في وقتنا الحاضر، تلعب الفنانات دورًا حاسمًا في مساعدة النساء على التعبير عن شخصياتهن الفريدة وعكس الروايات الثقافية من خلال أعمالهن الفنية. هذه المقالة هي دعوة لاستكشاف الرحلة الفنية الخاصة لاثنتين من القوى الإبداعية النسائية، من البحرين، البلد الذي يحتفي بالثقافة والفن بكل زخم...
التصوير: Waleed K. Alshayji
Sheikha Marwa Al Khalifa
عملك متجذر بعمق في الثقافة البحرينية ويرتبط برمزية الماء. كيف ترين هذا الاتصال في تشكيل هويتك الفنية؟
باعتبارنا نعيش على جزيرة، فإننا نتأثر كثيرًا ببيئتنا المحيطة. يظهر ذلك بوضوح في أعمالي، حيث يبرز اللون الأزرق بشكل لافت في الكثير من لوحاتي. أعتقد أن السبب الرئيس وراء ذلك هو أن البحر جزء أساسي من حياتنا وهويتنا.
في العالم العربي، لطالما ارتبط الجمال بالتقاليد. كيف يتحدى فنك أو يحتفي بهذه السرديات الثقافية؟
أرى أن العمارة تلعب دورًا كبيرًا في تصوير الجمال في مجتمعنا، بخاصّة المنازل التقليدية ذات الأفنية الداخلية، التي كانت تشكّل أسلوب حياتنا. والآن، من الجميل أن نعود إلى الرغبة في دمج الطبيعة ضمن مساحاتنا اليومية، ممّا يعيد لنا الشعور بالترابط مع جذورنا.
ما العناصر الفريدة من وطنك التي تشعرين برغبة قوية في التعبير عنها من خلال اللون والشكل؟
بالنسبة لي، الصحراء والبحر هما العنصران الأساسيان. لدي مجموعة فنية مستوحاة من اللؤلؤ، حيث استخدمت الألياف الزجاجية والفولاذ لربطها بالماء. كما أنني عملت على سلسلة أخرى عن أشجار النخيل، والتي نفذتها بأسلوب "الفوتو مونتاج" لتعبر عن ارتباطي العميق بالأرض.
يعمل كل من الرسامين وفناني المكياج مع الألوان كوسيلة للتعبير. كيف تفسرين شخصيًا اللغة العاطفية للألوان في فنك؟
اختياري للألوان يعتمد على الموضوع الذي أعمل عليه. على سبيل المثال، عند العمل على مجموعة مستوحاة من اللؤلؤ، استخدمت درجات الأزرق لتعكس ألوان البحر. بينما كانت إحدى مجموعاتي الأخرى مستوحاة من ألوان علم البحرين والمواد المستخدمة في صناعة اللؤلؤ. اللون في أي عمل فني هو العنصر الأقوى الذي يثير المشاعر ويجذب الانتباه. على سبيل المثال، لوحاتي الأكريلية التي تصور الزهور التجريدية هي الأكثر حيوية من بين مجموعاتي.
يساعد خبراء المكياج النساء على رؤية أنفسهن بطرق جديدة. وبالمثل، يعيد الرسامون تخيل موضوعاتهم على القماش. برأيك، ما الدور الذي يلعبه الفن في تغيير مفاهيم الجمال والهوية؟
عندما أنظر إلى القماش الأبيض، أشعر وكأنني أنظر إلى وجهي قبل وضع المكياج - صفحة فارغة تحتاج إلى طبقات من الألوان لتكتمل. مثلما يبدأ المكياج بأساس البشرة ثم يبنى تدريجيًا، أتعامل مع لوحاتي بنفس الطريقة، حيث أبدأ بالأساسيات ثم أضيف الطبقات لتكوين العمل الفني النهائي.
في عالم تُفرض فيه معايير الجمال، كيف يمكن للفن والمكياج العمل معًا للاحتفاء بالتفرد والتنوع؟
أعتقد أن هناك تطرفًا في المكياج، وأنا شخصيًا أميل إلى البساطة، سواء في المكياج أو في فني. أرى أن المكياج هو وسيلة للتعبير عن الذات، لكنه يفقد جوهره إذا تم فرضه بدلاً من أن يعكس الشخصية الحقيقية. بالنسبة لي، البساطة تحمل رسالة قوية، سواء في الفن أو الجمال.
إذا كانت لوحاتك تروي قصة عن الجمال عبر التاريخ، فما هي الرواية التي ستنقلها؟
أشعر أن اللون الأسود أو الكحل سيكون العنصر الأكثر بروزًا في هذه الرواية. عبر التاريخ، كان الكحل عنصرًا أساسيًا في تعريف الجمال، سواء في المكياج أو في الفنون البصرية. كما أن الخطوط والتفاصيل في لوحاتي غالبًا ما تتحدد باللون الأسود، لأنه يضيف عمقًا ومعنى للتعبير الفني.
Sheikha Dwa Al Khalifa
لطالما كان للعالم العربي تاريخ طويل في سرد القصص من خلال الفن. كيف تستخدمين عملك في رواية الهوية الثقافية والتعبير الشخصي؟
أستوحي إلهامي غالبًا من مناظر البحرين الطبيعية، وتاريخها، وبيئتها الحضرية، مستخدمةً التقنيات الرقمية لإعادة تصورها بطرق معاصرة. أمزج بين الواقعية والتجريد لأعكس مشاعر الحنين والطبيعة الزائلة للذكريات. من خلال ذلك، أستكشف مواضيع الهوية، والمكان، والانتماء، وأدعو المشاهدين إلى الارتباط بجوهر البحرين بطريقة شخصية وعالمية في آنٍ واحد.
في الوقت ذاته، فني هو مساحة شخصية للغاية، حيث أدمج بين التقاليد والحداثة، وبين الحدس والتقنية. سواء عبر الوسائط الرقمية التجريبية أو المواد المختلطة، أسعى إلى التقاط الطبقات الملموسة والعاطفية للهوية الثقافية، وإثارة الفضول والحوار.
ما هي المشاعر أو المواضيع التي تجدين نفسك تعودين إليها في فنك؟
أجد نفسي منجذبة إلى مواضيع الحنين والجمال، حيث ألتقط لحظات تبدو مألوفة بعمق لكنها حالمة في ذات الوقت. فني يعكس المشاعر الجماعية، خصوصًا خلال الأحداث الوطنية - سواء كان ذلك فوز البحرين بكأس الخليج أو مناسبة وطنية، فإنني بشكل تلقائي أبدع أعمالًا تلامس البحرينيين على الفور.
كما أنني أحب تصوير الجوانب الفريدة والتاريخية لثقافتنا، مثل صناعة اللؤلؤ، والقوارب التقليدية "البانوش"، والمتاجر القديمة، والمشاهد اليومية التي تحمل معاني عميقة. من خلال أعمالي، أسعى إلى الحفاظ على الهوية البحرينية والاحتفاء بها وإعادة تصورها بطريقة تمزج بين الماضي والحاضر.
في الثقافة العربية، تطور المكياج من كونه تقليدًا إلى وسيلة قوية للتعبير عن الذات. كيف ترين أوجه التشابه بين الرسم وفن المكياج؟
أرى تشابهًا قويًا بين الرسم وفن المكياج؛ فكلاهما شكل من أشكال التعبير عن الذات، حيث يظهر الأسلوب الفردي بشكل طبيعي. تمامًا كما أن لكل فنان بصمته المميزة، فإن لكل خبير تجميل أو فرد يضع المكياج لمسته الخاصة. الطريقة التي يتم بها مزج الألوان، واختيار القوام، وإبراز الملامح تشبه تكوين اللوحة الفنية.
في الثقافة العربية، تطور المكياج ليتجاوز التقاليد ويصبح بيانًا شخصيًا قويًا، تمامًا كما يعكس الفن الهوية والمشاعر. كلا الوسيلتين تتيحان الإبداع والتحول وسرد القصص؛ سواء من خلال ضربة فرشاة جريئة على قماش اللوحة أو إطلالة مكياج متقنة تعكس الثقة والتفرد.
كيف تعتقدين أن الفن والجمال يمكن أن يعملا معًا لتعزيز تعريف أكثر شمولية للأنوثة والهوية؟
الفن والجمال مساحتان شخصيتان للغاية، وأعتقد أنهما يلعبان دورًا قويًا في تشكيل تعريف أكثر شمولية للأنوثة والهوية. فليس هناك مفهوم واحد يناسب الجميع، بل كلاهما مفتوح للتأويل، مما يتيح لكل شخص التعبير عن رؤيته الخاصة لما تعنيه الأنوثة له.
من خلال الفن، أستكشف وجهات نظر مختلفة، وأحتفي بالفرادة بدلًا من المعايير الجامدة. الجمال يعمل بالطريقة ذاتها؛ فهو متغير، يتطور مع الثقافة، والتجربة، والتعبير عن الذات. من خلال الاحتفاء بأشكال الفن والجمال المتنوعة، نقترب من عالم تُعرّف فيه الهوية من قبل الفرد نفسه، وليس من خلال قالب محدد.
في البحرين، للمياه والبحر أهمية ثقافية عميقة. هل لهذا الرمز تأثير على أعمالك؟
نعم، البحر يحمل أهمية كبيرة في حياتي وفني. أشعر بالطمأنينة والصفاء بالقرب منه؛ فهو يصفّي ذهني ويسمح لي بالإبداع بوضوح وتركيز أكبر. ينعكس هذا الارتباط بشكل طبيعي في أعمالي، سواء في طريقة تعاملي مع الإبداع أو في الموضوعات التي أتناولها.
غالبًا ما تظهر الواجهة البحرية، والأمواج، وأشجار النخيل في لوحاتي، فهي ليست مجرد جزء من المشهد البحريني، بل رموز للهدوء والهوية الثقافية. من خلال فني، أسعى إلى تجسيد العلاقة الدائمة بين البحرين والبحر؛ علاقة لا تزال تلهمني.
ما هي نصيحتك للشابات العربيات اللواتي يرغبن في استخدام إبداعهن—سواء في الرسم أو الجمال أو الموضة—للتعبير عن هويتهن؟
نصيحتي للشابات العربيات بسيطة: خذي المخاطرة وابدئي. لا تترددي، ولا تنتظري اللحظة "المثالية"؛ فقط ابدئي. الإبداع يتعلق بالاكتشاف، والأخطاء جزء أساسي من التقدم.
والأهم من ذلك، كوني نفسك. لا تحاولي التكيف مع معايير معينة أو ما تعتقدين أن عملك "يجب" أن يكون عليه. سواء كان ذلك في الرسم، الجمال، أو الموضة، فإن تفردك هو قوتك. احتضنيه، جربي، ودعي إبداعك يكون انعكاسًا حقيقيًا لما أنت عليه.
اقرأي أيضاً: All The Wild Horse تعرفي على أجمل إطلالات الشعر والمكياج من وحي الجمال العربي
جمال البحرين يتجاوز مناظره الخلابة، فهو يتجسد في ألوانه الغنية وتقاليده العريقة وتعبيراته الفنية. بالنسبة للمبدعتين يارا أيوب ونورا جناحي، يعد المكياج لوحة فنية مبدعة تعكس تراثهما الثقافي، من درجات الأحمر الجريئة التي ترمز إلى الشغف، إلى تدرجات الأزرق المتلألئة المستوحاة من البحر.
تصوير خبيرتَي المكياج: Maria D'Souza
Noora Janahi
خبيرة مكياج ومؤثرة في عالم الجمال من البحرين والسعودية
إن جمال البحرين الساحلي مصدر إلهام حقيقي بالنسبة لي، وأحب دمج ألوانه الساحرة في فن المكياج. درجات الأزرق العميق للمحيط، التي تتلاشى إلى الفيروزي المتلألئ، تذكرني بتدرجات الكونتور والإضاءة المثالية— بدءًا من الكحلي الداكن عند الزوايا الخارجية واندماجه بسلاسة في الأزرق الفاتح عند عظام الوجنتين. كما أنني أحب إضافة لمسات من اللمعان لمحاكاة انعكاس ضوء الشمس على سطح الماء. سواء كان ذلك من خلال الآيلاينر الجريء المستوحى من الأمواج أو التوهج النديّ الذي يعكس بريق البحر، أستمتع بترجمة ألوان البحرين الساحلية المذهلة إلى إطلالات مكياج فريدة وفنية.
أسعى لتحقيق انسيابية الماء وحركته وانعكاسه من خلال تقنيات الدمج المتقنة، مما يخلق انتقالات ناعمة تحاكي التدفق الطبيعي للماء. باستخدام التركيبات الندية والمضيئة، أضفي لمسة عاكسة على البشرة، تمامًا مثل رقصة الشمس على سطح المحيط. في ظلال العيون، غالبًا ما أستخدم تأثيرات الظلال المتدرجة، حيث أضع طبقات من الأزرق والأبيض الشفاف لاستحضار عمق الماء وأبعاده. تضيف اللمسات والنهايات اللامعة مزيدًا من الإحساس بالحركة، مما يجعل المكياج يبدو ديناميكيًا ومتغيرًا، تمامًا مثل الأمواج.
إن الجمال الشرق أوسطي هو مزيج من التقاليد والفن الحديث، وأحب المزج بينهما في إطلالاتي. الآيلاينر الأسود عنصر أساسي، فهو يعكس التقاليد القديمة ويتطور ليتماشى مع تقنيات المكياج الحديثة، سواء من خلال الخطوط الحادة الغرافيكية أو تحديد العيون بطريقة الآيلاينر الناعم المتدرج. ولعكس روح البحرين الفنية، أدمج عناصر تقليدية مثل الذهبي للإضاءات اللامعة، أو اللمسات المعدنية واللآلئ لإضفاء تأثير ثلاثي الأبعاد و توهج ناعم متلألئ. هذا المزيج بين التراث والابتكار يسمح لي بخلق إطلالات تشعرني بأنها خالدة ومعاصرة في آنٍ واحد.
Yara Ayoob
خبيرة مكياج ومؤثرة في عالم الجمال من البحرين
لا يقتصر جمال البحرين على مياهها فحسب، بل يمتد إلى الألوان الجريئة والنابضة بالحياة في أزيائنا التقليدية، وإلى اللون الأحمر العميق الذي يرمز إلى الشغف، والطريقة التي تتغلغل بها الألوان في شخصياتنا. فالأحمر، على وجه الخصوص، جزء قوي من ثقافتنا، من الأزياء إلى الاحتفالات، ويؤثر على أسلوبي في المكياج.
سواء كان ذلك من خلال درجات الأزرق العميقة للمحيط، أو الفيروزي المتلألئ، أو الدفء الناري للأحمر والذهبي، فإنني أدمج هذه العناصر في إطلالاتي لتعكس طبيعة البحرين وألوانها المفعمة بالحياة.
يجعلني العيش في دبي أشعر بالقرب من وطني عندما أبتكر هذه الإطلالات، مع الاستمرار في احتضان الإبداع والتنوع في محيطي الحالي. أنا أعشق الجمال العربي، ولا شيء يجعلني أشعر بجمال أكثر من إبراز عينيّ بالكحل الأسود. فهو تقليد خالد في ثقافتنا، وأحب إيجاد طرق حديثة لإضفاء لمسات عصرية عليه مع الحفاظ على جوهره. أمزج بين التقنيات الكلاسيكية، مثل الآيلاينر العريض والألوان الدافئة الغنية، مع صيحات عصرية كالآيلاينر الغرافيكي، وظلال العيون الجريئة، أو اللمسات المعدنية. الأمر كله يتعلق بتكريم جذورنا مع دفع حدود الإبداع إلى الأمام.
اقرأي أيضاً: أسرار زينة لؤي لجمال العيد: مكياج يدوم، شعر مثالي، وعطر لا يُنسى