‎ Manolo Blahnikملك الأحذية ‏

قبل تصاميم الأحذية الفريدة والعصريّة والكعوب العالية والمميّزة كانت أحذية Manolo Blahnik. واليوم، يظهر هذا الرجل الذي حوّل الأحذية إلى قطع فنّيّة في فيلمه الوثائقيّ الخاصّ مع الشخصيّات والمعجبات بأعماله الأبرز، أمثال Rihanna
وAnna Wintour. فيصطحبنا هذا العملاق في عالم الموضة إلى بداية مشواره مع الأحذية.

بدأت بابتكار أغراضي بنفسي في طفولتي، عندما كنت  أشعر بالضجر. ففي جزر الكناري حيث وُلدت وفي الفترة التي تلت الحرب، لم يسهل علينا الحصول على الأغراض والسلع. فاشترينا كلّ أغراضنا آنذاك من خلال الكاتالوجات التي تأتينا من الخارج. وكانت جدّتي تطلب أحذية Start-rite مثلاً من Harrods وتضطر إلى المحافظة عليها لسنتين. وأذكر أنّ الشوكولا كان مستورداً من بريطانيا، وفي تلك الحقبة كانت ألواح Cadbury مغلّفة بأوراق الألومينيوم. وكان كلبي ضحيّتي الأولى، فرحت ألفّ أوراق الألومينيوم على قوائمه. ثمّ وجدت أنّ السحالي لا تمانع ذلك. وبالرغم من أنّ الناس اعتبروها مقزّزة، أحببتها كثيراً. فاعتدت أن أطعمها بعض الخسّ والبندورة، وكانت تأكل بينما أداعب  قوائمها.

والدتي هي مصدر إلهامي الأوّل والأساسيّ. فكانت امرأة قرويّة، لكنّها أحبّت الملابس والأحذية الجميلة. فاعتادت أن تشتريها من مدريد لتثير غيرة نساء الجزيرة. وأحبّت كثيراً الصنادل وأحذية الـPumps البسيطة للغاية، فلهذا السبب ربّما، تشكّل هذه الأحذية
أحد أحذيتي المفضّلة. ولم تكن ألوان الأحذية متنوّعة آنذاك، فلم نجد سوى الأحمر والأسود والبيج والأبيض. لكنّ والدتي كانت تصبغ أحذيتها بنفسها وتزيّنها وتضيف إليها المشابك والزخرفة كما يحلو لها. وعندما بلغت سنّ الرشد، أراد والداي أن أصبح ديبلوماسيّاً فأرسلاني للعمل في مركز الأمم المتّحدة. لكنّني لم أحقّق الكثير هناك، إذ كنت أتنقّل من غرفة إلى أخرى وأرتّب الصحف. لذا غالباً ما شعرت بالملل والضجر. وبعد فترة، توسّلت والدي ليسمح لي بارتياد الجامعة والتخصّص في الفنّ أو الفنّ الغرافيكيّ أو أيّ مجال آخر. فلم أتحمّل البقاء في ذاك المكان! ووصلت إلى لندن في العام 1970 وبدأت العمل مع السيّدة Burstein، مؤسّسة علامة Browns الشهيرة، التي كانت تملك متجر Feathers آنذاك. وكانت امرأة استثنائيّة رأت أنّني أتمتّع بإمكانات مميّزة. ولم تثر الأحذية اهتمامي في تلك الفترة، لكن في أحد الأيّام وبينما كنت أتحدّث مع إحدى الفتيات العاملات هناك، سألتني: "لمَ لا تصمّم البلوزات والفساتين"؟ إلّا أنّ ذلك لم يستهوني، فأحببت الإكسسوارات لأنّها أكثر تحرّراً وتتمتّع بأشكال خاصّة. وفي الواقع، لم أتخصّص يوماً في تصميم الأحذية لكنّني تعلّمت ذلك من أشخاص استثنائيّين في Leytonstone في شرق لندن، وهم الأشقّاء Turner الذين صمّموا الأحذية الرجاليّة للمشاهير وأفراد العائلات الملكيّة. وامتلكوا متجراً رائعاً فعلاً وعملوا دائماً بأيديهم. ولم أطلب منهم أبداً أن يعلّموني مهنتهم، إنّما سمحوا لي مشاهدة العمل في المشغل. وحالما رأيت ذلك، علمت في نفسي أنّ هذا هو العمل الذي أريد أن أقوم به.

بدأت بالعمل في تصميم الأحذية لدى Ossie Clark ومن أجل عرض الأزياء الشهير في Royal Court Theatre. وكانت تجربة سيئة جدّاً! فلم أتمتّع بأيّ خبرة بعد ولا بدّ من الاعتراف بالحقيقة: لم أكن بارعاً جدّاً آنذاك!

وبعد مرور بضع سنوات، تعلّمت التنسيق بين نقاط الجسد والحذاء والكعب. وما زلت حتّى الآن أنحت نماذج الأحذية التي أصنعها من الخشب بنفسي. ولم أحبّ يوماً الأحذية المزدوجة القاعدة أو Platforms، فالتصميم الوحيد الذي ابتكرته من هذا النوع هو لـBianca Jagger. ولا أحبّ شكل هذه الأحذية، إذ تذكّرني بالصور القبيحة لنساء
الـChamps-Elysées في مجلّة Time التي صدرت أثناء الحرب.

أحتفظ بأرشيف لكلّ الأحذية التي صنعتها، لكنّني لا أرجع إلى التصاميم القديمة كثيراً. لكن من الغريب مثلاً أن يكون التصميم الأكثر مبيعاً لهذا العام هو حذاء Pilgrim (Salem حاليّاً) الذي ابتكرته منذ 30 عاماً للمصمّم Isaac Mizrahi. فأحضرت لنا الكثير من النساء أحذيتها الـPilgrim لنعيد العمل عليها، وهذا ما فعلناه. ويتميّز هذا التصميم ببساطته الهائلة، فهو فعلاً مجرّد حذاء Mule مفتوح من الخلف ومزدان بمشبك.

وتعاملت مع أشخاص كثر، لكنّ John Galliano كان من المفضّلين لديّ. كان لا يزال يافعاً عندما تعرّفت إليه من خلال المرحومة Louise Wilson، المعلّمة الشهيرة في Central Saint Martins. وكنت أعلّم في الجامعة عندما دعتني Louise لتفقّد مجموعة هذا الشاب الذي قدّمها في مشروع تخرّجه. وأحببت تصاميمه وقدّمت إليه الأحذية من أجل عروضه فوراً. وهذا ما حصل مع Lee McQueen، إذ دعتني Isabella Blow لحضور أحد عروضه الأولى في
Café de Paris.

وأتلقّى عروض تعاون كثيرة من المصمّمين، لكنّني لا أحبّ التعامل مع أكثر من شخص أو اثنين. لكن أحبّ التعامل مع الأشخاص المبدعين، أمثال مصمّمي علامة Vetements الذين اتّصلوا بي العام المنصرم. وعندما عرضوا عليّ فكرتهم، أعجبتني كثيراً!

وما زلت أفشل في بعض الأعمال وأجد بعض التصاميم مستحيلة. فصمّمت حديثاً حذاءً مع حزام مصنوع من مادّة الـPVC الشفّافة القبيحة. وكانت عمليّة تصنيعه صعبة والمشي فيه أصعب. وابتكرت أيضاً حذاءً من الألومنيوم وكان من شبه المستحيل أن تتمكّن المرأة من السير فيه، غير أنّ Kate Moss نجحت في التألّق به.

ومرّ الزمن وتقدّمت في السنّ، والآن أنا أكثر حماساً ممّا كنت عليه في صباي. يقول لي البعض إنّه عليّ أن أهدأ وأخفّف من حماسي! لكنّ هذه طبيعتي. فأحبّ أن أتواجد في المصنع للعمل، حتّى لو اضطررت إلى التنقّل متّكئاً على عصا،
لن أتوقّف.

صدر الفيلم الوثائقيّ
Manolo: The Boy Who Made Shoes For Lizards في 22 سبتمبر.

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث