من السرياليّة إلى الواقعيّة في عروض خريف وشتاء 2018 للأزياء الراقية‎

تحليل المصادر التاريخيّة وتفسيرها من المناهج الأساسيّة المعتمدة للتعرّف أكثر على موضوع معيّن. ونحن في فريق "ماري كلير العربيّة" نحبّ التعمّق في موضوع الموضة، ولا سيّما الأزياء الراقية: فـCharles Frederick Worth ينادينا. هل تتساءلين لماذا؟ في موسم خريف وشتاء 2018 للأزياء الراقية، لاحظ فريق المحرّرات ومنسّقات الموضة لدينا ارتفاعاً في مستوى الإبداع لدى المصمّمين في بعض اللحظات التي تركت بصمتها في ذاكرتنا. فتجلّت الأفكار الجريئة والتحرّر الإبداعيّ في أعمال هذا الموسم. لكنّ السيّد Charles، أب الأزياء الراقية، رفع معايير الموضة إلى ما يُسمّى بفنّ التزيين. وتعرفين طبعاً ما يحدث بالقواعد والمبيعات عندما يدخل الفنّ إلى الساحة.

لعلّ واقع أنّ مواعيد عروض الأزياء الراقية بعيدة عن زحمة الشارين والنظام التجاريّ يحرّر المصمّمين من القيود ويتيح لهم أن يطلقوا العنان لإبداعهم وأفكارهم المكبوتة للخروج من الإطار الذي تحدّده لهم الملابس الجاهزة. لكن ما لا تعرفينه هو أنّ الأزياء الراقية تساعد مبيعات الملابس الجاهزة بطرق عدّة، ناهيك عن خدمة الشراء المباشر التي أنشأت المزيد من الضغط على المصمّمين ودفعتهم إلى التركيز على زيادة المبيعات والأرباح. لكن في مجال الأزياء الراقية، ليست خدمة الشراء المباشر فعّالة ومعتمدة إلّا إن كنت تذهبين إلى العمل عادة وعلى رأسك وسادة ضخمة ملتصقة بشعرك كما في عرض Viktor & Rolf أو تحضرين حفلات الزفاف مثلاً مع قناع طائر الفلامينغو كما في عرض Schiaparelli.

اقرئي أيضاً: تألّقي بألوان الأرض هذا الشتاء

وبالنسبة إلى معظم دور الأزياء وبعض أعضاء الاتّحاد الفرنسيّ للأزياء الراقية، الهدف من عروض الأزياء الراقية اليوم هو الدعاية والترويج لصورة الدار أكثر منها أهداف تجاريّة لبيع التصاميم. وهذا يذكّرنا بتاريخJohn Galliano  مع دار Dior وعروضه التي تضمّنت إطلالات المكياج المبالغ فيها، بمثابة دليل على أنّ الموضة تدعم توجّه الدار نحو زيادة مبيعاتها في مجال المنتجات الفاخرة كالمكياج والأحذية والعطور.

هل تتساءلين إلى أيّ مدى وصل إبداع المصمّمين غير المألوف هذا الموسم؟ 

اختارت دار Armani Privé الريش في تصماميها كافّة هذا الموسم،  وبرز أيضاً كاب من المخمل مزدان برسم فريد من نوعه بتقنيّة الخداع البصريّ. أما دار Gaultier فأصدرت أقراطاً من الشعر وإكسسواراً للرأس يشبه الطربوش تتدلّى منه دموع من الشعر أيضاً. وقدّم John Galliano من ناحيته حاملات هواتف iPhone على الكاحل بينما أطلّت عارضاته إمّا مغلّفات بطبقات متعدّدة من السترات أو بفستان بسيط من الشبك. لكنّنا نمنح جائزة العرض غير المألوف بالدرجة الأولى لـBertrand Guyon الذي أراد أن يضفي لمسة من العصريّة على إطلالات Schiaparelli الشهيرة وأن يوجّه تحيّة لجذور الدار، فيظهر الرموز التي تجسّدها في مجموعته لهذا الموسم باستخدام أقنعة الحيوانات في العرض. أمّا دار Viktor & Rolf فاحتفلت بمرور 25 عاماً على تأسيسها في عرض تضمّن 25 قطعة قديمة صُمّمت بأسلوب جديد، مثل إطلالة الفستان الشهير المستوحى من فراش النوم والوسادة خلف الرأس التي تعود إلى العام 2005.

اقرئي أيضاً: أسباب تدفع منسّقة الموضة لاختيار هذه القطع من Liu Jo

ولم يخشَ المصمّمون هذا الموسم من تفجير مواهبهم سواء في المهارات الإبداعيّة أو في ألوان تصاميمهم، فبرزت مثلاً الألوان الساطعة في عرضي  Schiaparelli وArmani التي لم تكن الدار الوحيدة لاستخدام الريش، فأضفى Gaultier أيضاً بعض التفاصيل الصغيرة من الريش وتزيّنت أيضاً بالريش فساتين دار Valentino بأكملها. فضلاً عن ذلك، لاحظنا ظهور طابع الثمانينات في العروض الذي تجلّى في الكابات الكبيرة وفساتين السهرة الضخمة والفساتين ذات القصّة المستقيمة أيضاً.

فتشكّل عروض الأزياء الراقية ورقة بيضاء يرسم عليها المصمّمون بريشهم الملوّنة. وأنت حرّة لتكوّني نظرتك الخاصّة إلى فنّ المصمّمين وإبداعهم طبعاً، لكن احرصي على إطلاق العنان لمخيّلتك بينما ننتظر معاً بفارغ الصبر ما تخبّئه لنا المجموعات والعروض القادمة.

اقرئي أيضاً: Nour Hammour ثنائيّ موهوب يستمدّ الوحي من ازدواجيّة الجلد

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث