
لطالما عرف عن الحبّ قدرته على تسطير التاريخ وتغيير العالم وكسر الحواجز. ولا يخفى عن أحد أنّ قصّة الحبّ التي جمعت Gabrielle Chanel بـ Arthur ‘Boy’ Capel كانت رائعة بالفعل، فقد أسهمت في تحويلها إلى تلك المرأة العظيمة التي عرفها الجميع. أما ثمرة هذا الحبّ، فقد جاءت على شكل عطر مميّز لم يقو عليه الزمن وما زال يزيّن أكثر النساء شهرة إلى يومنا هذا.
لقد أوكلت Mademoiselle Chanel إلى Ernest Beaux مهمّة صعبة على الرغم من بساطتها، فقد أرادت عطراً نسائياً يعبق بعبير المرأة. Beaux لم يكن أمامه إلا أن يقبل بهذه المهمّة وراح يمزج بين الورد الجوري وزهر الياسمين الذي أتى به من منطقة Grasseالفرنسية، ليبتكر عطراً غامضاً لا يمكن وصفه حق الوصف. وعندما عرض زجاجات العطور على Coco التي لم تكن تعرف محتوياتها، اختارت الزجاجة الخامسة التي منحت من خلالها اسمها لعطر Chanel . ترتكز نفحة هذا العطر على رحيق الثمرة الليمونية وخشب الصندل والورد الجوري وزهر الياسمين ونجيل الهند. ويتميّز عطر Chanel 5 بأنّه أوّل عطر يعبق بأريج أكثر من زهرة واحدة. ومن هنا، فقد جاء حاملاً شيئاً من حياة وذكريات Mademoiselle Chanel، إلا أنّ سماته الرائعة تخطّت مفهوم الأزمنة. سحر هذا العطرMademoiselle Chanel التي كانت تؤمن بالخرافات، فأطلقته في الخامس من مايو وهو الشهر الخامس من السنة تحت اسم N°5 .
إن N°5 ليس عطراً، بل هو نتاج ثقافي عزّزته مغامرة شخصية خاضتها امرأة واحدة، وتلك هي ميزة المبدعين العظماء. لا شكّ أنّ المعرض يروي قصّة عطر تكوّن خلال مرحلة عاطفية وثقافية مميّزة في حياة مبتكرته، وهو يلقي الضوء أيضاً على عواطفها ومشاعرها وبعضاً من أهوائها ومراسلاتها السرّية.
يمكن اختصار هذا السرّ بالفنّ الذي ينقله إلينا N°5، والذي يمنحه قوّته الثقافية. لقد اكتسب مكانته كابتكار بدعم من مجموعة من المراجع المرتبطة بالناحيتين التاريخية والفنّية من الحداثة، فضلاً عن قصّة الحب المميّزة والرومانسية. نتج عن هذا المزج المتقن مابين عناصر الحداثة وعالمها الحميم تركيبة استثنائية لا مثيل لها، هي أشبه بغرض ثمين أو رسالة حبّ سرّية. تلك الرسالة التي تجدّد أسطورتها وفقاً لكّل فترة زمنية، وكأنّها تحفة فنّية تتجدّد مع كلّ نظرة زائر ومع كلّ معرض جديد. يتميّز هذا العطر أيضاً بسحر لا يمكن تفسيره، يقدّمه المعرض كقصّة خيالية. في النهاية، لابد أن نوضح أن تميز عطر N°5 يكمن في حقيقة أنه لم يخضع لأيّ مقاربة موضوعية، بل حافظ على سحره وغموضه على مرّ السنين. باختصار، N°5 ليس عطراً فقط، بل هو أيضاً خلاصة أفكار النساء اللاتي يضعنه.
[gallery ids="6274,6275,6276,6277,6278,6279"]