الأزهار الأسطوريّة في عطر Chanel N°5 الأيقونيّ

ربّما الأمر بديهي جدّاً، لكنّنا سنقوله على أيّ حال: إنّ الشتاء في باريس ساحر. وقد اختارته Chanel موقعاً لتصوير حملة عطر N°5 الجديدة، بوحي من ملهمة تكاد تُعتبر أيقونيّة بقدر العطر نفسه: إنّها Marion Cotillard. وتماماً مثل أيّ ملهمة، انغمست هذه المرأة المذهلة في عالم Chanel وتعلّمت قدر المستطاع عن هذا العطر الذي يفوح بطيب زهرة May Rose والياسمين. وهذا العام، تحتفي الدار بالذكرى المئويّة لولادة هذا العطر الرمزي.

وبالفعل، صمد عطر شانيل Chanel N°5 أمام اختبار الزمن. ففي العام 1921، تمكّن صانع العطور Ernest Beaux من ابتكار تركيبة عطريّة ترضي Coco Chanel. ثمّ في العام 2016، كرّس صانع العطور في الدار Olivier Polge إبداعه لجعل هذا العطر في متناول الجيل الشاب على نطاق أوسع من خلال ابتكار إصدار أكثر حداثة "N°5 L'eau". وفي ما يلي، نستعرض قصّة هذا العطر الزهريّ الأسطوريّ بكلمات Olivier Polge نفسه.

كيف حافظت هذه الصيغة على سحرها منذ ولادتها؟
لا بدّ أن نتذكّر أوّلاً وقبل كلّ شيء أنّ Gabrielle Chanel تضع العطور في مكانة مختلفة تماماً، وأنّ عالم الموضة وعالم العطور كانا منفصلين تماماً في ذلك الزمن. بينما أدركت هي أنّ هذين العالمين مرتبطان واستطاعت التعبير عن أسلوبها من خلال العطور، على غرار تصريحها باعتقادها الراسخ بأنّ الموضة تتغيّر بيد أنّ الأناقة تبقى. وأظنّ أنّ عطر N°5 خير مثال على فكرها لكن ثمّة الكثير من الجوانب لطول عمر هذا العطر وأحدها يعود إلى حقيقة أنّنا نولي أهميّة كبيرة للصيغة والمواد الخام ونحافظ عليها مثلما كانت منذ البداية، ونحاول من حين إلى آخر إعادة تفسيره لإظهار العطر من منظور جديد ونقدّم استخدامات مختلفة له.

أحدث عطر Chanel N°5 ضجّة كبيرة عندما أُطلق للمرّة الأولى، ما الذي جعله فريداً إلى هذا الحدّ برأيك في حقبة العشرينات تلك حينما اكتسبت النساء استقلالهنّ؟
أعتقد أنّ العطور تساعد على تعزيز تلك الحالة الذهنيّة وتؤكّد على أنوثة النساء. وبرأيي أنّ Gabrielle Chanel حرّرت النساء من تلك الفساتين ذات البنية الثقيلة التي تعيّن عليهنّ ارتداءها، وأجد أنّ العطور تعتبر بدورها وسيلة لإعادة تأكيد أنوثة المرأة وأناقتها. وكذلك تمّ تركيب العطور في السابق حول مادّة خام واحدة يمكن التعرّف عليها بسهولة، بينما طلبت Gabrielle عطراً اصطناعيّاً وقارنته بالموضة بالطريقة نفسها التي صنعت بها فساتينها ولهذا السبب يمثّل N°5 عطراً مجرّداً.

في العام 1978، قدّم والدك Jacques Polge تفسيراً جديداً كاملاً لعطر Eau de Parfum، هل لك أن تخبرنا عن هذا التصنيف الجديد؟
بالفعل، لم يكن Eau de Parfum موجوداً قبل ذلك ومثّل مفاجئة تماماً. وإنّما أظنّ أنّه جسّد تطوّراً لطريقة معرفة موقعنا في عالم العطور، إذ جسّدت الخلاصة طريقة ثمينة للتعطّر حيث يمكنك وضع بعض منها خلف الأذنين وتتّسم بتركيبة غنيّة جدّاً. ويتيح عطر Eau de Parfum طريقة أكثر سخاءً للتعطّر، لذا أعتقد أنّه اعتُبر وسيلة لمتابعة تطوّر استخدام العطور.

كبرت في منزل محاط بالعطور، فكيف أثّرت عليك أثناء نشأتك؟
صحيح أنّ العطور لطالما تواجدت من حولي ولربّما هذا ما يجعل الحديث عنها أكثر صعوبة بالنسبة إليّ. إذ دائماً ما شكّلت جزءاً من حياتي بطريقة معيّنة بفضل والدي وحقيقة أنّني نشأت في منطقة غراس الفرنسيّة. لكن عندما كنت مراهقاً، أردت العمل في مجال مختلف، لذا كوّنت علاقة حبّ وكراهية نوعاً ما مع العطور، لكن عندما بلغت العشرين من عمري حقّقت المهارة الحرفيّة الكاملة التي أحببتها حقاً. وشخصيّاً، أظنّ أنّ الحدس مهمّ جداً في عالم العطور، إذ لا بدّ من امتلاك حسّ مرهف تجاه العطور للتحلّي بالانفتاح والوعي إزاء الروائح التي تحيط بك وهذا أمر يتناسب مع شخصيّتي، كما أنّني أحبّ الموسيقى وأعتقد أنّها تطوّر إحساسك.

قد يكون ابتكار عطر من الصفر أمراً صعباً، لكن كيف تصف تجربتك في ابتكار عطر Chanel N°5 L'eau؟
صحيح أنّه عند العمل على N°5، يكون لديك إطار محدّد وهامش للتلاعب بالروائح، إنّما ثمة بعض الصعوبة طبعاً. وقد بدأت العمل على العناصر التي تعتبر ضروريّة جداً لـN°5 ولم أتفاجأ حينما أدركت أنّني بحاجة حقاً إلى تلك الزهور الأساسيّة، والألدهيدات وقليلاً من الروائح المسحوقة. لكنّني امتلكت حريّة تنسيق النفحات الجديدة لتلك الزهور التي تعطي ملمساً أخفّ أو حتّى دمج عناصر جديدة مثل خشب الأرز الذي أضفى بعض الحيويّة على العطر، لذلك من الأسهل العمل على هويّة قويّة يمكن تعديلها بشكل مختلف بدلاً من تطوير تركيبة أكثر ضعفاً.

ما أكثر ما تستمتع بفعله في حرفتك؟
أستمتع بالكثير من الأمور في ما أفعله. في البداية، أحببت حقيقة أنّها حرفة وأنّه يمكنك استخدام يديك، كما يروق لي النطاق الواسع الذي يسعني التفكير ضمنه، أمثال المواد الخام التي تأتي من الزراعة والمرتبطة جداً بالأرض لابتكار عطر يتدفّق في الهواء في نهاية المطاف. لذا أحبّ فكرة أنّه يمكنني التعامل مع المزارعين وتجسيد الرائحة مع إضافة الجماليات والشِعر إليها.

تعتبر قصّة هذا العطر الأيقوني بمثابة إرث، لذا بصفتك صانع العطور في الدار كيف تودّ أن يتذكّر الناس عطورك الخاصّة؟
بات العطر مصدر إلهام لكثير من الفنّانين والممثّلات وغيرهم، وإذا استطعت أن أكون ملهماً في المستقبل، فطبعاً سأشعر بفخر كبير.

اقرئي أيضاً: تعرفي على مهرجان ورد الطائف

العلامات: Chanel شانيل

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث