
فيما يحرص المصمّم رامي قاضي دائماً على تكريم العمل اليدويّ في مجموعاته والالتزام بشدّة بالقضايا البيئية، كان من بين المصمّمين الأوائل الذين دخلوا عالم الرموز غير القابلة للاستبدال والميتافيرس. فمن خلال جمعه بين رؤيته المستقبلية وروح الابتكار الرائدة في الموضة والتكنولوجيا، لا يكفّ المصمّم عن إبهارنا بإبداعاته الفريدة! وعندما يفكّر في التصميم الداخلي لمنزله، يتصوّر قطعاً فنية تعكس لحظات سعيدة في حياته، قطع تنبعث منها ذكريات جميلة وتجسّد أسلوبه الخاصّ وشغفه: تصميم الأزياء والألوان والأنماط والإبداع واللمسات غير التقليدية وكلّ ما هو فريد ومختلف بشكل عام. وقد تسنّت لنا مؤخراً الفرصة لزيارته في بيروت لاكتشاف ديكور منزله الداخلي الفريد تماماً مثل التصاميم الرائعة التي يبتكرها، حيث يتميّز بالحيويّة والألوان والشخصيات الكرتونية!
التصوير: Elsn
ما هي الإرشادات التي اتّبعتها عندما اخترت التصميم الداخلي لهذا المكان وجعلته منزلاً لك؟
يعكس كلّ عنصر في ديكور المنزل حسّي في التصميم، ممّا يخلق بيئة جذّابة وشخصية جداً. أنا أركّز أيضاً على الألوان التي تربط كلّ الغرف ببعضها البعض، ممّا يعزّز التناسق الذي يحوّل المنزل نفسه إلى مركز فنّي متماسك. كما تساهم القطع الفنيّة، بدءاً من الأثاث المصمّم على الطلب وصولاً إلى الأعمال الفنية المنسّقة/المخصّصة، في رواية قصّة هويتي.
كيف تفسّر الألوان المستخدمة في ديكور هذا المنزل وماذا تخبرنا خياراتك هذه عن شخصيتك؟
تتضمّن ألوان الأثاث والتصميم الداخلي في الغالب تدرّجات هادئة مثل الأسود والبيج والرمادي التي تعكس طابع البساطة الذي يبعث على الهدوء، وتضفي لمسة من الترتيب إلى المكان. ومن وجهة نظر مهندس ديكور داخلي، تخلق هذه الألوان جواً مريحاً وجذاباً، وهذا ما أردت أن يشعر به الضيوف عندما يدخلون منزلي. لكن تتوزّع أيضاً في جميع الأنحاء لمسات من الألوان والقطع الفنية التي تحمل معنىً شخصياً عميقاً. ترمز هذه الإضافات الحيويّة إلى وجهة نظري في الحياة التي أراها مليئة بالألوان والطاقة والإبداع. فيظهر التناقض بين الألوان المحايدة الهادئة والتدرّجات المفعمة بالحياة الجوانب الديناميكية لشخصيتي والتي تنعكس أيضاً في تصاميم الأزياء التي أبتكرها، ممّا يخلق مساحة هادئة وحيويّة في الوقت نفسه. إنه تجسيد بصريّ للتوازن المتناغم الذي أسعى لتحقيقه في التصميم والحياة على حدّ سواء.
ما القصّة وراء القطع الفنية الموجودة في منزلك والتي تحتوي على ألعاب أو شخصيات كرتونية؟
هذا النوع من القطع التي أحبّ أن أسميها بالفنّ الممتع هو نوع الفنّ المفضّل لدي لأنّه يركّز على استعادة ذكريات الطفولة السعيدة التي تعيدني إلى لحظات لا تُنسى وترافقني دائماً طوال رحلتي بعدما كبرت. إنّها تضيف لمسة مبهجة إلى الديكور وتحتفي بالإلهام الإبداعي الذي نجده في الأمور البسيطة التي كانت تفرحنا في الطفولة. فلا يتعلّق الأمر بجعل منزلي يتميّز من حيث الديكور الأنيق والفنّي الذي يعكس شغفي أو فنّي فحسب، بل ليكون أيضاً مكانًا مليئاً بالقصص السعيدة التي يمكنني الاعتماد عليها لتكون نظام دعم خاص لنفسي عندما كنت أصغر سناً.
هلّا تشاركنا ذكرى عزيزة من فترة اختيار قطع الديكور في هذا المنزل؟
أحدث ذكرى لدي كانت في الواقع أول يوم عدت فيه إلى المنزل مع قطّتي Boo، وبمجرّد أن رتّبت أغراضها، أتذكّر أنّني جلست في غرفة المعيشة ونظرت حولي، وشعرتُ بالاكتمال. نظرت إلى مجموعة المنحوتات واللوحات حولي ثم التفتّ إلى طاولة الطعام، وشعرت بالرضا تجاه هذه المساحة الشخصية الفنيّة التي ابتكرتها باستخدام بعض القطع التي تمثّل أكثر الذكريات السعيدة التي عشتها.
هل لديك أي قطع مفضّلة تضفي لمسة من الإيجابية إلى مساحتك الخاصة؟
بما أنّني أحبّ الطبيعة كثيراً، تلعب النباتات دوراً مهماً في إضفاء الإيجابية إلى مساحتي. فلا تضيف تدرّجاتها الخضراء النابضة بالحياة لمسة من الطبيعة إلى منزلي فحسب، بل تعزّز أيضاً شاكرا قلبي، ممّا يساعد على الشفاء العاطفي والاسترخاء. كما يُعرف أيضاً أنّ النباتات تشجّع على مشاعر الحب والتوازن التي أحتاجها دائماً بعد يوم طويل وشاقّ.
ما هي القطعة الفنية أو قطعة الأثاث أو الغرفة المفضّلة لديك في هذا المنزل؟ هلّا تخبرنا عن القصة وراءها؟
القطعة المفضّلة لدي هي اللوحة ثلاثية الأبعاد Electric Blue بتوقيع Rachel K Studio. يحمل هذا العمل الفنّي أهمية خاصّة بالنسبة إليّ، حيث أنّ الفنانة Rachel التي أصبحت صديقة مقرّبة لي، تتّسم بهوية فنية تركّز على تجسيد ذكريات الطفولة في كلّ قطعة فنيّة تبتكرها. يعجبني جداً استخدام الفنّانة للألوان النابضة بالحياة والألعاب القديمة وهذا يساهم حتماً في الطاقة الإيجابية المبهجة التي تنبعث من لوحتي المخصّصة. فتماماً مثل تصاميم الفساتين الراقية التي أبتكرها، تعكس إبداعات Rachel جوهر الحياة، وتشكّل لوحة Electric Blue سيمفونية بصرية تجسّد الطاقة الديناميكية والإبداع الذي يلهم تصاميمي ومساحتي الشخصية. إنها ليست مجرّد قطعة فنيّة بل بوّابة إلى الماضي أيضاً.
إقرئي أيضاً: رامي قاضي يُشيد بهويته الأنيقة في مجموعة Retrospective 10
أنت تحرص دائماً على تكريم العمل اليدويّ من خلال مجموعاتك، ما أهمية الحفاظ على الحرفية في عالم الموضة اليوم؟
إن الحفاظ على الحرفية في عالم الموضة اليوم هو أمر مهمّ جداً بالنسبة إليّ. فالعمل اليدوي هو دليل على الالتزام والمهارة والفنّ الذي تتخلّله كلّ قطعة. وفي صناعة سريعة التطوّر، يضمن تقدير الحرفية الارتباط بالتقاليد وتقدير اللمسة الإنسانية التي يبدو أننا نفقدها مع الوقت. فيتجاوز ابتكار القطع الخالدة التي تحمل قصصاً فريدة الاتجاهات السائدة. ومن خلال دعم الحرف اليدوية، نحن لا نحافظ على المهارات الحرفية فحسب، بل نساهم أيضًا في اتّباع نهج أكثر استدامة وقيمة في الموضة، ممّا يعزّز العلاقة بين المبتكر والملابس ومن يرتديها.
هل لديك أي تصميم مستوحى من الألعاب؟
طبعاً، من التصاميم العزيزة على قلبي الفستان المستوحى من عالم ديزني الذي صمّمته عام 2012 للفنّانة ميريام فارس لظهورها في برنامج "أنا والعسل" مع نيشان. فشكّل هذا الفستان المزدان بطبعات رائعة لأميرات ديزني مزيجاً جميلاً من الخيال وتصميم الأزياء الراقية وأثار ضجّة كبيرة آنذاك وجذب اهتمام عشّاق الموضة ومحبّي عالم الترفيه. كان هذا المشروع بمثابة رحلة ممتعة، حيث أبرز قدرة الموضة على الدمج بين الحنين إلى الطفولة والأناقة المعاصرة. إذ هدفت إلى إظهار حبّي لشخصيات الرسوم المتحركة وأفلام ديزني التي كنت من أشدّ المعجبين بها في صغري وحتى اليوم. وتماماً مثل القطع الفنيّة التي تعكس إحساساً بالفرح والحنين إلى الماضي، قمت بإضفاء هذا الشعور نفسه إلى تصميمي.
لو استطعت العودة في الزمن إلى الوراء وتصميم قطعة لأيقونة عالمية فمن كنت ستختار ولماذا؟ وكيف سيكون تصميم الفستان الذي ستصمّمه لها؟
لو كان بإمكاني العودة في الزمن لاخترت الأميرة ديانا. هي ما زالت رمزاً للسحر والأناقة حتى اليوم وأتخيّل لها فستاناً خالداً وآسراً يجسّد أناقتها. سيتميّز الفستان بالدانتيل الناعم والزخرفة الدقيقة بالخرز وبتصميم مع مشدّ ليجمع بين الرقي ولمسة من الأسلوب المعاصر. وسيكون بمثابة تكريم لجمالها الخالد وتأثيرها الدائم الذي تركته على عالم الموضة.
إقرئي أيضاً: At home مع Lara Scandar
لقد كنت من بين المصمّمين الأوائل الذين دخلوا عالم الرموز غير القابلة للاستبدال والميتافيرس. هلّا تخبرنا المزيد عن هذه الرؤية المستقبليّة وروح الابتكار الرائدة التي تتمتّع بها في مجال الموضة والتكنولوجيا؟
كوني أول مصمّم أزياء من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يبتكر تصاميم من الرموز غير القابلة للاستبدال في الميتافيرس، يعكس نهج التفكير المستقبلي في مزج الموضة والتكنولوجيا الذي يعد جزءاً من ثقافة دار Rami Kadi للأزياء الراقية. وفي مجموعة Lucid Algorithms لموسم ربيع وصيف 2022، استخدمت خوارزميات حاسوبية لدمج العالمين الواقعي والرقمي، لإنتاج 120 رمزاً غير قابل للاستبدال بالإضافة إلى فساتين راقية مستوحاة منها، مع تصميم يمثّل الشكل المادي للرمز غير القابل للاستبدال نفسه. فتشكّل إعادة تعريف الجمال في العصر الرقمي ودفع حدود تصميم الأزياء إلى أبعد مدى جزءاً من هوية الدار، حيث أنّني مصمّم شابّ محاط بفريق شاب بارع في التكنولوجيا، مما يجعل تكنولوجيا الأزياء جزءاً لا يتجزأ من عملنا. فأنا أحبّ دائماً التفكير في طرق لمواكبة العالم وبخاصة العالم الرقمي، لأنه من المهم لأي مبدع أن يحاول أن يكون عصرياً قدر الإمكان مع الحفاظ على هويته دائماً. كما قد أتاح لي دخول عالم الميتافيرس التواصل مع جمهور جديد في مجتمع العملات المشفرة، مما فتح الباب أمام فرص جديدة لمستقبل التصميم.
أنت تلتزم جداً بالقضايا البيئية، وبعد أن تم تعيينك سفيراً إقليمياً للنوايا الحسنة للأزياء المستدامة لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة في غرب آسيا عام 2020، كيف تنظر إلى مستقبل الموضة المستدامة؟
لقد أدّى تعييني ذلك إلى تعزيز التزامي بالقضايا البيئية. كما أنّني قدّمت أيضاً عرضاً للأزياء الراقية المستدامة في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخCOP28 في الإمارات العربية المتحدة في إكسبو دبي لقمة الموضة المستدامة في 6 ديسمبر 2023 لدعم جدول الأعمال العالمي لتغير المناخ. وقد أتاحت هذه الفرصة للعالم أن يكون أكثر وعياً بتأثيرات صناعة الموضة كمساهمة في التلوّث، وسمحت للدار بتوعية الجمهور وعشّاق الموضة حول مهمتنا في دعم جدول الأعمال العالمي لتغيّر المناخ من خلال التكنولوجيا الخضراء وممارسات الموضة المستدامة.
وبعدما رأيت الجهود الهائلة التي تبذلها المجتمعات الدولية على مستوى العالم لدعم الموضة المستدامة، والارتفاع البطيء في عدد العلامات التجارية للأزياء التي تأخذ هذه المهمة على محمل الجد، أرى مستقبلاً مشرقاً للأزياء المستدامة. وأعتقد أن الموضة المستدامة ستصبح هي المعيار السائد، مدفوعة بالابتكار والمسؤولية المشتركة لتقليل أثرنا البيئي. وتحدث المبادرات مثل تلك التي يدعمها برنامج الأمم المتحدة للبيئة تغييراً إيجابياً يتماشى مع التحوّل العالمي نحو صناعة أزياء أكثر وعياً ومسؤولية.
فيما لم تدع أي عائق يقف في طريق شغفك بتصميم الأزياء الراقية العصرية، ماذا تقول لرواد الأعمال والمصمّمين الشباب الذين يتمسّكون بأحلامهم رغم الصعوبات التي يواجهونها؟
أقول لهم أن يتمسّكوا بأحلامهم، حتى عندما يصبح الطريق صعباً. انظروا إلى التحديات كفرص للتعلم والنمو. شغفكم هو دليل قوي، وابقوا أوفياء لرؤيتكم، وتذكّروا أنّ الرحلة لا تقلّ أهمية عن الهدف. ثقوا بأنفسكم واستمرّوا في التقدّم، وآمنوا بأنّ منظوركم الفريد يمكنه تشكيل مستقبل التصميم.
إقرئي أيضاً: Rami Kadi سفيراً إقليميّاً للنوايا الحسنة... إليك التفاصيل







MCxRami-Kadi8.jpg