زينة خير تناقش موضوع هوس التجميل وخوف المرأة من التقدم في العمر

قبل الغوص في هذه المقالة وإكتشاف ما قالته زينة خير عن هوس التجميل، إستمعي الى هذا البودكاست مع ميريام عبادي مؤسسة Tru & Beyond والطبيبة Chérine Bazzane لمعرفة المزيد عن شيخوخة البشرة، الموضوع الجمالي لمجلة ماري كلير العربية لشهر نوفمبر.

Photo Courtesy @Zina Kheir

إعداد: Zina Khair مؤسّسة Le Marais 101 تنقيح: Sarah Rasheed

هل معايير الجمال المبنية على الجندر قادرة على التحوّل من مفهومها السلبي إلى فلسفة أكثر إيجابيّة؟ كيف يمكن للنساء أن يتقبّلنَ جمالهنّ الطبيعي، ويتحدّينَ الصور النمطيّة التي نشأنَ عليها ؟ ولمَ عليهنّ أن يبدينَ أصغر سنّاً بالنظر إلى الرجال؟

تمعّني معنا في ما يلي في تلك الأسئلة وحاولي النظر إلى ما هو أبعد من انعكاسك في المرآة..

مع تقدّمنا في السنّ في كلّ عام، نميل إلى إعادة النظر في مُثلنا الشخصيّة وإلى إضافة أنماط تفكير معيّنة أو تجاهل بعضها. Zina Khair هي مؤسّسة علامة Le Marais 101، وقد استمدّت الوحي خلال صيف عام 2017 أثناء قضاء إجازتها الصيفيّة مع عائلتها في سان تروبيه، فرنسا. وتقول إنّك إذا سبق وزرت سان تروبيه في الصيف، فأنت تعرفين ما تتحدّث عنه. "إنّه مكان التكلّف والإسراف والجمال والشباب والترف والأشخاص الذين يرقصون طوال النهار... وفي ذلك اليوم، كان هناك طاولة في الوسط لم يلاحظها أحد، حولها مجموعة من الأشخاص في أواخر الخمسينات وأوائل الستينات، لكن ما لفت نظري كانت عيون إحدى النساء الجالسات على تلك الطاولة، وكانت فعلاً سيّدة جميلة جداً. إنّما الأمر الذي انطبع في ذهني هو الثقل الموجود في عينيها... ونظراتها المليئة بالحزن والمرارة والحسد فيما كانت تنظر إلى وجوه الشابّات في Bagatelle وأجسادهنّ المثاليّة. وأذكر هذا المشهد بوضوح فقد صدمني بالفعل. وفي ذلك الوقت كان عمري 44 عاماً. وأتذكّر أنّني وعدت نفسي أنّني لن أسمح لنفسي أن أصبح مثلها عندما أبلغ عمرها".

بعد خمسة أعوام، ما رأته Zina في صيف 2017 جعلها تتساءل عن أمور كثيرة في الحياة، ولا سيّما عن مسألة العمر: "لم يسعني ألّا أتساءل كيف أنّنا في عصرنا هذا، وبعدما ناضلت النساء من أجل حقّ المساواة والتعليم والتصويت والمساواة في الأجر، ما زلنا نستسلم ونقبل بهذه النظرة التمييزيّة إزاء العمر. كلّ يوم نستيقظ ونستعدّ للنظر في المرآة لنرى أنفسنا من خلال عيون الآخرين، مع التعليقات والأحكام حول ما إذا كنّا نبدو شابّات أو لا، وما يجب أن نفعله لمكافحة علامات التقدّم في السنّ الطبيعيّة الظاهرة على وجوهنا وأجسادنا. يجب أن نواجه هذه المعركة كلّ يوم في صمت. لكن كيف يمكن لمجتمع أن يثني على التجاعيد والشيب لدى الرجال، وينظر إلى مصير النساء في الفئة العمريّة نفسها بجمود وسلبيّة؟".

وممّا لا شكّ فيه أنّ عصرنا هذا يسمح للنرجسيّة أن تحتلّ مركز الصدارة. وهل من أحد يرغب في رؤية أشخاص "حقيقيّين" على وسائل التواصل الاجتماعيّ؟ أفضل طريقة لنقدّم أنفسنا بأفضل صورة هي من خلال مشاركة النصائح والأسرار، سواء كانت كلماتنا أو علاماتنا التجاريّة أو سحرنا، نحن نريد أن يحسدنا الناس ويقلّدونا ويشتروا ما نبيعه، وينطبق ذلك على الرجال أيضاً وليس على النساء فحسب. "أظنّ أن فكرة أنّ الرجال يبدون أفضل من النساء فيما يتقدّمون في السنّ هي مجرد تصوّر ناتج عن الصور النمطيّة أيّ طريقة تفكيرنا، والانحياز أيّ طريقة شعورنا، والتمييز أيّ طريقة تصرّفنا. ويُستخدم علم الأحياء غالباً كحجّة لتبرير أصل فكرة أنّ للنساء ساعة بيولوجيّة، أو الحجة الاجتماعيّة والتاريخيّة التي تتمثّل في النظر إلى النساء كأهداف لدورهنّ الأساسيّ في الإنجاب فحسب، وبعد ذلك كأمّهات. وبالرغم من أنّ الشباب الدائم هو حكاية خرافيّة من فجر التاريخ، ما زالت تلك الفكرة تلاحق المرأة، في حين أنّ الرجال قد تحرّروا من هذه الوصمة وباتوا يستطيعون التباهي بوضعهم الأكثر غنى وتنوّع فيما يتمّ تسليط الضوء على جوانب النجاح والحكمة والجاذبيّة وتتلاشى أهميّة علامات التقدّم في السنّ."

تحدّي الصور النمطيّة

عبر التاريخ، لم تكن معايير الجمال مبنيّة على الجندر كما نرى بوضوح في الأعمال الفنيّة اليونانيّة والرومانيّة القديمة. ثمّ وخلال قرون من الثورات في الفنّ حتّى ظهور التصوير الفوتوغرافيّ، حدث تحوّل واضح مع سيطرة الاستهلاك والتسويق. وفيما يقع اللوم على الموضة والتسويق في مسألة انتشار هذه المفاهيم السلبيّة، يمكن اعتبارها أيضاً من العوامل المهمّة التي يمكن استخدامها لتغيير هذه النظرات الثابتة. بالرغم من الاقتباسات الإيجابيّة المستمرّة التي نسمعها حول تقبّل جمالنا الطبيعيّ، إلّا أنّه لا يزال هناك معركة صعبة ضدّ هذا التصوّر الثابت. وما زلت شخصيّاً أعاني ذلك بعد كتابة هذا المقال، ومن المرجّح أن أستسلم للرغبة في تنقيح صورة لي قبل نشرها على وسائل التواصل الاجتماعيّ." وتضيف قائلة: "أعتقد أنّه إلى حدّ ما، من الطبيعيّ لنا نحن البشر أن نرغب في محاربة علامات التقدّم في السنّ ولا سيّما على الصعيد الداخليّ، ونحاول أن نبقى بصحّة جيّدة ونتمتّع بالقوّة كما في السابق. وينتقل هذا المنطق طبعاً إلى مظهرنا الخارجيّ لأنّه الجزء الذي يراه الآخرون أكثر. لذا وإلى حدّ ما، من الطبيعيّ تماماً بالنسبة إلينا أن نحاول الحفاظ على شباب مظهرنا ولا سيّما أنّ العلم قد قطع شوطاً طويلاً لمساعدتنا على تحقيق ذلك."

الشعور بالرضا حول التقدّم في السنّ

تفضّل الثقافة بشكل عامّ التصوّرات السلبيّة على تلك الإيجابيّة. وعندما نتقبّلها، نحن لا نفعل الكثير لتحسين الوضع. لكن لتغيير الأمور، يجب أن نبحث عن الصور النمطيّة التي نكوّنها ونبني عليها آراءنا ونعترف بمخاوفنا. ونتيجة لذلك، يجب أن تتغيّر مواقفنا أيضاً. ومن المهمّ أن نحافظ على وجهة نظر إيجابيّة مع تقدّمنا في السنّ، لأنّ وجهة النظر مهمّة جدّاً في الحياة. ويُحدَّد العمر من خلال طريقة شعورنا فحسب، هذا ما كانت تقوله جدّتي. فلنشعر إذاً بالرضا عندما نصبح في سنّ الـ50 و60 و70 وأكثر. ولنفتخر بعمرنا أيضاً. تشعر Zina Khair بأنّ بعض النساء تحبّ علامات التقدّم في السنّ على وجوههنّ وأجسامهنّ وتتقبّلها، فيما ترغب أخريات في محاولة الحفاظ على مظهرهنّ الطبيعيّ قدر الإمكان بمساعدة العلم وطبّ التجميل، وبالنسبة إليها ما من خطأ أو صواب، فتختلف الطريق التي تختارها كلّ امرأة. وتضيف قائلة: "مع كلّ الوعي والانفتاح والتقبّل الموجود في مجتمعنا اليوم، يتمّ تشجعينا على التميّز وفتح أعيننا على الجمال الذي يقدّمه الزمن على الصعيدين الخارجيّ والداخليّ. نحن ندين لأنفسنا ولبناتنا بالحقّ في تقبّل الوقت والاحتفاء به بدلاً من مكافحته وفقدانه. وفي عصر الجمال هذا الذي نعيش فيه، ربّما قد حان الوقت لنتعلّم أن نتقبّل جمال العمر".

عارضة تقبّلت عمرها

كما مع الكثير من عارضات الأزياء، بدأت مهنة Paulina Porizkova بلقاء عابر بعدما أرسلت إحدى صديقاتها صورها إلى وكالة Elite Models. ومنذ الثمانينات، هي تُعتبر واحدة من أهمّ عارضات الأزياء في العالم. وفي العام 2020، بدأت بالابتعاد عن مُثُل الجمال المضرّة التي تواجهها النساء مع تقدمهنّ في السنّ. فمع صورة سيلفي نشرتها من دون مكياج ومع شعر رماديّ، تأمّلت العارضة البالغة من العمر 54 عاماً في المفاهيم الجديدة للجمال التي تتأثّر بوسائل التواصل الاجتماعيّ.

فتركت Porizkova إطلالات غلاف المجلّات الجميلة وكتبت ما كان يدور في ذهنها. وكتبت سلسلة من المقالات الحميمة عن كونها امرأة في أيّ عمر.

كما يتمحور كتابها No Filterحول حياة نادرة وحبّ كبير وخسارة وفرح وحزن عميق وخوف ومعرفة ذات وتقرير مصير وتقدّم في سنّ. واختارت أن تتمثّل مهمّتها في تحدّي التوقّعات، فهي كاتبة رائعة وكاتبة مذكّرات حكاية حياة خياليّة ومبهرة.

وفي عصر الإنترنت حيث تخفي المنشورات مشاكل الحياة الواقعيّة ومخاوفها، يعكس حسابها على إنستغرام الذي يضمّ حوالى 840 ألف متابع، نوعاً من الانفتاح الذي نادراً ما نراه في يومنا هذا. ففي منشور حديث لها مثلاً، شجعّت Paulina متابعاتها على تقبّل عيوبهنّ ونقاط ضعفهنّ. وفي منشور آخر، قدّمت صورة لجسدها وحذّرت من المقارنة مع غيرها عبر الإنترنت. كما شجّعت عارضات الأزياء، والنساء بشكل عام، على تقبّل عمرهنّ بدلاً من محاولة إخفائه.

تأييد التقدّم في السنّ

كان لـPaulina Porizkova حديث في مؤتمر حول وسائل التواصل الاجتماعي وتأثيرها في مارس المنصرم، في أبوظبي. فأخبرت اللجنة كيف فتحت لنفسها صفحة على إنستغرام بناءً على طلب صديقة لها. في البداية، كانت Porizkova، التي وصل عدد متابيعها على إنستغرام حوالى 840 ألف شخص، تنشر الصور السعيدة لها وهي تحمل الحقائب وتضع المكياج وتتناول الطعام. ثمّ فقدت زوجها لاحقاً. "فبدأت في مشاركة مشاعري حول الحزن، ثمّ انتشر وباء كورونا... وبدا أن الجميع في وضع حزين. وأظنّ أنّ النساء اللواتي كنّ يشعرنَ بالوحدة أو بالحزن أو الأسى قد وجدنَني. لذا أشعر أنّني أملك مجتمعاً صغيراً من النساء اللواتي يشبهنني وأتواصل معهنّ. و لا أشعر بأنّني أؤثّر بالنساء بل أنا فقط أجري محادثات معهنّ فقط".

وقد حوّلت وسائل الإعلام بعض المشاهير إلى نماذج يحتذى بها ممّا يشجّع الجمهور على الجمال. واستخدمت بعض النساء مثلDiane von Furstenberg وAnnika Von Holdt وغيرهما موقع إنستغرام للمساعدة في إعادة تشكيل المفاهيم المسبقة حول التقدّم في السنّ. ولا بدّ من التوقّف أيضاً عند عرض جوائز MTV Music Awards الشهير عام 2017 حيث تذكّرت الفنّانة Pink محادثة مع ابنتها شدّدت خلالها على مدى أهميّة تجاهل المُثُل الأنثويّة المحدودة التي وضعها المجتمع طوال حياتها المهنيّة.

فلا يتعلّق التقدّم في السنّ بالاندراج في إطار معيّن بل بكسر هذا الإطار، وهذا ما يجب أن نسعى من أجله. كما لا يجب أن يكون الضعف والثقة منفصلين، ولا بأس أن تشعري بما تشعرين به. فالحقيقة هي أنّ المرأة في منتصف الخمسينات ستشعر بعدم الأمان والفراغ وقد تقرّر إجراء عمليّة تجميل لتندرج ضمن الإطار المريح والدافئ والمألوف بدلاً من أن تكافح لكسره، بالرغم من رغبتها الكبيرة في ذلك وكلّ الجهد الذي تبذله لفعل ذلك، إلّا أنّنا نعيش في مجتمع أبويّ يجعل مسألة التقدّم في السنّ صعبة، ولا سيّما بالنسبة إلى النساء. لكن سيكون الأمر أسهل بكثير إذا تخلّيت عن المفاهيم التي يفرضها المجتمع وسمحت لنفسك بالتفكير بطريقة هادئة وعميقة، وهذا ما يسمّى بالتقدّم في السنّ بشروطك الخاصّة. 

إقرأي أيضاُ: 4 تسريحات شعر تتغنى بالجمال العربي الأصيل

 

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث