الشرق الأوسط الجماليّة، وكانت بمثابة تذكير مؤثّر بجذورها ومصدر لتأكيد الذات.

هي تؤكّد على أهميّة تذكّر أسرار الجمال التقليديّة وتكريمها. وتشدّد قائلة: "تشكّل هذه الأسرار مصدر إلهام كبير بالنسبة إليّ فتسمح لي بابتكار إطلالات جماليّة متجذّرة بعمق في الثقافة والتقاليد." ومن خلال دمج هذه العناصر في عملها، تحتفي Samira بالتنوّع وتوصل جمال تقاليد الشرق الأوسط إلى جمهور أكبر. ويرمز هذا الحفاظ على العناصر القديمة إلى معنى أكبر من مجرّد الحديث عن التقاليد والمستقبل التكنولوجيّ - فهو يمثّل التاريخ ويشكّل احتفالاً بالثقافة نفسها من خلال كلّ واحدة من الذكريات.

ومن أكثر أسرار الجمال في الشرق الأوسط التي تتذكّرها استخدام "سرمه" أو Sormeh لتعزيز مكياج العيون. لطالما كانت هذه المادّة التي يشار إليها أيضاً بالكحل جزءاً لا يتجزّأ من طقوس الجمال في الشرق الأوسط عبر الأجيال. فاستُخدمت لتحديد العيون وإضافة المزيد من العمق إليها لإطلالة ساحرة. تشرح لنا الخبيرة في المجال قائلة: "السرمه مصنوعة تقليدياً من مكوّنات طبيعيّة مثل مسحوق الإثمد والفحم أو المستخلصات العشبية الأخرى". كما تتمتّع "سرمه" أيضاً بأهمية تاريخيّة حيث كانت تستخدَم لحماية العيون من أشعة الشمس الحادّة وتخفيف التهيّج في منطقة العيون الحسّاسة، وهذا يذكّر أيضاً بالمناخ الصحراويّ الدافئ في الشرق الأوسط وبالأجيال التي سبقتنا.

 

 

 

مع التحوّل السريع لصناعة الجمال بسبب التقدّم في مجال الذكاء الاصطناعيّ، يختار البعض ومن بينهم Samira Olfat تبّني الإمكانات المبتكرة التي ترافقه. فهي لا تنظر مثلاً إلى الذكاء الاصطناعيّ على أنه تهديد للإبداع، بل تعتبره أداة تعزّزه بطريقة مختلفة.

فتشرح قائلة: "باستخدام الذكاء الاصطناعيّ، يمكن توقّع خدمة التخصيص المعزّزة والتجربة الافتراضيّة للملابس بالإضافة إلى التعليم والاستشارة والعمليّات المبسّطة". وتسلّط رائدة الأعمال الضوء على أجهزة التخصيص المتقدّمة التي يتمّ استخدامها في صناعة الجمال والموضة، بواسطة تقنية المسح الضوئي لتقديم توصيات وحلول مخصّصة استناداً إلى الأسلوب الخاصّ ولون البشرة والتفضيلات الشخصيّة وغيرها. لذا من الواضح أنّها تقدّر فعلاً إمكانات الذكاء الاصطناعيّ في عالم الجمال.

وتسمح تقنيّات التجربة الافتراضيّة القائمة على الذكاء الاصطناعيّ للنساء باستكشاف مختلف أشكال المكياج وتسريحات الشعر والتأثيرات ضمن بيئة افتراضيّة. ويوسّع ذلك الآفاق الإبداعيّة للمستهلكات اللواتي يرغبنَ في رؤية كيف ستناسبهنّ المستحضرات والأساليب المختلفة من جهة، وللعلامات التجارية التي يمكنها دمج ميزات مخصّصة لتلبية تفضيلات الجمهور المستهدف من جهة أخرى. بمعنى آخر، سواء كنت تتوقّعين ذلك أو لا، سيستفيد الطرفان من الدور المتزايد للذكاء الاصطناعيّ.

وستحصل البرامج والخدمات التعليميّة والاستشارية المستندة إلى التطبيقات على دعم إضافيّ إلى جانب الذكاء الاصطناعيّ وخيارات التخصيص للنساء. وهكذا لن تقع مسؤولية اختيار التفاصيل المهمّة وإجراء التعديلات على روتين مستحضرات الجمال والعناية بالبشرة على عاتقك، وذلك بفضل المساعدة والملاحظات التي ستحصلين عليها.

Eljammi Gozalli

وننتقل إلى خبيرة ثانية في عالم الجمال هي Eljammi Gozalli، أخصائيّة العناية بالبشرة الأذربيجانيّة وصانعة المحتوى ومدرّبة المكياج الحائزة على جوائز، والتي تؤكّد على أهمية الحفاظ على الفرادة حتى في ظلّ تطوّر الأدوات والتكنولوجيا. فتقول: "يتذكّر خبراء الجمال الصاعدون أموراً معيّنة من طفولتهم قد جذبتهم إلى عالم الجمال فتشكّل لهم مصدر إلهام في الإطلالات التي يبتكرونها." وتضيف تلك اللحظات والذكريات المهمّة طابعاً مميّزاً وفريداً إلى عمل كلّ خبير جمال فيعود إليها خلال مسيرته سواء كان يعمل في المكياج أو العناية بالبشرة أو يمتلك شركة في هذا المجال.

 

 

 

 

 

 

Arooba Anwar

ترى Arooba، مؤسّسة علامة Arooba Beauty المختصّة بمستحضرات الجمال النظيفة والنباتيّة التي تتّخذ من الإمارات العربية المتحدة مقرّاً لها، أنّ المستقبل القائم على الذكاء الاصطناعيّ وعالم الجمال مرتبطان وليسا منفصلين. وبنظرها، "لا يتعلّق الأمر فقط بتذكّر التقاليد بل بدمجها في الفنّ بطرق مجدية." فتقترح إعادة ترجمة التقاليد، بدمج المكوّنات الفريدة من هذه الطقوس القديمة لإثراء نمط الحياة إلى جانب أدوات تستند إلى الذكاء الاصطناعيّ للوصول إلى جمهور العصر الرقميّ.

في الواقع، تشترك Samira وArooba في تقدير الآفاق الواعدة للذكاء الاصطناعيّ في أعمالهما. بدءاً بإيجاد شركاء تصنيع مناسبين وصولاً إلى تحسين تركيبات المنتجات وسهولة الوصول إلى تحليل أفضل لأنواع البشرة لتحسين مراقبة الجودة وتجارب العملاء المخصّصة – كلّ ذلك ممكن بمساعدة الذكاء الاصطناعيّ.

هما تدكران أيضاً دور الذكاء الاصطناعيّ الكبير في توفير رؤى تحليليّة قيّمة وتبسيط العمليّات المختلفة في صناعة الجمال. فكيف يمكن تجاهل تأثير المساعدة المبرمجة السريعة والفعّالة في تحديد بيانات المستهلك التي تحتاجها العلامات التجارية لتحليل جمهورها وبالتالي فهمه واستهدافه بشكل أفضل؟ تسلّط Arooba الضوء أيضاً على مساهمة الذكاء الاصطناعيّ الكبيرة في إنشاء المحتوى والتسويق، وهي توصي باستخدام هذه التقنيّة للمحتوى المخصّص لوسائل التواصل الاجتماعي من حيث التصميم وإطلاق الحملات.

وتؤكّد Eljammi، كونها مختصّة في العناية بالبشرة، على أهميّة الحفاظ على نمط حياة صحيّ وتغذية مناسبة وسط جميع التغييرات التي تحرّكها التكنولوجيا داخل صناعة الجمال وخارجها. وفي ما يتعلّق بإنشاء المحتوى، تقول: "ما زلتُ أعتمد حالياً الطريقة التقليديّة في إنشاء الفيديوهات التعليميّة والمحتوى لمتابعاتي"، حيث تجد صعوبة في التكيّف تماماً مع الذكاء الاصطناعيّ نظراً لتطوّره السريع. ومع ذلك، فهي تعترف بالإمكانيّات المشوّقة للذكاء الاصطناعيّ في زيادة الإبداع وتجربة الإطلالات الجريئة، إذ يوجد دائماً المزيد لتعلّمه واستكشافه في هذا المجال.

في منطقة الشرق الأوسط، يتمّ الحفاظ على ممارسات الجمال التي تعود إلى قرون ماضية، مع تبنّي ابتكارات الذكاء الاصطناعيّ والتكنولوجيا الصحيّة في الوقت نفسه. وفي ما يتعلّق بالتفريق أو التوافق بين التقاليد والتكنولوجيا، تقدّم كلٌّ من Samira وEljammi وArooba رؤية إيجابيّة في أعمالهنّ، حيث يؤدّي اندماج التقاليد والحداثة إلى خلق توازن متناغم في عالم الجمال دائم التطوّر. إذ يضيف تبنّي التقاليد من تراث الشرق الأوسط وممارساته الثقافيّة في الجمال بُعداً عميقاً وغنيّاً إلى روتين الجمال التي نعتمده. وفي الوقت نفسه، يقدّم تطوّر الذكاء الاصطناعيّ تجارب مخصّصة وافتراضيّة وعمليّات سهلة وبسيطة. ومع كلّ تقدّم في مجال الابتكار، يتبنّى عالم الجمال سريع التغيّر إمكانيّات جديدة للإبداع، ممّا يضمن احتفاظ عالم الجمال بجانبه الفنيّ فيما ينتقل إلى مستقبل قائم على الذكاء الاصطناعيّ. 

إقرأي أيضاً: خاص بماري كلير العربية:أعمال فنية ثلاثية الأبعاد تجسد التقاطع بين التكنلوجيا والجمال

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث