اكتشفــي سـر العطر الملكي

صناعة العطور لا تقتصر فقط على جمع العبير والمزج بين روائح عدة، إنما تعتمد على تشكيل فكرة مجردة وترجمتها إلى قصة تترك أثراً واضحاً وانطباعاً لافتاً قد يأخذك إلى أماكن بعيدة أو يذكرك بأشخاص بعينهم. وقد يحرك بك عطر ما مشاعر كنتِ قد اختبرتيها من قبل، ويتيح لك كذلك فرصة التعرف على حضارات وأذواق من جميع أنحاء العالم.
لصناعة العطور تاريخ طويل، فمنذ القدم والمرأة تسعى إلى تجميل نفسها وحياتها بالروائح العطرية. وGuerlain  اسم يستحضر الأصالة والتاريخ والإبداع في مجال صناعة العطور. وهي أيضاً تجسد مثالاً رائعاً عن الحرفية والخبرة المتوارثة على مر أجيال خمسة. اليوم تأخذنا الدار في رحلة الذكرى 160  للقارورة المزينة بالنحل في معرض يتربع في المنطقة 68 من جادة الشانزليزيه.
بداية المشوار
كان Pierre Francois Guerlain  بكنّ ولعاً خاصاً بعالم الأعمال، فقد نشأ على التمتع بحس القيم وتقدير العمل المتقن. كما مارست عائلته مهنة تجارة التوابل وصناعة الأواني القصديرية وصناعة الشمع. ولقد أراد بيير بأن يكون مستقلاً وحراً في اختيار مجال عمله، وهكذا فقد كانت بداية عمله كمساعد تاجر ومتجول في دور عطور مهمة.
ابتدأ مشواره في عالم العطور في العام 1853، وذلك عندما أسر جمال الكونتيسة ماريا أوجينيا مؤسس دار Guerlain Pierre-Francois Pascal Guerlain  من خلال عطر Eau de Cologne Imperiale  الذي أهداها إياه احتفالاً بزواجها بنابليون الثالث. وبالطبع نال هذا العطر إعجاب الكونتيسة وحظي باهتمامها الكبير. وعرفاناً بهديته الرائعة، فقد منح Pierre-Francois Guerlain  أعلى شهادة إمبراطورية آنذاك وهي "صانع العطور الرسمي لجلالتها".
تفاصيل العطر
القارورة مصممة من قبل صانع الزجاج Pochet du Courval.  ولقد أريد للزجاجة بأن تحاكي عراقة صاحبتها. وحتى وقتنا الحاضر تحتفظ القارورة بشكلها الإمبراطوري وهي مزينة بالنحل ومطلية بالذهب، وتتخذ شكل ساحة الـVondome في باريس. كما زين شعارها برمز النبالة الإمبراطوري الذي يتميز بالنسر. يتكون تاريخ Guerlain  من عناصر استثنائية، وتأتي النحلى على رأس أهم تلك العناصر، فهي تلعب دوراً فعالاً، وهي مصدر جرأة وإلهام للدار. فمنذ ابتكار قارورة النحل لم تتوقف الدار عن تكريم النحلة التي لا تزال تشكل مصدراً للإلهام ولابتكارات رائعة الجمال. وتتخذ القارورة الكريستالية من دار "باكارا" شكل جناحي النحلة وتشبه الماسة التي تعكس الضوء. وتعتبر هذه الزجاجة منحوتة فنية ورمز فخر بفضل تاريخها العريق وطريقة صناعتها وتفاصيل تصميمها.
تركيبة منعشة
يعتبر عطر Eau de Cologne Imperiale  من أقدم ابتكارات دار Guerlain للعطور وهو مصدر شهرتها، كما يعتبر إرثاً عريقاً تفخر به الدار. ويصف خبير عطور الدار Thierry Wasser  ومبتكر الجيل الجديد من عطور Guerlain  هذا العطر بأنه حيوي فهو يعبق بنكهات البرغموث والحامض الممزوجة بلمسة عطرية من زهرة إكليل الجبل. ويتألف قلب العطر من زهر البرتقال والليمون. ومع مرور الوقت أصبحت القارورة تحتوي على نسخ معادة لعطور رائعة تنتمي لإرث هذه الدار، كأنواع أخرى من ماء الكولونيا التي تم ابتكارها من قبل خمسة أجيال من صانعي عطور Guerlain.
متاجر العطور
افتتح أول متجر لدار Guerlain في Rue de Rivoli، في حين تم افتتاح المتجر الثاني في Rue de la Paix. وفي العام 1914 افتتح المتجر الحالي في المنطقة 68 من جادة الشانزليزيه، والذي تم تجديده وتوسيعه إلى 4 مستويات في هذا العام. صمم هذا المتجر من قبل أكثر المهندسين كفاءة وإبداعاً ليكون بالفعل من أجمل المتاجر في العالم. ففي العام 1913، أوكلت مهمة تصميم المتجرإلى فنانين من إيطاليا، حيث ضمت جدرانه ما يزيد عن 17 نوعاً مختلفاً من الرخام. ولقد تم الحفاظ على هذا الرخام مع إجراء بعض التعديلات الطفيفة عليه.
يحتوي المتجرعلى أقسام ثلاثة: قسم العطور وقسم المكياج وقسم مستحضرات التجميل. ويضم كذلك قسماً خاصاً بالإستشارات ومقهى يضم أصنافاً شهية من الحلويات والتي تزهو بأسماء عطور الدار.
وعند الدخول إلى المتجر تحظى الزائرة باستكشاف العطور المتنوعة من الدار. ثم تمر بغرفة المكياج، حيث ستستمتع باستكشاف ما يناسبها من مجموعات المكياج المتوفرة هناك. ثم تبدو الغرفة الخاصة بمنتجات العناية بالبشرة، والتي يتم فيها عرض مجموعات من مستحضرات Orchidee Imperiale  المزينة بثريا ثلاثية الأبعاد. صنعت تلك المستحضرات من الكريستال وصممت من قبل Peter Marino، وهي تتخذ شكل وردة الأوركيد باستدارة كراتها.
مراحل التصنيع
الرحلة تستمر مع Guerlain  ولكن هذه المرة من موقع مكان الإنتاج في مصنع الـOrphan الذي يبعد مسافة ساعة عن العاصمة باريس. ينتج المصنع أكثر من 40 مليون قارورة في العام. يطلعنا Thierry Wasser صاحب الأنف المميز في إبداع العطور ذي الشخصية المرحة عن كيفية صناعتها وعن إشرافه على معايير الجودة والعناصر التي تدخل في تركيبتها. ثم يستعرض معنا المراحل التي تمر بها صناعة العطر:
المرحلة الأولى: تدخل المواد الخام وتخلط مع بعضها بعضاً في سائل مركز، هذا السائل المركز هو العطر الخام الذي يجب أن يحفظ في أماكن باردة لتهدأ مكوناته.
المرحلة الثانية: يدخل المزيج غرفة خاصة لكي تحدث عملية النضوج ويقوم Thierry  بتحديد مدة هذه العملية والتي قد تستغرق أشهراً عدة لاكتمال نضوج مكوناتها.
المرحلة الثالثة: تتم بإضافة نسبة معينة من الكحول للمزيج، ومن ثم تختتم الجولة بإدخال العطر إلى غرفة مخصصة لإعطاء الجزيئات الراحة التامة، ومن بعدها تتم عملية التصفية والتعليب.

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث