AMOUAGE رحلة عطرية إلى قلب الثقافة العمانية

نقدّر من دون شكّ العلامات التجارية العربية التي تشقّ طريقها من منطقتنا نحو العالمية، فهي تنقل للجميع كمّ المواهب والمعارف التي تميّزنا. وبعد رحلتي مؤخراً إلى سلطنة عمان، حجزت علامة Amouage تحديداً مكانةً خاصةً في قلبي وقد أدركت كيف انبثقت من الثقافة والتقاليد العمانية ورسمت توجّهاً فريداً لها طوال السنوات الماضية. وبعد احتفالي مع العلامة بإطلاق عطورها الأربعة الجديدة ضمن مجموعة Odyssey، اخترت أن أنقل لك كلّ المعلومات التي اكتشفتها عن Amouage وأعرّفك أكثر على أحدث إبداعاتها من خلال مقابلات مع المدير الإبداعي وصانعي العطور.

جانين عسّاف

من قلب السلطنة

من قلب سلطنة عمان، وتحديداً من قلب العائلة الملكية، انطلقت علامة Amouage. ففي العام 1983، طلب السلطان قابوس من السيد حمد بن حمود البوسعيدي إنعاش الثقافة العطرية العربية الأصيلة وتسليط الضوء عليها على مستوى العالم. وفي تلك الحقبة من الزمن، زار في فرنسا أحد أشهر صنّاع العطور Guy Robert الذي حوّل مجموعة من المكوّنات إلى تركبتين عطريتين شكّلتا العطرين الأوّلين بتوقيع Amouage، وأتيا في زجاجات مطلية بالذهب عيار 24 قيراطاً. أمّا أكثر ما ميّز العطرين، فهو التصميم. ففي الواقع، استوحيت زجاجة عطر الرجل من الخنجر التقليدي الذي يرتديه العمانيون، فيما يعكس عطر المرأة تصميماً مكعباً منقوشاً بزخارف دقيقة.

إلى دول العالم

استطاعت Amouage أن تحجز لها على مرّ السنوات مكانة خاصّة وأن تنتشر في مختلف دول العالم. فبعد عام واحد من تأسيسها، أصبحت متوفّرة في 14 مدينة عالمية مختلفة منها باريس ولندن ونيويورك. أمّا اليوم، فهي تجول أكثر من 80 دولة حول العالم وتحقّق مبيعات هائلة في الشرق والغرب على حد سواء.

حلّة جديدة بدءاً من العام 2019

في العام 2019، عيّنت Amouage السيد Marco Parsiegla في منصب الرئيس التنفيذي وRenaud Salmon كالمسؤول التنفيذي للتجربة. ومعهما، دخلت العلامة مسار النهج الجديد الهادف إلى تحسين جودة المنتجات والتوسّع أكثر في الأسواق. ومن أبرز ركائز التجدّد على مستوى Amouage، مجموعة من 6 منتجات، وهي زيوت عطرية 100% يمكن استخدامها في فنّ دمج العطور بما يعكس الثقافة العربية الحسّية بامتياز، بالإضافة إلى تجديد تصميم لوغو العلامة والحرص على عرض تسمية كل عطر على مقدّمة زجاجته وافتتاح متجر Amouage الرئيسي في مول عمان بحلّة جديدة بالكامل.

عناصر مميّزة في عطور Amouage

لفتني بالفعل كيف تحرص Amouage على الحفاظ على التراث العماني في جوهرها، على الرغم من كل الحداثة والتجدّد اللذين يرافقانها عاماً بعد عام. فعلى سبيل المثال، يأتي غطاء الزجاجات العطرية النسائية على شكل قبة جامع السلطان قابوس الأكبر في مسقط. كذلك، تحاكي عطور الرجال شكل مقبض الخنجر. وقد لا تعلمين أيضاً أنّ العلامة التجارية لا تزال تجري جميع عمليات التصنيع يدوياً، ولا تستعين سوى باليد العاملة العمانية، وهذا وجه آخر من أوجه الوفاء والإخلاص للبلد الأمّ.

أمّا بالنسبة إلى المكوّنات، فتستخدم Amouage أكثر من 150 مكوّناً مستخرجاً من مختلف أنحاء العالم. غير أنّ ابتكاراتها تتمحور بشكل أساسي حول 3 مكوّنات غنية ومعروفة تاريخياً في عمان، وهي اللبان والورد والعنبر.

الفصل الثالث من مجموعة Odyssey

كشفت Amouage مؤخراً عن الفصل الثالث من مجموعة Odyssey، وذلك من خلال 4 عطور جديدة تعاونت فيها مع 3 عطّارين هم Quentin Bisch وKarine Vinchon-Spehner وAlexis Grugeon. وقبل أن نأخذك في مقابلة خاصة لنا أجريناها خلال تواجدنا مع العلامة في حفل خاص للاحتفال بإطلاق المجموعة الأخيرة، نعرّفك سريعاً على العطور جديدة:

• عطر Lineage: عطر يحاكي روح السفر وتجتمع فيه نغمات ملح البخور ودفء المعادن.

• عطر Search: عطر يشجّع على مواجهة التحديات والاستماع إلى الصوت الداخلي للوصول إلى الهدف.

• عطر Purpose: عطر يجمع بين خليط الأخشاب المعدنية ونفحات التوابل الحارّة.

• عطر Guidance: عطر يتغلغل إلى الحواس من خلال نفحات الورود واللبان والعنبر الخام.

مقابلتنا مع Renaud Salmon، المسؤول التنفيذي للتجربة لدى Amouage

كيف تنجح في عكس الثقافة العمانية، على الرغم من أنّك أجنبي؟ هل واجهت صعوبةً في بداية فترة تعيينك، وهل من خطوات حرصت على القيام بها للانخراط أكثر في المجتمع العماني؟

لا شكّ في أنّ فهم أي ثقافة يتطلّب وقتاً طويلاً. وبالنسبة إليّ، لم أسعَ إلى تغيير نفسي بما يناسب الثقافة العمانية من أجل بيع المنتجات. بل حرصت بشكل أساسي على فهم فلسفة Amouage، ألا وهي مشاركة عظمة عمان وجمالها العصري مع الجميع. ولا بدّ من القول إنّ العلامة تقوم منذ البداية على توازن ما بين المكوّنات المحلية وصانعي العطور العالميين، وهنا يكمن دوري في استحضار الإلهام العالمي. ولكنّني، في المقابل، محاط بعدد كبير من العمانيين ضمن فريق عملي، كما أنّني أتعاون مع مسؤول عماني في الاستوديو الإيداعي الخاص بي، كي يساعدني في تحديد ما يتماشى مع عمان وما يتعارض معها. بالإضافة إلى ذلك، يقود مجاهد عماني كلّ ما ترينه على منصات التواصل الاجتماعي الخاصة بـAmouage. وبما أنّني أعيش في عمان منذ 4 سنوات تقريباً، أشعر أنّني أفهم البيئة بشكل أفضل وأنّني قادر على عكس قيم البلاد أكثر فأكثر.

على الرغم من وصول Amouage إلى أكثر من 80 بلداً، ما زالت عمليات التصنيع يدوية وما زالت القوى العاملة لا تضمّ سوى عمانيين. هل يشكّل هذا جزءاً من هوية العلامة ومن حرصها على الحفاظ على الإرث العماني؟

تُعتبر Amouage من أشهر العلامات التجارية العمانية. فهي تأسّست في عمان وانطلقت منها إلى العالم. وقد كان القرار واضحاً بضرورة الاقتناع بإمكانية إطلاق دار عمانية فاخرة على المستوى العالمي، مع الحفاظ على العمل اليدوي. وأحبّ شخصياً هذه الفلسفة الفنية التي تسمح بتصنيع منتجات مختلفة ومتنوّعة على نطاق واسع.

عطور Amouage ثمينة، فما الذي يدفع العملاء العصريون إلى امتلاكها والحصول عليها بدلاً من شراء ابتكار علامات عالمية أخرى قد تكون أكثر شهرةً؟

لا يجب أن نبتاع أي عطر لمجرّد أنّه يحمل اسم علامة تجارية معيّنة، فالعلامة ليست يوماً الضمانة بل تدلّ على التوجّه أو الفلسفة. فما الذي يدفع العملاء إلى شراء عطورنا؟! تحاكي Amouage الإبداع الفني، فحين تشترين عطر Amouage، تشترين فكرة مميّزة ابتكرها واحد من أكثر صنّاع العطور موهبةً حول العالم. ولهذا السبب تحديداً، تحرص العلامة على التعامل مع أكثر من عطّار واحد. كذلك،تشترين Amouage للحصول على منتج بجودة عالية، إذ نستثمر في المكوّنات الصحيحة والوقت والتركيزات المناسبة وإبداع المبتكرين.

ما التغيير الذي أدخلته على Amouage؟ وما الذي أضافته Amouage بدورها إلى مسيرتك المهنية؟

لم أغيّر شيئاً وغيّرت كل شيء! فشخصياً، لا يروق لي كيف يستلم بعض المدراء الإبداعيون منصبهم ويقلبون العلامة التجارية رأساً على عقب، فيلغون الماضي ويستبدلونه بما يريدون. فبالنسبة إليّ، تقع على عاتق المدير الإبداعي مسؤولية التدقيق في أرشيف العلامة كي يستطيع التوصّل إلى إبداع مبتكر يواصل الرؤية الأساسية بدلاً من البدء من جديد. ولذلك، أشدّد على أنّني لم أغيّر شيئاً. ولكن، في المقابل، عند زيارة البوتيك الجديد، نشعر أنّ التصميم مختلف تماماً عمّا سبق وهو نتيجة 3 سنوات من العمل المتأنّي والتغيير التدريجي التراكمي. ففي نهاية المطاف، لا مهرب من التغييرات لأنّ عالم الفخامة يتغيّر ومعه توقّعات العملاء.

مقابلتنا مع صانعي العطور Quentin Bisch و Karine Vinchon Spehner

بما أنّكما صانعي عطور تعملان مع علامات تجارية مختلفة، كيف تنجحان في ابتكار إصدارات تحاكي هوية كل علامة؟ بالنسبة إلى عطر Lineage مثلًا، كيف توصّلت Karine إلى تركيبة عطرية تتوافق مع Amaouge وفلسفتها؟

Karine: لقد وضعت تاريخ Amouage في صلب عملي والعطور التي نبتكرها. فقد استخدمنا مثلاً المكوّنات الأساسية في تركيبات العلامة، مثل الورد والعنبر. فحافظنا بالتالي على هذا الرابط بين العطور الجديدة والابتكارات السابقة من Amouage. ولكن، في المقابل، وبما أنّ العلامة تحرص على الابتكار المتجدّد، لم نتردّد أيضاً في تقديم نزعة جديدة.

كيف يتم العمل أو التعاون مع المدير الإبداعي لابتكار العطور؟

Karine: لعطر Lineage مثلاً، شاركني Renaud بعض الصور واستوحيت منها، فكانت هذه نقطة الانطلاق. وبعد ذلك، يبدأ تحويل الإلهام إلى أفكار ملموسة. وحين أرسل لي Renaud تحديداً صورة النبتة ووراءها المياه الفيروزية، تبادرت إلى ذهني عناصر كثيرة مثل شجرة اللبان والأعشاب والبحر والتلّة، فحوّلتها جميعها إلى نفحات في تركيبتي العطرية. وعندها، نشرع في ابتكار النسخة الأوّلية من العطر كي يتم تحسينها تدريجياً وصولاً إلى النسخة الأخيرة.

هل تتدخّلان في تفاصيل العطر الأخرى، إلى جانب التركيبة؟

Quentin: عادةً لا يتدخّل صانع العطر في هذه التفاصيل. ولكن في Amouage، يكون الباب مفتوحاً للتعاون الابتكاري. ويتم بالتالي تبادل الأفكار ورؤية صانع العطور للتفاصيل، ويمكن الأخذ بها أم لا، بما يتناسب مع العلامة. وبهذه الطريقة، يعكس الداخل الخارج والعكس صحيح، وهذا أمر أساسي لأنّه يميّز ما بين العطر الذي يمكن نسيانه والعطر الذي لا يفارق الذاكرة. فالعطر الجيّد هو العطر المتّسق بكل تفاصيله. فأحياناً نحبّ الإعلان أو اسم العطر أو زجاجته، ولكن لا نشعر بأنّ عناصره متكاملة. ولذلك، يمكن القول إنّ العمل مع Renaud مميّز بالفعل، لأنّه يسمح بتبادل الأفكار في خلال عملية الابتكار المتأنّية. وبالتالي، نشعر بروح العطر وتكامله.

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث