متى كانت المرّة الأخيرة التي قمت بها بالفحوصات الطبيّة؟ هل ما زلت تؤجّلين هذا الفحص أو ذاك بحجّة الضغوطات اليوميّة؟ هل تجعلين من صحّتك الجسديّة والنفسيّة أولويّة؟ جميلٌ جدّاً أن تهتمّي بالآخرين وتسعديهم، لكن إن لم تهتمّي بنفسك، لن تتمتّعي بالطاقة لفعل ذلك. فتذكّري دائماً، إبدئي بنفسك أوّلاً قبل الآخرين، تماماً كما يُطلب منك في إرشادات السلامة على متن الطائرة أن تضعي قناع الأكسجين لنفسك أوّلاً من ثمّ أن تساعدي من حولك. لذلك، هيّا لا تتردّدي بالقيام بالفحوصات اللازمة وباعتماد نمط حياة صحيّ ومتوازن يرتكز أيضاً على فنّ الحركة وإطلاق العنان للإبداع والحريّة.
فكيف تشعرين عندما تحرّكين جسمك؟ هل تعلمين أنّه يمكنك الاعتناء بجسدك من خلال تحريكه؟ وأنّ الرياضة عموماً والرقص تحديداً يساعدانك على التعبير عمّا في داخلك بحريّة ومن دون الحاجة إلى التكلّم، كما على تحسين صحّتك النفسيّة؟ فصحيح أنّ الفنّ ليس علاجاً فعليّاً لمرض معيّن، إنّما يمكنه أن يكون حتماً علاجاً للمخيّلة والروح والقلب... فيمكن للحركة أن تكون فعل تحرّك أو تغيير أو تحرّر أو حتّى فعل شفاء. وفي عدد ماري كلير العربيّة لشهر أكتوبر 2022 اجتمع فنّ الحركة بالتوعية من أجل دعوتك لـ "تحرّكي روحك وتشفي جسدك"! حيث تعاونّا مع خمس راقصات محترفات ارتدينَ جميعهنّ فساتين باللون الورديّ لزيادة الوعي بالفحص المبكر لسرطان الثدي من خلال الرقص. رافقينا في ما يلي لنعرّفك أكثر على العلاقة بين الحركة والحريّة والصحّة النفسيّة والجسديّة والشفاء! ومقابلتنا الثالثة مع ريا هرموش.
التصوير: Maximilian Gower
التنسيق: Jessica Bounni
الفستان من Atelier Zuhra
هي راقصة منذ ولادتها حيث عُرفت ريا هرموش بعشقها للرقص منذ المرّة الأولى التي سجّلها فيها والداها في صفّ باليه. والواقع أنّها بدأت تدريبها على الرقص في الولايات المتحدّة وانتقلت إلى لبنان حيث واصلته. وقد كثّفت تدريبها في دبي وقدّمت التدريب والأداء في جميع أنحاء دول الخليج العربي. قبل أن تنشئ 567ray وهي شركة رقص خاصّة بها.
عندما أحرّك جسدي، أشعر بحريّة أكبر. أشعر بالحياة! أتحرّك عندما أكون سعيدة وعندما أكون في أسوأ حالاتي. فأشعر أنّ هناك طاقة متدفّقة, سواء في داخلي أو من خلالي." هكذا تشرح لنا ريا شغفها بالرقص. ثمّ تضيف قائلة: "يمنحني الرقص مزيجاً من المشاعر، فأحسّ أحياناً بالحريّة فيما أشعر أحياناً أخرى بأنّه بمثابة علاج. الأمر يعتمد على حالتي الذهنية. لكنّني أعلم أنّني أستطيع اللجوء إلى الرقص، وهذه النعمة التي أتمتّع بها لتحريك جسمي هي نظام دعم لي. لطالما أثّر ذلك فيّ وسيفعل دائماً. واختبرتُ الكثير من التقلّبات في حياتي، إنّما ثمّة نظام دعم ثابت واحد يخلّصني ويساندني دائماً، وهو فنّ الحركة. وكوني أمارس الرقص بأنواع متعدّدة ومتنوّعة، أختار نوع الرقص بحسب الشعور الذي أريد أن أعكسه أو أختبره".
لمزاج وحالة ذهنيّة أفضل
تؤكّد ريا أنّ الرقص قادر على مساعدتنا في التعبير عن أنفسنا، وتقول: "صحيح أنّ الرقص هو لغة الروح العالميّة كما يُقال. وقد أدّى دائماً إلى تعزيز أي تعبير أو حالة أشعر بها". أمّا في ما يخصّ العلاقة بين الشفاء والرقص، فتخبرنا: "يمكن للرقص أن يشفي الجسد بالتأكيد. إذ تنطلق أوجاعنا من نفسيّتنا، ونشعر أحياناً بالإجهاد أو الصدمة أو شعور ما يخلق طاقة سيئة من حولنا. وهذا يؤثر على حالتنا النفسيّة. والرقص هو أحد الأمور التي تساعدنا على إنتاج الإندورفين والسيروتونين اللذين يعتبران مسؤولين بيولوجياً عن وضعنا في مزاج وحالة ذهنيّة أفضل".
لدينا قوى خارقة لا نعرف بوجودها
بالنسبة إلى الحملة التي نقوم بها في هذا العدد، أرادت ريا أن تقدّم رسالة إلى جميع النساء لتقول لهنّ إنّنا أقوى ممّا نعتقد وإنّ لدينا قوى خارقة لا نعرف بوجودها. وتقول: "في معظم الأحيان، نخاف من أمور مختلفة وهذا يؤثّر علينا كثيراً. لكن عندما تتحلّين بثقة كافية في نفسك وتعرفين قيمتها، سترين كنزاً مخفيّاً في داخلك يظهر بين الحين والآخر ويمنحك نوعاً من القوّة التي لم تعرفي أنّك تتمتّعين بها. والأفضل من ذلك هو أنّنا نحن النساء لا نمتلك هذه القوّة فحسب بل نظهرها بأناقة ورقيّ. والرقصة التي أدّيتها كانت رمزيّة، حيث أبدو مثل بجعة ورديّة نابضة بالحياة تفتح جناحيها ولكنّها لا تتقبّل فقط ما تقدّمه لها الحياة، بل تفعل ذلك بأناقة وهي جاهزة للتغلّب على أيّ مصاعب قد تواجهها على طول طريق. إنّها قويّة ومثابرة ورائعة وجميلة جداً، فتظهر جانباً لا يمكن إلّا أن يعحب به الناس وينجذبون إليه. لذا مهما كانت الظروف التي نمرّ بها وبخاصّة في شهر التوعية بسرطان الثدي، فإنّ هذه الرقصة تهدف إلى تذكيرنا بكلّ تلك الأمور."
وتختتم ريا برسالة توعية قائلة: "أدعو النساء إلى زيادة الوعي بهذه المسألة بين النساء الأخريات. إنّه شهر التعاطف والدعم. يجب أن نتعاطف دائماً مع الآخريات لأنّنا لا نعرف معاناتهنّ. وعلينا دائماً إظهار الدعم والحبّ والاهتمام في كلّ الظروف. لذا قد يكون الرقص نوعاً من الحركة الجسديّة، لكنّه دائماً ما يطال أبعد من ذلك. ولنقم بحركة تجعلنا نكون أفضل نسخة عن أنفسنا وعن البشر، ولنعامل أجسادنا بعناية ونتعامل مع الآخرين بدعم وتعاطف".