رحلة إلى أعماق ذاتك

هل اعتدت السفر للإستجمام والترويح عن نفسك وتحفيز عقلك على التفكير بإيجابيّة؟ هل تعتبرين أنّ السفر هو منفذك للاسترخاء وتصفية الذهن بعيداً عن ضغوطات الحياة الروتينيّة؟ أنت بالطبع محقّة، فقد بات السفر من الأمور الأساسيّة في نمط حياتك التي تترك أثراً إيجابيّاً في نفسك. ولكن مهلاً، أتعلمين أنّ فوائد السفر أعمق وأكبر من ذلك بكثير؟ فله قدرة على تغيير الحياة.

السفر تجربة تعليميّة كاملة، فهو يُعلّمك الكثير من الأشياء ليس عن العالم  فحسب وإنّما عن نفسك أيضاً. وهذه الخبرة التعليميّة تُمكّنك وتُغذّي طموحك وشغفك وتجعل منك شخصاً أفضل. فعندما تسافرين، خصوصاً إذا كنت بمفردك، تغيّرين وعيك تجاه نفسك وتخوضين مغامرة مثاليّة للتعرّف على الآخرين وقبول إختلافهم عنك، كذلك للتعرّف على نفسك وقبول ذاتك.

اقرأي أيضاً: خطوات ذكية لنومٍ هنيء

فعندما تبتعدين عن نمط حياتك اليوميّة وتخصّصين وقتاً معيّناً للسفر بمفردك يُمكنك التعرّف على نفسك بشكل أفضل وتطوير نموّك الذاتي وسلامك الداخلي. إذ سيكون لك الوقت الكافي لمراجعة ذاتك وتقبّل أخطائك وإصلاحها فتعزّزين ثقتك بنفسك لتطلقي العنان لمواهبك المخبّأة وشخصيّتك الحقيقيّة. كما أنّ السفر يوصف كعلاج نفسيّ للإرهاق والتعب، ويرفع من مستوى سعادتك إن كان في الفترة التي تحضرين فيها لرحلتك أو خلالها أو عند عودتك منها. بالإضافة إلى ذلك، زيارة بلاد جديدة ورؤية طبيعة مختلفة عن التي اعتدتها يزيد من تركيزك، ويحسِّن من آدائك. للسفر فوائد كثيرة، اكتشفي معنا فيما يلي كيف يستطيع السفرأن يُمكّنك ويثقل شخصيّتك.

اقرأي أيضاً: هكذا تُعزّزين ثقتك بنفسك

التّعرف على الحضارات الأخرى

عندما تسافرين إلى بلاد جديدة تختلف حضارتها عن حضارة البلد الذي نشأت فيه، لا تقومين برحلة عبر المكان فحسب إنّما برحلةٍ عبر الزمان أيضاً. فتعبرين في الزمن لملاقاة حضارة وثقافة طبعت التاريخ، كذلك تلتقين بأشخاص ينتمون إلى هذه الثقافة المختلفة وتتعرّفين على عاداتهم وتقاليدهم، كما أنّك تتعلّمين لغات جديدة ما يوسّع آفاقك ويُغني معلوماتك ويعزّزها.

أفضل الوجهات لهذه التجربة هي في العالم القديم، فحضارة القارّة الأوروبيّة هي من أقدم الحضارات التي يمكنك التعرّف عليها عبر زيارة المتاحف والآثارالعريقة. فتسافرين عبر الزمن لملاقاة أزمنة ماضية كانت تعبق بالرومانسيّة والشجاعة والإقدام. تخيّلي نفسك مثلاً في مكان أثريّ عمره مئات السنين في مدينة شقبويّة Segovia) ) في اسبانيا التي تعتبر اليوم موقعاً للتراث العالمي بفضل مواقع موجودة فيها مثل قصر شقوبية، وقناة المياه في شقوبية Aqueduct of Segovia) ) التي تُعتبر الرمز الأشهر لهذه المدينة إذ رُسمت على شعار نبالة المدينة. وقد شُيّدت هذه القناة على أيدي الرومان حيث كان يتمّ سحب مياه النهر البارد من مسافة 18 كم إلى المدينة. التعرّف على معالم أثرية عريقة كهذه وعلى تاريخها يوّلد لديك اهتمامات جديدة ويوسّع آفاقك ويزيد من مرونة تعاملك مع الآخرين، خصوصاً بعد تعرّفك على قوانين البلدان الأخرى، ممّا يمنحك القدرة على التكيّف مع كلّ المتغيّرات التي تطرأ على حياتك. وبالتالي، فأنت تسافرين إلى أعماق ذاتك لتطوّري مهاراتك وسبل تعاملك مع الآخرين.

اقرأي أيضاً: جهود وطاقات مكثّفة تجتمع من مختلف أنحاء العالم لدعم المرأة

التعاطف مع الآخرين من خلال التطوّع

لا تكتمل رحلتك إلى أعماق ذاتك إلّا بإغناء روحك الإنسانيّة. فالسفر يُمكّنك من خوض خبرات إنسانيّة مميّزة مثل التطوّع مع المنظمات غير الحكوميّة ومنظمات المجتمع المدنيّ التي تُعنى بالإهتمام بشؤون اللاجئين أو بالأشخاص الذين يعانون الجوع والعوز والأميّة وتمكين النساء في أفريقيا. أفضل الوجهات لهذه التجربة التعليميّة التي تقوّيك وتعزّز شخصيّتك هي القارّة الأفريقيّة أو البلدان التي تستقبل لاجئين مثل لبنان، الأردن أو تركيا.

يُمكنك مثلاً التطوّع لتعليم اللغات للأطفال في مدارس في إثيوبيا أوالانضمام إلى مشروع رعاية الأطفال والنساء في غانا أو السنغال، أو المساعدة على حماية الحيوانات المهدّدة بالإنقراض في مدغشقر. وبغض النظر عن المشروع التطوّعي الذي ستنخرطين به، ستسهم جهودك في تمكين المجتمع من جهة وفي تعزيز قدراتك الذاتيّة من جهة أخرى. لذا سواء اخترت النزول عند عائلة مضيفة أو في نزل فاخر، فأنت تنخرطين في مجتمع مختلف وتتعرّفين على عادات وتقاليد مختلفة، الأمر الذي سيكسر كلّ الحواجز التي كنت قد وضعتها لنفسك والأحكام المسبقة التي تفكّرين فيها. كما يزيد ذلك من المسؤوليّة التي تقع على عاتقك ومن قدرتك ومرونتك في إدارة حياتك. خوض هذا النوع من التجارب يُشعرك بـأنّ العالم أكبر بكثير من مشاكلك اليوميّة ويجعلك تتعاطفين مع هموم الآخرين التي تتخطّى همومك اليوميّة ويعزّز بالتالي قدرتك على التحكّم بذاتك بشكل أفضل.

اقرأي أيضاً: الموسيقى في خدمة الطّبّ

اكتساب مهارات جديدة

تكتمل هذه الرحلة إلى أعماق الذات عندما تكتسبين مهارات جديدة من خلال المشاركة في برامج تدريب أو ارتياد مراكز أكاديميّة. فيما مضى كان السفر يمنحك فرصة دراسة تخصّص غير موجود في بلدك ولكن اليوم مع تطوّر الخدمات التعليميّة في منطقتنا أصبح السفر وسيلة تُكسبك مهارات جديدة بالإضافة إلى تلك التي تتعلّميها في بلدك، ويُمكّنك من اكتساب المعرفة وتعلّم أشياء جديدة، فالمعرفة التي تحصلين عليها من خلال هذه التجربة تنطبع في ذاكرتك. وعندما تزداد معرفتك تصبح شخصيّتك أقوى وثقتك بنفسك أكبر ويُمكنك المشاركة بأيّ حديث ومتابعته.

بحسب خلفيّتك التعليميّة، يمكنك اختيار وجهتك إلى لندن أو الولايات المتحدّة أو فرنسا التي تشتهر بمراكزها التعليميّة. فمثلاً إذا كان لديك اهتمام بالأمورالتكنولوجيّة يمكنك التّوجه إلى وادي السيليكون في ولاية كاليفورنيا الأميركيّة التي تمثّل اليوم العاصمة التقنية للكرة الأرضية بفضل اتّخاذ آلاف الشركات العاملة في مجال التقنيات المتقدّمة مركزاً لمقرّاتها الأساسيّة فيها. قيامك بهذا النوع من الرحلات التعليميّة يلعب دوراً كبيراً في تطوّر شخصيّتك، واكتساب معرفة واسعة في مجالات عدّة خصوصاً بعد الإختلاط بأشخاص آخرين من مختلف الثقافات يدرسون الاختصاص عينه، فتتعرّفين إلى كيفيّة مقاربتهم للأمور ممّا يسمح لك بتعلّم وتبادل مهارات وخبرات في مختلف المجالات.

بالإضافة إلى توسيع الآفاق من خلال التعرّف على ثقافات أخرى واكتساب معرفة جديدة، يسمح لك السفر ليس بتحدّي نفسك من الناحية العقليّة فحسب، إنّما من الناحية الجسديّة أيضاً وذلك من خلال الذهاب في مغامرة في قلب الطبيعة. تحفّز هذه الخبرة شجاعتك واعتمادك على ذاتك وثقتك بنفسك وقدرتك على التكيّف في مختلف الظروف.

اكتب الكلمات الرئيسية في البحث