الجمال في العين المكحّلة

يتعلّق الجمال بشكل عام بمعايير خارجيّة وسطحيّة. إنّما في الواقع، هو أعمق من ذلك والكحل مثلاً خير دليل على ذلك. فيرتبط الكحل ارتباطاً وثيقاً بإرث وفير تتخلّله انعكاسات دينيّة وثقافيّة، وقد استُخدمت هذه المادّة عبر التاريخ لأهداف متعدّدة بدءاً بالغايات الجماليّة وصولاً إلى ميزات الحماية.

الكحل هو سلف أحد أهمّ مستحضرات المكياج الحاليّة وأكثرها تفضيلاً على الصعيد العالمي، وهو محدّد العيون أو Eyeliner الذي يتوفّر بأشكال متنوّعة سواء بتركيبة سائلة أو على شكل قلم أو جلّ أو كريم وغيرها. ويُستخدم هذا المستحضر لتزيين العيون بخطّ أسود قويّ ولتحديد الحواجب في بعض الأحيان أو الرموش أو غيرها من معالم الوجه.
أصول الكحل
يعود تاريخ الكحل إلى عام 3100 قبل الميلاد، في عصر ما قبل الإسلام وظهر خلال العصر البروتوديناستي في مصر، قبل فترة طويلة من حكم الفراعنة وعصر الأهرامات والتاريخ المصري القديم الذي يعرفه العالم. ويعود استخدامه أيضاً إلى مجتمعات قديمة أخرى، مثل اليونانيّين والرومان والكنعانيّين في بلاد الشام. ونلاحظ استعمال هذا المستحضر تقليديّاً بين الملكات المصريّات والنساء النبيلات، ممّا يشير إلى أنّه كان مادّة يمكن الحصول عليها حسب المكانة التي ينتمي إليها الفرد في الهرم الاجتماعي.
أمّا الغرض الأساسيّ من استخدامه فكان لحماية الفرد من التهابات العيون إذ اعتُبر كدواء وقائيّ. وبالنسبة إلى بعض المصريّين، كان يُعتقد أنّ له تأثير خارق بحيث يحمي الآلهة القديمة مثل حورس من أمراض مختلفة. واستُخدم الكحل أيضاً للحماية من أشعة الشمس القويّة حيث يُعتقد أنّ المناطق الداكنة حول العينين، خط الدمع والجفون، كانت بمثابة عاكسات تضعف قوّة الأشعة قبل دخولها العين.

الكحل الإماراتيّ وتراثه
تتذكّر الإماراتيّة عتيجة المنصوري أنّها تعلّمت كيفية صناعة الكحل من خالتها في سنّ الثامنة أو التاسعة، فكانت تشتري أحجار الأنتيمون من مكّة. تبدأ العملية بوضع الأحجار الخاصّة على الجمر حتّى تنفجر وتنتشر على شكل حبيبات دقيقة، ثمّ تنقع لاحقاً في خليط من اللّبان مع أوراق الحناء التي يتمّ شراؤها حصرياً من العين. وهناك طرق مختلفة لإنتاج الكحل من خلال نقع المسحوق في قهوة عربيّة مخفّفة لمدّة 40 يوماً أو في الزعفران أو ماء الورد لمدّة شهرين أو ثلاثة حتّى يلين الحجر. ويُطحن لاحقاً ليصبح مسحوقاً ويتمّ نخله في قطعة قماش ناعمة ثم يُعبّأ ويصبح جاهزاً للاستخدام.

وتقول المنصوري: "كنت سعيدة لأنّ الكحل جزء من تراثنا. فيجب أن نتمسّك به ونستخدمه. فلا بدّ للمرأة من أن تحيي الماضي بداخلها من أجل الحاضر، ولا تدع أطفالها يفقدونه". وهذا التراث متجذّر في القرآن الكريم. فقد شجّع النبي محمد صلّى الله عليه وسلّم أتباعه على استخدام الكحل، زاعماً أنّه مفيد للبصر، ونرى ذلك من خلال تقاليد رجال القبائل اليمينيّة الذي يكسبون البركة من خلال دهن الكحل في المسجد الكبير في صنعاء قبل الصلاة، ولا سيّما خلال رمضان". 
أمّا في يومنا هذا، فتحذّر الكثير من الدراسات العلميّة من استخدام الكحل بسبب وجود مستويات عالية من الرصاص فيه. ومع ذلك، يسلّط كتاب "موسوعة زايد - الإمارات والتراث" للمؤلّف حمدي تمام الضوء على أن المرأة الخليجيّة هي من أكثر مستخدمي الكحل العربي إخلاصاً. 
لذا، وبعد تجربته واختباره عبر التاريخ وصولاً إلى يومنا هذا، وبعد استخدامه من قبل الرجال والنساء والأطفال على حدّ سواء، سيبقى الكحل متجذّراً في قلوب الكثيرين وفي عقولهم وروتينهم الجمالي على مدى أجيال قادمة، على الأقلّ في القارّتين الآسيويّة والأفريقيّة، كما كانت الحال دائماً.  

مستحرات كحل:

Couture Vinyl Eyeliner - YSL BEAUTY

Mad Eyes Intense Liner Guerlain

HerolinE LIQUID EYELINER Hindash Cosmetics

Calligraphie de Chanel Intense AND WATERPROOF CREAM EYELINER - Chanel

العلامات: الكحل

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث